الفقي المهدي يعترف بهدم أضرحة في تمبكتو

قال للمحكمة الجنائية الدولية إنه كان تحت تأثير «القاعدة»

الفقي المهدي يعترف بهدم أضرحة في تمبكتو
TT

الفقي المهدي يعترف بهدم أضرحة في تمبكتو

الفقي المهدي يعترف بهدم أضرحة في تمبكتو

اعترف أحمد الفقي المهدي المتشدد المالي أمس أمام المحكمة الجنائية الدولية بأنه أمر وشارك في تدمير أضرحة مدرجة على لائحة التراث العالمي للإنسانية في مدينة تمبكتو في مالي، مطالبًا الصفح من شعبه، وداعيًا المسلمين إلى عدم القيام بمثل هذه الأعمال «الشريرة».
وهذه المحاكمة تشكل سابقة للمحكمة الجنائية الدولية من نواحٍ عدة. فالمهدي هو أول متهم يحاكم لجرائم حرب تتعلق بتدمير تراث ثقافي، وأول شخص يعترف بذنبه في تاريخ المحكمة. كما هو أول مالي يشتبه بأنه متطرف يمثل أمام القضاء الدولي، والأول الذي يحاكم لجرائم وقعت خلال النزاع في مالي.
وقال أحمد الفقي المهدي بعد تلاوة محضر الاتهام: «يؤسفني القول أن كل ما سمعته حتى الآن صحيح ويعكس الأحداث»، مضيفًا: «أقر بأنني مذنب». وتابع الفقي المهدي: «أطلب منهم (الشعب المالي) الصفح وأطلب منهم أن يعتبروني ابنًا ضل طريقه». وقال: «أمثل أمامكم يملؤني الندم والأسف»، مضيفًا: «أشعر بالندم على أفعالي، وعلى كل الأضرار التي سببتها لأحبائي، ولإخوتي، ولأمي، لوطني، جمهورية مالي، والإنسانية جمعاء».
وتتهم المحكمة في هذه المحاكمة غير المسبوقة، الفقي المهدي الذي ينتمي إلى الطوارق، بأنه «قاد عمدًا هجمات» على تسعة أضرحة في تمبكتو، وعلى باب مسجد سيدي يحيى بين 30 يونيو (حزيران) و11 يوليو (تموز) 2012.
وكانت مدينة تمبكتو التي أسستها في القرن الخامس قبائل من الطوارق، ازدهرت بفضل قوافل التجارة وأصبحت مركزًا ثقافيًا كبيرًا للإسلام، بلغ ذروته في القرن الخامس عشر. وأمر الفقي المهدي بصفته رئيس «الحسبة»، بشن هجمات وشارك في الهجوم على أضرحة الأولياء وتدميرها بالمعاول وأدوات هدم أخرى.
وقالت مدعية المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، إن «هذه المباني كانت الأشهر في تمبكتو وتشكل جزءًا من إرثها التاريخي وجزءا من تاريخ مالي والعالم». وأضافت أنها جريمة تشكل ضربة للقيم العالمية التي يتوجب علينا حمايتها»، معتبرة أن «ما حدث في تمبكتو صفحة سوداء في تاريخ المدينة». وكانت بنسودا قالت لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مهاجمة وتدمير المواقع والرموز الثقافية والدينية لمجموعات سكانية هما اعتداء على تاريخها». وأضافت: «يجب ألا يفلت من القضاء أي شخص يدمر ما يجسد روح الشعوب وجذورها».
وصرح القضاة بأن المحاكمة يفترض أن تستمر أسبوعًا. وسيقدم كل من الاتهام والدفاع مرافعته، أما الإدانة والحكم فسيعلنان في وقت لاحق.
ويؤكد الاتهام أن هذا الرجل الذي يضع نظارات رقيقة والمولود قرابة العام 1975، كان عضوا في جماعة أنصار الدين المؤلفة من الطوارق والتي سيطرت في 2012 على شمال مالي، وضمنه تمبكتو على بعد ألف كيلومتر شمال شرق باماكو، مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، لنحو عشرة أشهر قبل تدخل دولي بدأ في يناير (كانون الثاني) 2013.
وتقرب الفقي المهدي من «السادة» الجدد في تمبكتو، وأصبح منظرهم ورئيس الحسبة. وقد شكلها في أبريل (نيسان) 2012، والتحق بجماعة أنصار الدين. ويطلق على تمبكتو اسم «مدينة الـ333 وليًا» بوحي من أضرحة الأولياء الذين يتبرك بهم سكان المدينة في حياتهم، من الزواج إلى صلوات الاستسقاء في أوقات الجفاف.
ويقول محضر الاتهام إن المتطرفين حاولوا القضاء على هذه الشعائر قبل أن يلتفتوا إلى تدمير الأضرحة.
وأكد مصدر في مكتب المدعي العام أن الاتهام سيطلب السجن بين تسع سنوات و11 عاما للفقي المهدي. وأكد أحد محاميه، جان لوي جيليسن أن المتهم ينوي استئناف الحكم إذا صدر الحكم بهذه المدة.
وقال أحمد الفقي المهدي إنه كان حينذاك «تحت سطوة عصابة من قادة (القاعدة) وأنصار الدين وخضع لضغوطهم». وأضاف: «بقي أن أوجه رسالة إلى كل مسلمي العالم: لا تقوموا بهذا النوع من الأعمال التي لا حدود لعواقبها ولا فائدة منها». وتابع: «أملي أن تسمح لي السنوات التي سأقضيها في السجن بتطهير نفسي من الأرواح الشريرة التي سيطرت علي».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».