إيران تتراجع عن إعلان مقتل قيادي في حلب.. وتطالب تركيا بالانسحاب من جرابلس

قائد ميليشيا«النجباء»: سنستهدف الجيش التركي بعد معركة الموصل

الجنرال أحمد غلامي (وسط) مع عدد من عناصر الحرس الثوري في موقع قرب حلب (رجانيوز)
الجنرال أحمد غلامي (وسط) مع عدد من عناصر الحرس الثوري في موقع قرب حلب (رجانيوز)
TT

إيران تتراجع عن إعلان مقتل قيادي في حلب.. وتطالب تركيا بالانسحاب من جرابلس

الجنرال أحمد غلامي (وسط) مع عدد من عناصر الحرس الثوري في موقع قرب حلب (رجانيوز)
الجنرال أحمد غلامي (وسط) مع عدد من عناصر الحرس الثوري في موقع قرب حلب (رجانيوز)

بينما تناقلت وكالات أنباء مقربة من الحرس الثوري الإيراني في ساعات متأخرة، أول من أمس، تقارير عن مقتل الجنرال أحمد غلامي أحد أبرز قياداته في سوريا، سحبت الوكالات، لاحقا، خبر مقتله، وقالت إنه دخل في غيبوبة بسبب جروح بالغة خلال معارك حلب، وعلى الصعيد الدبلوماسي طالبت الخارجية الإيرانية تركيا بوقف تحركها العسكري في شرق سوريا.
وكان بيان نشرته بالتزامن وكالتا «تسنيم» و«فارس» كشف عن مقتل القائد السابق لفيلق الحرس الثوري العاشر في كرج واللواء 110 المدرع، وأبرز قادة الحرس الثوري في حرب الخليج الأولى قتل خلال مواجهات مع المعارضة السورية في حلب من دون تحديد الموقع.
كذلك لم تذكر مواقع الحرس الثوري تفاصيل عن الفترة الزمنية التي توجه بها غلامي إلى سوريا، لكنها شددت على أنه من أبرز جنرالات الحرس الثوري الذين يقدمون خدمات «استشارية» في صفوف القوات الإيرانية الموجودة في سوريا.
ورافق إعلان الحرس الثوري موقف المتحدث باسم الخارجية الإيراني بهرام قاسمي الذي جدد قلق بلاده من الحضور التركي واستمرار العملية العسكرية التركية في الأرض السورية، مطالبا أنقرة وقف العملية العسكرية «فورا». وقال إن «الأوضاع ستزداد تعقيدا مع استمرار الوجود العسكري التركي في سوريا».
وكانت لقاءات جرت الأسبوع الماضي بين المسؤولين الإيرانيين والأتراك حول سوريا وفصلت المشاورات لحظات قليلة من دخول القوات العسكرية التركية إلى جرابلس. وحاول المسؤولون الإيرانيون أن يقدموا انطباعا إيجابيا من جانبهم حول إقناع تركيا بالتراجع عن مواقفها تجاه الأزمة السورية.
ورغم أن إيران تسجل حضورا عسكريا في سوريا عبر إرسال وحدات من الجيش والحرس الثوري فضلا عن ميليشيات متعددة الجنسيات بدعم فيلق «القدس»، طالب قاسمي جميع الدول باحترام السيادة وسلامة الأراضي السورية.
في هذا الصدد قال قاسمي إنه «رغم مكافحة الإرهاب والسعي لحفظ الأمن في المنطقة مبدأ ثابت في السياسة الخارجية لدول التي تطلب السلام، لكن ذلك لا يجب أن يتحول إلى ذريعة لعمليات عسكرية من دون التنسيق مع الحكومة المركزية وتجاهل السيادة الوطنية»، مؤكدا أن بلاده تعارض أي اتجاه في مكافحة الإرهاب «يخيم بضلاله على الحكم السياسي ويضعف الحكومة المشروعة».
ورد قاسمي على تصريحات المتحدث باسم الخارجية البريطانية التي أدلى بها لصحيفة «ديلي ميل»، حول قلق بلاده من الدور العسكري الإيراني في المنطقة، قائلا إن «الحكومة البريطانية يجب أن تطلع جيدا على أوضاع المنطقة ومكانة إيران». وتابع قاسمي أن «لندن يجب أن تعرف قبل وأكثر من أي عاصمة أوروبية أخرى، إن إيران واحدة من ضحايا الإرهاب وفي الصف الأول لمكافحة الإرهاب» وفقا لما أوردته وكالة إيسنا.
وردا على ما قاله المتحدث باسم الخارجية البريطانية شرح قاسمي دور بلاده في سوريا، وقال إن حضور إيران في سوريا «استشاري بطلب من الحكومة الشرعية المستقرة في البلد». وأضاف أن «إيران تحاول بكل ما تملك من قوة العمل على تعزيز السلام والاستقرار والأمن في المنطقة». كما أعرب عن أمله أن «تدرك واشنطن ولندن جهود طهران السلمية في أجل حفظ الاستقرار والأمن في المنطقة».
وفي تباين واضح مع موقف المتحدث باسم الخارجية، قال ممثل خامنئي في الحرس الثوري الإيراني علي سعيدي، إن «الأعداء يستهدفون العمق الاستراتيجي لإيران ويحاولون توجيه ضربات إلى إيران في الدفاع عن جبهة المقاومة» في سوريا.
ونقل الموقع الإعلامي الناطق باسم الحرس الثوري «سباه نيوز» عن سعيدي، اعتباره دول مثل سوريا وفلسطين والعراق ولبنان واليمن وغزة العمق الاستراتيجي لإيران.
وأفاد سعيدي خلال مؤتمر لقادة الحرس الثوري وممثلين خامنئي في قاعدة محلاتي جنوب شرقي طهران، أن بلاده تواجه على أرضها وعمقها الاستراتيجي «حربا بالوكالة وغزوا ثقافيا وحربا ناعمة ومؤامرة وعقوبات على مجالات مختلفة».
في غضون ذلك قال أمين عام ميليشيا النجباء التابعة لفيلق «القدس» الإيراني في العراق أحمد الكعبي في حوار مع وكالة «مهر» الحكومية، إن «الحشد الشعبي العراقي بعد الانتهاء من معركة الموصل يستهدف القوات التركية الموجودة في شمال العراق».
ورفض الكعبي العملية العسكرية التركية في جرابلس واصفا إياها بـ«الاحتلال»، وأضاف أن تلك العملية «لن تبلغ أهدافها في سوريا». وتابع أن ميليشيا «النجباء» تحارب إلى جانب الحرس الثوري في مناطق «العيس والسفيرة والراشدين والشيخ سعيد والشيخ مقصود وتل شعيب والنيرب وتركان وكفر حمرة، والليرمون وحردتين والملاح ونبل والزهراء وخان طومان والقصير وسابقية والحاضر وزيتان وبرنة والشيخ نجار وقلعجية وخلصة وبانص وعبطين وضيحي وقراصي».
وظهر الكعبي منذ أيام في طهران، والتقى عددا من المسؤولين الإيرانيين بينهم علي لاريجاني أبرز المسؤولين المتهمين بالملف العراقي بعد 2003، وكان القسم الإعلامي لميليشيا «النجباء» نشرت صورا لقائد فيلق «القدس» قاسم سليماني وقائد القوات البرية في الحرس الثوري محمد باكبور نهاية مايو (أيار) الماضي في الفلوجة.
ودافع الكعبي عن أداء ميليشيا النجباء، قائلا إنها ستشارك ضمن قوات الحشد الشعبي العراقي في معركة الموصل، موضحا أن «أميركا تعارض حضور قوات الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل».
وعزا الكعبي معارضة القوات الأميركية لمشاركة قواته في تلك المعارك بكونها «مساع أميركية لإنشاء قاعدة عسكرية دائمة في مطار القيارة». وأفاد بأن «الأميركيين يعلمون في حال دخولنا إلى معركة الموصل لن يحصلوا على قاعدة عسكرية دائمة».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.