تطول لائحة المطاعم التي تنتشر في منطقة مار مخايل الواقعة وسط بيروت. وعندما تزور هذا الشارع العريق لا بدّ أن يلفتك من بعيد مطعم «برون» لجلسته الدافئة والأجواء الشبابية السائدة فيه. فهنا ستلتقي بالعراقة والحداثة معا، وتشعر بهما يغمرانك بكلّ تفصيل من تفاصيل ديكوراته المتمازجة، والتي ستستغرق وقتا لتستطيع إحصاءها جميعا.
ميزة هذا المطعم والذي يعني اسمه (Prune) فاكهة البرقوق أو «الخوخ» كما يسمى في لبنان، هي في قدرته على الجمع ما بين المهمّ والممتع معا تحت سقف واحد. ففيه تعيش أجواء باريسية وتتناول أطباقا عالمية ذات جودة عالية، كما تمضي وقتًا مسليًا تتمنى في أثنائه ألا ينتهي بسرعة.
* «برون» قصّة مطعم لا تشبه غيرها
يجذبك هذا المطعم منذ اللحظة الأولى لزيارته، فهو رغم الحداثة التي يتحلّى بها يلتزم بعناصر الأصالة اللبنانية إن بالخدمة التي يقدّمها أو بالهوية التي يحملها. فأرضيته من بلاط الموزاييك تخبرك عن تاريخه الذي حوّله من جراج لميكانيكي، إلى مطعم فاخر يقع في كنف ديكورات قبو دافئ. أبقى صاحب المطعم على طابعه هذا بعد أن لوّنه بديكورات حديثة تمثّلت بمصابيح إنارة ضخمة تتدلّى من حيطانه، وتحمل بأقمشتها وأحجامها الكبيرة نفحة باريسية بامتياز. فأضواؤها الخافتة تنعكس على مشهدية متنوّعة، بحيث تغمر جدرانه المطليّة بالأصفر الفاهي مرات، وتضعك مرات أخرى وجها لوجه أمام ثلاث لوحات فوتوغرافية بالأبيض والأسود من حقبة الثلاثينات. وهذه الصور هي عبارة عن ملصقات ضخمة لمجموعات من الناس تراهم يحدّقون بك تارة، ويشاركونك متعة تذوّق الطعام على طريقتهم تارة أخرى. ولعلّ تطعيم ديكورات المطعم بأشكال الحديد المطوّع (fer forge) المنتشرة على طول درجات سلّم يوصلك إلى الطابق الأعلى منه، حيث توجد صالات الحمام تزوّد المطعم بهندسة داخلية أنيقة لا تشبه غيرها.
* «برون» مطعم صغير ذو قلب كبير
لا يتّسع مطعم «برون» لأكثر من ستين شخصا، ولعلّ ذلك هو ما ساهم في الحفاظ على شريحة معيّنة من الزبائن، اعتادت أن تقصده في كلّ مرة رغبت في أن تستمتع بتذوّق أطباق فرنسية شهيرة وغيرها من مطابخ عالمية في جوّ حميم.
كما أن العلاقة الوطيدة التي تربط ما بين الزبون وهذا المكان تحكمها مشاعر عدّة، لا ترتكز على الأطباق اللذيذة فحسب، بل أيضًا على دماثة خلق فريق العاملين فيه. فهم يغمرونك باللطف البالغ وبالخدمة ذات المستوى العالي، فيخيّل إليك أنك ضيف في منزلك. أما الموسيقى الهادئة التي تخيّم على الأجواء عامة والأغاني الفرنسية الصادحة بين وقت وآخر، والدردشات الخافتة الدائرة بين روّاده، تشعرك دون شكّ بأنك على مرمى حجر من باريس، التي تتميّز مقاهيها ومطاعمها بأجواء مماثلة.
*في «برون» لائحة طعام غنيّة تقدّم إليك عل طبق من البرقوق
لائحة الطعام الخاصة بمطعم «برون» تتغيّر كلّ ستة أشهر. فهي دسمة ملائمة لأجواء الشتاء حينا، وخفيفة على المعدة في موسم الصيف. وتتألف هذه اللائحة من أربعة أقسام لتشمل المقبلات والسلطات والأطباق الأساسية والحلويات.
في قسم المقبلات تجد جبنة الـ«مانشيغو» الإسبانية المتبّلة بزيت الكمأة، وكذلك الـ«بوراتينا» (نوع من الجبن الإيطالي) مع البندورة الكرزية والحبق. كما في استطاعتك في هذا الجزء من لائحة الطعام أن تتذوّق «تارتار» لحم البقر على قطعة خبز مقرمشة (توست)، وشرائح اللحم الطازجة على طريقة الـ«كارباتشيو» مع الإخطبوط، وأيضًا قطع الشمندر مع الأفوكادو المهروس على الخبز المقرمش.
وفي قسم السلطات ستحبّ خليط الروكا مع الخرشوف الطازج وقطع التفاح، وكذلك الفريكة مع الدجاج والسبانخ. ومن السلطات الأخرى التي ستستمتع بتذوقها الكيناوا الحمراء مع الربيان وفاكهة الغريبفروت.
في مطعم «برون» سيكون لديك الفرصة لتذوّق أطباق يقترحها عليك الشيف، بعد أن يتم تدوينها على لوح يتوسط المطعم أسبوعيا. فأحيانا تتسّم هذه الأطباق بالخروج عن المألوف، فتكون إيطالية أو فرنسية، وذلك في محاولة للتجديد وابتكار الفرق بين أطباق الأسبوع المقدمة عادة في المطعم. فعليك حينها أن تطلب مثلا طبق المعكرونة (لانغويني) المحضّر مع ثلاثة أنواع من الفطر دون صلصات دسمة، أو فيليه سمك (انغوس) الأسود مع البهارات والبطاطس. ومن لائحة الطعام سيكون لديك خيارات أكبر مع قطع اللحم (اسكالوب) المطبوخة على الطريقة الفرنسية و«إنتركوت» المشوية مع صلصة (شيميشوري) والهمبرغر بخلطة «برون» الخاصة بالمطعم، وطبق الدجاج اللذيذ والمطهي مع فاكهة «الخوخ».
أطباق كثيرة وكثيرة تستطيع أن تختارها في جلستك في «برون»، والأهم أنك لن تشعر بالتخمة أو بعسر الهضم عند تناولك لها، لأنها حضّرت بمكونات طازجة وبصلصلات خفيفة تتلاءم وكلّ موسم.
أما وقت تناول الحلوى فلا يجب أن تفوّت تذوّق (بان روتروفيه)، وهي نوع حلوى مشهورة في فرنسا ويتألّف من قطعة خبز أفرنجي مغطّسة بالكراميلا يرافقها قطعة من مثلجات الفانيليا أو اللوز. ومن أطباق الحلوى اللذيذة التي تقدّم في «برون» (التيراميسو) المحضّر على طريقة ربّة المنزل، وكعكة «تشيز كيك» و«البوبكورن» مع الكاراميل وآيس كريم الكراميل المملّح وصلصة الشوكولا.
جلسة تناول الطعام في «برون» ستقترحها على أصدقائك، في كلّ مرة تزور فيها شارع مار مخايل في منطقة الأشرفية. صحيح أن الحيرة ستجتاحك للخيارات الكثيرة التي تطالعك في مجال اسم المطعم الذي يمكنك أن تقصده في ذلك الشارع، إلا أن «برون» سيكون خير عنوان لجلسات رومانسية وعملية وعائلية في آن، نظرا لأجوائه الحميمية والحلوة تماما كطعم «الخوخ» اللذيذ الذي يشير إليه اسمه.
مطعم الاسبوع: «برون».. دردشات لبنانية في أجواء باريسية
بيسترو فرنسي يقدّم المطبخ العالمي على طبق من «الخوخ»
مطعم الاسبوع: «برون».. دردشات لبنانية في أجواء باريسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة