السوق العقارية التركية تحافظ على جاذبيتها رغم الأزمات

2015 «عام ذهبي».. وتراجع 9.4 % في النصف الأول من العام الحالي

مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود من بين الوجهات التي تشهد رواجا سياحيا وعقاريا في تركيا ({الشرق الأوسط})
مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود من بين الوجهات التي تشهد رواجا سياحيا وعقاريا في تركيا ({الشرق الأوسط})
TT

السوق العقارية التركية تحافظ على جاذبيتها رغم الأزمات

مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود من بين الوجهات التي تشهد رواجا سياحيا وعقاريا في تركيا ({الشرق الأوسط})
مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود من بين الوجهات التي تشهد رواجا سياحيا وعقاريا في تركيا ({الشرق الأوسط})

أكد خبراء في القطاع العقاري في تركيا عدم وجود تأثير ملموس لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) الماضي على رغبة المستثمرين في ضخ أموالهم في القطاع.
وتوقع الخبراء أن يحدث العكس بالنسبة للمستثمرين العرب، الذين كشفت مؤشرات عن زيادة ثقتهم في قدرة الحكومة التركية على الإمساك بزمام الأمور عقب الأحداث الأخيرة، وإن كانت العمليات الإرهابية التي تشهدها مناطق مختلفة من البلاد تؤثر في قرارات المستثمرين، وتدفع لتأجيل بدء نشاطهم أحيانا.
وقال سشكين أراوغلو الخبير في شركة «يدي تبه» للعقارات لـ«الشرق الأوسط» إن «المستثمرين الخليجيين ارتفعت ثقتهم بتركيا واقتصادها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة وباتوا أكثر حماسًا للاستثمار في تركيا، وتلاشت مخاوفهم التي كانت موجودة في السابق بسبب الأحداث الإرهابية التي شهدتها البلاد منذ مطلع العام الحالي».
من جانبه، قال محمد أوغروجان بارمان، رئيس مجلس الأعمال التركي البحريني التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، إن قطاع العقارات تعافى بسرعة بعد الأحداث الأخيرة، وعبر المستثمرين في كبريات شركات الاستثمار العقاري في تركيا مثل «إملاك كونوت»، وجمعية شركات العقارات والاستثمار العقاري «غيودار»، عن ارتياحهم لعدم حدوث اضطراب في هذا القطاع.
وأضاف بارمان، وهو أيضًا مدير شركة «بيتورك» للإنشاءات، إن الشركة تملك مشاريع في يالوفا وفي إسطنبول (غرب تركيا)، وأن هناك مستثمرين خليجيين مهتمون بالبلاد ككل، وليس فقط بإسطنبول.
وأوضح أن المستثمرين الأجانب لم يفقدوا حماسهم للاستثمار في تركيا على الرغم من الأحداث التي شهدتها تركيا، وأنه باع 148 شقة سكنية بقيمة 33 مليون ليرة (ما يعادل أكثر من 11 مليون دولار) لمجموعة من دبي أخيرًا، معتبرًا أنه مؤشر على ثقة المستثمرين الأجانب بتركيا.
كما لفت إلى أن شركته وصلت إلى 15 ألف مستثمر في منطقة الخليج حتى الآن، وأنه يسعى إلى جذب 5 آلاف مستثمر آخرين من المنطقة إلى مشاريعهم.
وفي إشارة إلى المشروع الذي قاموا بتصميمه مع اتحاد «قمة خزيمة السعودية»، الذي يقول القائمون عليه إنه سيغير وجه منطقة مرمرة، قال بارمان إنه سيتم بناء مركز للمعيشة يضم 5 آلاف شقة سكنية في ولاية يالوفا، تستوعب 25 ألف شخص، وإن المستثمرين الأجانب أبدوا اهتمامهم بهذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته ملياري ليرة تركية (نحو 660 مليون دولار).
ولفت بارمان إلى أن مستثمري الخليج يرون أن الاستقرار سيستمر في تركيا، مما يعني ارتفاع ثقتهم، وأن استثمار رأس المال الخليجي سيتواصل، في حين أن المستثمرين الذين علّقوا استثماراتهم بدأوا بتحريكها مرة أخرى.
وخلال النصف الأول من العام الحالي، واصل مواطنو الدول العربية اهتمامهم بسوق العقارات التركية، مع تصدر العراقيين والكويتيين والسعوديين على التوالي قائمة الأجانب الذين تملكوا عقارات في تركيا، خلال هذه الفترة.
وبحسب معطيات هيئة الإحصاء التركية، فإن النصف الأول من العام الحالي شهد شراء المواطنين العراقيين 1600 عقار، مما شكل نسبة 16.9 في المائة من إجمالي الأجانب، فيما جاء الكويتيون في المرتبة الثانية بـ893 عقارا، في حين اشترى السعوديون 882 عقارا خلال الفترة نفسها، وجاء بعدهم الأفغان والروس.
وأوضحت الهيئة أن مواطني الدول الخمس، اشتروا ما مجموعه 4736 عقارا، بنسبة وصلت إلى 50 في المائة، فيما بلغ إجمالي العقارات التي بيعت في خلال تلك الفترة إلى الأجانب 9378 عقارا.
وشهدت الفترة نفسها ازدياد نسبة المستثمرين في سوق العقارات من أفغانستان ومصر والصين، فيما تراجعت معدلات شراء مواطني روسيا والإمارات والنرويج، بنسب متفاوتة.
وحافظت إسطنبول على مكانتها كأكثر المناطق جذبا للأجانب في تركيا، حيث بيع في إسطنبول 3194 عقارا، تلتها أنطاليا (جنوب تركيا) بـ2151 عقارا، ثم بورصة (شمال غرب) التي بيع فيها 699 عقارا، ومن ثم يالوفا (شمال غرب) التي بيع فيها 413 عقارا. كما شهد الإقبال على شراء العقارات في كل من العاصمة أنقرة (وسط) وطرابزون (شمال) ارتفاعا ملحوظا.
لكن النسبة العامة لشراء الأجانب للعقارات خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، انخفضت بنسبة بلغت 9.4 في المائة، حيث بلغت 9378 عقارا، مقارنة بـ10 آلاف و353 عقارا العام الماضي.
كما أظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية انخفاض مبيعات العقارات بنسبة 4 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضحت بيانات الهيئة أن مبيعات العقارات في عموم تركيا بلغت 106187 عقارًا، منها 1543 عقارًا بيعت للأجانب.
وأشارت البيانات إلى أن العراقيين احتلوا المرتبة الأولى من بين الأجانب في شراء 214 عقارًا في يونيو الماضي، ثم الروس بشراء 114 عقارًا، في حين جاء السعوديون في المرتبة الثالثة بشراء 112 عقارًا، ثم الكويتيون 110 عقارًا والأفغان 107 عقارات.
وحافظت إسطنبول على مكانتها أيضًا كأكثر المدن التركية بيعًا للعقارات للأجانب في يونيو الماضي، إذ بلغ عدد العقارات المبيعة 507 عقارات، تلتها أنطاليا، ثم مرسين المطلتين على البحر المتوسط بعدد 318 و97 على التوالي.
أما بالنسبة للعام الماضي 2015، فأشار تقرير لهيئة الإحصاء التركية إلى أن مبيعات الشقق السكنية في تركيا حققت زيادة بنسبة 10.6 في المائة عن العام الأسبق 2014، حيث وصل العدد إلى مليون و289 ألفا و320 شقة، لتحطم بذلك الرقم القياسي في عدد الشقق المبيعة خلال عام واحد في تاريخ الجمهورية التركية.
وأضاف التقرير أن مدينة إسطنبول احتلت المرتبة الأولى ببيع 239 ألفا و767 شقة، تلتها العاصمة أنقرة بـ146 ألفا و537 شقة، وإزمير ثالثة بـ77 ألفًا و796 شقة، في حين جاءت ولاية هكّاري جنوب شرقي البلاد، التي تشهد اضطرابات بسبب الاشتباكات بين القوات التركية ومنظمة حزب العمال الكردستاني، في المرتبة الأخيرة بين الولايات التركية الـ81 بـ139 شقة فقط.
وأشار التقرير إلى أن عدد الشقق المبيعة خلال عام 2013 كان بلغ مليونا و157 ألفا و190 شقة، في حين ارتفع العدد إلى مليون و165 ألفا و381 شقة في العام 2014.
وعزا خبراء أهم الأسباب في زيادة المبيعات العام الماضي إلى المناخ الجاذب واعتبار الخليجيين الاستثمار العقاري بتركيا رابحًا، لا سيما بعد تراجع الفرص الاستثمارية في لبنان وسوريا، فضلاً عن فقدان السوريين واليمنيين والليبيين الأمل بالعودة قريبًا لبلادهم، مما دفعهم لشراء الشقق السكنية التي تشهد عروضا مغرية في مختلف المدن التركية.
ولفت رئيس الغرف الاستشارية للعقاريين في إسطنبول نظام الدين آشا إلى أن مبيعات تركيا من العقارات للأجانب خلال العام الماضي، حققت نسبة جيدة بوصولها إلى 5 مليارات دولار، وذلك على الرغم من تردي الأوضاع الأمنية في الدول المجاورة لتركيا وفي عدد من المناطق الداخلية فيها، ولا سيما شرق وجنوب شرقي البلاد.
وأكد آشا الحاجة إلى زيادة الرقابة على الشركات التي تقوم بدور الوساطة بين المستثمرين الأجانب ومالكي العقارات، منوهًا بأن مطالبة تلك الشركات بعمولات مرتفعة من كلا الطرفين تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنازل والعقارات، بنسبة تصل إلى 5 أو 10 في المائة عن السعر الحقيقي.
وتصدر المستثمرون السعوديون قائمة الاستثمار الأجنبي في مجال العقارات بتركيا في عام 2015، حيث بلغ إجمالي أملاكهم من العقارات أكثر من مليون متر مربع، بعد أن كان إجمالي ما يملكه المستثمرون السعوديون 402 ألف متر مربع خلال عام 2014، وذلك يرجع إلى تعديل قوانين تملك الأجانب في تركيا.
ويبلغ عدد السياح السعوديين الذين يقضون إجازاتهم في المدن التركية في الوقت الحالي نحو 40 ألف سائح، معظمهم يتوجهون إلى مدن شمال تركيا بمنطقة البحر الأسود وأهمها طرابزون، إضافة إلى مدينة إسطنبول.
ويرجح الخبراء استمرار ارتفاع جاذبية السوق العقارية التركية لرؤوس الأموال السعودية في ظل الانخفاض النسبي لأسعار العقارات السكنية والسياحية في تركيا مع تراجع الليرة التركية، كما لم تحدث انسحابات ملموسة للمستثمرين العقاريين السعوديين بعد الانقلاب الفاشل، وإن كان بعض المستثمرين فضل تأجيل الدخول في استثمارات جديدة كانوا ينوون البدء فيها خلال الإجازة الصيفية الحالية، حتى تتضح الأوضاع.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»