أمية ملص: ليست مسؤولية «باب الحارة» توثيق البيئة الشامية

الفنانة السورية تستعد لمتابعة تصوير شخصية «بوران» ابنة أبو عصام في الجزء التاسع المقبل

الفنانة أمية ملص
الفنانة أمية ملص
TT

أمية ملص: ليست مسؤولية «باب الحارة» توثيق البيئة الشامية

الفنانة أمية ملص
الفنانة أمية ملص

تنتمي الفنانة السورية أمية ملص لعائلة فنية معروفة فوالدها المخرج السينمائي المعروف محمد ملص، وقد أثبتت أمية عبر مسيرتها الفنية المتواصلة منذ عشرين عامًا جدارتها وحرفيتها ومهارتها في عالم الدراما التلفزيونية من خلال تقديمها للكثير من الأدوار والشخصيات كان من أبرزها شخصية «بوران ابنة أبو عصام» بسلسلة باب الحارة منذ الجزء الأول وحتى الجزء الثامن الذي عُرِضَ في الموسم الرمضاني الماضي. وفي حوار معها تتحدث الفنانة أمية ملص لـ«الشرق الأوسط» عن وجودها المحدود في مسلسلات الموسم الدرامي الحالي قائلة: «يبدو أن المشاركين في كل المسلسلات في الموسم الماضي هم فقط سيوجدون أيضًا في مسلسلات الموسم الحالي ويبدو أن دائرة الشللية والمافيات تزداد ولو أنها شعارات، لكن تكبر باستمرار ولا وجود للفنان الحقيقي في أجواء كهذه، ولذلك فرصه قليلة، فصاحب المبدأ يتعب فهو لا يستطيع أن ينافق أو يجامل ولا يمكنه التخلي عن مبادئه ولذلك ستكون مشاركاته في المسلسلات قليلة»
وهل يعني ذلك أن ظاهرة الشللية تعمقت خاصة في ظل الأزمة السورية الحالية؟ تتنهد أمية: «يبدو الأمر هكذا وللأسف فالأمور السلبية التي كنا نريد محاربتها ونأمل أن تتحول لأمور إيجابية وتتحسّن بالعكس تتضخم وتكبر».
وترى أمية، وهي المشاركة في سلسلة «باب الحارة» منذ الجزء الأول وحتى الثامن أن وجود أجزاء جديدة منه لم يخدم هذا المسلسل الجماهيري فالأجزاء الأولى منه كانت أهم وأفضل ولكونه من المسلسلات المُتَابَعَة والتي لها شعبية كبيرة فكان المطلوب تنفيذ أجزاء جديدة منه، و«برأيي» - تتابع أمية - «أن المسلسلات الشامية التي تُقَدَّمْ حاليًا ليست أهم من (باب الحارة) ويبقى لهذا المسلسل نكهة دمشقية لها حضورها في طقوس رمضان فالناس تعودت عليه وأحبته، وأشبهه بسفرة رمضان التي لا تخلو من أكلات ومشاريب رمضانية خاصة كالتمر الهندي والعرقسوس فـ(باب الحارة) - تضحك أمية - هو مثل هذه النكهات والمشاريب الرمضانية والتي يجب أن توجد بغض النظر إن خدم هذا المسلسل البيئة الشامية أم لم يخدمها وإن كان بالفعل المجتمع الدمشقي كما صوّره (باب الحارة) أم لا ولكنه - برأيي - يبقى حكاية يقدّم مفردات البيت الشامي من البحرة وشجرة الكباد والنارنج مع طقس بيئي محدود فهو لا يتحدث عن حارات دمشقية كاملة لأنه ليس عملاً توثيقيًا فبالتأكيد كان هناك أطباء ومثقفون وأدباء ولكن ليست مسؤولية (باب الحارة) أن يتحدث ويقدّم كل هذه الأمور فهناك مسلسلات وثّقت هذه الأشياء من تاريخ دمشق القريب».
وعن رأيها بتناوب عدد من المخرجين على «باب الحارة» وتغيير الممثلين توضح أمية: «إنّ تغيير المخرجين ليس لصالح المسلسل مطلقًا وهو أكثر ضررًا من تغيير الممثلين وبرأيي أن المخرج بسام الملا هو من حقق النجاح للمسلسل في أجزائه الأولى وكذلك فعل مع الممثلين الذين تحولوا لنجوم في الأجزاء التالية من مسلسل باب الحارة، وبسبب (باب الحارة) صاروا نجومًا في الدراما السورية لا يمكن لأحد أن ينكر ذلك».
وحول واقع دراما البيئة الشامية واتهامها بالتكرار ومحدودية النصوص التي تقدّمها تقول أمية: «يجب أن تُقَدَّمْ نصوص مغايرة تتضمن التوثيق بالفعل وهذا ما حصل مثلاً مع مسلسل (حرائر) وعلى كتاب النصوص الشامية أن يقوموا بذلك».
وحول ظاهرة الاعتماد على ممثلات لا يمتلكن إلا جمالهن فقط دون موهبة أو حرفية تقول أمية: «هذه ظاهرة سلبية ولا علاقة للموهبة بالفرص فهناك أناس لا يمتلكون الموهبة يعملون أكثر بكثير من الفنانين الموهوبين، والناس المتطفلون على مهنة التمثيل يزدادون باستمرار، في السابق كان هناك إحساس بالخوف والرهبة من قبل الفنان تجاه العمل الذي سيشارك به والدور الذي سيجسده، بينما حاليًا صار كثير من الفنانين لا إحساس لديهم إلا ما يتعلق بالجانب المادي، في السابق كان هناك مشروع فني ومسؤولية أكبر تجاه الأعمال الفنية، فصار الجانب التجاري مهيمنًا على الأعمال الفنية فلذلك يتم التركيز على الأسماء الفنية المطلوبة وهناك من استفاد من الحرب والأزمة فبعض الفنانين الذين ظلّوا في سوريا ظُلموا أكثر من الفنانين الذين خرجوا».
ولـ«أمية» مشاركات كثيرة في المسلسلات الكوميدية السورية حيث تقول عن الانتقادات التي توجّه للكوميديا السورية: «المشكلة هنا في توفر النص الكوميدي حيث لدينا نقص في النصوص الكوميدية ولا يوجد كتّاب محترفون، فالكتابة في الكوميديا أصعب بكثير من أنواع الدراما الأخرى وهناك مسلسلات كوميدية سورية نجحت مثل (يوميات مدير عام) لأنها قدّمت كوميديا الموقف وليس التهريج، والكوميديا تحتاج لاحتراف كبير ولا يجوز التهاون فيها مطلقًا والعمل الكوميدي قائم بالأساس على المفارقة ولذلك يجب الابتعاد عن الاستسهال وأن تكون الأفكار مهمة تلك التي تتبناها وتقدّمها المسلسلات الكوميدية».
وحول المسلسلات الأخيرة التي تناولت الأزمة السورية ترى أمية أنها كانت مزدحمة بالأفكار وبعضها مكرر ولكنها لم تقدّم الوجع الحقيقي. وتعتقد أمية أن سبب غياب مسلسلات السيرة الذاتية والمسلسلات التاريخية مؤخرًا يعود لنواحٍ تجارية وتسويقية وحسب العرض والطلب، و«أنا - تقول أمية - مع العودة لتقديم الشخصيات التاريخية في مسلسلات فقد تكون مفيدة وتجسد مثلاً أعلى للأجيال التائهة في هذا الزمن الصعب وإسقاطًا للواقع الحالي».
وعن ظاهرة دخول مخرجي السينما على خط الإخراج التلفزيوني مؤخرًا تقول أمية: «برأيي ما زالت ظاهرة محدودة والمخرج الموهوب يخدم الدراما ولكننا بحاجة لكوادر ومخرجين أكثر في السينما، بينما في الدراما التلفزيونية لا يوجد نقص مخرجين».
وتمتلك أمية - كما تقول - موهبة تقديم البرامج التلفزيونية وتحب تقديم برامج لها علاقة بالمجتمع والأطفال والناس ومشكلاتهم.
كما تمتلك أمية حسًّا موسيقيًا حيث درست الموسيقى وهي بعمر الطفولة ولكنها لم تستمر في التدريب ولديها صوت مقبول، «ولكنني - تقول أمية - لن أتمكن من الغناء مثلاً في دور كامل بمسلسل يتطلب الغناء».
عن وضعها العائلي حاليًا - تضحك أمية - عازبة حاليًا ولدي ابنتان يدرسن خارج سوريا وهما (شاهي وشيرين) ولديهما اهتمامات ثقافية موسيقية وهوايات في التصوير والكتابة الأدبية.



لماذا اختفت الأفلام الغنائية من خريطة السينما المصرية؟

ليلى مراد وعبد الحليم حافظ (أرشيفية)
ليلى مراد وعبد الحليم حافظ (أرشيفية)
TT

لماذا اختفت الأفلام الغنائية من خريطة السينما المصرية؟

ليلى مراد وعبد الحليم حافظ (أرشيفية)
ليلى مراد وعبد الحليم حافظ (أرشيفية)

شهدت السينما المصرية على مدار عقود صناعة أفلام تنوعت حكاياتها ما بين الرومانسي، والتراجيدي، والكوميدي، و«الأكشن»، والإثارة، بالإضافة إلى الفيلم الغنائي والموسيقي الذي نال شهره واسعة وحاز نصيباً كبيراً في خريطة السينما خلال القرن الماضي خصوصاً أفلام «الأبيض والأسود».

وتميزت الأفلام الغنائية بتقديم باقة من الأغنيات والاستعراضات المميزة، كما تألق نجوم عدة في تقديم اسكتشات راقصة على غرار فؤاد المهندس وشويكار، وإسماعيل ياسين، وثلاثي أضواء المسرح، وسعاد حسني، وغيرهم.

موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب (صفحة تاريخ مصر القديم {إنستغرام})

وبعد ازدهار «الأفلام الغنائية» في خمسينات وستينات القرن الماضي، فإنها بدأت في التراجع في العقود اللاحقة وانطفأ وهجها بشكل تدريجي بالسنوات الأخيرة، رغم محاولات بعض الفنانين تقديم أفلام رومانسية تتضمن أغنيات لأبطالها مثل تامر حسني، ومصطفى قمر، وحمادة هلال، وغيرهم.

الفنانة فايزة أحمد (صفحة تاريخ مصر القديم {إنستغرام})

وفسّر كُتاب من بينهم نادر صلاح الدين أسباب تراجع واختفاء الأفلام الغنائية قائلاً: «في الماضي كان المتفرج يسعى لمشاهدة المطربين في الأفلام لأنه السبيل الوحيد، حيث كانت الحفلات ووسائل الإعلام التقليدية على غرار الراديو والتليفزيون قليلة، أما الآن فلدينا عناصر أخرى جاذبة من بينها قنوات الأغاني، وأصبح للمتفرج طرق كثيرة للوصول للمطرب ومتابعته».

الفنانة شادية (صفحة سينما الزمن الجميل {فيسبوك})

واعتبر صلاح الدين أن «الشكل الدرامي للفيلم الغنائي لم يعد هو الشكل الأمثل للعصر الحالي، حيث يعتمد التعبير الغنائي على المشاهد الموجودة في الدراما، ومن ثم فإن الفورمات الخاصة بالفيلم الغنائي قد أصبحت غير مواكبة للألفية الجديدة».

ويرى الكاتب المصري وفق تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «مستوى المطربين الحاليين وقدراتهم التمثيلية ليست بمستوى الزمن الماضي نفسه، حيث كان للسابقين قبول تمثيلي أكبر، كما أنه لا يوجد مؤلفون لديهم القدرة على تقديم شكل جديد للفيلم الموسيقي الذي يليق بالألفية الحالية وبالمستوى الذي يتوقعه المتفرج».

الفنانة لبنى عبد العزيز (أرشيفية)

ورغم أن صلاح الدين يؤكد صعوبة عودة هذا اللون الفني إلى خريطة السينما المصرية مجدداً، فإن المنتجة رنا السبكي ترى عكس ذلك وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إعادة تقديم هذا النوع من الأفلام ليس صعباً إذا توافرت جميع عناصر نجاحه»، مؤكدة أنهم «كشركة منتجة قدموا ذلك عبر أجزاء فيلم (عمر وسلمى) بطولة تامر حسني، ومي عز الدين».

واعتبر الكثير من نجوم الطرب المصري في منتصف القرن الماضي السينما وسيلة ذهبية لتوثيق مشوارهم الغنائي، وكان الفنانون: أم كلثوم، ومحمد فوزي، وليلى مراد، وشادية، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، وصباح، ونور الهدى، ونعيمة عاكف، ومحمد رشدي، ونجاة، وسعاد حسني، والطفلة فيروز، وعبد العزيز محمود، وكمال حسني، ومحرم فؤاد، وكارم محمود، وأسمهان، وفايزة أحمد، ووردة الجزائرية، من أبرز الفنانين الذين تألقوا في اللون الفني.

الموسيقار فريد الأطرش (صفحة سينما الزمن الجميل {فيسبوك})

ويعبر المخرج المصري وائل إحسان عن أسفه على اختفاء الأفلام الغنائية والاستعراضية والاجتماعية والواقعية أيضاً، وعزا ذلك إلى أسباب كثيرة في مقدمتها؛ إعداد الفكرة التي تليق بأحداث الفيلم، والكلمات والألحان وعناصر الأغنية مثل استوديو التسجيل والآلات، والملابس والإكسسوارات، حيث تحتاج الأغنية إلى ما يقرب من مليون جنيه مصري لإنجازها في مدة لا تزيد على دقيقتين، وفق قوله.

الفنانة سعاد حسني (صفحة محبي السندريلا {فيسبوك})

ويضيف إحسان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لو نظرنا إلى أفلام الفنانة ليلى مراد فسنجد أن الاستعراضات الغنائية كانت تضم راقصين وملابس وغيرها من العناصر التي يتطلبها العمل وتدور في فلك حدوتة العمل».

كما يرى إحسان أن الأفلام الغنائية تحتاج إلى انتعاشة قوية في ظل عدم وجود محاولات جادة لإعادتها بسبب تكلفتها الباهظة بداية من أجر المطرب مروراً بكل العناصر التي سبق ذكرها.

الموسيقار محمد فوزي (الشرق الأوسط)

وفي دورته الـ39 أعلن مهرجان «الإسكندرية السينمائي الدولي» عن قائمة ضمت أفضل 100 فيلم غنائي استعراضي في السينما المصرية عبر استفتاء نقدي، وتصدرت أفلام عبد الحليم حافظ، وشادية، وفريد الأطرش، وصباح، وليلى مراد القائمة، بتوقيع المخرجين هنري بركات، ونيازي مصطفى، وفطين عبد الوهاب، وحسين فوزي، وأحمد بدرخان وغيرهم.

في السياق ذاته، أرجع المنتج أحمد عبد العاطي سبب اختفاء الأفلام الغنائية من خريطة السينما المصرية إلى اتجاه أغلب النجوم لتقديم الكوميديا رغم حاجة الجمهور والسوق العربية للأعمال الاستعراضية.

الفنانة صباح (الشرق الأوسط)

وتؤكد الفنانة لبنى عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» أن «الأفلام الغنائية اختفت بالفعل ليس في مصر فقط بل في العالم أجمع بسبب تكلفتها العالية وعناصرها شديدة الدقة التي تتطلب وقتاً طويلاً، حتى في (بوليوود) التي كان رأسمالها الاستعراضات، إذ تحولت أفلامها لـ(الأكشن) والدراما والرومانسية» وفق قولها.

أسمهان وفريد الأطرش (صفحة تاريخ مصر القديم {إنستغرام})

وتضيف عبد العزيز: «زمن استعراضات فريد الأطرش، وليلى مراد، ومحمد فوزي كان ذهبياً بامتياز، لكن إيقاع الزمن حالياً تغير، ولم يعد لدينا وقت للمغنى والمناظر والإنتاج، وأذكر أن تكلفة أحد مشاهد (عروس النيل) كانت توازي تكاليف فيلم كامل».

لذلك تؤكد عبد العزيز أن العصر الحالي لا يتحمل عودة هذه النوعية، ولكن إذا حدث فسينجح وستتابعه أجيال عدة لأنه نادر ونشتاق إليه، لكنها ترى أن عصر هذا النوع من الأفلام انتهى.

لبنى عبدالعزيز خلال تكريمها في قصر السينما (قصر السينما)

وهو ما يتفق معه الناقد الفني كمال القاضي الذي يشدد على أن الفيلم الغنائي يحتاج لمقومات خاصة على المستوى الإبداعي والإنتاجي، ويتطلب ميزانية ضخمة تسمح بعمل الاستعراضات والديكورات وتوفير فرق استعراضية.

محرم فؤاد وسعاد حسني (صفحة سينما الزمن الجميل {فيسبوك})

ويعد الفيلم الاستعراضي الغنائي إبداعاً نوعياً، وفق القاضي الذي يشير لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه النوعية من الأفلام تتطلب أداءً تمثيلياً خاصاً لمطربين ومطربات مميزين وهو ما يصعب المهمة، لأن نجاح المطربين لم يعد مضموناً في العمل السينمائي». وفق تعبيره.

ويعتقد القاضي أن «عودة الفيلم الغنائي أصبحت مرهونة بجدية الإنتاج والجرأة على خوض المغامرة الفنية بكل شروطها، وإلا فسوف تواجه المحاولات والتجارب العشوائية بالخسارة والفشل».