بعد مرور ثلاث سنوات على «أبينومكس».. اليابان ما زالت تواجه الانكماش

3.9 % خسائر فصلية في صندوق التقاعد الياباني

يزداد الوضع الاقتصادي الياباني تعقيدًا خاصةً في ظل ارتفاع الين ومواجهة معدلات النمو الضعيفة (رويترز)
يزداد الوضع الاقتصادي الياباني تعقيدًا خاصةً في ظل ارتفاع الين ومواجهة معدلات النمو الضعيفة (رويترز)
TT

بعد مرور ثلاث سنوات على «أبينومكس».. اليابان ما زالت تواجه الانكماش

يزداد الوضع الاقتصادي الياباني تعقيدًا خاصةً في ظل ارتفاع الين ومواجهة معدلات النمو الضعيفة (رويترز)
يزداد الوضع الاقتصادي الياباني تعقيدًا خاصةً في ظل ارتفاع الين ومواجهة معدلات النمو الضعيفة (رويترز)

في الوقت الذي يعد فيه التحدي الاقتصادي الأكبر في عصرنا الحالي، هو سياسات ضبط المحفزات النقدية والمالية، تبرز اليابان باعتبارها أول من احتلت صفوف المحاولين خلال السنوات التي أعقبت الأزمة المالية العالمية دون أن ترى كثيرا في المقابل، فقد مرت ثلاث سنوات على برنامج الإصلاح الاقتصادي الياباني «أبينومكس»، وما زال الركود يلتهم ثالث أكبر اقتصاد في العالم، ويكافح واضعو السياسات المالية لدرء المخاطر الخارجية ولتغير دفة الانكماش على مدار السنوات القليلة الماضية.
فمنذ طرح رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لخطة الأبينومكس ومع ارتفاع الآمال مع سياسة الإنفاق الكبيرة التي تقوم بها الحكومة، يزداد الوضع الاقتصادي تعقيدا خاصة في ظل ارتفاع سعر الين ومواجهة معدلات النمو الضعيفة. وفي الوقت الذي تعتمد فيه البلاد إلى حد كبير على التحفيز الحكومي، توقف الاقتصاد الياباني في الربع الثاني وسط تراجع الصادرات، الأمر الذي كان له أثر سلبي على الاستثمارات في البلاد.
وقال صندوق المعاشات الحكومية في اليابان وهو أكبر صندوق تقاعد في العالم، إنه خسر ما يقرب من 52 مليار دولار (5.2 تريليون ين) في الربع الأخير من إجمالي قيمة الصندوق والتي تبلغ 1.3 تريليون دولار، أي بنحو 3.9 في المائة، والتي أعقبت خسارة فصلية بنحو 3.52 في المائة في الربع المنتهي في مارس (آذار) الماضي، ليشهد أسوأ أداء سنوي منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
وفسر محللون هذا بأن الخسائر كانت نتيجة لتعثر الأسهم المحلية وارتفاع قيمة العملة المحلية التي تؤثر على قيمة الأصول في الخارج، حيث استثمر الصندوق ما يقرب من 21 في المائة من استثماراته في الأسهم المحلية بنهاية يونيو (حزيران) الماضي، و39 في المائة في السندات المحلية و13 في المائة في الديون الخارجية.
وقال شينيتسيرو موري مسؤول شركة «غي بي آي إف» المسؤولة عن استثمارات الصندوق، في مؤتمر صحافي أول من أمس الجمعة: «توقعاتنا لعوائد هذا الربع أكثر إيجابية بعد ارتفاع مؤشر توبكس 3.4 في المائة منذ بداية يوليو (تموز) الماضي».
وأضاف موري أن قرار المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي كانت مفاجئة للسوق، فالأسهم على وشك الارتداد، ومع ذلك فإن الين يستمر في التداول بشكل مستقر أمام الدولار «لذلك نراقب بحذر» بحسب موري. وقال صندوق النقد الدولي في مذكرة صدرت في وقت سابق هذا العام، إن فقدان نمو العمالة غير المنتظم في اليابان من العوامل الرئيسية التي تضغط باستمرار على الأجور، وأقر الصندوق بمحاولات الحكومة بمعالجة المشكلات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، لكن الصندوق يؤكد أن الأمر يحتاج أكثر من ذلك بكثير وسوف يستغرق وقتا طويلا لظهور أي نتائج. وفي الوقت ذاته لا تزال التدابير النقدية والمالية في صراع للحفاظ على النمو الاقتصادي الذي يعكس مجموعة من العوامل التي لا يمكن علاجها عن طريق مزيد من الحوافز النقدية والمالية، بما في ذلك التركيبة السكنية وعدم وجود سياسات واضحة للهجرة إضافة إلى القوانين الاقتصادية والتنظيمية والممارسات التي تحول دون التوسع.
وقالت الحكومة اليابانية يوم الجمعة الماضي، إن أسعار المستهلكين في اليابان والذي يستثني أسعار الأغذية المتقلبة، لكن يشمل منتجات النفط التي تراجعت بنسبة 0.5 في المائة بأكبر وتيرة في أكثر من ثلاث سنوات في يوليو الماضي، مع اتجاه مزيد من الشركات إلى إرجاء زيادة الأسعار بسبب ضعف الاستهلاك، وهو ما جعل البنك المركزي تحت ضغط لتوسيع برنامجه التحفيزي الضخم بالفعل، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، في تراجع للشهر الخامس على التوالي رغم إجراءات التيسير النقدي.
وتتجاوز هذه القراءة متوسط توقعات بهبوط نسبته 0.4 في المائة كما يقابلها انخفاض نسبته 0.4 في المائة أيضا في يونيو الماضي.
ولم تتغير القراءة في يوليو عن شهر يونيو، حيث أظهرت مجددا أن الاقتصاد الياباني عاد مجددا إلى الانكماش وسط تراجع أسعار الطاقة. كما كانت القراءة بعيدة عن المستوى المستهدف للتضخم والبالغ اثنين في المائة والذي حدده بنك اليابان منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وكانت اليابان قد اتخذت إجراءات التيسير النقدي للتغلب على الانكماش المزمن في أبريل (نيسان) عام 2013. بعد أربعة أشهر من تولي شينزو آبي رئاسة الحكومة، وقرر البنك المركزي الياباني في يناير (كانون الثاني) الماضي اعتماد أسعار فائدة سلبية للمرة الأولى على الإطلاق لتنشيط ثالث أكبر اقتصاد في العالم.
وتعزز البيانات القاتمة الرأي السائد في السوق والذي يقول إن برامج التحفيز الاقتصادي التي تبناها رئيس الوزراء شينزو آبي لم تنجح في التخلص من الاتجاه الانكماشي السائد بين الشركات والمستهلكين.
وبينما كان هبوط أسعار الطاقة السبب الأساسي وراء هبوط أسعار المستهلكين، تباطأت زيادة أسعار الأغذية المستوردة والغرف الفندقية في علامة على أن ضعف الاستهلاك يثني الشركات عن رفع الأسعار، كما تسبب ارتفاع الين في انخفاض تكلفة الاستيراد بما لم يترك مبررات تذكر لتجار التجزئة لرفع أسعار سلعهم.
وأظهر مؤشر منفصل لبنك اليابان المركزي يستثني أثر أسعار الأغذية الطازجة والطاقة ارتفاع أسعار المستهلكين 0.5 في المائة في السنة التي انتهت في يوليو مقارنة مع زيادة سنوية نسبتها 0.7 في المائة في الشهر السابق.
ومنذ وعد رئيس الوزراء الياباني بإصلاحات بنيوية لإعادة الانتعاش الاقتصادي يواجه الاقتصاد الياباني في الوقت الراهن تراجعا ديموغرافيا، لكن إجمالي الناتج المحلي - فصلا بعد آخر - يتراوح بين الانكماش والنمو الضئيل.
ومن المتوقع صدور نتائج تقييم الاقتصاد الكلي الياباني خلال الاجتماع المقبل للبنك المركزي، في سبتمبر (أيلول) المقبل، ويرى كثير من الخبراء الاقتصاديين أن ذلك قد يفتح الطريق أمام تدابير جديدة.



«بنك اليابان» يركز على المخاطر لرفع أسعار الفائدة

محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي سابق بالعاصمة طوكيو (رويترز)
محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي سابق بالعاصمة طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» يركز على المخاطر لرفع أسعار الفائدة

محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي سابق بالعاصمة طوكيو (رويترز)
محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي سابق بالعاصمة طوكيو (رويترز)

قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا، يوم الاثنين، إن البنك المركزي سيرفع أسعار الفائدة أكثر، إذا استمر الاقتصاد في التحسن، رغم أنه أكد الحاجة للنظر في مخاطر مختلفة عند تحديد موعد رفع الفائدة.

واستشهد أويدا، الشهر الماضي، بعدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وتوقعات الأجور المحلية في اليابان بوصفها أسباباً لتأجيل رفع أسعار الفائدة.

وقال بنك اليابان مراراً إن الزيادات المستدامة في الأجور على نطاق واسع تشكل شرطاً مسبقاً لدفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع، وتعهَّد رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، يوم الاثنين، باتخاذ خطوات لتعزيز الحد الأدنى للأجور في اليابان وزيادة الاستهلاك.

وقال إيشيبا، في مؤتمر صحافي: «خلال فترة الانكماش في اليابان، عززت الشركات أرباحها واستثماراتها الخارجية. لكن الاستثمار المحلي والاستهلاك افتقرا إلى الزخم. ونحن نرى أخيراً بعض العلامات المشرقة للتغيير».

وقال أويدا إنه يأمل أن يستمر الزخم الذي تحقَّق، العام الماضي، نحو تحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة، الذي حدده البنك المركزي بشكل مستدام في عام 2025. وأضاف، في تصريحات أدلى بها خلال حدث بمناسبة رأس السنة الجديدة: «إذا استمرت الظروف الاقتصادية والأسعار في التحسن، فسوف يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة وفقاً لذلك». وأضاف: «إن توقيت تعديل درجة الدعم النقدي سوف يعتمد على التطورات الاقتصادية والمالية والأسعار في المستقبل، كما يتعين علينا أن نكون يقظين في مواجهة المخاطر المختلفة».

وبعد إنهاء التحفيز النقدي الضخم ورفع أسعار الفائدة إلى 0.25 في المائة، العام الماضي، أبقى بنك اليابان الأسواق في حيرة بشأن موعد رفع أسعار الفائدة مرة أخرى. وفي حين يراهن بعض المستثمرين على اجتماع البنك، في 23 و24 يناير (كانون الثاني) الحالي، يرى آخرون فرصة أقوى لشهر مارس (آذار) أو ما بعده.

وارتفع عائد سندات الحكومة اليابانية القياسية لأجل عشر سنوات 3.5 نقطة أساس إلى 1.125 في المائة، يوم الاثنين، وهو أعلى مستوى في 13 عاماً ونصف العام، ويرجع ذلك جزئياً إلى التوقعات المتزايدة برفع أسعار الفائدة في الأمد القريب.

ويتوقف هذا على ما إذا كانت الشركات اليابانية، التي عرضت أكبر زيادة في الأجور خلال ثلاثة عقود، في عام 2024، ستُواصل تقديم زيادات كبيرة في الأجور، على الرغم من تباطؤ الطلب العالمي، وتهديدات ترمب بفرض تعريفات جمركية أعلى.

ويقوم عدد من الشركات الكبرى بتسوية مفاوضات الأجور السنوية في مارس، رغم أن أويدا قال إن بنك اليابان لا يحتاج بالضرورة إلى الانتظار حتى ذلك الحين لاتخاذ خطوة.

وقد يقدم تقرير البنك المركزي ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية في اليابان، والمقرر صدوره يوم الخميس المقبل، نظرة ثاقبة على وجهة نظر البنك بشأن زيادات الأجور، في حين قد يلمح نائب المحافظ ريوزو هيمينو إلى توقيت رفع أسعار الفائدة، في خطاب ومؤتمر صحافي في 14 يناير.