تمر مكافحة المتطرفين على الإنترنت حتمًا من خلال تعليق آلاف الحسابات، مثلما فعل موقع «تويتر» أخيرًا بسبب قيامها بالترويج للإرهاب أو مديحه، غير أن هذا الإجراء يبقى غير كافٍ برأي الخبراء للتصدي لتحركات المتطرفين على الإنترنت.
ويرى المراقبون أن هذه الاستراتيجية غير ناجعة، لأنه من السهل إعادة فتح حسابات جديدة كلما أغلقت أخرى، كما أن هذه السياسة قد تدفع من جهة أخرى مزيدًا من المستخدمين إلى شبكات تواصل اجتماعي أكثر سرية أو مشفرة أو محمية، كما على «الإنترنت المظلم» أو «دارك وب»، وهي شبكة إنترنت مغلقة وسرية غير مفهرسة على محركات البحث الشائعة.
وقال الخبير في «نادي أمن المعلومات الفرنسي» (كلوزيف)، جيروم بيلوا، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «تعليق أكثر من 235 ألف حساب مثلما أعلن عنه (تويتر) قد يكون له تأثير، ولكن على المدى القريب جدًا». وتابع أن «هناك تقنيات معروفة من المتطرفين وبصورة عامة المجرمين على الإنترنت، مفادها أن: حسابي على (تويتر) كان اسمه (إيه)، والآن أصبح اسمه (إيه 1)، و(إيه 2)، و(إيه 3)»، مشددًا على أن فتح حساب يستغرق أقل من دقيقة ولا يتطلب مهارات. وأوضح بيلوا: «أخشى أن تكون الحاجة والرغبة في الدعاية أقوى من الخطوات التي يمكن أن يقوم بها (تويتر) بقطع عدد من الحسابات».
وخضعت مواقع الإنترنت الأميركية الكبرى مثل «تويتر» و«يوتيوب» و«فيسبوك» في الأشهر الأخيرة لضغوط متزايدة من قبل الإدارة الأميركية وحكومات أخرى تحضّها على المساهمة بشكل أكبر في مكافحة المتطرفين على الإنترنت، ومنع استخدامها من قبل الشبكات المتطرفة. وتؤكد جميع المواقع أنها تقوم بذلك وتخصص له موارد متزايدة، لكن جيروم بيلوا لفت إلى أن «طبيعة الإنترنت نفسها تجعل الأمر بمثابة سباق بلا نهاية، نكون فيه على الدوام متأخرين خطوة».
وإن أبدى موقع «تويتر» أو غيره من شبكات التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار تيقظًا كبيرًا، فإن المتطرفين على الإنترنت سينتقلون إلى استخدام برمجيات أو تطبيقات يصعب ضبطها أكثر، مثل خدمة «تلغرام» التي أنشأها الروس، بهدف الحفاظ على سرية المحادثات، والتي تتيح ترميز الرسائل.
وغالبًا ما تفضل أجهزة الاستخبارات ترك منتديات مفتوحة يمكنها مراقبتها قيد العمل، على أن ترى أهدافها تنتقل إلى «الإنترنت المظلم» والأنشطة المشفرة.
بهذا الصدد، أوضح المفكر فيليب جوزيف سالازار، مؤلف كتاب «الكلام المسلح - كيف نفهم الدعاية الإرهابية ونكافحها» الصادر عن دار «لوميو»، أنه «يجب دائمًا أن نفكر من منطلق الاستراتيجيات والمعركة والتكتيك العسكري»، مضيفًا: «(تويتر) كان ساحة مواجهة. إذا سقطت هذه الساحة أو باتت أقل سهولة، عندها تنتقل فرق المواجهة إلى مكان آخر، هذا كل ما في الأمر. وهنا، نجد أنفسنا أمام مشكلة تلغرام أو الإنترنت الأسود أو المظلم».
من جهته، رأى الخبير الأميركي اندرو ماكفيرسون، المتخصص في أمن الإنترنت في جامعة نيوهمشير، أنه «يجب أن ندرك حجم المهمة القاضية بالسيطرة على استخدام الشبكات الاجتماعية، حين يكون هناك أكثر من 300 مليون مستخدم». وتابع أنه «من المؤكد أن المجموعات الإرهابية ستواصل استخدام التقنيات الجديدة بكل الوسائل الممكنة من أجل دعايتها، مثلما ستواصل السعي لإيجاد سبل للحفاظ على سرية اتصالاتهم وتعزيزها».
ويمكن تحقيق ذلك من خلال برمجيات يمكن إيجادها بسهولة على الإنترنت لحجب الهوية والتشفير وإخفاء البيانات. ولا يتطلب استخدامها مهارات تقنية خاصة، وهو ما أثبتته قضايا طرحت أخيرًا، اصطدم فيها المفتشون بخطوط هاتفية مشفرة أو عناوين بريد إلكترونية محمية بكلمات مرور لا يمكن اختراقها، أو منتديات خاصة لم يتمكنوا من الدخول إليها، مما أرغمهم على وقف تحقيقاتهم.
وأكد جيروم بيلوا أنه إذا ما أصبحت تدابير المراقبة بالغة الفعالية، فإن تنظيم داعش على سبيل المثال يملك المهارات المطلوبة، لوضع برمجياته الخاصة. وقال: «يمكن تشكيل فريق من 4 أو 5 أشخاص يتمتعون بكفاءات جيدة ودوافع قوية، وسيتوصلون إلى تصميم خدمات مبتكرة يمكن لآلاف الأشخاص استخدامها»، مضيفًا أنه «إن لم تكن لديهم هذه المهارات بشكل تام، فهم قادرون على شرائها».
الحرب العالمية على الإرهاب تصطدم بالتقنيات الحديثة
سياسة إغلاق حسابات على «تويتر» و«فيسبوك» غير مجدية
الحرب العالمية على الإرهاب تصطدم بالتقنيات الحديثة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة