وضع طبي كارثي تعيشه حلب.. قصف المستشفيات ونقص الكوادر

طبيب واحد لكل 12 ألف مواطن.. ومقتل 589 من الكوادر منذ 2011

لم يتبق في حلب كثير من الأطباء الذين يعملون في ظروف لوجستية شديدة الصعوبة (جواد الرفاعي - خاص بـ«الشرق الأوسط»)
لم يتبق في حلب كثير من الأطباء الذين يعملون في ظروف لوجستية شديدة الصعوبة (جواد الرفاعي - خاص بـ«الشرق الأوسط»)
TT

وضع طبي كارثي تعيشه حلب.. قصف المستشفيات ونقص الكوادر

لم يتبق في حلب كثير من الأطباء الذين يعملون في ظروف لوجستية شديدة الصعوبة (جواد الرفاعي - خاص بـ«الشرق الأوسط»)
لم يتبق في حلب كثير من الأطباء الذين يعملون في ظروف لوجستية شديدة الصعوبة (جواد الرفاعي - خاص بـ«الشرق الأوسط»)

تروح سيارة إسعاف لتعود أخرى، حاملة معها كثيرا من الجرحى، وعلى عجل يُفتح باب السيارة لينقل المصابين إلى داخل المستشفى، الذين يصارعون لالتقاط أنفاسهم، بينما تغطي الدماء أجسادهم، وما تبقى من ثيابهم الممزقة.
يتكرر هذا المشهد على مدار الساعة، أمام مستشفى «M10» في مدينة حلب، حيث لا يتوقف القصف الروسي وقصف النظام على أحياء المدينة منذ شهور، وفي غرفة العمليات تحت الأرض، ينهمك الأطباء والممرضون في إجراء العمليات الجراحية للمصابين، لا وقت هنا لإجراء مقابلة صحافية بالتأكيد.
انتظرنا طويلاً، حتى حظينا بحديث مع أحد المساعدين الطبيين، فيخلع «أحمد أبو علي» القفازين عن يديه، ويزيح الكمامة عن وجهه، هذا وقت استراحته بعد ساعات من العمل المتواصل.
العاملون هنا في القطاع الطبي، يضطرون للعمل ساعات طويلة، وقد تمر ثلاثة شهور دون أن يأخذ أحدهم إجازة أو عطلة، إذ يعاني القطاع الطبي في الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة من مدينة حلب نقصًا كبيرًا في الكوادر، ويقول «أحمد أبو علي» متحدثًا في هذا الخصوص لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نقص حاد في الاختصاصات الطبية كافة، وعلى سبيل المثال، يوجد طبيب واحد فقط مختص بالأوعية الدموية، لذلك فهو يضطر للتنقل من مستشفى إلى آخر لإجراء العمليات وسد النقص.. غياب هذا الطبيب قد يؤدي إلى بتر أطراف المصابين».
وفي مقابل هذا النقص، فإن اختصاصات كثيرة غير موجودة أصلاً في المدينة، مثل: العصبية والأذنية والصدرية، ويوضح «أحمد أبو علي» أن غياب طبيب مختص في الجراحة العصبية يعتبر «كارثة» حيث إن الإصابات العصبية (في الرأس أو النخاع الشوكي) هي من أكثر الإصابات التي ترد إلى المستشفيات جراء القصف.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «نحو 75 في المائة من الإصابات العصبية تحوّل إلى تركيا، أما خلال فترة حصار قوات النظام لمدينة حلب، وعدم تمكننا من نقل المصابين إلى تركيا، فإن ذلك كان يعني وفاة المصابين، لا سيما بعد تعطل جهاز الطبقي المحوري الوحيد في المدينة».
ويحاول الأطباء الآخرون سد الحاجة، حتى من خلال العمل في غير اختصاصاتهم إذا ما لزم الأمر، لكن الجراحة العصبية من دون جهاز طبقي محوري تعتبر دون جدوى، كمن «يحاول الخياطة في غرفة مظلمة»، إذ لا يمكن إجراء الجراحة العصبية، من دون هذا الجهاز، فهو ضروري لمعرفة مكان الإصابة وتشخيصها.
في الواقع، النقص يشمل معظم التجهيزات الطبية. ويقول «محمد دباغ» مسؤول العناية المركزة في المستشفى لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نقص في أجهزة التنفس الاصطناعي في عموم المستشفيات في مدينة حلب، كما لا يوجد أي جهاز رنين مغناطيسي»، ويضيف أن غياب مركز صيانة للمعدات الطبية في حلب يسبب تعقيدات وصعوبات بالغة، من حيث نقل الأجهزة المتعطلة إلى تركيا وإعادتها بعد إصلاحها.
ويتابع محمد دباغ حديثه، بينما يبقي عينيه متيقظتين تجاه مصابين يشرف على مراقبة وضعهما: «هنا في قسم العناية المركزة، قدرة القسم لا تتجاوز 4 مرضى، حيث توجد 4 منافس فقط (أجهزة تنفس اصطناعي) لكننا نضطر في بعض الأحيان، وخصوصًا مع توقف المستشفيات الأخرى بسبب تعرضها للقصف، لاستيعاب 7 مرضى بدلاً من 4، ويجري تناوب أجهزة التنفس بين هؤلاء حسب حالتهم».
ويجد الأطباء والعاملون في القطاع الطبي أنفسهم هدفًا مباشرًا لقصف قوات نظام بشار الأسد. قُتل 589 من الكوادر الطبية منذ اندلاع الثورة حتى مارس (آذار) 2016. و90 في المائة منهم قتلوا على يد قوات نظام بشار الأسد، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ويبدو بشكل واضح ازدياد استهداف المستشفيات منذ بدء التدخل الروسي في سوريا، وفي 27 أبريل (نيسان) قصفت الطائرات الروسية مستشفى القدس في حلب، ما تسبب بمقتل 35 شخصًا، بينهم 6 من كوادر المستشفى، وفي 24 يوليو (تموز) أعلنت 6 مستشفيات توقفها عن الخدمة بسبب تعرضها للقصف. ويقول مدير بنك الدم في حلب، الدكتور عبد الرزاق درويش، لـ«الشرق الأوسط»: «جميع مستشفيات مدينة حلب (في مناطق المعارضة) بلا استثناء تعرضت للقصف وتوقفت عن العمل، إما مؤقتا أو كليا».
ويفرض استمرار القصف المتعمد للمستشفيات من قبل نظام بشار الأسد وحليفته روسيا، صعوبات وضغوطًا كبيرة على الأطباء والعاملين في القطاع الطبي. ويضيف الدكتور درويش: «إن القصف الروسي ألحق خسائر كبيرة في تجهيزات المستشفيات، كما خفّض مستوى العمل في مستشفيات حلب إلى أقل من 50 في المائة، أثناء فترة الحصار»، موضحًا، أن الطوابق العليا في المستشفيات لم تعد تستخدم على الإطلاق.
ويشير درويش إلى أنه في الوضع الطبي الطبيعي يكون لكل ألف مواطن طبيب، وهذا كان موفرًا في حلب بشكل تقريبي قبل اندلاع الحرب، بينما لا يتعدى عدد الأطباء حاليًا في الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة من المدينة نحو 30 طبيبًا، يقدمون الخدمة إلى 350 ألف مواطن، أي أن طبيبًا واحدًا لكل نحو 12 ألف مواطن في حلب!.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.