قاعدة نوجه في همدان: ثاني أكبر القواعد العسكرية في إيران

قاعدة نوجه في همدان: ثاني أكبر القواعد العسكرية في إيران
TT

قاعدة نوجه في همدان: ثاني أكبر القواعد العسكرية في إيران

قاعدة نوجه في همدان: ثاني أكبر القواعد العسكرية في إيران

منحت إيران روسيا استخدامًا كاملاً لمنشآت قاعدة جوية كبرى قرب همدان، غرب طهران، بحسب ما أكدت السلطات الإيرانية يوم أمس.
جاء التأكيد بعد ساعات قليلة على إعلان روسيا أن قاذفاتها الثقيلة أقلعت من قاعدة إيرانية لمهاجمة مواقع لجماعات المعارضة السورية، من العرب والأكراد، في إدلب، وحلب ودير الزور.
ويمثل هذا الحدث تطورًا كبيرًا من الناحية الاستراتيجية، إذ يوسع وجود روسيا خارج سوريا ليشمل إيران. كما ويمثل تغيرات دراماتيكية في السياسات التي سبق وكانت تتخذها إيران تجاه روسيا، منذ الثورة البلشفية عام 1917.
في 1920، عرض الزعيم البلشفي لينين صفقة على إيران، أنه «سينسى النظام الشيوعي الجديد في روسيا ديون إيران الضخمة لدى الإمبراطورية القيصرية، في مقابل ألا تسمح إيران لأعداء النظام الجديد في موسكو باستخدام الأراضي الإيرانية لتنفيذ أعمال عسكرية ضد الاتحاد السوفياتي».
وأدى عامان من المفاوضات إلى اتفاقية 1922، التي في مسودتها الأخيرة، أعطت لروسيا الحق في طلب وجود عسكري في إيران. في 1936 حاول رضا شاه اللعب بورقة ألمانيا النازية ضد الاتحاد السوفياتي، فدان الاتفاقية من دون أن يقدم رسميا على إلغائها.
وفي صيف 1941 استخدم ستالين الاتفاقية باعتبارها ذريعة لغزو إيران، مع حلفاء روسيا البريطانيين، منتهكا حياد إيران في الحرب العالمية الثانية. أرادت موسكو وإيران استخدام خط السكك الحديدية الذي يمر عبر الأراضي الإيرانية ويربط الخليج ببحر قزوين، لشحن الغذاء والسلاح إلى الاتحاد السوفياتي لقتال ألمانيا النازية. استمر احتلال الحلفاء إيران، الذي شارك فيه الأميركيون كذلك من 1942 لنحو 5 سنوات، سعت خلالها إيران لإبرام اتفاقية جديدة مع السوفيات.
وقد أفضى ذلك إلى اتفاقية 1942، التي احتفظت بمعظم الميزات التي كانت روسيا حصلت عليها في 1922، لكنها أعطت لإيران مجالا أكبر لبناء تحالفاتها العسكرية الخاصة. وبفضل دعم ستالين القوي لولي العهد محمد رضا ليصبح الشاه، في الوقت الذي تعامل فيه الزعيم البريطاني السير وينستون تشرشل بفتور مع هذه المسألة، فقد صار من الأسهل للإيرانيين أن يجمدوا مسألة الاتفاقية.
وعادت المسألة إلى السطح في طهران في سبعينات القرن الماضي، عندما بحث الشاه، الذي انتعشت معنوياته بفعل ارتفاع عائدات النفط وطفرة اقتصادية، بحث مع الرئيس السوفياتي ليونيد بريجنيف إلغاء الاتفاقية. وبحلول 1978، كان الجاران يبحثان إطار عمل جديد لعلاقاتهما، في حين أعلنت إيران أنها باتت في حل من الالتزام بمواد الاتفاقية التي كانت تعطي روسيا الحق في طلب الوجود العسكري في إيران.
في 1979 ومع وصول الملالي إلى السلطة في طهران، جرى تجميد محاولات تأمين اتفاقية جديدة مع روسيا، وكان من أسباب ذلك أن الزعيم الجديد، آية الله روح الله الخميني، كان يعتقد أنه في حاجة إلى دعم روسيا لتعزيز أركان نظامه. ومع هذا، فحتى ذلك الوقت كانت مسألة «الاتفاقيتين القذرتين» تثار بين الحين والآخر. عمل إبراهيم يزدي، وهو صيدلاني أميركي من أصل إيراني، عمل لوقت قصير وزيرا لخارجية الخميني، على إثارة المسألة على مستوى رفيع، في عدد من البيانات. وكان أمله بأن يكون إلغاء الاتفاقية منصة إطلاق لاستعادة العلاقات مع الولايات المتحدة.
وذهب صادق قطب زاده، وهو شخصية مغامرة، وعمل لوقت قصير كذلك وزير خارجية في عهد الخميني، قبل أن يعدمه الملالي، ذهب إلى مدى أبعد، وأعلن بشكل أحادي الجانب، إلغاء اثنين من البنود الأساسية في الاتفاقيتين. وأمس يبدو أن الجمهورية الإسلامية أغلقت هذا الفصل بالكامل، بسماحها لروسيا ببناء قاعدة عسكرية في قلب إيران.
بنيت القاعدة العسكرية الواقعة قرب همدان في ستينات القرن الماضي، وتوسعت بشكل كبير في السبعينات، بمساعدة فنية من الولايات المتحدة التي ساهمت بنسبة مائة في المائة في تسليح سلاح الجو الإيراني. كانت القاعدة تحمل اسم «شاهرخي»، واحد من أبرع قادة القوات الجوية الملكية الإيرانية.
وفي 1982، أعاد الملالي تسمية القاعدة باسم «نوجه»، نسبة إلى أحد كوادر القوات الجوية الذي «استشهد» خلال الاشتباكات التي صاحبت وصول الخميني للسلطة.
تعد قاعدة «شاهرخي - نوجه» ثاني أكبر القواعد من نوعها في إيران بعد قاعدة «وحدتي» الجوية قرب دزفول القريبة من الحدود العراقية. وكان الهدف استخدامها لقصف الاتحاد السوفياتي آنذاك، في حال نشوب حرب كبرى ضد جارة إيران الشمالية. ستسمح قاعدة «شاهرخي» (نوجه) لسلاح الجو الروسي بتقليص زمن الطيران لأي غارات جوية في روسيا بمقدار النصف، وتقليل تكلفة الحرب بالنسبة إلى الكرملين. كما أنها ستتفادى حدوث «سوء فهم» محتمل مع تركيا، التي لا تزال عضوا بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، من النوع الذي أدى إلى إسقاط الأتراك مقاتلة روسية.
حاولت السلطات الإيرانية أمس التغطية على المسألة برمتها لتجنب الإحساس بالخزي. حاول الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الأدميرال علي شمخاني، التخلص من هذا الشعور بالخزي من خلال زعمه أن «روسيا انضمت إلى جبهة المقاومة»، بقيادة إيران.
ويبرر «المرشد الأعلى» علي خامنئي هذه الخطوة بالإشارة إلى استراتيجيته «النظر شرقا» التي كشف عنها في الربيع الماضي. على أن هناك آخرين ممن يرون هذه الخطوة المخزية باعتبارها إشارة إلى أن إيران تنزف بشدة في سوريا، وتأمل بأن تنقذها روسيا من كوارث أكبر لم تأت بعد.
أمس تحولت «الدولة الإسلامية المثالية» بقيادة الخميني، إلى حاملة طائرات لفلاديمير بوتين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.