نشطاء يغلقون مقر الأمم المتحدة في رام الله بعد تدهور حالة بلال كايد

الأسير المضرب إلى غرفة الإنعاش.. والمحكمة تؤجل النظر في التماس حول وضعه

نشطاء يغلقون مقر الأمم المتحدة في رام الله بعد تدهور حالة بلال كايد
TT

نشطاء يغلقون مقر الأمم المتحدة في رام الله بعد تدهور حالة بلال كايد

نشطاء يغلقون مقر الأمم المتحدة في رام الله بعد تدهور حالة بلال كايد

أغلق نشطاء فلسطينيون، أمس، مقر هيئة الأمم المتحدة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، احتجاجًا على ما وصفوه: «تقصير الهيئة الدولية في ملف الأسير بلال كايد المضرب عن الطعام منذ 68 يومًا». وتظاهر عشرات من النشطاء أمام مقر المنظمة الدولية، وأعلنوه مغلقا، مطالبين بتحرك أكثر جدية لإنقاذ كايد الذي نقل إلى غرفة الإنعاش بسبب تردي وضعه الصحي.
وقال المحتجون في بيان وزع على وسائل الإعلام: «باسم عائلة وأصدقاء ومناصري الأسير الإداري المضرب عن الطعام، بلال كايد، نعلن قيامنا بإغلاق مقر الأمم المتحدة في رام الله، احتجاجًا على تقاعسهم عن اتخاذ أي خطوات جدية لدعم أسير مستمر في إضرابه عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي».
وأضاف البيان: «نحن موجدون هنا لنذكركم بما تدعون أنه التزام بتعزيز وحماية تمتع جميع الناس بجميع حقوق الإنسان المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وفي القوانين والمعاهدات الدولية، وتفعيلكم لهذه الحقوق تفعيلاً كاملاً». وتابع أن «إهمال الأمم المتحدة لقضية بلال كايد وعشرات الأسرى الفلسطينيين المضربين، هو انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة، وما يدعيه من الالتزام بالمبادئ الأساسية الإنسانية لقيم الكرامة والحرية، ونحن نعلن رفضنا لأن نكون شركاء في هذا الصمت».
وطالب المحتجون بتحرك أسرع وأكثر حزمًا من قبل الأمم المتحدة، للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي من أجل الإفراج عن الأسير بلال كايد وكل الأسرى الإداريين، خاصة الذين يخوضون إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على اعتقالهم.
وطالبوا الأمم المتحدة باتخاذ خطوات جادة، تتجاوز التصريحات والإعراب عن القلق، والسعي لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري والاعتقال التعسفي ومحاسبة السلطات الإسرائيلية على جرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني وخاصة الأسرى.
واضطرت الشرطة الفلسطينية لفض المظاهرة لإعادة فتح مقر الأمم المتحدة، وهو ما أدانته الجبهة الشعبية التي ينتمي إليها كايد.
وجاء التصعيد الفلسطيني بعد أن أجلت المحكمة العليا الإسرائيلية أمس، النظر في الالتماس الذي قدمته كل من مؤسسة ضمير وجمعية أطباء لحقوق الإنسان ضد مصلحة السجون الإسرائيلية.
ونظر قضاة المحكمة في المواد السرية بحضور ممثلي الدولة والنيابة فقط بعد خروج الأهل والمحامين من القاعة. وقررت المحكمة، في نهاية مداولاتها، عقد جلسة أخرى يوم الخميس المقبل، للاطلاع مجددا على وضع كايد الصحي، ومتابعة الملف حول ظروف اعتقاله الإداري.
وكان كايد قد بدأ إضرابا مفتوحا عن الطعام في 15 يونيو (حزيران) الماضي، احتجاجا على إصدار أمر اعتقال إداري بحقه في اليوم نفسه الذي كان مقررا فيه الإفراج عنه، بعدما أمضى حكما بالسجن 14 عاما ونصف عام، بعد إدانته بالانتماء إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وأكد شقيق كايد، أنه تم نقله إلى العناية المكثفة في مستشفى إسرائيلي: «بسبب تردي حالته الصحية وبلوغها مرحلة الخطر الشديد».
وكان محامي نادي الأسير الفلسطيني زار كايد أمس، في مستشفى برزلاي في مدينة عسقلان، وقام بإبلاغ العائلة أن الأطباء في المستشفى قاموا بنقله إلى العناية المركزة، وأضاف المحامي أن «كايد لم يستطع التحدث معه بسبب وضعه الصحي الصعب».
ويطالب كايد من خلال إضرابه المتواصل منذ منتصف يونيو الماضي بإنهاء اعتقاله التعسفي، ووقف سياسة الاعتقال الإداري بحقه.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.