الحكومة اليمنية تتبرأ من التعامل مع تركيبة «المركزي» الجديدة

بن دغر: إجراءات الحوثيين بإقالة مجلس إدارة البنك مخالفة للدستور

الحكومة اليمنية تتبرأ من التعامل مع تركيبة «المركزي» الجديدة
TT

الحكومة اليمنية تتبرأ من التعامل مع تركيبة «المركزي» الجديدة

الحكومة اليمنية تتبرأ من التعامل مع تركيبة «المركزي» الجديدة

قال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، إن حكومته لن تتعامل مع البنك المركزي، في صنعاء، بعد أن أقدم الانقلابيون على إقالة عضوين في مجلس إدارة البنك وتعيين بديلين لهما من الموالين، واعتبر بن دغر هذا الإجراء الذي أقدم عليه الانقلابيون: «عملاً مخالفًا للدستور والقوانين التي تعطي رئيس الجمهورية وحده حق تعيين أو تغيير مجلس الإدارة والمحافظ»، كما اعتبره «إجراء سياسيا غير مسؤول يزيد من حدة الانقسامات الوطنية في المجتمع والدولة، ويضفي مزيدًا من السيطرة الحوثية الانقلابية علي مفاصل المنظومة المالية والمصرفية في البلاد». وأضاف رئيس الوزراء اليمني أن «هذا الإجراء يؤدي إلى تسييس المجلس وتبعيته للانقلابيين تمهيدًا للاستيلاء على ما تبقى من موارد الدولة في الداخل والخارج والعبث بها لصالح ما يسمى بالمجهود الحربي»، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» عن بن دغر تأكيده على أن «السلطة الشرعية ممثله بفخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية والحكومة اليمنية، لن تتعامل منذ اليوم مع مجلس إدارة البنك المركزي بتركيبته الجديدة وأنها تدعو محافظ البنك المركزي إلى عدم التعامل مع التغيير في مجلس إدارة البنك وإدارته التنفيذية لعدم قانونيته، وتعارضه مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216».
وجاءت هذه الخطوة التصعيدية من قبل الانقلابيين في صنعاء، بعد أيام على تشكيل ما سمي «المجلس السياسي لإدارة البلاد» الذي يضم طرفي الانقلاب (الحوثي - صالح)، وبعد محاولة منح هذا المجلس شرعية عبر مجلس النواب، وهو برلمان توافقي ليس من صلاحياته التصويت لصالح كتلة أو طرف سياسي معين. كما جاءت هذه الخطوة في وقت تحظى فيه قضية البنك المركزي والاحتياطيات المالية الكبيرة التي سحبها الانقلابيون من خزينة البنك والتي تجاوزت الـ5 مليارات دولارات، باهتمام من المجتمع الدولي والدول الراعية لعملية السلام في اليمن، التي تسعى إلى استمرار ما سميت الهدنة الاقتصادية، التي تنص على حيادية البنك المركزي، وهي الحيادية التي تعرضت للانتهاك من قبل الانقلابيين، بحسب الحكومة اليمنية.
ووفقا لمراقبين يمنيين، فإن إجراءات الانقلابيين في صنعاء، ستعزز موقف الحكومة اليمنية التي تطالب بإنهاء الهدنة الاقتصادية وبنقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن، خاصة في ظل الضغوط المحلية التي تمارس عليها من قبل المحافظات المحررة التي تعد من المحافظات النفطية، كحضرموت وشبوة ومأرب، باتجاه نقل البنك وعدم إرسال الإيرادات المالية إلى البنك المركزي في صنعاء، الذي بينت الحكومة اليمنية أن الانقلابيين سحبوا ما يربو على 100 مليون دولار شهريا من خزينته لصالح ما يسمونه «المجهود الحربي»، في وقت استولوا فيه على أموال الصناديق والضمان الاجتماعي وقطعوا المرتبات عن قطاع واسع من الموظفين المدنيين والعسكريين الموجودين في المحافظات المحررة، ومنعوا الميزانيات عن تلك المحافظات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم