إلى كتلة من الركام تحولت حارة الطفل «عمران» في حي القاطرجي في حلب، غير أن أجزاء من منزله ما زلت صامدة، رغم تضرره بشكل كبير.
عمران صاحب الصورة الشهيرة، التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، جلس على كرسي سيارة الإسعاف ينظر إلى كاميرا المصور السوري «ساروت الحلبي»، ويرمقها بنظرات تعلوها الحيرة والترقب، ويمسح عن وجهه الغبار والدماء محاولاً استيعاب ما جرى، قبل أن يأتي المسعف «عمار» بطفلين مصابين مثله إلى جانبه.
صحبنا المسعف «عمار» والمصور «ساروت الحلبي» في مركز حلب الإعلامي، إلى موقع الحادثة.. مبنى من خمسة طوابق سوي بالأرض تمامًا، بينما هدمت أجزاء من المباني المجاورة بشكل كبير، ومن بينها منزل «عمران». لم نجد عمران، ولا عائلته، أخبرنا الجيران أنهم ذهبوا للبحث عن مأوى لهم. يقول «ساروت» متحدثًا لـ«الشرق الأوسط»: «توجهت على فوري لحي القاطرجي، بعد أن أغارت عليه الطائرة، وعند وصولي أخبرني الأهالي أن ثلاثة أشخاص (استشهدوا)، فيما لا يزال آخرون عالقين تحت الأنقاض ووسط المباني المهدمة».
حي القاطرجي، أحد الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب، التي تتعرض هذه الأيام لقصف عنيف من قبل السلاح الجوي الروسي والتابع لنظام بشار الأسد، الأمر الذي يخلف عشرات القتلى والجرحى يوميًا. ويضيف ساروت: «عمران كان في منزله في الطابق الثاني، كان الوصول إليه صعبًا لأن الدرج كان مهدمًا، لكن فرق الدفاع المدني تمكنت من الوصول إليه من خلال التسلل من المبنى المجاور». وتابع حديثه: «كان عمران مضرجًا بالدماء عند وصوله سيارة الإسعاف، لا أدري كيف تمالكت نفسي وأنا ألتقط الصور له، شعرت أنه واحد من أفراد أسرتي».
أما عمار الذي اعتاد على مثل هذه المشاهد، كونه مسعفًا في منظومة الإسعاف التابعة لمجلس المحافظة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «كان شعوري غريبًا، فهو يجمع بين الحزن والفرح، الحزن على الشهداء والمصابين والفرح لأنني تمكنت من إنقاذ أحد الأرواح». ويضيف: «أصيب عمران بثلاث شظايا، مما جعل الدماء تسيل من رأسه، لكنه رغم ذلك لم يبكِ ولم يصرخ، كان الذهول قد تمالكه بشكل جعله وكأنه فاقد لحواسه.. طفل مثل عمران لم يبلغ الخامسة من عمره ما ذنبه؟ ما الذنب الذي اقترفه حتى يصاب ويهجر هكذا؟». لا ندري ما هو السر الذي أنجى عمران، من موت كان يلوح إليه بيده.. طفل أبكى العالم لكنه لم يبكِ رغم جراحه.
عمران.. طفل أبكى العالم لكنه لم يبكِ رغم جراحه
عائلته تبحث عن مأوى بعد انهيار منزلها في غارات للنظام
عمران.. طفل أبكى العالم لكنه لم يبكِ رغم جراحه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة