الأردن يطلق حملة العودة إلى المدرسة تستهدف 90 ألف طفل لاجئ على أراضيه

ثلث الأطفال السوريين في الأردن لم يتلقوا أي تعليم في السنة الدراسية الماضية

أطفال سوريون في مخيم الزعتري يعبئون الماء داخل مخيم الزعتري في المفرق شمال الأردن قرب الحدود السورية (رويترز)
أطفال سوريون في مخيم الزعتري يعبئون الماء داخل مخيم الزعتري في المفرق شمال الأردن قرب الحدود السورية (رويترز)
TT

الأردن يطلق حملة العودة إلى المدرسة تستهدف 90 ألف طفل لاجئ على أراضيه

أطفال سوريون في مخيم الزعتري يعبئون الماء داخل مخيم الزعتري في المفرق شمال الأردن قرب الحدود السورية (رويترز)
أطفال سوريون في مخيم الزعتري يعبئون الماء داخل مخيم الزعتري في المفرق شمال الأردن قرب الحدود السورية (رويترز)

قال الناطق الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم الأردنية، وليد الجلاد، إن الوزارة ستقوم بتحويل 102 مدرسة للعمل بنظام الفترتين، ليصبح عدد المدارس التي تعمل بنظام الفترتين 200 مدرسة، من أجل استقطاب الطلبة السوريين الذين لم يسجلوا في المدارس خلال الأعوام الماضية، في وقت دعت فيه منظمة دولية، الأردن، إلى إتاحة التعليم لمزيد من الأطفال السوريين اللاجئين.
وأوضح الجلاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الوزارة ومنظمة «اليونيسف»، بدأتا حملة العودة إلى المدرسة تستهدف كل الأطفال ممن يوجدون على الأراضي الأردنية، بغض النظر عن جنسيتهم.
وأشار الجلاد إلى أن هناك نحو 145 ألف طالب سوري على مقاعد الدراسة في المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية والتعليم، وأن التقديرات الأولية تفيد بأن هناك 90 ألف طفل لاجئ ممن هم خارج المدارس على الأراضي الأردنية من مختلف الجنسيات، معظمهم من الجنسية السورية، وأن الوزارة تسعى جاهدة لاستيعابهم وإلحاقهم بالمدارس في مختلف المناطق المضيفة للاجئين.
وتوقع الجلاد أن يسجل خلال الحملة أكثر من 50 ألف طالب للعام الدراسي المقبل (2016/ 2017)، موضحًا أن الوزارة اتخذت جميع الاستعدادات اللازمة لنجاح الحملة.
وقال إن الوزارة شيدت 3 آلاف غرفة صفية جديدة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بكلفة 700 مليون دينار، أي ما يعادل مليار دولار، انطلاقًا من سياسة الأردن، التي تؤمن بأن التعليم حق مقدس للجميع، بغض النظر عن التحديات المالية التي يواجهها، داعيًا المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الأردن في مساعدته ماليًا، كي يستمر في هذه السياسة.
وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية المدافعة عن حقوق الإنسان، دعت الأردن إلى إتاحة التعليم لمزيد من اللاجئين السوريين على أراضيها، مؤكدة أن 80 ألف طفل سوري على الأقل هم خارج المدارس.
وجاءت هذه الدعوة في تقرير للمنظمة بعنوان «نخاف على مستقبلهم: حواجز تعليم الأطفال السوريين اللاجئين في الأردن».
وقال التقرير: «على الأردن التصدي للسياسات التي تحد من حصول الأطفال السوريين اللاجئين على تعليم، من أجل الوفاء بالأهداف الطموحة الخاصة بزيادة الالتحاق بالمدارس»، في العام الدراسي (2016/ 2017) الذي ينطلق في سبتمبر (أيلول) المقبل.
وأوضحت المنظمة أن «أكثر من ثلث الأطفال السوريين في سن التعليم المسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، أي 80 ألفًا من مجموع 226 ألفًا، لم يتلقوا أي تعليم رسمي في السنة الدراسية الماضية».
وأضافت أنها «وثقت معوقات تعترض التعليم وتشمل متطلبات تسجيل طالبي اللجوء، التي لا يمكن لكثير من السوريين استيفاؤها، والعقوبات التي تُفرض على العاملين من دون تصاريح عمل، مما يسهم في زيادة الفقر وعمل الأطفال وترك المدارس، ومنع إلحاق الأطفال الذين قضوا خارج المدرسة 3 أعوام أو أكثر».
وأشارت إلى أن «الأردن ألغى بعض القيود، لكن على السلطات توسيع جهودها لكفالة الحق الأساسي في التعليم لجميع الأطفال السوريين».
وأقرت المنظمة بأن نظام المدارس الحكومية الأردني «يعاني من مشكلات تخص طاقة الاستيعاب والجودة، حتى من قبل بداية توافد اللاجئين من سوريا».
وقال بيل فان إسفلد، باحث أول في قسم حقوق الطفل في المنظمة، إن «الأردن اتخذ خطوات صعبة وتستحق التقدير من أجل إلحاق الأطفال السوريين اللاجئين بالمدارس، لكن كثيرين ممن فروا من أهوال الحرب في سوريا ما زالوا دون تعليم، ولن يستفيدوا من المستقبل الذي يضمنه لهم».
وأضاف: «على المانحين الذين يزيدون من الدعم أن يتعاونوا سريعًا مع الأردن على تذليل المعوقات المتعلقة بالسياسات التي تُبقي الأطفال خارج المدارس». ومنذ عام 2011 فتحت المملكة مدارس في مخيمات اللاجئين، وبدأ العمل بنظام «الدوام المزدوج» لتهيئة أماكن أكثر للأطفال السوريين، بحسب التقرير.
وكانت وزارة التربية والتعليم الأردنية قد وقعت مع بنك الإعمار الألماني، أمس، اتفاقية يقدم بموجبها البنك منحة بقيمة 20 مليون يورو، لدعم خطة تسريع التحاق الطلبة السوريين بالتعليم الرسمي، من خلال مشروع تمويل رواتب المعلمين والإداريين في المدارس ذات الفترتين التي تستوعب الطلبة السوريين.
وتأتي الاتفاقية في إطار المتابعة الحكومية الحثيثة، لمخرجات مؤتمر لندن وكتاب التكليف السامي، ومتابعة دعم المجتمع الدولي لقطاع التعليم، وتنفيذًا للتعهدات والالتزامات التي قطعتها ألمانيا على نفسها، لدعم الأردن خلال مؤتمر لندن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».