سفير اليمن لدى فرنسا: مبادرة كيري «ضبابية» والانقلابيون وإيران يتصرفون كلصوص

رياض ياسين قال إن جرائم الحوثيين لا تختلف عن جرائم ««داعش» و«القاعدة»

سفير اليمن لدى فرنسا: مبادرة كيري «ضبابية»  والانقلابيون وإيران يتصرفون كلصوص
TT

سفير اليمن لدى فرنسا: مبادرة كيري «ضبابية» والانقلابيون وإيران يتصرفون كلصوص

سفير اليمن لدى فرنسا: مبادرة كيري «ضبابية»  والانقلابيون وإيران يتصرفون كلصوص

في الوقت الذي يستمر فيه الجدل في الساحة اليمنية بشأن المبادرة التي تقدم بها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الأسبوع الماضي، قال سفير اليمن لدى فرنسا، الدكتور رياض ياسين إن المبادرة توضح أن هناك ضبابية واستعجالا في فهم المعضلة اليمنية وقفزا غير واقعي على الواقع الحالي.
وقال ياسين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «خللا أساسيا في المقياس والمسافة عندما يحاول كيري أن يقف على مسافة واحدة من الشرعية والتحالف، من جهة، والحوثيين وصالح، من جهة ثانية»، مؤكدا أن كيري أو مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أو سلفه جمال بنعمر، لا يلامون إن اعتقدوا أن «الأطراف المتحاربة في اليمن، كما يقال، ندية ومتساوية في تحمل المسؤولية وكأن الحوثيين لم ينقلبوا ولم يرتكبوا، ولا يزالون، أفظع الجرائم التي لا تختلف بالمطلق عما ترتكبه الجماعات الإرهابية كداعش وغيرها».
ووصف الدكتور رياض ياسين، وهو وزير الخارجية اليمنية السابق، مبادرة وزير الخارجية الأميركي بأنها «أشبه بكرة الثلج التي يمكن أن تكبر وتجمع حولها عددا من الأفكار والاقتراحات والسيناريوهات المختلفة والمتناقضة والمركبة، لكنها في الأخير كرة ثلج ستذوب أمام عناد وتعنت وإصرار تحالف الحوثي وعفاش وإيران على إكمال بقية الفيلم الأسود والمأساوي الذي أعاد اليمن إلى الوراء عشرات السنين»، مشيرا إلى أن «توقيت إطلاق المبادرة أو الاقتراحات والأفكار، في هذه الفترة، مع التجاهل لقرارات الأمم المتحدة والمرجعيات المتفق عليها، يؤكد الشكوك في اتجاهين، أولا أن تطويل واستمرار ودعم والسكوت والرضا الظاهر والمبطن علي استمرار سيطرت ميليشيات الحوثيين وصالح على صنعاء وإحباط كل المحاولات لدخولها، تؤكد أن هناك رغبة من البعض في إبقاء حالة الحرب والتوتر مستمرة ودائمة»، أما الاتجاه الثاني الذي ذكره ياسين، فهو «إشارة واضحة أن الحل المقبل لن يكون إلا بموافقة ورضا الولايات المتحدة، حتى وإن كان هذا الحل ينسف القرارات الدولية ولن يكتب له النجاح أو غير قابل للاستمرار»، معتبرا أن «المهم أن الإدارة الأميركية تستطيع أن تقول إنها حاولت وساهمت في صنع السلام وإعادة الاستقرار في اليمن ولكن الأطراف اليمنية لا تريد ذلك، خاصة أن الانتخابات الرئاسية الأميركية على الأبواب».
وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، اعتبر سفير اليمن لدى باريس بأن زيارات وفد الانقلابيين الخارجية بأنها «تأكيد على استمرارهم في مخططهم وعدم التزامهم بأي اتفاق قد يحصل في المستقبل وتأكيد آخر علي ما كان يقوله، ولا يزال، فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي من أن مخطط إيران للتوغل والسيطرة على اليمن والمنطقة، انطلق فعليا بانقلاب الحوثيين في سبتمبر (أيلول) 2014، وغزواتهم الوحشية على المدن ومحاصرتها»، وأضاف ياسين: «الحوثيون وإيران والمخلوع صالح، بكل الخطوات وبكل الاتجاهات، يتصرفون مثل اللصوص والمجرمين بالاعتقاد أن كل ما ارتكبوه مبرر وغير محاسبين عليه ولا يتوقعون أبدا أن يعاقبهم أحد لا محليا أو خارجيا، بل وللأسف يحظون بالاستقبال والحفاوة والاجتماعات المعلنة»، مؤكدا أن «التاريخ السياسي سيسجل للمنطقة سابقة بأنه لأول مرة يتم التعامل مع الانقلابيين والميليشيات ومن يريدون فرض أمر واقع بالقوة والسلاح والعنف المفرط والحصار يتم استقبالهم كوفد رسمي، بينما ترفض كثير من دول العالم استقبال وفود تمثل المعارضة السلمية أو التي تطالب بالانفصال مثلا بحجة عدم الإحراج»، مؤكدا، أيضا، على أن «إيران ودول أخرى تسير في فلكها كالعراق وسوريا وميليشيات حزب الله في لبنان، تعيش جوا آخر من السياسة المعادية لكل ما هو منطقي ومقبول ومعقول».
وأشار السفير الدكتور رياض ياسين إلى أن «موقف الشرعية دول التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، اتسم دوما بالوضوح والمسؤولية والمصداقية»، ملخصا ذلك الموقف في «السعي الحثيث للوصول إلى حل سلمي يقود بالنتيجة إلى حل سياسي مستدام، مستندا، ليس فقط إلى الرفض الكامل للانقلاب وفرض الأمر الواقع بقوة العنف والسلاح، ولكن أيضا، إلى مرجعيات وطنية توافق عليها اليمنيون في مخرجات الحوار الوطني ومرجعية إقليمية وهي المبادرة الخليجية ومرجعيات دولية، آخرها القرار 2216، لذلك تأتي التصريحات الواضحة من وزير الخارجية السعودية ووزير خارجية اليمن بدعم المبعوث الأممي وجهود مجلس الأمن، كتأكيد إضافي»، مشددا على أنه «وفي خضم التحديات المتلاحقة والأحداث المتسارعة، فإن أي تجاوز أو ابتعاد أو عدم اعتماد هذه المرجعيات كأساس للحل، لن تجعل من أي حل مقبل إلا انتكاسة أخرى، وهو ما كان يقوله المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أنه لو أردنا حلا هشا وغير قابل للتطبيق لكان دلك أمرا سهلا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.