ريم عبد العزيز: مسلسل «باب الحارة» مثل «مورفين العصر»

الفنانة السورية ترى أن مسلسلات البيئة الشامية تعاني من الفوضى وأصبحت وجبة ثقيلة الدم

ريم عبد العزيز
ريم عبد العزيز
TT

ريم عبد العزيز: مسلسل «باب الحارة» مثل «مورفين العصر»

ريم عبد العزيز
ريم عبد العزيز

تابعها المشاهد في الموسم الحالي في كثير من المسلسلات الاجتماعية المعاصرة والكوميدية والبيئية الشامية، كما لديها مشاركات قادمة للموسم المقبل، وفي حوار معها تتحدث الفنانة ريم عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» عن الجديد القادم لديها قائلة: «دخلت لأول مرّة في تجربة إخراج مسلسل تلفزيوني بعنوان (توب فايف) وهو حاليًا بمرحلة المونتاج والمسلسل كوميدي على نمط (السيت كوم) أي المكان الواحد، وقد اخترت هذه التجربة الإخراجية الأولى لي لتكون مع الكوميديا لأن الناس بحاجة لابتسامة تخرج من القلب، فنحن بحاجة للكوميديا في هذه المرحلة، ومن الممكن أن يعرض في الموسم الرمضاني القادم، كذلك أخرجت مؤخرًا فيلمًا سينمائيًا روائيًا قصيرًا بعنوان (فقط إنسان) وفي مجال التمثيل شاركت مؤخرًا في تصوير دوري بمسلسل جديد يحمل عنوان (الرابوص)».
ولكن التصدي لإخراج مسلسل كوميدي ألا يعتبر مغامرة في ظل تدهور الكوميديا السورية؟ تتنهد ريم: «قد يكون كذلك ولكن حاولت في هذا المسلسل الابتعاد عن الاستسهال والتهريج فمن خلاله سيتابع المشاهد شركة إنتاج يتعرض العاملون فيها لمواقف كوميدية فهو يلامس الواقع والوسط الفني بقالب كوميدي ضاحك. والكوميديا فن صعب والتصدي لإخراج مسلسل كوميدي يحتاج لجهد خاص، ولمخرج يتمتع بروح جميلة كحال المخرج هشام شربتجي إنه (ملك الكوميديا) - تبتسم ريم - وكلنا نتعلم منه!.. كذلك نعاني من أزمة نصوص كما هو حال جميع أنواع الدراما السورية الكل يعاني من عدم توفر النص والكاتب، ولكن الوضع في الكوميديا أصعب ففي السنوات الأخيرة كانت هناك حالة من الاستسهال وتقديم مسلسلات كانت دون المستوى».
وحول مشاركتها في مسلسلات البيئة الشامية وباب الحارة بجزئه الجديد توضح ريم: «لقد عُرِضت علي المشاركة في الجزء الثامن الذي تابعه المشاهدون في الموسم الرمضاني الماضي وذلك بشخصية (دلال) ابنة أبو عصام عندما كان من المقرر أن تنتجه شركة قبنض والمخرج محمد وقاف ولكن عندما عاد المسلسل لـ(بسام الملا) فلم يعرض علي، والشيء اللافت هنا أن شخصية مثل دلال أعطيت لممثلة شابة بينما كان من المفروض وحسب التسلسل المنطقي أن تكون في الثلاثينات أي أن تكبر (دلال) بالعمر لا أن تصغر؟!.. وهذا ينسحب على كثير من الشخصيات هل يعقل أن تصغر شخصيات (باب الحارة) بينما الواقع يقول إنها يجب أن تكبر بالعمر مع كل جزء جديد؟!».
وبالنسبة لمسلسلات البيئة الشامية الأخرى: «شاركت بعدد قليل منها - تتابع ريم - ومنها مسلسل (رجال العز) و(طوق البنات)، وبرأيي أنه يكفي مسلسلات بيئة شامية.. ليقدّم في الموسم الواحد عملان وكفى، فالكل يقلد بعضه والشخصيات تتكرر باستمرار ولذلك تحولت المسلسلات الشامية إلى وجبة ثقيلة الدم بدلاً من أن تكون قريبة من القلب وتحولت لفوضى جعلت حالة من البعد بين المشاهد وهذه المسلسلات وتسببت بردة فعل سلبية تجاهها من قبله. وحتى مسلسل (باب الحارة) من يتابعه من باب التعود فقط، لقد صار مثل (مورفين العصر) وليس من باب التشوق فما يطرحه عادي جدًا ومن يشارك فيه فقط من أجل المردود المادي».
«كنتُ انتقائيةً وسأبقى» - تضحك ريم - وهي تجيب حول العروض التي قدّمت لها خارج سوريا: «هناك مقترحات ونصوص قدّمت لي من شركات خارج سوريا، ولكن لم تتبلور بعد وهذه باعتقادي لن تتضح مفرداتها إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى المبارك، ولكن قراري دائمًا أن أي مشاركة يجب أن تضيف لرصيدي الفني وليس المشاركة في الخارج بمصر وغيرها للظهور فقط».
وحول تراجع الدراما السورية في ظل الأزمة وتقديم مشاهد مثيرة في بعض المسلسلات الاجتماعية تقول ريم: «أنا ضد هذه المشاهد بالمطلق وهي من مفرزات الأزمة وللأسف هناك أسر عربية امتنعت عن مشاهدة المسلسلات السورية بسبب مثل هذه المشاهد، بعدما كان المسلسل السوري هو مسلسل الأسرة والنص الراقي».
«كذلك نعاني - تتنهد ريم - من ظاهرة فرضتها الأزمة وهي الاعتماد على فنانات لا يمتلكن الموهبة والحرفية بل يمتلكن جمال الشكل فقط، حتى تحولنا نحن من لنا أسماؤنا المعروفة بالدراما السورية إلى ضيوف شرف في بعض المسلسلات في حين يجب أن نكون أبطالها واستبدلونا بأشباه الممثلات ليأخذوا الصدارة وهذا سينتج فنًا رديئًا، صحيح أن الفن بحاجة لوجوه جديدة ولكن يجب أن تكون واعدة ومحترمة ومثقفة».
وحول دخول مخرجي السينما على خط الإخراج التلفزيوني ترى ريم أنها ظاهرة فردية حتى الآن وكانت تجربة وحيدة في الموسم الحالي للمخرج جود سعيد ولا يمكننا تقييمها، ومع ذلك لاقت صدى غير جيد والكثير من المتابعين كانوا مستاءين من هذا المسلسل (أحمر) كما لاحظت ذلك - تقول ريم - من خلال الصحافة الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، وتتمنى ريم أن تتحول لتجربة كبيرة وناجحة كما حصل في مصر، حيث تسببت بانقلاب نوعي في الدراما المصرية وجعلتها تتقدم أشواطًا للأمام، لقد أبدع مخرجو السينما في مصر عندما دخلوا عالم الإخراج الدرامي التلفزيوني.
وتبرر (ريم) غياب الدراما التاريخية والسيرة الذاتية في السنوات الأخيرة، بسبب عدم توفر كاتب النصوص فالنص هو قاعدة الهرم الفني والدراما تقوم على النص الجيد، وحالة الاستسهال أصابت الجميع في الدراما السورية كالتمثيل والإخراج والكتابة.
وكيف تقضي ريم يومها؟ تضحك: «في العمل ما بين التلفزيون والنقابة فأنا عضوة في مكتب النقابة ومسؤولة الثقافة والإعلام فيها ويسألني الأصدقاء كيف تستطيعين الاستمرارية طيلة اليوم بالعمل المضني فأجيبهم كونني غير مرتبطة بزوج حاليًا فهذا يسهّل علي العمل!.. ولكن سينخفض أداء عملي في حال جاءني العريس، وحاليًا ليست لدي أي نية للارتباط، والزواج حتى يأتيني الرجل الحقيقي الذي يحقق لي المفاهيم المتبلورة بذهني حوله، وبرأيي أن الرجل المناسب سيأتيني بالوقت المناسب».



هاني العمري لـ«الشرق الأوسط»: أعدّها وقفة مع الذات ومع وطني لبنان

يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
TT

هاني العمري لـ«الشرق الأوسط»: أعدّها وقفة مع الذات ومع وطني لبنان

يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)

في خضم الحرب الدائرة على أرض لبنان، يزداد، يوماً بعد يوم، إطلاق الأغاني الوطنية من قِبل عدة فنانين، فهم يَعدُّونها بمثابة صرخة يوجهونها بأسلوبهم إلى العالم كي يتناولوا معاناة بلدهم.

الفنان هاني العمري اختار مدينة بيروت كي يكرّمها بأغنية تخرج عن المألوف، فهو لم يلجأ إلى وصف مكانتها عنده، أو مناجاتها بحزن بوصفها عاصمة لبنان، بل قدّمها في قالب يحكي عن تبدّل وجهها إلى حدٍّ جعلها غريبة عنه. منتصباً أمام هذا التغيير الجذري الذي أصابها، يرفع هاني العمري صوته متسائلاً عن سبب ترك المدينة وحيدة لمصيرها.

«بيروت ما عرفتا» سبق أن حصد العمري عنها جائزة «بيروت غولدن آووردز» في الذكرى الأولى لانفجار المرفأ. يعيد إطلاقها، اليوم، مع كليب مصور يواكب ما تعيشه المدينة. والجديد فيها هو هذه الخلطة الفنية التي اعتمدها، وتتألف من صوته مغنياً، وبإلقاء كلماتها في قصيدة شعر بصوت مؤلفها النحّات والشاعر رودي رحمة.

لحّن العمري "بيروت ما عرفتا" من تأليف الشاعر رودي رحمة (هاني العمري)

ويخبر العمري حكاية ولادة هذه الأغنية: «كنا نجتمع على مائدة غداء في إحدى المناطق اللبنانية، رودي وأنا وعدد من الأصدقاء. وفجأة صدح صوت رحمة يلقي كلمات قصيدة هزّت مشاعري. استوقفني كلامها المختلف، وطلبت منه أن يعيد تلاوتها. عندها ومن دون أن أشعر قمت بتلحينها ارتجالياً في الوقت نفسه».

في ذلك الوقت فكّر هاني العمري بأن يصدر الأغنية في ذكرى انفجار 4 أغسطس (آب). ويتابع: «لم تأخذ الأغنية حقّها المطلوب في تلك الآونة، لكن، ومنذ نحو أسابيع قليلة، قررت أن أطلقها من جديد مع صورة مختلفة. فالكليب الذي يغلفها، اليوم، من إخراج عبد رمضان أخذها إلى منحى مختلف، ويتناسب مع ما نمرّ به في لبنان. إنه القهر بحد ذاته، والأغنية تجسّده بكلام يتضمن الغُصّة والدمعة في آن. لكنه في الوقت نفسه يأخذنا بصورة شعرية وكأن بيروت إنساناً يهرب من مصيره».

لوحة فنية مؤثرة رسمها هاني العمري بصوته، وبإلقاء كلماتها الشاعرية لرودي رحمة في آن، فجاء وقْعها على مستمعها مختلفاً، يترك أثره الكبير عنده. ويعلّق العمري: «وضع رودي رحمة كلمات هذه الأغنية (بيروت ما عرفتا) في ذكرى انفجار بيروت. ولكن مدينتي، اليوم، أيضاً لم أستطع أن أتعرّف إليها. فالعتب بكلام رودي كان كبيراً ومؤثراً، متسائلاً عن سبب التخلّي عن بيروت. كما أن فكرة هذا الخليط بين الغناء وإلقاء الشعر في الوقت نفسه، لم يسبق أن حصل من قبل في أغنية وطنية. فألقى الكلمات بأسلوب وصوت يُحدثان الخوف عند سامعها، وكأنه يدق ناقوس الخطر. ويأتي غنائي لكلماتها كاسراً مشاعر الخوف بنغمة مشبعة بالإحساس. فالفكرة بحد ذاتها جديدة، كما أن اللحن ينطوي على الحنان والصلابة معاً».

العمري ورودي رحمة قدما صرخة وطنية في "بيروت ما عرفتا" (هاني العمري)

يرى هاني العمري أن من خصائص الأغنية الوطنية الناجحة هو الصدى الذي تتركه عند سامعها. «يجب أن يتلاقى فيها الكلام واللحن والصورة بشكل متناغم. من هذا المنطلق تشق الأغنية الوطنية طريقها لتلامس الناس».

وعما تعني له بيروت، يقول، لـ«الشرق الأوسط»: «تمثّل كل بلدي لبنان بجميع أطيافه وتفاصيله، وتشكّل نموذجاً عنه يضاهيه أهمية. واليوم نقف أمام مشهدية تدميرها من دون رحمة، وكأنه مقدَّر لها دائماً الولادة من تحت الرماد، كما طائر الفينيق».

ويرى هاني العمري أن الأغنية الوطنية تشكّل وسيلة تعبير تفنّد ملامح وطن. «هذه الملامح تحمل مراتٍ أحلامَنا تجاه وطننا، ومراتٍ أخرى ترسم صدماتنا وهواجسنا».

"بيروت ما عرفتا" تحاكي تبدل وجه بيروت في أثناء الحرب (هاني العمري)

ويستذكر العمري كلاماً أسرّ له به الموسيقار الراحل إلياس الرحباني. «قال لي ذات مرة، الفن والموسيقى هما مصدرا ثقافاتنا واعتزازنا بأنفسنا، وذكر لي أهمية الفنان في لبنان، وأعطاني مثالاً على ذلك؛ زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى منزل فيروز. فقد اختارها من بين شخصيات سياسية لبنانية عدّة كي يعرّف عن لبنان الذي يحبّ، للعالم أجمع».

يتسلّح هاني العمري بالتفاؤل، على الرغم من كل المعاناة والحرب الدائرة على أرض الوطن. ويتابع، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحب التشاؤم أبداً، ونحن اللبنانيين نؤمن بقوة ببلدنا لبنان وقدرته على الصمود. لقد عصفت بنا الحروب أكثر من مرة، لكننا لم نستسلم أو نحبط لمصير مجهول. اليوم أيضاً نعيش نفس طبيعة المصير، ولكننا نتمسك بالأمل. ولا بدّ أن نتجاوز كل هذه المخاطر قريباً من دون شك».

ويُعدّ العمري من الفنانين اللبنانيين الذين لم تراودهم فكرة هجرة لبنان. ويختم، لـ«الشرق الأوسط»: «حبّي لبلدي لبنان لا يوازيه أي حب آخر، لذلك لا أستطيع التخلّي عنه أبداً، فأنا متمسك بأرضي وجذوري، وإلا فلن أستطيع إكمال مسيرتي الفنية».