الإرهاب يضرب عدن مجددًا.. مقتل العشرات في مبنى تجنيد وسط المحافظة

«داعش» تبنى العملية.. وقائد القوات الخاصة يتهم خلايا صالح

المارة والأهالي يتفقدون المبنى الذي جرى تفجيره في عدن أمس (رويترز) - سكان عدن يعاينون موقع حادث تفجير مقر التجنيد (أ.ف.ب)
المارة والأهالي يتفقدون المبنى الذي جرى تفجيره في عدن أمس (رويترز) - سكان عدن يعاينون موقع حادث تفجير مقر التجنيد (أ.ف.ب)
TT

الإرهاب يضرب عدن مجددًا.. مقتل العشرات في مبنى تجنيد وسط المحافظة

المارة والأهالي يتفقدون المبنى الذي جرى تفجيره في عدن أمس (رويترز) - سكان عدن يعاينون موقع حادث تفجير مقر التجنيد (أ.ف.ب)
المارة والأهالي يتفقدون المبنى الذي جرى تفجيره في عدن أمس (رويترز) - سكان عدن يعاينون موقع حادث تفجير مقر التجنيد (أ.ف.ب)

ارتفع في وقت متأخر من مساء أمس عدد ضحايا التفجير الإرهابي الذي استهدف تجمعا للمجندين المستجدين الشباب في حي السنافر بمدينة المنصورة وسط عدن، بسيارة مفخخة، إلى أكثر من 170 قتيلا وجريحا.
وقال شهود عيان من سكان الحي في أحاديث متفرقة لـ«الشرق الأوسط» إن سيارة مفخخة يقودها انتحاري اخترقت بوابة مدرسة بحي السنافر شمال مدينة المنصورة، أثناء فتح مجندين الباب لسيارة التموين الغذائي لإدخال وجبة الإفطار، ونفذ التفجير بوسط المجندين، حيث شوهدت عشرات الجثث يتم نقلها، إضافة إلى الجرحى، صوب عدد من مستشفيات المدينة.
وذكر المكتب الإعلامي لشرطة عدن في بيان أن الإحصاءات الأخيرة رصدت 50 قتيلا و120 جريحًا سقطوا جراء عملية إرهابية بسيارة مفخخة يقودها انتحاري، استهدفت مركز تجنيد في حي السنافر بمدينة المنصورة وسط عدن.
وأدانت قيادة أمن عدن التفجير الإرهابي الجبان، وتعهدت، عبر بيان مكتبها الإعلامي، لذوي الشهداء والجرحى بملاحقة «من يقف وراء تلك العملية الغادرة التي طالت الشباب الأبرياء العزّل من السلاح، والقصاص من القتلة بمنصوص الشرع والقانون، وهي لن تتوانى عن مداهمة بقية أوكار هذه الجماعات الضالة ودك معاقلها أينما وجدت».
وأهابت إدارة شرطة عدن بالسكان المحليين في عدن بالإبلاغ الفوري عن أي شخص تبين اختفاؤه لأيام دون أسباب وجيهة ليتسنى لأجهزتها الأمنية «إجهاض عمليات الجماعات الضالة المارقة عن الدين، كما يمرق السهم من الرمية» على حد تعبيرها.
وقال المكتب الإعلامي لشرطة عدن إن «هذه العمليات اليائسة لجماعات القتل والإرهاب في عدن تأتي عقب تلقيها ضربات موجعة ومركزة على يد رجال الأمن والمقاومة، وأسفرت خلال الأسابيع القليلة الماضية عن اعتقال العشرات من قيادات وعناصر هذه الجماعات، ومداهمة عدد من أوكارها في كل من عدن ولحج وأبين، وضبط كميات كبيرة من المتفجرات والألغام والعبوات الناسفة وتفكيك سيارات كانت معدة لتنفيذ عمليات إرهابية».
بدوره، اتهم العميد ناصر سريع العمبوري، قائد القوات الخاصة بعدن، الخلايا التابعة للمخلوع صالح التي تديرها أجهزة أمنية واستخباراتية موالية له، بالضلوع في التفجير الانتحاري الذي أسفر عن سقوط العشرات من المجندين بين قتيل وجريح. وأكد العميد العمبوري خلال زيارة له إلى مقر التجنيد بحي السنافر بمدينة المنصورة وسط عدن، وذلك بعد ساعات من تعرضه للتفجير بسيارة مفخخة، أن «القوات الأمنية ومعها كل الجنوبيين على استعداد كامل لتقديم قوافل من الشهداء وفاء للمملكة العربية السعودية وشعبها»، على حد قوله. وتبنى تنظيم «داعش» العملية الإرهابية، كما قال التنظيم في بيان نشرته وكالة «أعماق» التابعة له، كما نشر صورة شخص قال إنه منفذ العملية الانتحارية ويدعى «أبو سفيان العدني».
وقال الباحث والمحلل السياسي اليمني باسم الشعبي، إن الهدف من العملية الإرهابية التي شهدتها عدن هو أن «هناك قوى لا تريد أن تكون المناطق المحررة شريكا فاعلا ضمن التحالف العربي»، لافتًا إلا أن «توقيت الحادثة يتزامن مع اقتراب قوات الشرعية من العاصمة صنعاء».
وأكد الشعبي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الخلايا النائمة التابعة للمخلوع علي صالح لا تزال موجودة وتعمل بشكل منظم ومدروس، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن قوات الأمن في عدن بحاجة للتأهيل والتدريب وتغيير قواعد اللعب بين حين وآخر، على حد تعبيره.
وتأتي هذه العملية التي تبناها «داعش»، عقب أقل من 64 ساعة من إعلان شرطة عدن، القبض على خلايا وعناصر إرهابية، قالت الشرطة إنها تقف خلف عمليات الاغتيالات والتفجيرات بالمدينة وتقوم بتصويرها ونسبها لتنظيم «داعش»، «وهي خلايا وجماعات إرهابية تديريها أجهزة أمنية واستخباراتية موالية للمخلوع علي صالح».
وتشهد العاصمة المؤقتة عدن منذ أشهر استبابا أمنيا غير مسبوق بعد تمكن القوات الأمنية عقب حملة عسكرية مدعومة من التحالف، من تطهير عدن ولحج وأبين من الجماعات الإرهابية وتحقيقها انتصارات متوالية في ضبط كثير من عناصر التنظيم الإرهابي ومعامل لصناعة المفخخات والعبوات الناسفة.
وكانت عمليات إرهابية مماثلة قد شهدتها العاصمة المؤقتة عدن قبل أشهر استهدفت مجندين في معسكر رأس عباس بمدينة البريقة شمال عدن، وأخرى استهدفت مستجدين شبابا بحي خور مكسر أمام منزل العميد الصبيحي قائد «اللواء 39 مدرع» بحي خور مكسر قلب عدن، وأسفرت عن سقوط ما يزيد على 150 مجندا بين قتيل وجريح وتبناها حينها تنظيم «داعش».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».