مظاهرات وحداد في نابلس.. وتلاسن فتحاوي حمساوي حول الإعدامات خارج القانون

قتل الأمن الفلسطيني مطلوبًا بعد اعتقاله يثير الغضب.. والسلطة تفتح تحقيقًا

عنصران من قوات الأمن الفلسطيني في البلدة القديمة من نابلس إثر اشتباكات وقعت بين رجال الأمن ومتظاهرين (رويترز)
عنصران من قوات الأمن الفلسطيني في البلدة القديمة من نابلس إثر اشتباكات وقعت بين رجال الأمن ومتظاهرين (رويترز)
TT

مظاهرات وحداد في نابلس.. وتلاسن فتحاوي حمساوي حول الإعدامات خارج القانون

عنصران من قوات الأمن الفلسطيني في البلدة القديمة من نابلس إثر اشتباكات وقعت بين رجال الأمن ومتظاهرين (رويترز)
عنصران من قوات الأمن الفلسطيني في البلدة القديمة من نابلس إثر اشتباكات وقعت بين رجال الأمن ومتظاهرين (رويترز)

أثار حادث قتل الأمن الفلسطيني أحد المطلوبين ضربًا حتى الموت، جدلاً كبيرًا وخلافًا واسعًا، وصب المزيد من الزيت على نار التوتر في مدينة نابلس في الضفة الغربية، التي تشهد حملة أمنية كبيرة تستهدف مطلوبين مسلحين في المدينة، قتل خلالها 5 أشخاص في غضون أيام قليلة فقط، 2 من عناصر الأمن الفلسطيني الذين تعرضوا لكمين محكم الخميس الماضي، و3 من المطلوبين، 2 منهما قُتلا بالرصاص في اشتباكات لاحقة، وثالث بالضرب المبرح بعد اعتقاله أمس، ووصفته السلطة بالرأس المدبر لعملية قتل عناصرها.
وقال أكرم الرجوب، محافظ مدينة نابلس، أن قوات الأمن الفلسطينية قتلت مطلوبا بعد اعتقاله في المدينة. وأضاف: «عقب اعتقال أحمد حلاوة، العقل المدبر لجريمة (مقتل عنصري أمن يوم الخميس)، تم اقتياده إلى سجن جنيد. وعند وصوله، انهال عليه أفراد الأمن بالضرب المبرح، وحاولت الوحدة التي اعتقلته تخليصه إلا أنه فارق الحياة».
وأثار الحادث غضبًا كبيرًا في نابلس، التي خرج متظاهرون منها احتجاجًا على قتل حلاوة بهذه الطريقة، واشتبكوا، بشكل محدود، مع الأجهزة الأمنية، وطالبوا بإقالة رئيس الوزراء رامي الحمد الله، وقائد الأمن الوطني نضال أبو الدخان، ومحافظ نابلس أكرم الرجوب. كما أعلنت مؤسسات وفعاليات المدينة التي توصف بعاصمة جبل النار، الحداد العام والإضراب، وطالبت بوقف حملات التحريض على نابلس، وسحب الأجهزة الأمنية منها، في وقت دانت فيه مؤسسات حقوقية الحادث، وطالبت بالتحقيق في القتل خارج القانون، فيما عبر ناشطون وصحافيون ومسؤولون وفصائل عن صدمتهم للطريقة التي قتل بها حلاوة.
وفي المقابل، دافع آخرون عن ذلك، بمنطق أن المطلوب الذي قتل، وهو عنصر أمني سابق، دبر وهدر دم وقتل عناصر أمنية بدم بارد، ويَتَّم أبناءهم في تجاوز للخطوط الحمراء.
وكان عنصرا أمن قتلا الخميس والجمعة الماضيين، في كمين دبره أفراد من عائلة حلاوة. وكانت الشرارة التي زادت من التوتر القديم المتجدد بين السلطة ومسلحين، بعد أن أطلقت السلطة حملة «القصاص» من القتلة.
ولم يساعد إعلان السلطة الفلسطينية عن فتح تحقيق في حادثة قتل حلاوة في تخفيف التوتر في نابلس.
وقال رئيس الوزراء رامي الحمد الله بعد اجتماع الحكومة أمس، إنه أمر بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة وزير العدل، وعضوية النيابة العسكرية، والنيابة العامة، بخصوص الأحداث التي وقعت في نابلس، للوقوف على حقيقة ما حدث وملابساته، مؤكدًا التزام الحكومة تحقيق العدالة الجزائية، وضمان الحقوق، وتجسيد سيادة القانون، والنظام، والمحاكمة العادلة للجميع.
وأكد الحمد الله أنه سيجري نشر نتائج التحقيق فور الانتهاء، منوها بأن ما جرى حادث شاذ.
ودانت الحكومة ما وصفته بـ«حملات التحريض وتشويه الحقائق تجاه أداء الأجهزة الأمنية، ضد كل من يحاول تجاوز القانون، وتهديد الأمن، والنظام العام»، داعية أبناء الشعب الفلسطيني في المناطق كافة، إلى «استنكار وإدانة هذه الجرائم التي تستهدف النيل من المؤسسة الأمنية، وإلى نبذ الحملات المشبوهة التي تستهدفها وإدانتها، والتصدي بكل مسؤولية وطنية لكل من يحاول العبث بأمننا، وضرب السلم الأهلي في مجتمعنا، وتعريض مشروعنا الوطني للمخاطر».
ويبدو أن الحكومة قصدت بشكل رئيس، كما يبدو، حركة حماس التي دانت في بيان رسمي ما وصفته بـ«إعدام» المواطن أحمد عز حلاوة من قبل الأمن الفلسطيني داخل سجن جنيد، معتبرة ذلك «تطورًا خطيرًا يعكس سياسة الإعدامات الميدانية التي بدأت أجهزة أمن السلطة ممارستها».
وقال ناطق باسم حماس في تصريح «إن هذه الجرائم تعكس الطبيعة الدموية لأجهزة أمن السلطة التي تجاوزت التعاون الأمني مع الاحتلال، إلى استخدام سياساته في قمع أبناء شعبنا، بما في ذلك سياسة الإعدامات الميدانية، ويعكس حالة انعدام الأمن لأبناء شعبنا؛ وهو ما يستدعي وقفة وطنية جادة لمحاكمة المتورطين في أعمال القتل، وضمان وقف هذه الجرائم الخطيرة».
وقال الناطق، إن «محاولات قيادة حركة فتح، للتهرب من مسؤوليتها عن هذه الجرائم، من خلال محاولة خلط الأمور والادعاء بوجود اعتقالات وهمية في غزة، لن يغيّر من الحقيقة شيئًا، ولن يعفي حركة فتح من المسؤولية عن هذه الجرائم أمام شعبنا الفلسطيني وقواه الوطنية».
وكانت فتح ردت على بيانات واتهامات حماس، بنشر معلومات وصور وتواريخ لناشطين في فتح وقوات الأمن قتلتهم حماس ولإعدامات نفذتها الحركة في غزة.
وبعيدًا عن الخلاف السياسي بين فتح وحماس، أعلنت مؤسسات وفعاليات نابلس أمس، الحداد العام على مقتل حلاوة، وأكدت المؤسسات والفعاليات والقوى والشخصيات الاعتبارية في المدينة، بعد أن عقدت اجتماعًا موسعًا، أنها قررت تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، مستندة إلى الطب الشرعي حول ظروف مقتل المواطن أبو العز. وجاء في البيان، «أن ما جرى حول ظروف مقتل المواطن، يعتبر جريمة غير مبررة وغير مسؤولة»، وطالبت هذه الفعاليات، بوقف ما وصفته بالتصريحات غير المسؤولة، وحملة التحريض المشبوهة التي تؤجج المشاعر، ووقف التجاوزات التي ارتكبها بعض عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».