توقع جولة انتخابات ثانية بين عبد الله عبد الله وأشرف غني للفوز بالرئاسة الأفغانية

بعد نجاح عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية الأفغانية ومجالس المحافظات التي جرت السبت الماضي في 34 محافظة أفغانية، لاختيار رئيس جديد يتولى زمام الأمور خلفا للرئيس حميد كرزاي، بدأت المخاوف تطل برأسها في العاصمة كابل من احتمال عمليات تزوير واسعة النطاق قد تكون وقعت خلال عملية فرز أصوات الناخبين التي ستستمر ثلاثة أسابيع على أقل تقدير.
ولكن لجنة الطعون الانتخابية الأفغانية أكدت أمس أن نسبة التزوير في الانتخابات الرئاسية التي جرت السبت الماضي تبدو أقل من التي سبقتها في 2009. وشارك نحو سبعة ملايين ناخب في عملية الاقتراع على الرغم من تهديدات حركة طالبان.
وتخوف كثير من المحللين والمراقبين من تكرار ما حصل خلال انتخابات 2009، التي اتسمت بكم هائل من التزوير وهيمنت عليها هجمات متمردي طالبان. وأشارت اللجنة إلى أنها تلقت 122 شكوى ضد مرشحين، مؤكدة في الوقت نفسه أن عملية الاقتراع كانت أكثر شفافية مقارنة مع 2009.
وقال رئيس اللجنة عبد الستار سعدات: «نعتقد أن نسبة التزوير في عملية الاقتراع كانت أقل من تلك التي سبقتها».
وأوضح سعدات أن اللجنة تلقت ما مجموعه 1400 شكوى إلا أنه لم تكن هناك أدلة كافية لإثباتها كلها، مشيرا إلى أن الغالبية متعلقة بندرة بطاقات التصويت.
والمرشحون البارزون والأوفر حظا في خلافة كرزاي، وهم عبد الله عبد الله وزير الخارجية السابق، الذي حل في المرتبة الثانية في انتخابات الرئاسة السابقة، وأشرف غني أحمد زاي وزير المالية الأسبق والموظف السابق في البنك الدولي ومسؤول ملف نقل المسؤوليات الأمنية من القوات الدولية إلى نظيرتها الأفغانية، والثالث زلماي رسول وزير الخارجية الأسبق، الذي يعرف بأنه المرشح المفضل للرئيس كرزاي، هؤلاء الثلاثة وبعد بدء عملية الفرز أعربوا عن قلقهم من مخالفات وتجاوزات انتخابية قد تؤثر على نتائج الانتخابات، في حرب استباقية ربما للتأثير على اللجنة الانتخابية ولجنة الطعون التي ستنظر في الشكاوى المقدمة من أنصار المرشحين والمراقبين المحليين والدوليين.
وتشير التقديرات الأولية في العاصمة الأفغانية إلى أنه لم يحصل أي من المرشحين البارزين حتى مساء أمس على النسبة المطلوبة من أصوات الناخبين وهي «50+1»، التي تؤهله الوصول إلى سدة الحكم. وبما أنه لم يظهر فائز بارز في الجولة الأولى يمنح الجلوس على كرسي الرئاسة، فمن المحتمل أن تنتهي الانتخابات الرئاسية بجولة إعادة بين اثنين من المرشحين اللذين يحلان في المرتبتين الأولى والثانية.
ومن المقرر أن تعلن النتائج الأولية للجولة الأولى للانتخابات الرئاسية الأفغانية في 24 أبريل (نيسان) الحالي قبل جولة ثانية محتملة في 28 مايو (أيار) المقبل.
من جهته، قال خبير الشؤون الأفغانية حبيب حكيمي، الذي يتابع مجريات الانتخابات الرئاسية والمحلية، لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الانتخابات لن تحسم في الجولة الأولى، نظرا لتقاسم أصوات الناخبين بين المرشحين. وأشار إلى أن المنافسة الحقيقية ستكون في جولة الإعادة بين عبد الله عبد الله أشرف غني أحمد زاي، مؤكدا: «المعلومات تشير إلى أن زلماي رسول المحسوب على الرئيس كرزاي أصبح خارج السباق بحصوله على نسبة ضئيلة وفقا للنتائج الأولية الواصلة للجنة الانتخابية».
ومن كابل إلى قندهار، صوت الأفغان السبت الماضي، بأعداد كبرى دون حوادث تذكر رغم تهديدات طالبان بشن هجمات، لاختيار خلف للرئيس كرزاي قبل أشهر من انسحاب جنود حلف شمال الأطلسي. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان أمس إن «ملايين الرجال والنساء الذين صوتوا إنما عبروا عن شجاعة والتزام الأفغان بممارسة حقوقهم واختيار مستقبلهم». وأضاف أن مشاركتهم ورغم التهديد والترهيب، «فإنها توجه رسالة قوية بأن المسؤولين عن العنف لا يمكنهم أن يفوزوا».
وأجريت الانتخابات في توقيت حساس فيما تستعد معظم القوات الأجنبية للانسحاب بعد صراع مع طالبان استمر لأكثر من عقد.
على صعيد آخر، قالت الشرطة الأفغانية ومسؤول انتخابي إن قنبلة مزروعة على الطريق قتلت اثنين من العاملين في الانتخابات الأفغانية وعنصرا من الشرطة وأتلفت العشرات من بطاقات الاقتراع في شمال أفغانستان أمس.
وأدلى نحو 58 في المائة ممن يحق لهم الانتخاب بأصواتهم في الانتخابات التي وصفها مسؤولون أفغان وغربيون بالناجحة. ورغم أن طالبان فشلت في تنفيذ هجمات كبيرة في يوم الاقتراع ذاته، فإنه يخشى البعض من أن المسلحين يعدون لتعطيل عملية فرز الأصوات التي من المقرر أن تستغرق أسابيع في البلد ذي البنية التحتية البدائية والتضاريس الوعرة.
وفي أول هجوم منذ إغلاق مراكز الاقتراع مساء السبت الماضي، قالت الشرطة إن القنبلة انفجرت في سيارة تحمل عاملين في الانتخابات وبطاقات اقتراع في منطقة خان آباد بإقليم قندوز الشمالي.
وقال حمزة أحمد زاي، وهو مسؤول انتخابي في قندوز: «أصيبت السيارة التي كانت تحمل بطاقات انتخابية من أربعة مراكز اقتراع، وأحرقت كل المواد»، مضيفا أن شرطيا واثنين من العاملين قتلوا.
ووصفت طالبان الانتخابات المفترض أن تكون أول انتقال ديمقراطي للسلطة في البلاد، بأنها خديعة تدعمها الولايات المتحدة.
وقال محمد سعيد صديق، حاكم منطقة سياجرد، أول من أمس، إنه جرى إضرام النار في ثلاثة مراكز اقتراع، مما جعل الناخبين يمتنعون عن التصويت بسبب الخوف. وذكر وزير الداخلية عمر داودزاي أنه وقع نحو 140 هجوما، وأفاد بأن تسعة من رجال الشرطة وسبعة جنود وأربعة مدنيين قتلوا في أحداث منفصلة في أنحاء البلاد، فيما قالت طالبان أمس إن مقاتليها نفذوا 1088 هجوما في يوم الانتخابات في أنحاء أفغانستان، مما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص، ولكن يعتقد كثيرون أن المسلحين يبالغون في أرقامهم.
وقال زوبير خان، من منطقة شيناوري المجاورة لسياجرد في وادي جورباند، إنهم تلقوا «رسالة طالبان بتحاشي التصويت» ولذلك لم يخرج أحد من أبناء شيناوري للإدلاء بصوته. وقال خان: «هددوا بقتلنا إذا لم نمتثل لتحذيرهم.. لدى مئات الرجال بطاقات اقتراع وأرادوا أن يدلوا بأصواتهم، ولكن لم يتمكنوا من ذلك». وفي يوم الاقتراع أغلقت لجنة الانتخابات نحو 205 مراكز اقتراع بسبب غياب الأمن، ستة منها في منطقة أوروجان المضطربة، بإقليم باكتيكا المضطرب.