الاتفاق السعودي.. من منصات التتويج إلى «دوري المظاليم»

غضب جماهيري عارم بسبب «كارثة الهبوط» والراشد والمسحل يعلنان عن اجتماع شرفي عاجل لدراسة أزمة السقوط

الصدمه بدت واضحة على لاعبي الاتفاق جراء الهبوط لدوري الأولى
الصدمه بدت واضحة على لاعبي الاتفاق جراء الهبوط لدوري الأولى
TT

الاتفاق السعودي.. من منصات التتويج إلى «دوري المظاليم»

الصدمه بدت واضحة على لاعبي الاتفاق جراء الهبوط لدوري الأولى
الصدمه بدت واضحة على لاعبي الاتفاق جراء الهبوط لدوري الأولى

جاء هبوط فريق الاتفاق السعودي إلى مصاف دوري الدرجة الأولى، أو كما يعرف بدوري ركاء للمحترفين؛ كالصاعقة على أبناء المنطقة الشرقية بكافة ميولهم، سواء من كان مشجعا لهذا النادي، أو من محبي غيره من الأندية.
فالحزن الكبير الذي وقع عليهم ليس بالأمر الغريب، فالاتفاق ظل لسنوات طويلة الحاضر الأقوى والممثل الأبرز لأندية الكرة الشرقية في لعبة كرة القدم، وظل صامدا رغم هبوط كثير من الأندية، بل كان أكثرهم تحقيقا للبطولات، والوحيد الذي يتفاخر به أبناء المنطقة عند الحديث عن الأندية الكبيرة، خصوصا أنه النادي الوحيد في المنطقة الذي حقق لها 13 بطولة في مجال كرة القدم، بل إنه حقق أرقاما مهمة وأولويات كبيرة للأندية السعودية؛ كتحقيقه أول بطولة خارجية للأندية السعودية من خلال البطولة الخليجية للأندية عام 1983م، وبعدها بعام حقق أولوية أخرى بتحقيقه أول بطولة عربية للأندية السعودية، بل إن أهم أولويات هذا النادي أنه أول فريق يحقق الدوري الممتاز دون خسارة، وذلك عام 1987م، وهي ثاني بطولة للدوري يحققها الفريق الاتفاقي، وكانت الأخيرة.

* «ركاء» بدلا من منصات التتويج
* عبد العزيز الدوسري الذي حضر إلى رئاسة نادي الاتفاق في مرحلتين: الأولى كانت عام 1981 حتى عام 1996م، ليغادر بعدها النادي ويعود في عام 2002م ويستمر حتى يومنا هذا؛ تعتبره الجماهير الاتفاقية الرئيس الذهبي للنادي، وذلك كونه حقق مع الفريق 11 إنجازا من أصل 13 هي حصيلة النادي من الكؤوس.
ورغم هذه الحصيلة الكبيرة، فإن الرئيس الاتفاقي تمت مواجهته بمطالب كبيرة بالاستقالة على عدة أصعدة، منها ما هو شرفي بقيادة رئيس أعضاء الشرف عبد الرحمن الراشد، وكذلك عضو الشرف هلال الطويرقي، وكذلك بعض الأصوات الإعلامية، وفي الموسمين الأخيرين تحول الأمر إلى أصوات جماهيرية ازدادت في ظل التراجع الكبير في مستويات الفريق وتحقيق جاره نادي الفتح بطولة الدوري بميزانية أقل من ميزانية الفريق الاتفاقي.
فجاءت النهاية التي لم يتمنها الاتفاقيون بهبوط ناديهم لدوري ركاء مع ذات الرئيس الذي تغنوا به كثيرا وتغنوا بإنجازاته وأطلقوا عليه لقب الذهبي، ليتحول هذا اللقب في الأشهر الأخيرة إلى وبال على الجماهير التي طالبت باستقالته وتركه النادي، لكن دون أن يغير ذلك شيئا، فتمسك برئاسة النادي حتى جاءت فاجعة الهبوط إلى مصاف دوري ركاء على الجماهير الاتفاقية لتصبح ختاما لفترة الرئيس الذي قاد النادي للمنصات ومن ثم إلى دوري «الظلام» كما يعرف منذ عقود.

* ما بين المقدمة والوسط والانتقال إلى القاع
* وبالعودة إلى أوضاع النادي في ترتيب الدوري خلال السنوات الأخيرة، نجده ظل مترنحا بين مراكز المقدمة تارة وبين مراكز المنتصف تارة أخرى.
ففي موسم 2009 / 2010 كان الاتفاق في المركز التاسع في دوري يضم 12 فريقا، فضمن بقاؤه من خلال فارق الست نقاط التي فصلت بينه وبين الهابطين الرائد ونجران. وفي الموسم الذي تلاه (موسم 2010 / 2011) ظهر الاتفاق بصورة مختلفة جدا، فظهر بشكل قوي أشاد به كل المتابعين، فتقدم في الترتيب ونافس على مراكز المقدمة ليحصد المركز الثالث في ترتيب الدوري، في حين كان قريبا من ذات المركز في موسم 2011 / 2012 الذي حقق فيه المركز الرابع متراجعا مركزا واحدا عن الموسم الذي سبقه.
الموسم الماضي ظهر به الاتفاق متوسطا في الأداء؛ فخرج من دوري أبطال آسيا، واحتل مركزا متوسطا في الدوري وهو المركز السادس. وفي هذا الموسم حقق نادي الفتح من الأحساء لقب الدوري، وذلك بميزانية لا تختلف كثيرا عن ميزانية الفريق الاتفاقي، وهو ما زاد في ظهور الأصوات الشرفية والإعلامية لمطالبة الدوسري بترك النادي، خصوصا أن العذر الذي تتبناه الإدارة الاتفاقية لعدم تحقيق الدوري، وهو الفارق المادي، ظهر لهم عدم صحته من خلال تحقيق الفتح للقب.

* سياسة بيع النجوم
* يظهر للجميع في المواسم الأربعة الأخيرة أن الكثير من النجوم الذين ظهروا في الفريق غادروه حتى أصبح الفريق مفرخة للنجوم للأندية الكبيرة، وفي ذات الوقت بدأ الفريق يستقبل أنصاف اللاعبين من أندية أخرى ويقلون كثيرا على الصعيد الفني للاعبين المغادرين.
ففي موسم 2010 / 2011 جاءت البداية بمغادرة اللاعب عبد الرحمن القحطاني إلى نادي النصر، وتلتها الكثير من الانتقالات؛ كبدر الخميس إلى التعاون، وأحمد سعد إلى هجر، وغيرها، إلا أن الانتقال الآخر والأبرز في هذا الموسم جاء في الفترة الشتوية، وذلك من خلال مغادرة الظهير العائد إلى الفريق راشد الرهيب إلى نادي الاتحاد، وكذلك إعارة حمد الحمد إلى نادي التعاون رغم أنه يمثل أحد نجوم الفريق.
في الموسم التالي 2011 / 2012 تمسكت الإدارة الاتفاقية بلاعبيها ولم يغادر منها أي لاعب مهم، إلا أنها أحضرت الكثير من الأسماء المستهلكة التي لم تقدم أي جديد للفريق الاتفاقي؛ كسعد الذياب، وكذلك أعادت لاعبين مثلوا النادي في فترات سابقة؛ فجاء أحمد البحري من النصر، وسلطان البرقان من الهلال، كما أحضرت زامل السليم الذي ظهر بشكل جيد مع الفريق في ذلك الموسم، إلا أن الفترة الشتوية شهدت حضور لاعبين لم يضيفوا للفريق فنيا؛ كصالح الصقري من الاتحاد، ووليد محبوب من الأنصار، وسط مغادرة عبد الله الحافظ وإبراهيم البراهيم إلى الدوري البرتغالي.
أما موسم 2012 / 2013 فجاءت بدايته بإعارة يحيى عتين إلى النادي الأهلي، ثم انتقال عبد المطلب الطريدي إلى نادي الاتحاد، وأحمد سعد إلى الشعلة، وأحضر عبد الله السالم من نادي الخليج ليقوم بإعارته في الفترة الشتوية لذات النادي، ولتشهد تلك الفترة كذلك مغادرة وليد محبوب إلى الوحدة، وسند شراحيلي إلى التعاون، في حين حضر في تلك الفترة علي الزبيدي قادما من الاتحاد.
الموسم الحالي موسم 2013 / 2014 يعد من أكثر المواسم في حركة الانتقالات لدى الفريق الاتفاقي، حيث غادر هداف الفريق يوسف السالم الفريق بعد نهاية عقده بنهاية الموسم الماضي إلى نادي الهلال، كما غادره أحد أبرز نجومه في السنوات الأخيرة صالح بشير بعد خلاف مع الإدارة رغب على أثره في المغادرة، ومن ثم لحق بهم الحارس فايز السبيعي الذي وافقت الإدارة على فسخ عقده بالتراضي لينتقل لنادي الهلال دون أن تتحصل على أي مقابل من نظيرتها في الهلال.
وجاءت مغادرة يحيى الشهري بملبغ 11 مليون ريال لنادي النصر هي حصة الإدارة الاتفاقية مقابل تنازلها عن الموسم المتبقي في عقد اللاعب معها، وتسببت هذه الانتقالات في التأثير على مستوى الفريق، وبشكل خاص في خط الهجوم، بعد رحيل أهم المهاجمين فيه، وكذلك صانع الألعاب الأبرز يحيى الشهري، كما غادر الاتفاق كل من عمار الدحيم وعبد الله الدوسري ومصطفى المعيلو، ثم أنهى الانتقالات بإعارة علي الزبيدي إلى النادي الأهلي، وانتقال عبد المطلب الطريدي للاتحاد في الفترة الشتوية. في حين جلب الفريق أكثر من 10 لاعبين، جاء أبرزهم: محمد شريفي من الفتح، وتوفيق بوحيمد من هجر، وإبراهيم هزازي من الاتحاد، إلا أن الإدارة أنهت عقد الأخير في الفترة الشتوية.
وبحسب مقربين من الإدارة الاتفاقية، فإنه تم خلال أربعة مواسم استقطاب قرابة 50 لاعبا في مختلف المراكز مثلوا الفريقين الأول والأولمبي، وجزء كبير منهم غادر دون أن يجد الفرصة، ودفعت الإدارة قرابة 25 مليون ريال دون أن تحقق فائدة كبيرة إلا مع عدد قليل.

* موسم الهبوط بأجانب غير مؤثرين
* في هذا الموسم عانى الفريق الاتفاقي سوءا في اختيارات اللاعبين الأجانب، حيث اتفق المتابعون للشأن الاتفاقي على أن اللاعبين الموجودين لم يقدموا المستوى المأمول باستثناء المهاجم السنغالي بابا وايغو، حيث أحضرت الإدارة الاتفاقية إضافة إلى وايغو في الفترة الأولى كلا من البرازيلي داني موريس والروماني نيكولا غريغوري والأردني ياسين البخيت، الذي غادر في الفترة الشتوية، وحضر بدلا عنه ألميدا ميرلو من تيمور الشرقية، الذي لم يكن أكثر تأثيرا من سابقه.
أربعة مدربين قادوا الفريق إلى «ركاء»
بدأ الفريق مشواره هذا الموسم مع الألماني ثيو بوكير، الذي خاض مع الفريق خمسة لقاءات؛ خسر ثلاثة وفاز في واحد وتعادل في مثله، لتتخذ الإدارة قرارا بإقالته وتكليف الروماني إيسبيو تودور بديلا مؤقتا، والذي قاد الفريق في مباراتين خسر واحدة وكسب الأخرى. تلا ذلك حضور المدرب الصربي غوران توفيدزيتش الذي قاد الفريق في 14 لقاء؛ فاز في ثلاثة فقط وتعادل في ستة وخسر خمسة، لتتم إقالته وإحضار الروماني إيوان أندوني الذي سبق له قيادة الفريق في موسم 2009 ولعب معه دوري أبطال آسيا وتمكن من الوصول بالفريق إلى دور الـ16، لكن إحضاره لم يكن مفيدا، فكسب الفريق في ظل قيادته لقاء واحدا، وتعادل في واحد، وخسر ثلاثة لقاءات، ومع نهايتها أعلن هبوط الفريق رسميا إلى دوري ركاء.

* اضطراب إداري
* جاءت بداية الضياع الإداري في نادي الاتفاق بداية الموسم بإصرار نائب الرئيس خليل الزياني على استقالته التي أعلنها نهاية الموسم الماضي وتأكيده عدم الرغبة في الاستمرار، وضعف وجود أمين عام النادي أحمد علي الدوسري في المشهد الاتفاقي، وكذلك ابتعاد أمين الصندوق وعضو مجلس الإدارة عدنان المعيبد عن الوجود في المشهد الاتفاقي لانشغاله بمنصبه كعضو مجلس في الاتحاد السعودي لكرة القدم وكمتحدث رسمي له، وجاء غيابه مؤثرا جدا في ظل أنه يعد الرجل الأهم في إدارة عبد العزيز الدوسري طوال الفترات الماضية، كما أن السياسة الإعلامية للنادي تغيرت في هذا الموسم الذي تولى فيه عضو مجلس الإدارة محمد الصدعان الإشراف على المركز الإعلامي، وهو ما دعا مدير المركز عبد الله بودي إلى الابتعاد عن منصبه، كما تم تغيير مدير الفريق الأول لكرة القدم، فتمت الاستعانة باللاعب الاتفاقي السابق صالح خليفة ليحضر بديلا عن خالد الحوار الذي لقي هجوما في فترة عمله بالنادي، إلا أن صالح خليفة لم يلق القبول الكبير هو الآخر لدى الأوساط الاتفاقية.

* آراء الاتفاقيين بعد الهبوط
* قال عبد الرحمن الراشد، رئيس هيئة أعضاء الشرف، إن «أعضاء الشرف لم ولن يقصروا بأي شيء يحتاج إليه ناديهم»، مكتفيا بالإشارة إلى أن هناك أناسا كانوا خلف الكارثة التي وقع فيها الاتفاق دون أن يسميهم.
وبين أن هناك اجتماعا شرفيا قريبا سيضع النقاط على الحروف فيما يخص مستقبل الاتفاق من كل النواحي، فقد انتهى الموسم وحان الوقت لأن يكون للمجلس الشرفي دور أكثر فاعلية في الفترة القادمة.
من جانبه، قال حمد الدبيخي، النجم الدولي السابق «لعل ما حصل للاتفاق خير على اعتبار أن الفريق لو بقي في دوري جميل سيبقى مترنحا لسنوات، وبالتالي من المهم أن تكون هناك ضربة تجبر الإدارة والقائمين على النادي وكل محبيه على اتخاذ خطوات جديدة يمكن أن تعيد الاتفاق إلى مكانته المرموقة كأحد أبرز الأندية المنافسة على حصد البطولات سنويا، وليس للثبات بين فرق الأضواء».
وأضاف «الواقع أن الأخطاء الإدارية استمرت فتسببت في جعل الفريق يظهر بشكل مترنح في الدور الأول، وكان من البديهي أن تصحح الأخطاء في الدور الثاني، لكن الأمر لم يحدث فاستمر الحال على ما هو عليه، إن لم يكن الأمر قد ازداد سوءا؛ كون الاتفاق الفريق الوحيد الذي لم يفز سوى بمباراة في الدور الثاني».
وتمنى أن يكون ما حصل درسا يستفاد منه وينظر له بمنظور إيجابي أكثر مما هو سلبي، وبحسب قوله «أحيانا المريض يحتاج إلى جراحة قاسية للتخلص من مشكلاته الصحية بدلا من سياسة (الترهيم) واستخدام العلاج المؤقت الذي لا يمكنه أن يداوي الداء والعلة».
من جانبه، قال عدنان المسحل، نائب رئيس أعضاء الشرف، إنه «يعيش صدمة كبيرة وإنه يؤمن بأن ما حصل يجب أن يكون درسا للجميع»، مضيفا «رب ضارة نافعة، فقد تكون هذه الصدمة مهمة من أجل تصحيح كثير من الأخطاء والتفاف الاتفاقيين بشكل أكبر حول ناديهم في الفترة القادمة، فتلقي الضربة شيء محتمل دائما، لكن القوي والواثق هو من يتحمل هذه الضربات في الرأس ويستعيد توازنه بسرعة».



عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
TT

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

قبل 16 عاماً، فقد عثمان الكناني بصره فألمّ به خوف من فقدان صلته بكرة القدم التي يهواها منذ صغره. لكن إصراره على عدم الاستسلام دفعه إلى توظيف شغفه في تأسيس أوّل فريق للمكفوفين في العراق وإدارة شؤونه.

ويقول الرجل الذي يبلغ حالياً 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما فقدت بصري، عشت سنة قاسية، نسيت فيها حتى كيفية المشي، وأصبحت أعتمد في كل شيء على السمع».

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

في عام 2008، فقد المدير السابق لمكتبة لبيع الكتب واللوازم المدرسية، البصر نتيجة استعمال خاطئ للأدوية لعلاج حساسية موسمية في العين، ما أدّى إلى إصابته بمرض الغلوكوما (تلف في أنسجة العصب البصري).

ويضيف: «ما زاد من المصاعب كان ابتعادي عن كرة القدم». ودام بُعده عن رياضته المفضّلة 8 أعوام.

شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف (أ.ف.ب)

لكن بدعم «مؤسسة السراج الإنسانية» التي شارك في تأسيسها لرعاية المكفوفين في مدينته كربلاء (وسط) في 2016، شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف، حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف.

وظلّ يلعب مع هذا الفريق حتى شكّل في عام 2018 فريقاً لكرة القدم للمكفوفين وتفرّغ لإدارة شؤونه.

ويتابع: «أصبحت كرة القدم كل حياتي».

واعتمد خصوصاً على ابنته البكر لتأمين المراسلات الخارجية حتى تَواصلَ مع مؤسسة «آي بي إف فاونديشن (IBF Foundation)» المعنيّة بكرة القدم للمكفوفين حول العالم.

يتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً (أ.ف.ب)

وكانت «الفرحة لا توصف» حين منحته المؤسسة في عام 2022 دعماً ومعدات من أقنعة تعتيم للعيون وكُرات خاصة.

ويوضح: «هكذا انطلق الحلم الرائع».

ويؤكّد أن تأسيس الفريق أتاح له «إعادة الاندماج مع الأصدقاء والحياة»، قائلاً: «بعد أن انعزلت، خرجت فجأة من بين الركام».

4 مكفوفين... وحارس مبصر

وانطلق الفريق بشكل رسمي مطلع العام الحالي بعدما تأسّس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين في نهاية 2023، وتشكّل من 20 لاعباً من محافظات كربلاء وديالى، وبغداد.

ويستعد اليوم لأوّل مشاركة خارجية له، وذلك في بطولة ودية في المغرب مقرّرة في نهاية يونيو (حزيران).

ويتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد، مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً. ومن بين اللاعبين 10 يأتون من خارج العاصمة للمشاركة في التمارين.

يصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب (أ.ف.ب)

ومدّة الشوط الواحد 20 دقيقة، وعدد اللاعبين في المباراة 5، منهم 4 مكفوفون بالكامل بينما الحارس مبصر.

وخلال تمارين الإحماء، يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم.

وتتضمّن قواعد لعبة كرة القدم للمكفوفين كرات خاصة، ينبثق منها صوت جرس يتحسّس اللاعب عبره مكان الكرة للحاق بها.

ويقوم كلّ من المدرّب والحارس بتوجيه اللاعبين بصوت عالٍ.

يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً (أ.ف.ب)

بعد ذلك، يأتي دور ما يُعرف بالمرشد أو الموجّه الذي يقف خلف مرمى الخصم، ماسكاً بجسم معدني يضرب به أطراف المرمى، لجلب انتباه اللاعب وتوجيهه حسب اتجاه الكرة.

ويصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب لئلّا يصطدموا ببعضهم.

وحين يمرّ بائع المرطبات في الشارع المحاذي للملعب مع مكبرات للصوت، تتوقف اللعبة لبضع دقائق لاستحالة التواصل سمعياً لمواصلة المباراة.

تمارين الإحماء لأعضاء الفريق (أ.ف.ب)

وبحسب قواعد ومعايير اللعبة، يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً، بينما يبلغ ارتفاع المرمى 2.14 متر، وعرضه 3.66 متر (مقابل ارتفاع 2.44 متر، وعرض 7.32 متر في كرة القدم العادية).

لا تردّد... ولا خوف

وخصّصت اللجنة البارالمبية العراقية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة راتباً شهرياً للاعب قدره ما يعادل 230 دولاراً، وللمدرب ما يعادل تقريباً 380 دولاراً.

لكن منذ تأسيس الفريق، لم تصل التخصيصات المالية بعد، إذ لا تزال موازنة العام الحالي قيد الدراسة في مجلس النواب العراقي.

ويشيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين طارق الملا (60 عاماً) بالتزام اللاعبين بالحضور إلى التدريبات «على الرغم من الضائقة المالية التي يواجهونها».

اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي (أ.ف.ب)

ويوضح: «البعض ليست لديه موارد مالية، لكن مع ذلك سيتحمّلون تكاليف تذاكر السفر والإقامة» في المغرب.

ويضيف: «أرى أن اللاعبين لديهم إمكانات خارقة لأنهم يعملون على مراوغة الكرة وتحقيق توافق عضلي عصبي، ويعتمدون على الصوت».

ويأمل الملّا في أن «تشهد اللعبة انتشاراً في بقية مدن البلاد في إطار التشجيع على ممارستها وتأسيس فرق جديدة أخرى».

ودخل الفريق معسكراً تدريبياً في إيران لمدة 10 أيام، إذ إن «المعسكر الداخلي في بغداد غير كافٍ، والفريق يحتاج إلى تهيئة أفضل» للبطولة في المغرب.

وعلى الرغم من صعوبة مهمته، يُظهر المدرّب علي عباس (46 عاماً) المتخصّص بكرة القدم الخماسية قدراً كبيراً من التفاؤل.

خلال تمارين الإحماء يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم (أ.ف.ب)

ويقول: «اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي، وهذا ما يشجعني أيضاً».

ويشير عباس، الذي يكرس سيارته الخاصة لنقل لاعبين معه من كربلاء إلى بغداد، إلى أن أبرز صعوبات تدريب فريق مثل هذا تتمثل في «جعل اللاعبين متمرّسين بالمهارات الأساسية للعبة لأنها صعبة».

وخلال استراحة قصيرة بعد حصّة تدريبية شاقّة وسط أجواء حارّة، يعرب قائد الفريق حيدر البصير (36 عاماً) عن حماسه للمشاركة الخارجية المقبلة.

ويقول: «لطالما حظيت بمساندة أسرتي وزوجتي لتجاوز الصعوبات» أبرزها «حفظ الطريق للوصول من البيت إلى الملعب، وعدم توفر وسيلة نقل للاعبين، والمخاوف من التعرض لإصابات».

ويطالب البصير الذي يحمل شهادة في علم الاجتماع، المؤسّسات الرياضية العراقية الحكومية «بتأمين سيارات تنقل الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أماكن التدريب للتخفيف من متاعبهم».

ويضيف: «لم تقف الصعوبات التي نمرّ بها حائلاً أمامنا، ولا مكان هنا للتردد، ولا للخوف».