صحة هيلاري كلينتون ومؤسستها الخيرية أهداف جمهورية جديدة

الوضع الصحي لهيلاري كلينتون ومؤسستها الخيرية قضيتان يحاول دونالد ترامب استغلالهما بعناية ضد خصمه السياسي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتدني شعبيته في استطلاعات الرأي. ويبدو أن حملة الإطالة من شخصية مرشحة الحزب الديمقراطي، من خلال إثارة الشكوك حول قدراتها العقلية ونزاهتها السياسية، تدار بحنكة من قبل الأشخاص والمؤسسات الإعلامية اليمينية. ولا يتردد البعض في عرض فرضيات مؤامرة مدهشة تنتشر على الإنترنت بهذا الصدد.
المرشح الجمهوري دونالد ترامب كتب على «تويتر» «أين هيلاري؟ إنها نائمة». وانتشرت صور لكلينتون ظهرت فيها بوجه متعب أو شاحبة، وكذلك مقطع تهز فيه رأسها عدة مرات بشكل غريب.
كما تواجه المؤسسة الخيرية التي جمعت نحو ملياري دولار منذ إنشائها عام 2001 للقيام بتحركات في مجال الصحة والتنمية والمناخ، انتقادات شديدة من الجمهوريين الذين يتهمون هيلاري وبيل كلينتون باستخدامها لكسب النفوذ. مؤسسة بيل وهيلاري وتشيلسي كلينتون قررت في مواجهة الضغوط إصلاح نظام عملها لتفادي أي تضارب في المصالح في حال فوز المرشحة الديمقراطية، على ما أكد زوجها بيل كلينتون أول من أمس الاثنين.
لم يتردد بعض معارضيها في التحدث عن إصابتها بمرض باركينسون أو بالصرع أو حتى باضطرابات في الجهاز العصبي، مشيرين في بعض الأحيان إلى عارض الارتجاج في الدماغ سابقا، وهم يرون في كل ما تفعل تأكيدا لنظرياتهم، سواء تعثرت وهي تمشي، أو سعلت أو جلست للحظة.
وردد ترامب مرارا في الأيام الأخيرة أثناء تجمعات انتخابية أن منافسته لا تملك «الطاقة الجسدية والذهنية على الصمود» لتكون رئيسة، مع العلم أن كلينتون (68 عاما) تقوم برحلات وجولات بشكل متواصل منذ أشهر. وفي حين قضت قسما كبيرا من عطلة نهاية الأسبوع تجمع تبرعات.
وقام البعض في أوساط ترامب بالمزايدة أكثر وقال رودي جولياني رئيس بلدية نيويورك السابق لشبكة «فوكس نيوز» الاثنين: «أعتقد أن هيلاري متعبة. تبدو مريضة». وكان أكد في اليوم السابق أن «الصحافة لم تذكر بعض أعراض المرض لديها»، مضيفا للشبكة التلفزيونية ذاتها «يكفي الدخول إلى الإنترنت (..) ادخلوا إلى الإنترنت واكتبوا كلمات مرض هيلاري كلينتون، وانظروا إلى مقاطع الفيديو».
وكانت المتحدثة باسم ترامب كاترينا بيرسون ذكرت الأسبوع الماضي إصابة كلينتون بـ«إعاقة في التعبير اللغوي» معتبرة أنها «تأخذ كثيرًا من وقت الفراغ خلال الحملة». لكن طبيبة المرشحة الخاصة ليزا بارداك أكدت أن هيلاري كلينتون «بوضع جسدي ممتاز وقادرة على الخدمة كرئيسة للولايات المتحدة»، مشددة بصورة خاصة على أنها لا تعاني من أي تبعات نتيجة إصابتها بارتجاج في الدماغ في نهاية 2012. حين كانت لا تزال وزيرة للخارجية أصيبت بفيروس معوي، واجتفاف، ثم ارتجاج في الدماغ بعدما أغمي عليها. وذكرت بارداك في رسالتها بأنه تم الكشف عن كتلة دم متخثرة بين الدماغ والجمجمة، وأن هيلاري كلينتون بقيت لبضعة أسابيع تعاني من رؤية مزدوجة.
لكنها أكدت أن كشفا طبيا روتينيا عام 2013 «أظهر زوال جميع مفاعيل الارتجاج بصورة كاملة، وذوبانا تاما لكتلة الدم المتخثرة».
وانضم موقع «برايبارت» المحافظ الذي عين رئيسه ستيف بانون مؤخرا مديرا عاما لحملة ترامب، إلى هذه الشائعات ليؤكد في نهاية الأسبوع أن «صحة كلينتون تتحول إلى مسألة كبرى في الحملة». ورأى أن رسالة طبيبتها العام الماضي لم تكن سوى «واجهة».
وقالت جان زينو الخبيرة السياسية في معهد «إيونا كولدج» في نيويورك إن مسألة صحة المرشحين للرئاسة مسألة «جدية وطبيعية. يريد الجميع التثبت من أن الشخص الذي يصوتون له قادر على إنجاز العمل».
وما يزيد من أهمية هذه المسألة أن دونالد ترامب (70 عاما) سيكون في حال انتخابه الرئيس الأكبر سنا الذي يدخل البيت الأبيض، وأن هيلاري كلينتون ستكون ثاني أكبر الرؤساء سنا بعد رونالد ريغان الذي كان عمره 69 عاما و11 شهرا عند دخوله البيت الأبيض. لكنها رأت أن الهجمات حول صحة كلينتون لن تضر بها كثيرا ما لم يحصل أي عارض مفاجئ خطير.
كما تواجه مؤسستها الخيرية انتقادات شديدة. ويؤكد منتقدو كلينتون أنه حين كانت وزيرة للخارجية بين 2009 و2013. كان المانحون الأجانب من دول وشركات وأفراد يقدمون تبرعات للمؤسسة من أجل التقرب من وزيرة الخارجية ومن الإدارة الأميركية. ويراهن المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي ينعت منافسته بـ«المنافقة» على هذه الورقة ودعا إلى إغلاق المؤسسة. وقال إن «عائلة كلينتون أمضت عقودا تملأ جيوبها من خلال رعايتها للمانحين بدلا من الأميركيين» مضيفا: «بات واضحا الآن أن مؤسسة كلينتون هي الأكثر فسادا في التاريخ السياسي (..) يجب إغلاقها فورا».
وردا على هذه الانتقادات سخرت المرشحة الاثنين من خصمها لدى مشاركتها في برنامج تلفزيوني ترفيهي، مؤكدة أنه ينبغي «توقع أمور جنونية» خلال المناظرات المقررة بينهما.
وتم فرض قيود عام 2009 على عمل مؤسسة كلينتون لتفادي أي تضارب في المصالح، لكن ذلك لم يمنع بعض التحويلات من الإفلات من الرقابة التي يفترض أن تمارسها الإدارة الأميركية.
وسئل المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر الاثنين عن إمكانية أن يكون المساهمون في المؤسسة حصلوا على إمكانية الوصول بسهولة إلى وزيرة الخارجية بين 2009 و2013، فأجاب «لم نلاحظ شيئا يجعلنا نفترض وجود علاقة مؤسفة».
فصل بيل كلينتون الاثنين في رسالة إلى داعمي المؤسسة الإصلاحات المزمع إدخالها من أجل «تبديد المخاوف المشروعة حول أي تضارب محتمل في المصالح». وبموجب هذه الإصلاحات، لن تقبل المؤسسة بعد الآن سوى هبات من مواطنين أميركيين ومقيمين بصورة دائمة ومؤسسات أميركية مستقلة. وسيتم تبديل اسم المؤسسة ليصبح «مؤسسة كلينتون» كما أن الرئيس السابق سيستقيل من مجلس إدارتها. وقال إنه سيتم نقل الأنشطة الدولية للمؤسسة الممولة بواسطة هبات من حكومات أجنبية إلى «منظمات أخرى تتعهد بمواصلة هذا العمل». وجدد رئيس فريق حملتها جون بوديستا انتقاداته لترامب لرفضه نشر بيان حول مداخيله، عملا بتقليد يخضع له أي مرشح للبيت الأبيض.
ودعا بوديستا المرشح الجمهوري إلى الحد من استثماراته هو نفسه حتى لا «تؤثر مصالحه المالية الخاصة على القرارات التي ستتخذها إدارته المحتملة». وأشار إلى تحقيق لصحيفة «نيويورك تايمز» يظهر أن فروعا لمنظمة ترامب سحبت قروضا كبيرة من بنك الصين.