3 محافظات خارج سيطرة «مركزي» صنعاء.. وتحرك لاستحداث «بنك مواز»

مسؤول مالي في حكومة بن دغر: سنجفف مصادر تمويل الحرب

3 محافظات خارج سيطرة «مركزي» صنعاء.. وتحرك لاستحداث «بنك مواز»
TT

3 محافظات خارج سيطرة «مركزي» صنعاء.. وتحرك لاستحداث «بنك مواز»

3 محافظات خارج سيطرة «مركزي» صنعاء.. وتحرك لاستحداث «بنك مواز»

وسط تحرك يمني لاستحداث بنك مواز، أعلنت محافظة المهرة (أقصى شرق اليمن) أمس، فك ارتباطها مع البنك المركزي اليمني، في ضوء قرار رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد بن دغر، في وقت علمت فيه «الشرق الأوسط» من مصادر مصرفية في عدن، أن توجيهات صدرت، أمس، من مكتب محافظ المحافظة، اللواء عيدروس الزبيدي، إلى الجهات المختصة بتوريد الإيرادات الخاصة بالمحافظة إلى حساب مخصص للحكومة في عدن.
وفي هذا السياق، جاء في مذكرة من مدير مكتب وزارة المالية في عدن، علي طه صالح بهذا الخصوص، موجهة إلى بعض المكاتب الإيرادية في عدن تأكيد على: «سرعة إيرادات الجمارك إلى الحسابات الإيرادية الجديدة المفتوحة طرف البنك المركزي اليمني - عدن تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية التي تقضي بنقل ميزانية مستقلة للعاصمة المؤقتة عدن، وذلك نتيجة لهيمنة نظام صنعاء على مقدرات البلاد والمركزية الشديدة»، وأكد نزار أنور، المتحدث باسم السلطة المحلية في عدن، صدور تلك التوجيهات بتوريد إيرادات محافظة عدن إلى حساب خاص للحكومة في عدن، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «توجيهات رئيس الجمهورية ودولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر كانت واضحة في هذا الصدد والأمر فقط هو إنفاذ لتلك التوجيهات التي صدرت».
وأبلغ مسؤول بارز في وزارة المالية اليمنية «الشرق الأوسط» أن الكثير من المحافظات سوف تتخذ هذا الإجراء في وقت قريب، لكنه أشار إلى ترتيبات كبيرة تجري للتطبيق العملي لفك الارتباط مع البنك المركزي في صنعاء، والذي يسيطر عليه الانقلابيون. وقال المسؤول اليمني، الذي رفض الكشف عن هويته، إن الترتيبات تجري لبحث الخيار البديل «بالطرق المناسبة»، خاصة فيما يتعلق بالجهة التي ستورد إليها أموال الإيرادات العامة للدولة من المحافظات المحررة، وحول النتائج الإيجابية المتوخاة من هذا الإجراء، قال المسؤول اليمني إن المسألة «لا تؤخذ من زاوية الإيجاب أو السلب، وإنما من أنها نتيجة حتمية لخروج البنك المركزي عن حياده واستقلاليته في إدارة السياسة النقدية، وفقا للسياسة النقدية للحكومة، وهي إحدى الوظائف الرئيسية للبنك المركزي»، مؤكدا أن الوضع الذي بات عليه البنك المركزي «حتم على الحكومة اليمنية الوصول إلى هذه النتيجة في التعامل مع جهاز أصبح خارج الحيادية والاستقلال ووظائفه الأساسية».
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كان إجراء وقف التعامل مع البنك المركزي وفك فروع البنك ارتباطها بالمركز الرئيسي الذي يخضع لسيطرة الميليشيات الحوثية، خلافا لما كان منصوص عليه فيما كانت تعرف بالهدنة الاقتصادية، سوف يؤدي إلى تجفيف الإيرادات التي يستخدمها الانقلابيون فيما يسمى «المجهود الحربي» وهي مبالغ طائلة، قال المسؤول في وزارة المالية اليمنية: «هذا صحيح، لكن لا بد من النظر أولا في الجهاز البديل الذي سيسد الفراغ الناتج عن وقف التعامل مع البنك المركزي في صنعاء، خاصة فيما يتعلق بنظام المدفوعات والسياسة النقدية»، وأكد المسؤول اليمني جازما أن «الخطوات المقبلة غاية في الأهمية، فيما يتعلق بسد الفراغ». وكان رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أعلن، قبل عدة أيام، قرارا بوقف التعامل مع البنك المركزي في صنعاء، بعد قيام الانقلابيين (الحوثي - صالح) بإقالة عضوين في مجلس إدارة البنك وتعيين بديلين لهما. إذ اعتبرت الحكومة اليمنية الإجراء مخلا بحيادية البنك ومخالف للدستور، خاصة أن الدول الراعية لعملية السلام في اليمن، وتحديدا الدول الغربية، كانت اقترحت هدنة اقتصادية مع اندلاع الحرب في اليمن، ونصت تلك الهدنة على بقاء البنك المركزي في صنعاء وأن يعمل بشكل محايد. غير أن الحكومة اليمنية كشفت، مؤخرا، أن الانقلابيين استولوا على الاحتياطي النقدي للبنك والمقدر بنحو 5 مليارات دولار أميركي، إلى جانب الاستيلاء على أموال الصناديق، كالضمان الاجتماعي والتقاعد وغيرهما، في وقت قامت فيه الميليشيات بوقف مرتبات العاملين مع قوات الشرعية، في المؤسسات المدنية والعسكرية في المحافظات المحررة. وكانت السلطة المحلية في محافظة مأرب قامت بعملية فك ارتباط مع البنك المركزي في صنعاء، قبل عدة أشهر، بعد مشكلة إدارية مع المركز الرئيسي للبنك في صنعاء، قام الأخير في ضوئها بفصل فرع البنك بمأرب عن النظام المركزي، وباتت مأرب محافظة مستقلة ماليا وإداريا. ويعد الجانب الاقتصادي والعوائد المالية للحكومة اليمنية الشرعية، من أبرز القضايا التي تدور بشأنها النقاشات، منذ أشهر، بين الحكومة والدول الغربية، حيث تتحفظ بعض الدول على اتخاذ أي إجراء حكومي بوقف إرسال الإيرادات المالية إلى البنك المركزي في صنعاء، في وقت يؤكد فيه المسؤولون اليمنيون أن الأموال التي تورد إلى البنك، يتم استخدامها فيما يسمى المجهود الحربي وتستخدم في تمويل الحرب ضد اليمنيين، وبأن عمل البنك المركزي لم يعد محايدا، كما نصت الهدنة الاقتصادية.
وفي سياق الإجراءات الحكومية لوقف نزيف الاحتياطي اليمني من قبل الميليشيات الانقلابية، أبلغت الحكومة اليمنية، في الـ6 من الشهر الحالي، صندوق النقد الدولي بإلغاء توقيع محافظ البنك المركزي اليمني، محمد بن همام، وتجميد حسابات البنك في الخارج، بعد نهب الاحتياطي في الداخل من قبل الانقلابيين.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.