ليبيا تعيد فتح معبر رأس جدير الحدودي مع تونس عقب لقاء بين وزيري داخلية البلدين

أفضت الاتصالات المكثفة بين لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسية، ونظيره الليبي صالح مازق، إلى تعهد الجانب الليبي بإعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي أمام المسافرين والبضائع، بداية من يوم أمس (الاثنين).
وتركت ترتيبات الاتفاق النهائي بين البلدين، بشأن كيفية إدارة أهم المعابر الحدودية بين تونس وليبيا، إلى اللقاء المرتقب بين وزيري الداخلية اليوم بمناسبة الزيارة التي يؤديها مازق إلى تونس.
وقال محمد علي العروي المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، إن ضمان فتح معبر رأس جدير، الذي أُغلق في أكثر من مناسبة، سيكون أهم المحاور المطروحة خلال الزيارة التي يؤديها وزير الداخلية الليبي مرفوقا بوفد أمني رفيع المستوى.
وكان من المفترض أن يعاد فتح معبر رأس جدير الرابط بين تونس وليبيا بداية من أول من أمس (الأحد)، إلا أن عراقيل ترتيبية بين البلدين حالت دون ذلك. واشترط الجانب الليبي توفر شهادات التأمين وأداء رسوم التنقل على كل العربات المقبلة من تونس، وبقيت هذه النقاط عالقة في انتظار رد تونسي صريح بشأنها.
وعرفت منطقة بن قردان الحدودية حالة توتر أمني غير مسبوق خلّف الأسبوع الماضي حرق مقر الاتحاد العام التونسي للشغل بالمدينة (أكبر المنظمات العمالية في تونس)، كما يواصل سكان المنطقة منذ تسعة أيام شن اعتصام مفتوح بالمدينة للمطالبة بالتنمية والتشغيل.
ولتخفيف حدة التوتر ومحاولة إيجاد حل سريع لإحدى المشكلات الاجتماعية العالقة، أجرى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي نهاية الأسبوع الماضي مكالمة هاتفية مع نوري بوسهمين رئيس المؤتمر الوطني الليبي (البرلمان) تمحورت حول وضعية المعبر الحدودي بين البلدين، وسبل ضمان فتحه أمام حركة المسافرين والمبادلات التجارية. كما اتفق المرزوقي مع عبد الله الثني، رئيس الحكومة الليبية على إرسال وفد ليبي رفيع المستوى لإجراء محادثات مع وزير الداخلية التونسية، هدفها تفعيل فتح المعبر الحدودي، وتجاوز المشكلات العالقة بين الطرفين.
وبشأن مطالب سكان بن قردان، قال الناشط النقابي الحسين الجويلي إنها تتلخص في ضمان التنمية والتشغيل. ونفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الاتهامات الموجهة إلى شباب المنطقة ببث الفوضى لغرض جلب الأسلحة والمتاجرة في المواد الممنوعة.
وذكر الجويلي أن المعاملات التجارية مع الجانب الليبي تمثل مورد الرزق الوحيد لأغلب العائلات، التي تعاني منذ فترة، جراء الإغلاق المتكرر لهذا المنفذ الحدودي.
وأكد على تعرض الكثير من شباب بن قردان لمضايقات يومية من قبل أجهزة نظامية ليبية وعدة متدخلين على مستوى المعبر الحدودي من الجانب الليبي، وهي معاملات سلبية برزت بالخصوص بعد الثورة، على حد تعبيره.
ولمعبر رأس جدير أهمية اقتصادية واجتماعية حاسمة في حياة سكان منطقة الجنوب الشرقي التونسي، فتجارة الحدود تشغل قرابة 100 ألف شخص، وحجمها الشهري لا يقل عن 1.2 مليون دينار (قرابة 800 ألف دولار)، وفق دراسة أعدها إبراهيم الميساوي، رئيس الجامعة التونسية لمكافحة الفساد.
وتخضع نسبة 70 في المائة من المبادلات التجارية بين التونسيين والليبيين،حسب نفس الدراسة، إلى المقايضة عبر استبدال البضائع دون اللجوء إلى الأموال.
وتفادى نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ردع عمليات التهريب والاستبدال الغير قانوني للعملة بين البلدين، وذلك لضمان السلم الاجتماعي، وتعويض النقص الفادح في مصادر الرزق الأخرى.
وشهدت منطقة بن قردان الحدودية في عهد بن علي مواجهات عنيفة مع قوات الأمن سنة 2010 بعد أن راجت أخبار عن قرب استغلال صهر بن علي لمخلفات الحديد والخردة في المنطقة، ومن ثم السيطرة على عمليات التصدير والتوريد. وقدمت حينها وعود حكومية بإقامة منطقة للتبادل التجاري الحر بيد أنها لم تر النور حتى.