تكنولوجيا التعليم.. بين المزايا والتحديات

جدل حول استخدام التطبيقات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي

تكنولوجيا التعليم تهدف لتصميم طرق ووسائل تعليمية تحقق الاستفادة القصوى للطلاب
تكنولوجيا التعليم تهدف لتصميم طرق ووسائل تعليمية تحقق الاستفادة القصوى للطلاب
TT

تكنولوجيا التعليم.. بين المزايا والتحديات

تكنولوجيا التعليم تهدف لتصميم طرق ووسائل تعليمية تحقق الاستفادة القصوى للطلاب
تكنولوجيا التعليم تهدف لتصميم طرق ووسائل تعليمية تحقق الاستفادة القصوى للطلاب

تعتبر أدوات ووسائل واستراتيجية العملية التعليمية من الأمور الفارقة التي تؤدي لرفع المستوى التعليمي حول العالم، وقد تأثرت العملية التعليمية كغيرها من مناحي الحياة المختلفة بدخول التكنولوجيا إليها، خاصة مع ارتباط البيئة التعليمية بالأجهزة الحاسوبية والإنترنت واعتمادها عليها. وحاليًا تجري نقاشات حيوية حول «تكنولوجيا التعليم» (EDTech) بين الخبراء من مختلف أنحاء العالم، وتجد صدى واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي سعيًا لتوظيفها بشكل ملائم في عملية التعلم سواء التعليم الجامعي أو ما قبله.
وتوجد عدة أقسام بالجامعات المصرية والعربية لدراسة تخصص تكنولوجيا التعليم تقدم الكثير من البرامج والمقررات التي تسهم في توعية الطلاب بأهمية توظيف تكنولوجيا التعليم وتدريبهم على مبادئ وأسس تصميم واستخدام وإدارة وتقويم مستحدثات تكنولوجيا التعليم وتغيير الممارسات التربوية بحيث تصبح ممارسات تكنولوجيا التعليم جزءًا لا يتجزأ من عمليات التعليم والتعلم. ولكن كيف يمكن أن يساهم هذا التخصص الحيوي في حل مشكلات التعليم في العالم العربي؟
* ثورة تعليمية في الدول العربية
فعلى الرغم من أن هذا التخصص العلمي موجود في مصر والعالم العربي منذ نهاية الثمانينات ووجود جمعية رسمية مشهرة «الجمعية المصرية لتكنولوجيا التعليم» فإنه لا تزال العملية التعليمية تشوبها بعض الإخفاقات في التخلص من عيوب التلقين والحفظ والمعرفة السطحية في مجال التخصص والفجوة بين المواد التعليمية والممارسة العملية في سوق العمل، والتي يعاني منها أغلب خريجي الجامعات في العالم العربي.
تقول د.مها بالي، أستاذ ممارس مساعد بمركز التعلم والتدريس بالجامعة الأميركية بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «تكنولوجيا التعليم ليست تخصصًا علميًا بالمعنى المتعارف عليه له مواد تدرس، ولا ترتبط بشكل أساسي بتكنولوجيا المعلومات، وليس من الضروري التمكن من تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسب، ولكنها تقوم بشكل أساسي على ابتكار تصميم للبيئة التعليمية بشكل خلاق من خلال توظيف كل الإمكانات المتاحة للمعلم أو الأستاذ الجامعي لتوصيل المعلومات للطالب والتأكد من تحقيق أكبر قدر من الاستفادة للطالب، عبر توظيف علوم التربية وعلم النفس وغيرها في تصميم الوسائط التعليمية المتعددة وإنتاجها، واستخدامها، وتطويرها، وتقويمها. ومع دخول التكنولوجيا كان من المهم جدًا للمتخصصين في تكنولوجيا التعليم توظيفها والاستعانة بها».
وتوضح: «مهمة المتخصص في تكنولوجيا التعليم هي كمهمة الاستشاري الذي يقوم بتصميم طريقة التدريس للمعلم أو الأستاذ الجامعي بمعنى أدق (استشاري للأستاذ الجامعي)، حيث نعقد مع الأساتذة اجتماعات لتحديد الهدف من المادة التي يدرسها، وما الذي يريد أن يعلمه للطلاب، وكيف سيعرف أنهم استفادوا من المادة أم لا؟ ثم نحدد الشكل والأدوات التي يود استخدامها في سبيل ذلك، فإذا كان لديه مقترح بتوظيف تطبيق إلكتروني مثلا ((App أو يود توظيف خدمات (غوغل) التعليمية أو غيرها، فأإننا نساعده ونرشده إذا كانت حقا ستفيده في تحقيق هدفه في تدريس المادة أو لا». وتضيف: «بالجامعة الأميركية بالقاهرة لا يوجد قسم لتدريس هذا التخصص، لكن يقوم مركز التعلم والتدريس بهذه المهمة لمساعدة الطلاب والأساتذة لتحقيق الاستفادة القصوى من العملية التعليمية».
* حلقات تعليمية على وسائل التواصل الاجتماعي
تقوم د. مها بالي بعقد مناقشات حية على الإنترنت مع كبار الخبراء في مجال التعليم الجامعي حول العالم، كما أنها تعقد مؤتمرات «أونلاين» وتنظيم ورش عمل لتبادل الخبرات في مجال تكنولوجيا التعليم. وحول أهمية ذلك تقول: «في الحقيقة من المهم جدا التواصل مع المهتمين بمجال تكنولوجيا التعليم لمتابعة ما يحدث في العالم، كما نطلع على تطبيقات تكنولوجيا التعليم في المجالات المختلفة في الهندسة والتاريخ والعلوم الإنسانية وغيرها، ومحاولة التعرف على المميزات والعيوب التي يواجهها الآخرون عند تطبيق أسلوب أو طريقة ما أو حتى الاستعانة بتطبيق إلكتروني ما، فنناقش معًا كل ذلك ونخرج بنتائج تفيد الطلاب وتحسن من استيعابهم الدراسي، فنحن نسعى لتوظيف كل العناصر البشرية وغير البشرية في مجالي التعليم والتعلم لمعالجة المشكلات بهدف تحسين كفاءة التعليم وزيادة فعاليته».
وتضرب بالي مثالا عمليا: «مؤخرا كنا نناقش مع خبراء من أميركا وكندا تطبيقًا إلكترونيًا جديدًا يسمى (Vialoge) وهو تطبيق يستخدمه المنخرطون من عملية التعليم عن بعد أو عبر الإنترنت، وهو يتيح للمعلم البث الحي للفيديو عبر الإنترنت ويمكن للطلاب المتابعين أن يقوموا بالتعليق على دقيقة معينة أثناء البث، فيمكن للمعلم هنا أن يعرف الجزئية التي لم يستوعبها الطلاب جيدا أو أنها تحتاج لمزيد من الإيضاح. ولكن هناك بعض المعوقات التي قابلت مستخدمي هذا التطبيق وهي تتعلق بسرعة الإنترنت التي تختلف من دولة لدولة، ونوعية الأجهزة التي تستخدم سواء (موبايل) أو (حاسب لوحي) وغيرها أو عدم تحميل الفيديو وظهوره لكل الطلاب المستخدمين وغيرها من الأمور التقنية التي تعيق العملية التعليمية».
وتضيف: «هناك رغبة على نطاق واسع من الأساتذة في الاستفادة من مواقع (تويتر) و(فيسبوك) وغيرها في العملية التعليمية لخلق جماعات دراسية افتراضية، لكن كيفية تفعليها ومتابعتها وسعي الطلاب وراء المعلومات هو ما يخلق الفارق ويحدد مدى الاستفادة من هذه الوسائل».
ومن الإشكاليات التي تواجه تكنولوجيا التعليم واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في التعلم، هي عوامل: إهدار الوقت والتشتت والسطحية، فهل سيفيد الطالب تصفحه «فيسبوك» حتى لو كان بغرض النقاش داخل المجموعة الدراسية (group) أم أنه سوف يتشتت بفعل وجود أصدقاء له من خارج نطاق تخصصه العلمي؟ وهل من الأفضل أن يقوم بالبحث والنقاش عبر «فيسبوك» أم البحث في المراجع حيث يستفيد بوقته كاملا في ذلك؟، بدلا من البحث عبر الإنترنت وظهور تنبيهات من التطبيقات التي يستخدمها تشتت استيعابه العلمي.
وتشير بالي إلى نقطة هامة ألا وهي أنه لا بد من الأخذ في الاعتبار الوسيلة التي يستعين بها الطالب فهل هي كومبيوتر ثابت، أو محمول، وهل هو خاص به وحده يمكنه الاستعانة به في أي وقت أو أنه يجب أن ينتظر أن يستغني عنه أفراد أسرته لكي يستعين به في الدراسة، وهي مشكلة تواجه المتعلمين في المدارس المصرية الحكومية.
* محو الأمية التكنولوجية
ولا تكتمل مهمة خبير تكنولوجيا التعليم دون تقييم كيفية سير العملية التعليمية ومدى استفادة الطلاب، وعن كيفية تحقيق ذلك توضح بالي: «نستعين بأكثر من طريقة للتقييم أولها وأيسرها هو سؤال الطالب نفسه عبر مقابلة يتحدد فيها مدى رضاه عن طريقة التعليم واستفادته منها، وثانيا: نقوم بتقييم الأوراق العلمية للطلاب على مدار فترة دراسته للمادة، ونقيم مدى تقدمه أو تأخره، فضلا عن إجراء مسح بحثي لاستطلاع آراء الطلاب وتقييم ذلك بشكل علمي وإحصائي».
وفي ظل التحولات التكنولوجية المتلاحقة تظهر عدة معوقات وتحديات تواجه الخبراء في تكنولوجيا التعليم، تؤكد بالي: «لا توجد لدينا مشكلة في متابعة مستجدات العملية التعليمية في العالم، بل بالعكس نحن مواكبون لها، وإنما المشكلة تكمن في الفارق بين الأجيال فنحن نتعامل مع أساتذة اعتادوا على تطبيق أسلوب تدريس معين لسنوات طويلة، وحتى نساعدهم على تطبيق أسلوب جديد يتطلب الأمر بعض الوقت، وما إن يبدأوا بالتطبيق ويعتادوا عليه، إلا ونجد هناك أساليب أحدث وطرق ووسائل جديدة أفضل، وهذا ما يمثل التحدي الأكبر أمامنا».
وحول أثر استعانة خبراء تكنولوجيا التعليم بوسائل التعليم الافتراضي والتعلم عن بعد واستخدام الموبايل في البحث والتعلم، تلفت بالي: «لا يمكن تقييم استخدامات التكنولوجيا بشكل عام لأنها تعتمد على كيفية تطبيقها والاستفادة منها، فإذا لم يكن للطالب الرغبة والإرادة في التعلم والاستفادة القصوى فلن تجدي الوسائل التكنولوجية، كما أن أسلوب المعلم وطريقة تدريسه وتكليفه للطلاب بالبحث عن المعلومات لها دور كبير في تحديد ذلك».
تقول بالي بتفاؤل شديد: «الأجيال الجديدة لن تكون لديها مشكلة في تقبل التحولات التكنولوجية وتوظيفها في التعليم، ولكن من المهم أن نسعى في الوطن العربي لمحو الأمية التكنولوجية وعدم الاكتفاء بالاستخدام السطحي للتطبيقات والأجهزة الإلكترونية».



جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل
TT

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

تعد جامعة أوكلاند أكبر جامعة في نيوزلندا، وتقع في مدينة أوكلاند. وتأسست الجامعة في عام 1883 بصفتها هيئة تأسيسية تابعة لجامعة نيوزيلندا، وتتكون الجامعة من ثماني كليات موزعة على ستة أفرع، ويبلغ عدد الطلاب نحو 40 ألفا.
وكانت الجامعة تجري القليل من الأبحاث حتى ثلاثينات القرن الماضي، عندما ازداد الاهتمام بالأبحاث الأكاديمية خلال فترة الكساد الاقتصادي. وعند هذه المرحلة، أصدر المجلس التنفيذي للكلية عددا من القرارات التي تتعلق بالحرية الأكاديمية بعد الإقالة المثيرة للجدل للمؤرخ النيوزيلندي جون بيغلهول (ويقال إن سبب الإقالة خطاب أرسله إلى إحدى الصحف يدافع فيه عن حق الشيوعيين في نشر آدابهم في المجال العام)، الأمر الذي ساعد في تشجيع نمو الكلية وأبحاثها.
وافتتحت الملكة إليزابيث الثانية مبنى كلية الطب الجديدة في غرافتون بتاريخ 24 مارس (آذار) من عام 1970.
وفي مايو (أيار) لعام 2013 ابتاعت الجامعة موقعا تبلغ مساحته 5 أفدنة لصالح حرم الجامعة بالقرب من منطقة المال والأعمال الرئيسية في نيوماركت. وسوف يوفر الموقع المشترى للجامعة إمكانية التوسع على مدى الخمسين عاما المقبلة مع كلية الهندسة التي تتخذ مكانها بصفتها أولى كليات الحرم الجامعي الجديد اعتبارا من عام 2014. وتعتبر جامعة أوكلاند من أفضل الجامعات في نيوزيلندا، وفقا لآخر إصدار من تقرير التصنيفات الجامعية العالمية.
ولقد هبطت مرتبة الجامعة درجة واحدة فقط على الصعيد العالمي في العام الماضي، وهي تحتل الآن المرتبة 82 بين أفضل جامعات العالم، لكنها تعتبر الأفضل في البلاد رغم ذلك.
ومن بين مؤشرات التصنيف الجامعية الستة والمستخدمة في تقييم الجامعات العالمية، أحرزت جامعة أوكلاند أعلى الدرجات من حيث السمعة الأكاديمية التي تحتل الجامعة بسببها المرتبة 56 على العالم.
ويأتي هذا الترتيب نتيجة للأداء القوي للجامعة على مؤشر التصنيفات الجامعية العالمية لعام 2017، حيث حازت على مرتبة مميزة بين أفضل عشرين جامعة في العالم بالنسبة لعلوم الآثار والتعليم.
كان روجر كيرتس غرين، البروفسور الفخري لعصور ما قبل التاريخ، وحتى وفاته في عام 2009 من أقدم أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وهو الحاصل على درجة البكالوريوس من جامعة نيومكسيكو، ودرجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وزميل الجمعية الملكية في نيوزيلندا. ولقد كان عضوا في هيئة التدريس من عام 1961 حتى 1966، ثم من عام 1973 حتى وفاته، وعضو هيئة التدريس الأطول من حيث سنوات الخدمة وغير المتقاعد هو برنارد براون الحائز على وسام الاستحقاق النيوزيلندي، ودرجة البكالوريوس في القانون من جامعة ليدز، ودرجة الماجستير (التخصص) في القانون من جامعة سنغافورة. ولقد كان محاضرا متفرغا في كلية الحقوق بالجامعة من عام 1962 حتى 1965، ثم من عام 1969 فصاعدا، أما ويليام فيليبس، وهو من أبرز خبراء الاقتصاد المؤثرين والمعروف بمنحنى فيليبس الشهير، فقد كان يدرس في الجامعة من عام 1969 حتى وفاته في عام 1975، وعكف روبرت جنتلمان وروس إيهاكا في تسعينات القرن الماضي على تطوير لغة «R» للبرمجة الحاسوبية في الجامعة، التي تستخدم على نطاق واسع من قبل علماء الإحصاء والبيانات.