الجامعات البريطانية.. استهداف نوعي لطلبة ما بعد {الخروج}

«الخارجية» لـ«الشرق الأوسط»: ملتزمون بتخفيض الهجرة.. ونسعى لاستقدام الألمع فقط

كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن (تصوير: جيمس حنا)
كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن (تصوير: جيمس حنا)
TT

الجامعات البريطانية.. استهداف نوعي لطلبة ما بعد {الخروج}

كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن (تصوير: جيمس حنا)
كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن (تصوير: جيمس حنا)

يتمتع قطاع التعليم العالي في المملكة المتحدة بسمعة عالمية من حيث الجودة ويجتذب طلابا لامعين في مجالاتهم من كل أرجاء العالم، إلا أن الجامعات البريطانية تجد نفسها اليوم أمام تحد وجودي بين التأقلم مع الاتجاه الجديد لسياسة الهجرة بعد استفتاء الانسحاب من الاتحاد الأوروبي والهادف لضبط وخفض عدد الوافدين للمملكة المتحدة من جهة، والحفاظ على جاذبيتها لدى الطلاب الأجانب أوروبيا ودوليا، من جهة أخرى.
وأثارت تصريحات رئيسة الوزراء تيريزا ماي حول إجراءات جديدة تهدف لتخفيض الهجرة القادمة لبريطانيا، مخاوف في الأوساط التعليمية من استهداف الحكومة استقدام الطلاب الأجانب. وذكرت الصحافة المحلية بهذا الصدد أن ماي ترى الجامعات طريقا سهلا لتسرب الهجرة غير الشرعية لبريطانيا، ودعمت الأصوات المطالبة بتضييق شروط القبول في الجامعات ومنح التأشيرات لتقتصر على أفضل المرشحين فحسب. وأكّدت مصادر مطلعة أنه إلى جانب إغلاق الجامعات الوهمية وبعض معاهد اللغة متدنية المستوى، ستشمل الإجراءات التي تتجه ماي لاتخاذها مطالبة الجامعات المعتمدة بعدم تسويق برامجهم الدراسية كطرق للحصول على وظيفة في بريطانيا، والتعجيل بعملية عودة الطلاب الأجانب إلى بلدانهم فور انتهاء فتراتهم الدراسية.
ويمثل قطاع التعليم العالي هدفا مختارا لسياسة الهجرة التي التزمت تيريزا ماي بفرضها عقب تسلمها مهام رئاسة الوزراء خلفا لديفيد كاميرون الذي استقال مجبرا بعد فشله في إقناع مواطنيه بالبقاء في الاتحاد الأوروبي. وعاد النقاش حول تخفيض عدد المهاجرين من الطلاب إلى الواجهة أخيرا بعد أن شكك البعض في التزام ماي بالسيطرة على الحدود البريطانية ووقف معدل الهجرة عند مائة ألف سنويا بدل 300 ألف؛ خاصة أن خالص الهجرة الطلابية (أي الفرق بين عدد الطلاب الوافدين إلى بريطانيا والعائدين منها) بلغ 93 ألفا العام الماضي.
وأكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «بريطانيا تواصل استقبال أفضل وألمع الطلبة الدوليين في جامعاتنا المرموقة، ولا نهدف لوضع حد لعدد الطلبة الدوليين ذوي مصداقية الذين يرغبون في الدراسة هنا». في المقابل، شددت المتحدثة على أن الحكومة واضحة بشأن ضرورة رحيل الطلبة الدوليين بمجرد انتهاء دراستهم، إن لم ينجحوا في الحصول على عمل في المملكة المتحدة. وأوضحت بهذا الشأن أن «الحكومة ملتزمة بتخفيض صافي الهجرة إلى مستويات مستدامة، وتواصل استكشاف الخيارات المتاحة لتحقيق ذلك عبر جميع طرق الهجرة»، مضيفة أن الهدف من هذه السياسة هو التأسيس لنظام هجرة يخدم المصلحة الوطنية دون التأثير على مكانة بريطانيا كالوجهة الثانية الأكثر شعبية في العالم لطلاب التعليم العالي.
ويمكن تلخيص استراتيجية الخارجية لضبط توافد طلاب العالم على بريطانيا في ثلاثة محاور أساسية، وفقا للمتحدثة باسم الوزارة. الأول يتعلق بالتأكد من مغادرة الطلاب المملكة المتحدة عند انتهاء فترة تأشيرتهم، سعيا لضمان «نظام هجرة عادل وفعال». وأوضحت المتحدثة في هذا السياق أنه «في حين اتخذنا إجراءات لكبح جماح الهجرة في قطاع التعليم العالي، لا تزال عروضنا تنافسية للغاية بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في الدراسة في جامعات ذات مستوى عالمي».
أما المحور الثاني فيتعلق بإصلاح نظام الهجرة، حيث تسعى حكومة ماي إلى تخفيض الاحتيال، ومنعت أخيرا أكثر من 920 كلية من استقبال طلاب «محتالين أو مستوياتهم ضعيفة» إلى المملكة المتحدة. وخلال شغلها منصب وزيرة الداخلية، أطلقت ماي حملة لإغلاق الجامعات «الوهمية» التي يتمكّن من خلالها بعض الطلاب من الحصول على تأشيرات دخول لبريطانيا، إلا أنها التزمت منذ توليها رئاسة الوزراء بتعزيز الإجراءات المتعلّقة بسبل القبول الشرعية كطريقة لتخفيض نسبة الهجرة إلى البلاد. وذكر الإعلام البريطاني الأسابيع الماضية أن هذه ليست المرة الأولى التي تفرض فيها قيود على تأشيرة السفر للدراسة، حيث وجّهت ماي خلال فضيحة الغش في امتحانات اللغة الإنجليزية قرارا بترحيل 48 ألف طالب أجنبي معظمهم لم يكن متورطا في القضية.
أما المحور الثالث والأخير، فيتعلق بالرقابة المشددة التي تمارسها الجهات المهتمة في وزارة الخارجية على المؤسسات التعليمية التي تستفيد من نظام «الرعاية» الذي يتيح لها استقبال الطلاب الأجانب. وتطالب الحكومة هذه المؤسسات بأنظمة امتثال لقواعد الهجرة، مقابل المخاطرة بفقدان امتياز رعاية العمال والطلاب الدوليين. وأكدت المتحدثة باسم الخارجية في تصريحاتها عبر البريد الإلكتروني: «نراقب باستمرار جميع الرعاة (الرسميين)، وسنتخذ الإجراءات المناسبة بحق أي مؤسسة لا تفي بجميع واجباتها. هذا ويمكن أن تشمل هذه الإجراءات إلغاء الترخيص، ومنع الراعي من استقبال الطلاب الأجانب في المملكة المتحدة». سلطت تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الضوء بشأن فرض إجراءات جديدة تهدف إلى تخفيض الهجرة القادمة لبريطانيا، لتشمل الطلاب الأجانب الحاصلين على تأشيرات تتيح لهم الدراسة في بريطانيا.
وكان قطاع التعليم العالي في المملكة المتحدة مؤيدا قويا للبقاء في الاتحاد الأوروبي، ما دفع القيادات الجامعية في البلاد إلى مساءلة السياسيين حول التداعيات المالية والفكرية المترتبة عن الخروج. وتستفيد الجامعات البريطانية من التمويل الأوروبي للمشاريع البحثية في مخلف القطاعات إلى حد كبير، إلى جانب شراكة قوية مع بعض أفضل مؤسسات التعليم العالي الأوروبية. وطالب رؤساء الجامعات من الحكومة تقديم ضمانات ملموسة حول تخصيص ميزانية خاصة بالبحث الأكاديمي، في حال سحب الاتحاد الأوروبي تمويله. كما يطرح الخروج من «الأوروبي» قضية أخرى تتعلق بمصير الطلبة والموظفين الأوروبيين في الجامعات البريطانية، حيث يهدد ذلك الطابع الدولي للمؤسسات البريطانية.
بهذا الصدد، أشار نائب رئيس جامعة شيفيلد لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى أن 4 شركاء أوروبيين من أصل 12 تراجعوا عن رغبتهم في المساهمة في مشاريع بحثية، بسبب ضبابية موقف بريطانيا عقب استفتاء 23 يونيو (حزيران) الماضي. وأضاف أن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي لا يعني بالضرورة مغادرة شبكة البحث الأوروبية، حيث إن بريطانيا قد تستفيد من نماذج النرويج وسويسرا.
من جانبه، أكد مسؤول في مؤسسة «يوكاس» المهتمة بشؤون الطلاب الأجانب الملتحقين بالجامعات البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أنه رغم المخاوف من تراجع عدد الطلاب الأوروبيين بعد «البريكست»، فإن الجامعات سجلت ارتفاعا بنسبة 11 في المائة في عدد الطلبة الأوروبيين الذين قبلت طلباتهم بالالتحاق بالجامعات في السنة الدراسية 2016-2017. وهي نفس النسبة التي سجلت العام الماضي. إلا أن تقييم التأثير الأولي للخروج من «الأوروبي» لن يكون ممكنا إلا بعد نشر إحصائيات الالتحاق الفعلي (بدل المتوقع) بالجامعات بعد انطلاق الدورة الدراسية الأولى.
ويحتل الطلاب الأوروبيون مكانة مهمة في جامعات المملكة المتحدة، حيث يشكلون نحو 5 في المائة من النسيج الجامعي بنحو 125 ألف طالب أوروبي في العام الحالي. وهذه النسبة أعلى في الجامعات البريطانية المرموقة، مثال «كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية» التي يصل طلابها الأوروبيون إلى 18 في المائة.
وفي خطوة لمواجهة ما وصفه البعض بهجرة الأدمغة، طرحت بعض الجامعات عروضا مغرية لاستقطاب الطلاب البريطانيين وإقناع آخرين أجانب بالالتحاق بها في السنة الدراسية المقبلة. ولفتت صحيفة «صنداي تايمز» الأسبوعية بهذا الصدد أن بعض مؤسسات التعليم العالي تقدم تذاكر مباراة قدم مجانية لطلابها الجدد، وأجهزة «آيباد» محدودة لأول الملتحقين، وغيرها من المزايا.



جامعة آخن الألمانية مركز لـ«وادي سيليكون» أوروبي

جامعة آخن الألمانية  مركز لـ«وادي سيليكون» أوروبي
TT

جامعة آخن الألمانية مركز لـ«وادي سيليكون» أوروبي

جامعة آخن الألمانية  مركز لـ«وادي سيليكون» أوروبي

تعد الجامعة الراينية الفستفالية العليا بآخن هي أكبر جامعة للتكنولوجيا في ألمانيا وإحدى أكثر الجامعات شهرة في أوروبا. وفي كل عام، يأتيها الكثير من العلماء والطلاب الدوليين للاستفادة من المناهج ذات الجودة الفائقة والمرافق الممتازة، والمعترف بها على المستوى الأكاديمي الدولي.
تأسست الجامعة في عام 1870 بعد قرار الأمير ويليام أمير بروسيا استغلال التبرعات في إقامة معهد للتكنولوجيا في موضع من المواضع بإقليم الرين. وكان التمويل من المصارف المحلية وإحدى شركات التأمين يعني أن يكون موقع الجامعة في مدينة آخن، ومن ثم بدأت أعمال البناء في عام 1865 افتتحت الجامعة أبوابها لاستقبال 223 طالبا خلال الحرب الفرنسية البروسية. وكان هناك تركيز كبير على مجالات الهندسة ولا سيما صناعة التعدين المحلية.
على الرغم من استحداث كليات الفلسفة والطب ضمن برامج الجامعة في ستينات القرن الماضي، فإن الجامعة لا تزال محافظة على شهرتها الدولية كأفضل أكاديمية للعلوم الطبيعية والهندسة - ومنذ عام 2014، تعاونت الجامعة مع المدينة لمنح جائزة سنوية مرموقة في علوم الهندسة إلى الشخصيات البارزة في هذه المجالات.
يرتبط التركيز الهندسي لدى الجامعة بالعلوم الطبيعية والطب. وترتبط الآداب، والعلوم الاجتماعية، وعلوم الاقتصاد هيكليا بالتخصصات الأساسية، الأمر الذي يعتبر من المساهمات المهمة لبرامج التعليم الجامعي والبحث العلمي في الجامعة. ومن خلال 260 معهدا تابعا وتسع كليات، فإن الجامعة الراينية الفستفالية العليا بآخن تعد من بين المؤسسات العلمية والبحثية الكبيرة في أوروبا.
حظيت الجامعة على الدوام بروابط قوية مع الصناعة، مما أوجد نسخة مماثلة لوادي السليكون الأميركي حولها، وجذب مستويات غير مسبوقة من التمويل الأجنبي لجهود البحث العلمي فيها. ومن واقع حجمها ومساحتها، تعتبر مدينة آخن المدينة الألمانية المهيمنة على الشركات والمكاتب الهندسية المتفرعة عن الجامعة.
ولقد تم تطوير أول نفق للرياح، وأول مسرع للجسيمات في العالم في الجامعة الراينية الفستفالية العليا بآخن. ومن بين الابتكارات الكبيرة التي تم تطويرها داخل حرم الجامعة هناك طائرة رائدة مصنوعة بالكامل من المعدن، إلى جانب جهاز لترشيح سخام الديزل.
وبالنسبة لاستراتيجيتها لعام 2020 تعرب جامعة آخن عن التزامها بالأبحاث العلمية متعددة التخصصات، والتي، إلى جانب تنوعها، ودوليتها، والعلوم الطبيعية لديها، تشكل واحدة من التيمات الأربع الرئيسية للأعمال التي يجري تنفيذها في حديقة الأبحاث العلمية بالجامعة. كما تهدف الجامعة أيضا إلى أن تحتل المرتبة الأولى كأفضل جامعة تكنولوجية ألمانية وواحدة من أفضل خمس جامعات أوروبية في هذا المجال.
ومن بين أبرز خريجي الجامعة نجد: بيتر جوزيف ويليام ديبي، الزميل البارز بالجمعية الملكية، وهو عالم الفيزياء والكيمياء الأميركي من أصول هولندية. والمهندس الألماني والتر هوهمان الحائز على جائزة نوبل والذي قدم إسهامات مهمة في إدراك الديناميات المدارية. بالإضافة إلى فخر الدين يوسف حبيبي، زميل الجمعية الملكية للمهندسين، ورئيس إندونيسيا في الفترة بين عامي 1998 و1999.