نائب وزير الداخلية اليمني: التمرد يباشر تعيينات مشبوهة في مؤسسات الدولة

تحدث عن محاولات حوثية لإنشاء مؤسساتهم الخاصة استعدادًا لما بعد الهزيمة

نائب وزير الداخلية اليمني: التمرد يباشر تعيينات مشبوهة في مؤسسات الدولة
TT

نائب وزير الداخلية اليمني: التمرد يباشر تعيينات مشبوهة في مؤسسات الدولة

نائب وزير الداخلية اليمني: التمرد يباشر تعيينات مشبوهة في مؤسسات الدولة

قالت وزارة الداخلية اليمنية إن التمرد الحوثي شرع في «عمليات لضخ دماء فاسدة في جسد كثير من مؤسسات الدولة التي تقع تحت سيطرتهم في العاصمة صنعاء»، أهمها وزارة الداخلية الموجودة في صنعاء التي شهدت تعيينات مشبوهة في اليومين الماضيين.
وأوضح العميد ناصر بلخشع، نائب وزير الداخلية اليمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الانقلابيين تعمدوا إحلال عناصر حوثية داخل وزارة الداخلية، مبينًا أنهم يحاولون حاليًا بناء أذرع موالية لهم في مختلف مؤسسات الدولة، لينشئوا مؤسساتهم الخاصة.. لأنهم يستهدفون لمرحلة ما بعد التحرير وعودة الشرعية.
وذهب بلخشع إلى أن التمرد الحوثي يحاول شرعنة الانقلاب على السلطة، من خلال التغلغل في مختلف مؤسسات الدولة، سعيًا للحصول على موقف جيد بعد إنهاء حالة الانقلاب غير الشرعية. وقال إن التمرد باشر أيضًا تحويل اللجان الشعبية إلى حرس جمهوري وأمن مركزي، كما تم تحويل اللجان الثورية إلى حزب سياسي، يعرف حاليًا باسم «أنصار الله».
وأفصح نائب وزير الداخلية عن عدم وجود «أي تنسيق بين حكومة بن دغر، ووزير الداخلية السابق جلال الرويشان الذي تتعامل معه قوى التمرد الحوثي وأتباع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح باعتباره وزير داخلية حتى الآن».
ووصف تصرفات الحوثي بأنها تعمق الخلاف وتصعب الحلول السياسية، كما تصعد الأوضاع العسكرية، إضافة إلى أنها لا تتناسب مع دعوة المجتمع الدولي ودعوة الحكومة الشرعية، للعودة إلى العمل وتحكيم العقل والمنطق والخروج من الحرب إلى السلام.
وبحسب نائب وزير الداخلية، تعتبر الحكومة الشرعية أي إجراء يتخذ من بعد خروج الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي من صنعاء إجراء غير شرعي.
ووصف بلخشع الوضع الأمني للمحافظات المحررة بأنه يتحسن تدريجيًا، رغم قلة وشح الموارد المالية، ورغم التهديدات الصادرة من قبل الانقلابين الذين يحاولون دائمًا ممارسة العدوان العسكري على الشعب اليمني في مختلف المناطق.
ولفت إلى الجهود التي تقوم بها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، من خلال تقديم العون بما يتعلق بالخدمات المختلفة كالكهرباء والصحة والتعليم، مشددًا على أن الفترة الحالية تمثل فترة لتعزيز السلطة المحلية في المناطق المحررة.
وجاءت تصريحات نائب وزير الداخلية اليمني بعد ساعات من إصدار التمرد الحوثي تعيينات في وزارة الداخلية، وهي التعيينات التي وصفت بأنها تمت في نطاق ما يسمى بالشراكة والدمج بين حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يرأسه الرئيس المخلوع وجماعة الحوثي المتمردة على السلطة الشرعية.
وقضت التعيينات الصادرة عن التمرد بتعيين عبد الكريم الخيواني بدرجة مستشار لوزير الداخلية مع منحه رتبة لواء، وتعيين القيادي في جماعة الحوثي إبراهيم المؤيد (أبو حمزة) مشرفًا على وزارة الداخلية على رتبة عميد. وجاءت تلك التعيينات بتوصيات من المفتش العام في وزارة الداخلية اللواء الركن عمر بن حليس.
يشار إلى أن وزير الداخلية اللواء جلال الرويشان الموالي للحوثيين وعلي عبد الله صالح، أصدر توجيهات بإعادة العمل بالتسميات السابقة لعدد من المؤسسات التابعة لوزارة الداخلية، كما كانت عليه في عهد النظام السابق.
وشمل التوجيه إعادة تسمية قوات الأمن المركزي بدلاً من قوات الأمن الخاصة، وشرطة النجدة بدلاً من شرطة الدوريات، وأمن الطرق وشرطة المرور بدلاً من شرطة السير، وتركيب لوحات بهذه الأسماء.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم