السوق العقارية التركية تحافظ على جاذبيتها رغم الأزمات

2015 «عام ذهبي».. وتراجع 9.4 % في النصف الأول من العام الحالي

مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود من بين الوجهات التي تشهد رواجا سياحيا وعقاريا في تركيا ({الشرق الأوسط})
مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود من بين الوجهات التي تشهد رواجا سياحيا وعقاريا في تركيا ({الشرق الأوسط})
TT

السوق العقارية التركية تحافظ على جاذبيتها رغم الأزمات

مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود من بين الوجهات التي تشهد رواجا سياحيا وعقاريا في تركيا ({الشرق الأوسط})
مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود من بين الوجهات التي تشهد رواجا سياحيا وعقاريا في تركيا ({الشرق الأوسط})

أكد خبراء في القطاع العقاري في تركيا عدم وجود تأثير ملموس لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) الماضي على رغبة المستثمرين في ضخ أموالهم في القطاع.
وتوقع الخبراء أن يحدث العكس بالنسبة للمستثمرين العرب، الذين كشفت مؤشرات عن زيادة ثقتهم في قدرة الحكومة التركية على الإمساك بزمام الأمور عقب الأحداث الأخيرة، وإن كانت العمليات الإرهابية التي تشهدها مناطق مختلفة من البلاد تؤثر في قرارات المستثمرين، وتدفع لتأجيل بدء نشاطهم أحيانا.
وقال سشكين أراوغلو الخبير في شركة «يدي تبه» للعقارات لـ«الشرق الأوسط» إن «المستثمرين الخليجيين ارتفعت ثقتهم بتركيا واقتصادها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة وباتوا أكثر حماسًا للاستثمار في تركيا، وتلاشت مخاوفهم التي كانت موجودة في السابق بسبب الأحداث الإرهابية التي شهدتها البلاد منذ مطلع العام الحالي».
من جانبه، قال محمد أوغروجان بارمان، رئيس مجلس الأعمال التركي البحريني التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، إن قطاع العقارات تعافى بسرعة بعد الأحداث الأخيرة، وعبر المستثمرين في كبريات شركات الاستثمار العقاري في تركيا مثل «إملاك كونوت»، وجمعية شركات العقارات والاستثمار العقاري «غيودار»، عن ارتياحهم لعدم حدوث اضطراب في هذا القطاع.
وأضاف بارمان، وهو أيضًا مدير شركة «بيتورك» للإنشاءات، إن الشركة تملك مشاريع في يالوفا وفي إسطنبول (غرب تركيا)، وأن هناك مستثمرين خليجيين مهتمون بالبلاد ككل، وليس فقط بإسطنبول.
وأوضح أن المستثمرين الأجانب لم يفقدوا حماسهم للاستثمار في تركيا على الرغم من الأحداث التي شهدتها تركيا، وأنه باع 148 شقة سكنية بقيمة 33 مليون ليرة (ما يعادل أكثر من 11 مليون دولار) لمجموعة من دبي أخيرًا، معتبرًا أنه مؤشر على ثقة المستثمرين الأجانب بتركيا.
كما لفت إلى أن شركته وصلت إلى 15 ألف مستثمر في منطقة الخليج حتى الآن، وأنه يسعى إلى جذب 5 آلاف مستثمر آخرين من المنطقة إلى مشاريعهم.
وفي إشارة إلى المشروع الذي قاموا بتصميمه مع اتحاد «قمة خزيمة السعودية»، الذي يقول القائمون عليه إنه سيغير وجه منطقة مرمرة، قال بارمان إنه سيتم بناء مركز للمعيشة يضم 5 آلاف شقة سكنية في ولاية يالوفا، تستوعب 25 ألف شخص، وإن المستثمرين الأجانب أبدوا اهتمامهم بهذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته ملياري ليرة تركية (نحو 660 مليون دولار).
ولفت بارمان إلى أن مستثمري الخليج يرون أن الاستقرار سيستمر في تركيا، مما يعني ارتفاع ثقتهم، وأن استثمار رأس المال الخليجي سيتواصل، في حين أن المستثمرين الذين علّقوا استثماراتهم بدأوا بتحريكها مرة أخرى.
وخلال النصف الأول من العام الحالي، واصل مواطنو الدول العربية اهتمامهم بسوق العقارات التركية، مع تصدر العراقيين والكويتيين والسعوديين على التوالي قائمة الأجانب الذين تملكوا عقارات في تركيا، خلال هذه الفترة.
وبحسب معطيات هيئة الإحصاء التركية، فإن النصف الأول من العام الحالي شهد شراء المواطنين العراقيين 1600 عقار، مما شكل نسبة 16.9 في المائة من إجمالي الأجانب، فيما جاء الكويتيون في المرتبة الثانية بـ893 عقارا، في حين اشترى السعوديون 882 عقارا خلال الفترة نفسها، وجاء بعدهم الأفغان والروس.
وأوضحت الهيئة أن مواطني الدول الخمس، اشتروا ما مجموعه 4736 عقارا، بنسبة وصلت إلى 50 في المائة، فيما بلغ إجمالي العقارات التي بيعت في خلال تلك الفترة إلى الأجانب 9378 عقارا.
وشهدت الفترة نفسها ازدياد نسبة المستثمرين في سوق العقارات من أفغانستان ومصر والصين، فيما تراجعت معدلات شراء مواطني روسيا والإمارات والنرويج، بنسب متفاوتة.
وحافظت إسطنبول على مكانتها كأكثر المناطق جذبا للأجانب في تركيا، حيث بيع في إسطنبول 3194 عقارا، تلتها أنطاليا (جنوب تركيا) بـ2151 عقارا، ثم بورصة (شمال غرب) التي بيع فيها 699 عقارا، ومن ثم يالوفا (شمال غرب) التي بيع فيها 413 عقارا. كما شهد الإقبال على شراء العقارات في كل من العاصمة أنقرة (وسط) وطرابزون (شمال) ارتفاعا ملحوظا.
لكن النسبة العامة لشراء الأجانب للعقارات خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، انخفضت بنسبة بلغت 9.4 في المائة، حيث بلغت 9378 عقارا، مقارنة بـ10 آلاف و353 عقارا العام الماضي.
كما أظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية انخفاض مبيعات العقارات بنسبة 4 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضحت بيانات الهيئة أن مبيعات العقارات في عموم تركيا بلغت 106187 عقارًا، منها 1543 عقارًا بيعت للأجانب.
وأشارت البيانات إلى أن العراقيين احتلوا المرتبة الأولى من بين الأجانب في شراء 214 عقارًا في يونيو الماضي، ثم الروس بشراء 114 عقارًا، في حين جاء السعوديون في المرتبة الثالثة بشراء 112 عقارًا، ثم الكويتيون 110 عقارًا والأفغان 107 عقارات.
وحافظت إسطنبول على مكانتها أيضًا كأكثر المدن التركية بيعًا للعقارات للأجانب في يونيو الماضي، إذ بلغ عدد العقارات المبيعة 507 عقارات، تلتها أنطاليا، ثم مرسين المطلتين على البحر المتوسط بعدد 318 و97 على التوالي.
أما بالنسبة للعام الماضي 2015، فأشار تقرير لهيئة الإحصاء التركية إلى أن مبيعات الشقق السكنية في تركيا حققت زيادة بنسبة 10.6 في المائة عن العام الأسبق 2014، حيث وصل العدد إلى مليون و289 ألفا و320 شقة، لتحطم بذلك الرقم القياسي في عدد الشقق المبيعة خلال عام واحد في تاريخ الجمهورية التركية.
وأضاف التقرير أن مدينة إسطنبول احتلت المرتبة الأولى ببيع 239 ألفا و767 شقة، تلتها العاصمة أنقرة بـ146 ألفا و537 شقة، وإزمير ثالثة بـ77 ألفًا و796 شقة، في حين جاءت ولاية هكّاري جنوب شرقي البلاد، التي تشهد اضطرابات بسبب الاشتباكات بين القوات التركية ومنظمة حزب العمال الكردستاني، في المرتبة الأخيرة بين الولايات التركية الـ81 بـ139 شقة فقط.
وأشار التقرير إلى أن عدد الشقق المبيعة خلال عام 2013 كان بلغ مليونا و157 ألفا و190 شقة، في حين ارتفع العدد إلى مليون و165 ألفا و381 شقة في العام 2014.
وعزا خبراء أهم الأسباب في زيادة المبيعات العام الماضي إلى المناخ الجاذب واعتبار الخليجيين الاستثمار العقاري بتركيا رابحًا، لا سيما بعد تراجع الفرص الاستثمارية في لبنان وسوريا، فضلاً عن فقدان السوريين واليمنيين والليبيين الأمل بالعودة قريبًا لبلادهم، مما دفعهم لشراء الشقق السكنية التي تشهد عروضا مغرية في مختلف المدن التركية.
ولفت رئيس الغرف الاستشارية للعقاريين في إسطنبول نظام الدين آشا إلى أن مبيعات تركيا من العقارات للأجانب خلال العام الماضي، حققت نسبة جيدة بوصولها إلى 5 مليارات دولار، وذلك على الرغم من تردي الأوضاع الأمنية في الدول المجاورة لتركيا وفي عدد من المناطق الداخلية فيها، ولا سيما شرق وجنوب شرقي البلاد.
وأكد آشا الحاجة إلى زيادة الرقابة على الشركات التي تقوم بدور الوساطة بين المستثمرين الأجانب ومالكي العقارات، منوهًا بأن مطالبة تلك الشركات بعمولات مرتفعة من كلا الطرفين تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنازل والعقارات، بنسبة تصل إلى 5 أو 10 في المائة عن السعر الحقيقي.
وتصدر المستثمرون السعوديون قائمة الاستثمار الأجنبي في مجال العقارات بتركيا في عام 2015، حيث بلغ إجمالي أملاكهم من العقارات أكثر من مليون متر مربع، بعد أن كان إجمالي ما يملكه المستثمرون السعوديون 402 ألف متر مربع خلال عام 2014، وذلك يرجع إلى تعديل قوانين تملك الأجانب في تركيا.
ويبلغ عدد السياح السعوديين الذين يقضون إجازاتهم في المدن التركية في الوقت الحالي نحو 40 ألف سائح، معظمهم يتوجهون إلى مدن شمال تركيا بمنطقة البحر الأسود وأهمها طرابزون، إضافة إلى مدينة إسطنبول.
ويرجح الخبراء استمرار ارتفاع جاذبية السوق العقارية التركية لرؤوس الأموال السعودية في ظل الانخفاض النسبي لأسعار العقارات السكنية والسياحية في تركيا مع تراجع الليرة التركية، كما لم تحدث انسحابات ملموسة للمستثمرين العقاريين السعوديين بعد الانقلاب الفاشل، وإن كان بعض المستثمرين فضل تأجيل الدخول في استثمارات جديدة كانوا ينوون البدء فيها خلال الإجازة الصيفية الحالية، حتى تتضح الأوضاع.



«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».