شركات «الواجهة» تتحايل على قواعد الشفافية الجديدة في بريطانيا

واحدة فقط من 20 تلتزم وتنشر التفاصيل المطلوبة

شركات «الواجهة» تتحايل على قواعد الشفافية الجديدة في بريطانيا
TT

شركات «الواجهة» تتحايل على قواعد الشفافية الجديدة في بريطانيا

شركات «الواجهة» تتحايل على قواعد الشفافية الجديدة في بريطانيا

بعد فضيحة التهرب الضريبي و«حسابات ما وراء البحار» (أوف شور) التي كشفت خيوطها بعض الصحف البريطانية مثل الغارديان، من خلال ما سمي بـ«أوراق بنما»، بدأت الحكومة البريطانية بتشديد القيود على عمل وإدارة الشركات، من خلال إرغامها على الكشف عن أصحابها الحقيقيين. وأشاد مسؤولون بالحكومة بهذه القواعد التي بدأ سريانها الشهر الماضي باعتبارها خطوة رائدة على مستوى العالم في مجال الشفافية للتصدي للجريمة وحثوا الدول الأخرى على الاقتداء بها.
لكن كشف تحليل أجرته وكالة «رويترز» للبيانات التي قدمتها شركات الواجهة، أو الشركات الهيكلية، عن احتمال قيام بعضها بالالتفاف على قواعد جديدة ترمي إلى الحد من الفساد والتهرب الضريبي.
النظام الجديد يقضي بأن يتضمن ما تقدمه الشركات البريطانية من بيانات عند تأسيسها، وفي كل عام يمر على تأسيسها بغرض توضيح التغيرات في هيكل ملكيتها ومجالس إدارتها، وكذلك تفاصيل عن «الأشخاص النافذين».
ووفقًا لتعريف موقع تابع للحكومة البريطانية فالشخص النافذ هو من يحوز أكثر من 25 في المائة من الأسهم أو حقوق التصويت في الشركة، أو يملك الحق في تعيين أو إقالة أغلبية أعضاء مجلس الإدارة. وهذه عملية سهلة بالنسبة لأغلب الشركات.
غير أن بعض أصحاب الشركات يستخدمون وكلاء أو شركات واجهة لأغراض قد تكون مشروعة، غير أن حكومات ومؤسسات دولية مثل البنك الدولي تقول إن هذه الشركات يمكنها أيضا أن تفرض ستارا على الجرائم الدولية.
ومن بين 300 شركة خارجية (واجهة) حددتها «رويترز» كان من المفترض أن تنشر 22 شركة قبل الآن معلومات عن ملاك الشركات المستفيدين، وذلك لأن تواريخ إعلان بياناتها صادفت الأسابيع التي مرت منذ الأول من يوليو (تموز) الماضي موعد بدء سريان القواعد الجديدة.
ولم تفعل ذلك سوى شركة واحدة من هذه الشركات. وتكشف الأساليب التي تحايلت بها هذه الشركات لتفادي ذلك وللمرة الأولى عن عدة ثغرات في القواعد الجديدة. فقد قدمت 12 شركة منها بيان الملكية السنوي قبل سريان القواعد الجديدة في الأول من يوليو، وذلك رغم أن الذكرى السنوية لتأسيسها جاءت بعد ذلك التاريخ. وبهذا استطاعت تطبيق القواعد القديمة التي لا تلزمها بالكشف عن الملاك المستفيدين.
وقدمت شركات أخرى بياناتها متأخرة أو قالت إنه لا يوجد ملاك مستفيدون.
ومن الممكن أن يكون لشركات الواجهة أو الشركات الهيكلية أغراض قانونية مثل تسهيل النفاذ إلى الأسواق العالمية أو خدمة عملاء في دول كثيرة، وليس في ذلك بالضرورة ما يشير إلى أي تعاملات غير سليمة.
وقال روبرت بالمر مستشار السياسات بمنظمة غلوبال ويتنس الحقوقية إن البيانات تظهر أن الناس ربما يستطيعون الاختباء وراء شركات هيكلية رغم النظام الجديد.
وأضاف: «من أكبر أخطاء النظام البريطاني أنه قائم على التقدم الطوعي بالبيانات ولدار الشركات (المسؤولة في بريطانيا عن سجل الشركات) موارد محدودة لملاحقة من لا يلتزمون بتقديم المعلومات أو يقدمون معلومات غير دقيقة».
وردا على سؤال عن الوسائل التي تحايلت بها الشركات على القواعد الجديدة قال دانييل موندين كبير المسؤولين الإعلاميين بإدارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية التي تشرف على هذه العملية إن تنفيذ النظام الجديد سيستغرق وقتا.
وأضاف: «هذه التغييرات ستضمن أن تكون الشركات أكثر شفافية عمن يمتلكها فعلا. وقد أوضحنا دائما أن السجل العام لدار الشركات سيتزايد بمرور الوقت ويكتمل بحلول يونيو (حزيران) 2017».
قال البنك الدولي في تقرير صدر عام 2011 إن الشركات الهيكلية البريطانية تحتل مكانا بارزا في قواعد البيانات لحالات الفساد الدولي التي تولت وحدة مكافحة الفساد التابعة له جمعها.
وبعد عامين كشف رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون النقاب عن القواعد الجديدة التي ترمي لجعل بريطانيا أول مركز مالي كبير يصر على الكشف عن الملاك المستفيدين. وتبحث الولايات المتحدة حاليا اتخاذ خطوة مماثلة.
وقال كاميرون في ذلك الوقت: «لا بد أن نعرف من يمتلك شركاتنا فعلا ويتحكم فيها. ليس فقط من يملكها من الناحية القانونية بل من يستفيد ماليا فعلا من وجودها».
والشركات البريطانية التي حددتها «رويترز» هي إما شركات مسجلة في بريطانيا، وإما شركات ذات مسؤولية محدودة يديرها أفراد يقيمون في الخارج، ويمثلون شركات كثيرة أو تنضوي تحت لوائها شركات مسجلة في مكاتب قانونية في مواقع ذات ضرائب منخفضة مثل فانواتو وسيشل. وليس لأي منها نشاط واضح في بريطانيا. واثنتان من الشركات المعنية وهما «بيكنغ إنفستمنتس» و«غلوبال كلاستر إنترناشيونال» تأسستا بعد الأول من يوليو. ولم تسجل أيا منهما الأطراف المستفيدة. وامتنعت الشركتان عن التعقيب.
وسئلت جوان جونستون المتحدثة باسم دار الشركات البريطانية عن البيانات التي قدمتها الشركتان فقالت: «من الممكن جدا ألا يكون لدى الشركات أي شخص نافذ. فعلى سبيل المثال أربعة مساهمين لكل منهم 25 في المائة من الأسهم و25 في المائة من حقوق التصويت لن يكون أي منهم شخصا نافذا».
وأضافت: «من المشروع تماما ألا يكون للشركة أصحاب مستفيدون ونحن لا نتحقق من مثل هذه البيانات عندما يقدمونها لنا». وقالت: إنه إذا تلقت الدار أي شكاوى فإنها تحيلها على إدارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية.
من بين الشركات الواجهة العشرين الأقدم لم تنشر سوى شركة واحدة التفاصيل المطلوبة حتى يوم الأربعاء الماضي. ولم تنشر حتى الآن البيانات السنوية أو تفاصيل الأشخاص النافذين لسبع من الشركات. ومن الناحية الرسمية أمام الشركات 14 يوما بعد مرور الذكرى السنوية لتأسيسها لتقديم بيانات الملكية لكن البيانات لدى دار الشركات تبين أن الشركات تتقدم متأخرة بها عن ذلك في كثير من الأحيان. وقالت جونستون إن التأخر عن الموعد المحدد يكبد الشركة غرامة تلقائية، كما أن التأخر في تقديم البيانات أو تقديم بيانات غير دقيقة يعد من المخالفات الجنائية. ومع ذلك فلم يسبق أن قدم أحد للمحاكمة بموجب المواد المعنية في قانون الشركات لعام 2006.
وأضافت جونستون «الاستمرار في المخالفات عند تقديم الوثائق للسجل العام يعرض المديرين لخطر الشطب». واختارت 12 شركة تقديم بياناتها قبل الموعد المحدد وتاريخ 30 يونيو الفاصل. وكانت تلك الشركات تتقدم من قبل ببياناتها فيما بين يوليو وأكتوبر (تشرين الأول). وليس لأي من الشركات الاثنتين والعشرين فيما تقدمه من بيانات موقع على الإنترنت أو عنوان منشور لمقرها أو أرقام تليفونات للاتصال بها.
ورفض مديرون أو أعضاء بالشركات أو وكلاء لها مقيدون على أنهم يقومون بخدمات توصيل البريد التعقيب أو لم يردوا على طلب التعليق.
ولم تتمكن «رويترز» من تتبع أي تفاصيل عن نشاط معظم الشركات التي تقدم قبل الموعد أو متأخرة عنه، كما قالت في تقريرها أمس. وكان الاستثناء الوحيد هو إيان تيلور المقيم في أستراليا والمسجل كمدير لشركة غالو آند ماكينزي المحدودة، وكان عنوانه المسجل هو شركة لتأجير الصناديق البريدية في وسط لندن. وكانت تلك الشركة من بين الشركات التي قدمت بياناتها قبل الموعد.
وفي عام 2009 ساعدت شركة تيلور في تسجيل شركة إس بي تريدنغ المحدودة وهي شركة مسجلة في نيوزيلندا استأجرت طائرة تم الحجز عليها في مطار بانكوك. وقالت السلطات التايلاندية إنها عثرت على أسلحة على متن الطائرة المتوجهة إلى إيران من كوريا الشمالية، التي تحظر عقوبات تفرضها الأمم المتحدة على تصدير الأسلحة منها.
ومن النادر أن يكون لدى وكلاء تأسيس الشركات فكرة عن أنشطة الشركات، كما نفى تيلور أي علم له بأفعال شركة إس بي تريدنغ أو مسؤوليته عنها في بيان لوسائل الإعلام أكد فيه أنه ساعد في تأسيسها. ولم تعتمد أي حكومة الملاك المستفيدين لشركة إس بي تريدنغ، كما أن تيلور ليس معتمدا فيما يتصل بأنشطته الخاصة بتأسيس الشركات. ولم يرد تيلور على طلبات للتعليق بالبريد الإلكتروني والهاتف.
ويقول تيلور على موقعه الإلكتروني إنه يتولى إجراء عمليات الفحص القانوني النافي للجهالة لحساب عملائه، وإنه لن يقبل «من الزبائن سوى من لهم مصالح أعمال صادقة».
والكيان الوحيد الذي وصف بأنه شخصية نافذة في الشركات الاثنتين والعشرين التي فحصتها «رويترز» هو شركة ذات مسؤولية محدودة مكونة من شركتين مسجلتين في مكتب لتأسيس الشركات في مستعمرة بيليز البريطانية السابقة في أميركا الوسطى.
وذكرت البيانات اسم شخص روسي عمره 27 عاما يعيش في مدينة تبعد 300 كيلومتر إلى الجنوب من موسكو باعتباره الشخص النافذ الوحيد في الشركة. ولم تستطع «رويترز» التوصل إلى أي تفاصيل تمكنها من الاتصال به أو بالشركة. ولم يرد وكيل تأسيس الشركات في بيليز على طلبات التعليق.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.