أجواء حرب باردة في شبه الجزيرة الكورية

مع بدء مناورات عسكرية مشتركة بين سيول وواشنطن

أجواء حرب باردة في شبه الجزيرة الكورية
TT

أجواء حرب باردة في شبه الجزيرة الكورية

أجواء حرب باردة في شبه الجزيرة الكورية

قال كيم يونغ - هيون، الخبير في شؤون كوريا الشمالية في جامعة دونغوك إن «العلاقات بين الشمال والجنوب لم تكن متوترة إلى هذا الحد منذ فترة الحرب الباردة في السبعينيات». سيول وبيونغ يانغ كانتا تتنافسان في أغسطس (آب) 2015 في إشاعة أجواء من التفاؤل بعد مفاوضات ماراثونية مثمرة. وبعد سنة، قطعت كل الاتصالات وخيمت أجواء حرب باردة على شبه الجزيرة الكورية.
إذ أكد معهد الطاقة الذرية الكوري الشمالي أن بيونغ يانغ استأنفت إنتاج البلوتونيوم ولا تنوي التوقف عن إجراء تجاربها النووية طالما استمرت واشنطن في «تهديدها».
وأوضح المصدر أن معهد الطاقة الذرية الكوري الشمالي الذي يشرف على مجمع بيونغيون أهم موقع نووي في كوريا الشمالية، استأنف الإنتاج بهدف تصنيع أسلحة وطاقة نووية «كما كان مقررا»، وفق ما نقلت وكالة كيودو اليابانية للأنباء. وقال المعهد: «أعدنا معالجة قضبان وقود نووي سحبت من المفاعل»، من دون توضيح حجم ما أنتج. وبإمكان مجمع بيونغيون حين يعمل بكامل طاقته، أن ينتج نحو ستة كيلوغرامات من البلوتونيوم سنويا وهي كمية كافية لقنبلة نووية واحدة أو اثنتين.
وكان معهد أميركي في يونيو (حزيران) ثم الوكالة الدولية للطاقة الذرية حذرا من أنه يبدو أن كوريا الشمالية أعادت تشغيل مصنع إعادة معالجة البلوتونيوم بغرض تصنيع أسلحة نووية.
وعندما تدهورت الأجواء بشكل حاد بعد التجربة الرابعة الكورية الشمالية في يناير (كانون الثاني)، أغلقت بيونغ يانغ خطي الاتصالات اللذين كانا مفتوحين مع الجنوب. وفي يوليو (تموز) قطعت كوريا الشمالية إحدى آخر القنوات التي كانت لا تزال قائمة مع واشنطن، فأوقفت كل اتصالاتها مع الإدارة الأميركية عبر البعثة الكورية الشمالية في الأمم المتحدة. وقال كيم يونغ - هيون إن «الانعدام التام لقنوات الاتصال بين الكوريتين وكذلك بين بيونغ يانغ وواشنطن، هو مصدر قلق فعلي».
وهذا يعني أن الحالين باتا مضطرين لاستخدام مكبرات الصوت عبر الحدود إذا ما رغبا في أن يتحدثا مع بعضهما البعض. ولم تكن المنطقة المنزوعة السلاح في مطلق الأحوال ملاذا آمنا، لأن البلدين عاودا بعد التجربة النووية الكورية الشمالية بث دعاية صاخبة عبر مكبرات الصوت في اتجاه بعضهما البعض.
وقد يتزايد التوتر الأسبوع المقبل مع بدء مناورات عسكرية مشتركة بين سيول وواشنطن تستمر أسبوعين، ويشارك فيها عشرات آلاف الجنود.
ورأى يانغ مو - جين أن بيونغ يانغ قد تقوم خلافا لعادتها برد معتدل على هذه التدريبات للحفاظ على توازن في التوتر يلائمها، لأنه يستقطب على ما يبدو المجموعة الدولية كما في أيام الحرب الباردة.
فقد تسبب قرار كوريا الجنوبية بالموافقة على نشر منظومة أميركية مضادة للصواريخ على أراضيها، بسيل من الانتقادات الصينية والروسية.
وترد مؤشرات كثيرة إلى اشتداد التوتر بين الشقيقين العدوين، مع تسجيل انشقاقات متتالية وبث رسائل مشفرة إلى جواسيس وتكثيف الدعاية المعادية بين الكوريتين. وتعد الانشقاقات على مستويات رفيعة بالتأكيد أبرز مظاهر هذا التوتر، وخصوصا انشقاق المسؤول الثاني في سفارة كوريا الشمالية في لندن تاي يونغ - هو الذي قدم لسيول لتوه خدمة دعائية كبيرة. والأسباب التي حملته على الانتقال إلى الجنوب هي بالتأكيد شخصية بقدر ما هي آيديولوجية أيضا. وبحسب باسم وزارة التوحيد الكورية الجنوبية، فإن تاي برر انشقاقه بـ«اشمئزازه» من النظام الكوري الشمالي و«بإعجابه بالنظام الحر والديمقراطي» في الجنوب.
ومن مظاهر الحرب الباردة الأخرى استئناف بيونغ يانغ على ما يبدو بث رسائل مشفرة عبر الإذاعة الرسمية، توحي من خلالها أنها تتوجه إلى عملائها الناشطين في الجنوب.
فمنذ نحو عشرين سنة، لم يعد أحد يسمع هذه الرسائل على الموجة القصيرة، والتي اعترضتها الاستخبارات الكورية الجنوبية في منتصف يونيو، وهي تتكون من سلسلة أرقام تقوم مذيعة بتلاوتها طوال دقائق. لكن لم يكن هناك ما يوحي بأن الأمور يمكن أن تبلغ هذا الحد.
فقد أعلنت الكوريتان في 25 أغسطس 2015 تسوية لإنهاء أزمة كانت تهدد بدفعهما إلى صراع مسلح. وقال مفاوض كوري شمالي في حينه إن تلك التسوية هي «منعطف جذري»، فيما وصفها رئيس المفاوضين الكوريين الجنوبيين بأنها «انطلاقة جديدة». لكن بعد عشرة أيام، عادت الحرب الكلامية على أشدها بين الكوريتين، ولو أنهما تمكنتا من إجراء مناقشات في ديسمبر (كانون الأول) على مستوى نائبي وزير. غير أن هذه المحادثات لم تسفر عن نتائج تذكر، وبددت التجربة النووية الكورية الشمالية في يناير الآمال في الحوار، وأدت إلى فرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ وإقفال مجمع كايسونغ الصناعي، آخر مشروع التعاون بين الكوريتين.
قال يانغ مون - جين، الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية، في تصريحات للوكالة الفرنسية للأنباء إن «العلاقات بين الكوريتين لم تكن يوما سيئة إلى هذا الحد في زمن السلم، فقد توقفت التجارة والمبادلات والحوار». وباتت وسائل الإعلام الرسمية الكورية الشمالية تزايد في انتقاداتها للرئيسة الكورية الجنوبية بارك غيون - هي.
وتجري مفاوضات الآن لعقد اجتماع بين وزراء خارجية كوريا الجنوبية والصين واليابان، لكن لم يتم تحديد جدول زمني بعد، طبقا لما ذكرته وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية.
وتثور تكهنات بأن الدول الثلاث ربما لن تتمكن من الاجتماع معا، خلال هذا الشهر، بسبب تصاعد النزاعات الإقليمية بين بكين وطوكيو حول الجزر الواقعة في بحر الصين الشرقي، التي يطلق عليها اسم «سينكاكو» في اليابان و«دياويو» في الصين.
وهناك أيضا خلافات بين كوريا الجنوبية والصين بشأن قرار سول نشر بطارية دفاع جوي للارتفاعات العالية (ثاد) على أراضيها، مما أثار اعتراضا قويا من بكين، التي تخشى من احتمال استهدافها من خلال درع الدفاع الصاروخي. وأضافت الوزارة: «تجري الدول الثلاث حاليا محادثات لتحديد جدول زمني تفصيلي للاجتماع الثلاثي وسنكشف قريبا عنه، كما هو مقرر».



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.