«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (2): {فينيسيا} يفتتح بفيلم استعراضي يليق بدورة واعدة

المهرجانات تطلب النجومية والنوعية.. وتفضل الأولى على الأخيرة

لقطة راقصة من «لا لا لاند»  -  رايان غوزلينغ وإيما ستون في «لا لا لاند»
لقطة راقصة من «لا لا لاند» - رايان غوزلينغ وإيما ستون في «لا لا لاند»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (2): {فينيسيا} يفتتح بفيلم استعراضي يليق بدورة واعدة

لقطة راقصة من «لا لا لاند»  -  رايان غوزلينغ وإيما ستون في «لا لا لاند»
لقطة راقصة من «لا لا لاند» - رايان غوزلينغ وإيما ستون في «لا لا لاند»

أفلام الافتتاح في المهرجانات الثلاثة الكبرى، برلين وكان وفينيسيا، هذه السنة كلها أميركية.
برلين افتتح بفيلم الأخوين إيتان وجووَل كووَن «مرحى، سيزار». ومهرجان كان افتتح دورته بفيلم وودي ألن «كافيه سوسيتي».
والآن ها هو مهرجان «فينيسيا»، الذي انطلق أمس ويستمر حتى العاشر من هذا الشهر، يفتتح دورته الـ73 بفيلم «لا لا لاند» لداميان شازيل. ما يدفع بالسؤال حول إذا ما كانت السينمات العالمية، غير الأميركية، ليس لديها ما تفتتح به مهرجانًا كبيرًا كأي من هذه المهرجانات. أو إذا ما أصبحت الافتتاحات منصّة إطلاق مناسبة للأفلام الأميركية.
الواقع هو أن كلا السؤالين مجاز ولكنهما لا يعبران عن الحقيقة كثيرًا. السينمات الآسيوية أو الأوروبية على سبيل المثال لديها إنتاجات تستحق التنويه في مطلع مهرجان كبير كأي من هذه المهرجانات المذكورة، لكن الفيلم الأميركي يأتي عادة مع نجومه: جورج كلوني، جوش برولين، سكارلت جوهانسن، تيلدا سوينتون كانوا زينة فيلم «مرحى، سيزار». ستيف كارل، جسي أيزنبيرغ وكرستن ستيوارت قادوا بطولة «كافيه سوسياتي». و«لا لا لاند» لديه نجمان يرصّعانه هما إيما ستون ورايان غوزلينغ. والمهرجانات تطلب النجوم كما تطلب النوعية، وأحيانًا ما تضحي بالنوعية لخاطر النجومية.
بالنسبة إذا ما أصبحت المهرجانات منصّـة انطلاق للأفلام الأميركية فإن قليلا من التأثير التجاري الإيجابي يلي اختيار مثل هذه الأفلام لافتتاح المهرجانات. «مرحى، سيزار» أحد أقل أعمال الأخوين كووَن إثارة لاهتمام الجمهور حتى المتخصص وفيلم وودي ألن «كافية سوسياتي» لم يرتاده نفر جديد واحد فوق العدد المحدود من المشاهدين في أفلامه الأخيرة.
* أوتوستراد راقص
على ذلك «لا لا لاند» يختلف في بعض أهم الأوجه فهو أفضل فيلم افتتاح شهدته هذه المهرجانات المذكورة، حيث يحمل لغة بصرية جميلة ويبث أملاً وتفاؤلاً بالحياة فوق المعتاد من أفلام المهرجانات هذه الأيام.
هو فيلم موسيقي - رومانسي كبير ورائع وبالسينما سكوب. والشاشة العريضة هي أكثر من مجرد حجم عرض ملائم، هي تذكرة من صانعي الفيلم للعودة به إلى أيام ما كانت السينما الاستعراضية ذات الفقرات الراقصة والأغاني العاطفية الصادحة منوالاً شبه دائم حتى الستينات. ومع أن مثل هذه الأفلام تكررت وتبلورت بعد تلك الفترة أيضًا إلا أن عصرها الذهبي كان قد انقضى. كذلك فإن النتاج اللاحق، خلال السنوات الثلاثين الماضية، لم ينشد التماثل مع أفلام ما قبل الستينات لا من حيث مواضيعها الفرحة ولا من حيث أساليب تنفيذها البصرية. أفلام مثل «كل ذلك الجاز» لبوب فوسي (1979) و«بوباي» لروبرت التمن (1980) و«آني» لجون هيوستون (1982) ثم «شيكاغو» لروب مارشال (2002) كانت جميعًا جيدة، إنما حاملة همومًا مختلفة ورسالات اجتماعية - سياسية محددة، على عكس أفلام الميوزيكالز السابقة التي لم تعد مشاهديها (وكانوا بمئات الملايين) بأكثر من ترفيه عاطفي مناسب للعائلات والمراهقين على حد سواء.
«لا لا لاند» لا يخجل من أن ينتمي إلى تلك الأفلام الأولى، لكنه يفعل ذلك بفن غامر. بإدارة متقنة للأحداث وبقدر رائع من تزاوج الخيال الضروري لتلك الأفلام مع ما هو قابل للتصديق. المخرج داميان شازيل يعرف تمامًا ما يريد ويحققه تمامًا كما يريد. مباشرة بعد نجاحه اللائق بفيلم Whiplash («طرف السوط») في العام الماضي، الذي دار أيضًا عن الموسيقى كأرضية، ها هو يقدم عملاً أفضل من سابقه. خال من الدكانة التي لصقت بالفيلم السابق ويتعامل مع حكاية عاطفية تعيد بث تلك العواطف الصحيحة إلى المشاهدين الذين نسوا كيف كانت السينما تقدّمها.
يبدأ «لا لا لاند» باستعراض موسيقي أخاذ يقع فوق طريق رئيسية في لوس أنجليس. الكاميرا تهبط من لقطة للسماء الزرقاء إلى أوتوستراد مزدحم توقفت فيه السيارات عن التقدم كما لو كانت مصطفة في مرأب مفتوح للسيارات. الكاميرا تتحرك بين هذه السيارات وكل منها يصدح بموسيقى مختلفة. فجأة تهبط امرأة من إحدى تلك السيارات وتبدأ بالرقص، وما هي إلا لحظات حتى يتحوّل الشارع بأسره إلى مرقص في وضح النهار. الركاب والسائقون نزلوا من سياراتهم واشتركوا في ذلك الاستعراض الكبير لنحو خمس دقائق حسنة التصميم وجيدة المونتاج قبل أن يعود كل إلى سيارته.
* فيلم جوائز
مثل هذه المشاهد منتشرة في عموم الفيلم. هناك عين جيدة للمخرج يلتقط فيها الأفكار التي ينفذها. وحكاية شاب اسمه سيباستيان (رايان غوزلينغ) مغرم بموسيقى الجاز. يعزف البيانو بمهارة ويبحث عن عمل ثابت. الفتاة هي ميا (إيما ستون) ممثلة مبتدئة تبحث بدورها عن عمل ثابت. لقاؤهما في البداية ليس لقاء عاطفيًا من تلك التي تؤسس لقصة حب، بل هما لقاءان عاصفان على نحو غير ودّي، ثم تعارف بعد أشهر والوقوع كل في حب الآخر.
ما يشد كل منهما صوب الآخر حلمه بالنجاح. هو يريد افتتاح ناد للجاز يعزف فيه وهي تريد أن تحقق رغبتها في التمثيل. لكنهما يواجهان ظروفًا صعبة تفرض على الأول التنازل وعلى الثانية الانسحاب لحين. في النهاية سيحقق كل منهما أمله ورغبته لكن ذلك سيكون على حساب قصّة حبه وديمومة البقاء إلى جانب الآخر.
بقدر ما الفيلم تحيّة للسينما الاستعراضية، بقدر ما هو تحية لموسيقى الجاز الكلاسيكية. في حقيقته هو أشبه بفيلم من تلك السنوات الذهبية تم تحقيقه في هذه السنوات الثرية بالفرص التقنية. النتيجة عمل يطرق به المخرج شازيل باب الجوائز من جديد وهو الذي أنجز بعضها في فيلمه السابق. هذه المرّة الحظوظ تبدو أعلى (بدءًا بجائزة غولدن غلوب لأفضل فيلم موسيقي) فعند شازيل تلك الرؤية المتينة لما يتطلبه فيلم جديد من هذا النوع والقدرة على ضبط الأحداث بحيث لا تسقط في الميلودراما أو في عاطفة رخيصة الشأن. قبل النهاية يبتدع مشهد حلم في اليقظة: العازف شاهد حبيبته، وقد تزوّجت، جالسة بين الجمهور تتابعه. يبدأ العزف ثم، من دون خيط فاصل، يتوجه صوبها ويرقص معها ثم ينطلقان إلى باريس ويعودان إلى أميركا. يعيشان حياة جميلة تنتهي بالزواج. تعتقد أنها تطلّقت بالفعل، فهذه المشاهد تبدو كما لو كانت استطرادًا لأمنية تحققت لكن فجأة ما يعود الفيلم إلى الواقع فإذا به لا يزال يعزف وهي ما زالت جالسة في مكانها.
في هذه الدورة الثالثة والسبعين من مهرجان «فنيسيا» لا يمكن التكهن الآن بما قد ينجزه هذا الفيلم على صعيد الجوائز، لكنه بالتأكيد باق في البال حتى يوم لقاء لجنة التحكيم التي يقودها المخرج سام منديز.
علاوة على ذلك، يضم كل من غوزلينغ وستون إلى مواهبهما موهبتي الرقص والغناء. وعزف غوزلينغ على البيانو لا يمكن أن يكون تمثيلاً. هي أصابعه الفعلية تتلاعب بالمفاتيح في معزوفات تتلوّن بحسب الظرف التي تمر بها شخصيته. هذا لا يمنع من القول إن حركة قدميه خلال نمر الرقص قد لا تكون خفيفة كحركة قدمي فرد استير، لكنه صاغ لنفسه برهانًا على أن موهبته تنجز تقدّمًا من فيلم لآخر.
الغالب أن الدورة، كما ذكرنا سابقًا، زاخرة بالأعمال التي ستستحق الاعتبار والاهتمام من قِـبل لجنة التحكيم. إنها دورة تمزج المواهب الجديدة بالمواهب القديمة وتتعدد فيها المواضيع والمفادات كما يليق بمهرجانات السينما أن تفعل. وإذا ما حققت هذه الأفلام المتسابقة ما تعد به الآن، فإن المهرجان الإيطالي في هذه الدورة لن يكون فقط أفضل دوراته منذ سنوات، بل أفضل من دورات منافسيه الأساسيين، كان وبرلين.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».