الأزهر: التطرف سببه انحراف التعليم الإسلامي عن صحيح مذهب أهل السنة

الطيب التقى رئيس الشيشان وبرأ الإسلام من تصرفات الجماعات التكفيرية

الرئيس الشيشاني يلتقي شيخ الأزهر («الشرق الأوسط»)
الرئيس الشيشاني يلتقي شيخ الأزهر («الشرق الأوسط»)
TT

الأزهر: التطرف سببه انحراف التعليم الإسلامي عن صحيح مذهب أهل السنة

الرئيس الشيشاني يلتقي شيخ الأزهر («الشرق الأوسط»)
الرئيس الشيشاني يلتقي شيخ الأزهر («الشرق الأوسط»)

في كلمة للأمة الإسلامية والعالم الغربي، برأ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين «أهل السنة والجماعة»، الإسلام من تصرفات الجماعات التكفيرية البشعة المنكرة لا تمت إلى «أهل السنة» بأدنى سبب، وقال الطيب إن «التكفير هو بريد الدماء ومبرر إراقتها عند من يسفكون دماء المسلمين من جماعات العنف، ويزعمون أنهم يقاتلون الكفار».
بينما قال مصدر مطلع بمشيخة الأزهر في القاهرة إن «الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف أشار خلال لقائه الدكتور الطيب ووفدا من الأزهر للمشاركة في مؤتمر (من هم أهل السنة والجماعة)، إلى أن بلاده بذلت جهودا كبيرة لمواجهة الأفكار المتطرفة الدخيلة على الشعب الشيشاني وتمكنت من القضاء عليها»، مؤكدا أن «زيارة شيخ الأزهر ستعزز هذه الجهود وترسخ منهج الوسطية الذي يسير عليه شعب الشيشان».
ويرى مراقبون أن «المخاوف تزاد كل يوم في العالم العربي والغربي من تفوق القدرات القتالية للتنظيمات المتطرفة وخاصة تنظيم داعش الإرهابي، الذي يستغل النصوص الدينية في القتل والترويع وإلصاق تهم الإرهاب بالإسلام والمسلمين، والإسلام من أفعال عناصره براء».
وأكد الطيب أن «أهم أسباب التطرف الذي تشهده الأمة هو انحراف التعليم الإسلامي عن صحيح مذهب أهل السنة بتقديم نموذج مشوه، تم اجتذاب قطاع عريض من الشباب له وإغراؤهم به»، مؤكدا أن الدواء لهذه الظاهرة هو العودة إلى التعليم الصحيح على مذهب أهل السنة والجماعة، الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته وسلفه الصالح.
وكان الرئيس الشيشاني قد التقى شيخ الأزهر، وقال المصدر المطلع في مشيخة الأزهر بالقاهرة، إن «الرئيس قاديروف حرص على استقبال الطيب في المطار، ورافقه إلى القصر الرئاسي بالعاصمة الشيشانية جروزني.. مما يدل على تقدير الشيشان لمصر والعالم الإسلامي في موقفه من محاربة الإرهاب والتطرف في العالم».
وألقى شيخ الأزهر كلمة للأمة، أمس، في افتتاح فعاليات مؤتمر «من هم أهل السنة والجماعة.. بيان وتوصيف لمنهج أهل السنة والجماعة اعتقادا وفقها وسلوكا وأثر الانحراف عنه عن الواقع» بجروزني، وذلك في حضور ما يقرب من 200 عالم ومفتٍ من علماء الأمة من مختلف أنحاء العالم.
وقال الرئيس الشيشاني إن «الشعب الشيشاني متمسك بمنهج أهل السنة والجماعة الذي هو منهج الأزهر»، مضيفا أن الأزهر هو الذي حافظ على هذا المنهج، وهو الذي يقوم بتدريسه وهو ما جعله حصن الأمة الحصين في مواجهة التطرف لأكثر من ألف عام.
وعبر رئيس الشيشان عن بالغ سعادته بزيارة وفد الأزهر لبلاده، مؤكدا أن «شيخ الأزهر شخصية لها ثقل كبير في العالم الإسلامي؛ ولذلك كان شعب الشيشان وجميع مسلمي روسيا في انتظار زيارته التاريخية لبلادهم».
وتتوعد جماعات العنف والتكفير جميع دول العالم المسلمة والغربية بشكل متكرر، بهجمات وتفجيرات، وأعلنت السلطات الروسية مؤخرا عن مقتل شرطي وإصابة عنصرين في الأمن عقب هجوم مسلح تبناه تنظيم داعش الإرهابي.
ويعد عمر الشيشاني أحد القادة الأكثر بطشا في تنظيم داعش المتطرف الذي يستولى على أجزاء واسعة من أراضي العراق وسوريا، لتأسيس «دولة الخلافة المزعومة»، ويقول مراقبون إن متطرفين آخرين غير عمر الشيشاني تمرسوا على الحرب في الشيشان، وذهبوا للقتال في سوريا مع «داعش».
ويقول المراقبون إن «التقارب المصري الشيشاني من شأنه تخفيف حدة (ظاهرة الإسلاموفوبيا) في الغرب، التي انتشرت بشكل كبير بعد أحداث باريس وبروكسل وأميركا، التي دفعت بعض العناصر المتطرفة في أوروبا، إلى استغلال هذه الأحداث، وإلصاق تهم الإرهاب والعنف بالإسلام والمسلمين، وبدأوا في التضييق على المسلمين في أوروبا، بل التعدي عليهم واستهدافهم في بعض الأماكن».
من جهته، أكد رئيس مجلس حكماء المسلمين أن مؤتمر «أهل السنة والجماعة» يسهم في إطفاء الحرائق والحروب اللا إنسانية، التي تشعلها أنظمة استعمارية جديدة تقدم بين يدي نيرانها نظريات شيطانية مرعبة، لافتا إلى أن العولمة اتخذت خطوات على طريق إفقار العالم الشرقي، وإحكام السيطرة على مفاصل دوله وأوطانه من خلال منظمات عالمية، ومؤتمرات للمناخ والسكان والمرأة والطفل، والتبشير بأمراض وعاهات خلقية، وحريات فوضوية عبثية.
وأوضح رئيس مجلس حكماء المسلمين أن المذاهب الطائفية استغلت انحرافات بعض مَن يَنسبون أنفسهم للسنة لنشر مذهبها المليء بثقافة الحقد والكراهية، مشيرا إلى أن المذهب الأشعري عرض أمين لعقائد السلف بمنهج جديد، وأن الوضع المتردي الذي صارت إليه الأُمَة اليَوم، لم يعد يحتمل أحاديث المجاملات والإشارات ومراعاة الخواطر.
وضم وفد الأزهر للشيشان الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، والدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر، ومحمد عبد السلام، مستشار شيخ الأزهر، وعبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين، ومحمد حسين المحرصاوي، عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعبد الرحمن موسى، مستشار شؤون الوافدين بالأزهر.
وقال الطيب في كلمته بالمؤتمر، أمس، إنه «لم يعد أمامنا إلا هدف واحد هو لم شمل الأمة، وغسل العقول والقلوب من العقائد السوداء والتأويلات التي ينكرها الإسلام وشريعته أشد الإنكار»، مضيفا: «على كل من تنكبوا هدي مذهب أهل السنة والجماعة أن يثوبوا إلى رشدهم ويحكموا ضمائرهم فيما يقترفونه من آثام وجرائم». وأكد الطيب أن الأزهر يقوم على خدمة المسلمين في كل مكان، وسوف يعطي أهمية خاصة للشيشان بعد ما شاهده من محبة للإسلام الصحيح؛ للمساهمة في مساعدة هذا الشعب على مواجهة الأفكار والتيارات المتطرفة.
في ذات السياق، زار شيخ الأزهر والوفد المصري رفيع المستوى المرافق له جامعة الحاج كنت الإسلامية الروسية ومدرسة خيدي لتحفيظ القرآن بالشيشان، وأكد الطيب أن «الإسلام ما جاء إلا ليحمي الدماء ويحرر الإنسان.. وأن أهم أسباب التطرف هو انحراف التعليم الإسلامي عن صحيح مذهب أهل السنة».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».