تزايد المطالبات بكشف مصير آلاف المختطفين والمفقودين في الأنبار

نائبة عن المحافظة: غالبيتهم اختطفتهم ميليشيات طائفية

تزايد المطالبات بكشف مصير آلاف المختطفين والمفقودين في الأنبار
TT

تزايد المطالبات بكشف مصير آلاف المختطفين والمفقودين في الأنبار

تزايد المطالبات بكشف مصير آلاف المختطفين والمفقودين في الأنبار

لا تزال قضية اختطاف وفقدان آلاف المدنيين من أبناء محافظة الأنبار، من قبل بعض الفصائل التابعة لميليشيا الحشد الشعبي، تشغل بال حكومة الأنبار ومجلسها المحلي والسياسيين والقادة في لمحافظة، بعد أن تصاعدت مطالب ومناشدات ذوي المختطفين المطالبين بمعرفة مصير أبنائهم، ومن بينهم أكثر من 750 شخصا من أهالي مدينة الفلوجة، وأكثر من 1700 شخص تم اختطافهم قبل أكثر من عام في منفذ الرزازة، في أثناء خروجهم من مدينة الرمادي وباقي مدن الأنبار التي وقعت تحت سيطرة تنظيم داعش.
وقالت عضو البرلمان عن محافظة الأنبار، النائبة لقاء وردي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «فصائل تابعة لميليشيا الحشد الشعبي، ومنها كتائب حزب الله التي لا تأتمر بأمر الدولة، هي من قام باختطاف الآلاف من أبناء الأنبار وهم في طريقهم إلى أماكن النزوح، وكان آخرهم أكثر من 750 مواطنا من أبناء مدينة الفلوجة تم اعتقالهم من قبل تلك الفصائل، واقتيادهم إلى أماكن مجهولة بعد هروبهم مع عائلاتهم من قبضة تنظيم داعش، ليقع هؤلاء الأبرياء في قبضة أولئك المجرمين، بعدما سمعوا نصيحة القوات الأمنية العراقية، بضرورة خروجهم من مناطقهم قبل خوض معارك التحرير، في حين قامت الميليشيات الطائفية باختطاف أكثر من 1700 مواطن من أهالي مدن الأنبار في معبر الرزازة، ولا نعرف مصيرهم حتى الآن، رغم إننا قمنا بإبلاغ رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بالجهات التي خطفت أبناء الأنبار، وزودناه بقوائم بأسماء المعتقلين والجهات التي قامت باعتقالهم». وتابعت: «لكن، لم نجد أي جواب لأسئلتنا، رغم مضي أكثر من عام على اختطافهم، والشيء الوحيد الذي عرفناه، ولمسناه من خلال مطالبتنا الحكومة بالتدخل لإطلاق سراح أبناء الأنبار، هو أن الحكومة ليست قادرة بالمرة على كبح جماح هذه الميليشيات التي ترتكب الجرائم بحق أبناء الأنبار من دون رادع».
وأضافت النائبة: «إن الأمر في غاية الخطورة، كون الجهات التي تقوم باختطاف أبناء الأنبار وتعذيبهم وقتلهم هي جهات ليست حكومية لكي نقوم بمتابعة أحوال المعتقلين والمختطفين، ولا نعرف أماكن اعتقالهم كون الجهة الخاطفة هي فصائل تابعة للميليشيات الطائفية، وليس لدينا أي اتصالات مع قادتهم الذين يعتبروننا عدوا لهم، أما عن المعتقلين الذين احتجزتهم القوات الأمنية بعد خروجهم من مدينة الفلوجة والصقلاوية، والذين يقدر عددهم بنحو 19 ألف شاب ورجل، فكنا على اطلاع على أحوالهم، من خلال زيارة المعتقل، وقد تم التحقيق مع غالبيتهم، وأطلق سراح أكثر من 14 ألفا منهم لأنهم معتقلين لدى جهات حكومية، وليست ميليشياوية».
وأشارت النائبة إلى أن «بعض المختطفين الذي تم إطلاق سراحهم من قبل الميليشيات، بعد تدخل البعض، ذكروا أن عناصر الميليشيات قامت بتعذيب المختطفين بأبشع طرق التعذيب، وأن كثيرا من المختطفين ماتوا في أثناء التعذيب. وإننا نحمل الحكومة العراقية المسؤولية عن اختفاء الآلاف من أبناء محافظة الأنبار، خصوصًا أن العراق أحد الموقعين على اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، وعليه التزامات كدولة في محاسبة الجهات الإجرامية التي تقوم بخطف المدنيين».
ومن جانبها، قالت «أم محمد»، إحدى أهالي المختطفين، لـ«الشرق الأوسط»: «عندما سمعنا نداءات القوات الأمنية بضرورة الخروج من المدينة، قمنا على الفور بالخروج باتجاه القوات الأمنية، لكننا فوجئنا بأن الميليشيات تقوم بأخذ الرجال والشباب فوق الـ14 عاما إلى جهات مجهولة، بعد أن تم عزلهم عنا»، مضيفة: «لقد قاموا باعتقال زوجي وابني. واليوم، مر على اختطافهم أكثر من 3 أشهر، ولم نسمع عنهم شيئا. فقط سمعنا أن الميليشيات قامت بتعذيبهم وإعدام عدد منهم، في حين توفي عدد آخر نتيجة التعذيب. وقد أصبت بأمراض نتيجة الخوف والقلق على مصير زوجي وابني، وإني أناشد العالم أن يتدخلوا لإنقاذهم من الموت».
إلى ذلك، قال عضو مجلس محافظة الأنبار عذال الفهداوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجلس محافظة الأنبار، وحكومتها المحلية، طالب مرارًا وتكرارًا القيادات الأمنية والحكومة المركزية ببيان مصير 823 مدنيًا فقدوا خلال معارك تحرير مدينة الفلوجة وقضاء الكرمة وناحية الصقلاوية»، مضيفا: «إن أهالي المختطفين ناشدوا مجلس محافظة الأنبار والمنظمات الإنسانية التدخل لمعرفة مصير أبنائهم، واستعادة جثامينهم إذا كانوا قد قتلوا على أيدي الإرهابيين أو الميليشيات الطائفية، مع ضرورة إجراء محاكمات، وإنزال العقوبات بحق المتورطين بخطفهم وقتلهم».
كان محافظ الأنبار صهيب الراوي قد أكد، في 13 يونيو (حزيران) الماضي، أن نتائج تحقيق اللجنة المختصة في الانتهاكات ضد النازحين من الفلوجة وناحية الصقلاوية، تكشف أن 49 مدنيًا قتلوا على يد الميليشيات، في حين بلغ عدد المفقودين المسجلين نحو 643 مدنيًا، بينما أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى العراق، يونامي يان كوبيش، في 16 يونيو، أمام مجلس الأمن الدولي، أن البعثة الأممية تلقت تقارير «موثوقًا بها» عن عمليات «تعذيب وقتل وخطف نفذتها ميليشيات وقوات الأمن العراقية خلال الهجوم العسكري لاستعادة السيطرة على الفلوجة التي كانت معقلاً لـ(داعش)»، مبينًا أن هناك نحو 740 رجلاً وفتى في عداد المفقودين.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.