روسيا ترفض المقترحات الألمانية الخاصة بحلب المحاصرة

حكومة برلين تصف موقف موسكو بـ{المثير للسخرية}

لقطة من فيديو نشرت على الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الروسية تظهر الطائرة الروسية «TU - 22M3» التي تسقط قنابل بعيدة المدى تستهدف مناطق لتنظيم داعش بمدينة دير الزور في سوريا (إ.ب.أ)
لقطة من فيديو نشرت على الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الروسية تظهر الطائرة الروسية «TU - 22M3» التي تسقط قنابل بعيدة المدى تستهدف مناطق لتنظيم داعش بمدينة دير الزور في سوريا (إ.ب.أ)
TT

روسيا ترفض المقترحات الألمانية الخاصة بحلب المحاصرة

لقطة من فيديو نشرت على الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الروسية تظهر الطائرة الروسية «TU - 22M3» التي تسقط قنابل بعيدة المدى تستهدف مناطق لتنظيم داعش بمدينة دير الزور في سوريا (إ.ب.أ)
لقطة من فيديو نشرت على الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الروسية تظهر الطائرة الروسية «TU - 22M3» التي تسقط قنابل بعيدة المدى تستهدف مناطق لتنظيم داعش بمدينة دير الزور في سوريا (إ.ب.أ)

دب النشاط في عروق الدبلوماسية الروسية حول الملف السوري بصورة واضحة بعد لقاء بوتين - إردوغان مؤخرا في بطرسبورغ، وفي هذا السياق بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الألماني فرنك فالتير شتاينماير الملف السوري خلال محادثات في مدينة يكاتيرينبورغ الروسية، غير أن الزيارة لم تنته إلى حيث أراد الوزير الألماني.
وكرر وزير الخارجية الروسي موقف بلاده بشأن «ضرورة عدم السماح للإرهاب بالانتصار في سوريا» وضرورة «ضمان إطلاق عملية مفاوضات سورية - سورية حقيقية برعاية الأمم المتحدة». وبعد إشارته إلى أن «حل الأزمة الإنسانية في سوريا، وبصورة خاصة في حلب واحدة من أكثر المهام إلحاحًا»، عاد وزير الخارجية الروسي إلى الحديث مجددًا عن مهمة أخرى تعتبرها روسيا ملحة أيضًا، وهي «الفصل بين المعارضة المعتدلة من جانب و(داعش) وجبهة النصرة من جانب آخر»، معربا عن قلقه من أن «هذه المهمة لم يتم حلها بعد» فضلا عن أن «مجموعات كثيرة من التي تسمي نفسها معارضة معتدلة أصبحت تنسق أكثر مع أولئك الإرهابيين» حسب قول لافروف، الذي أضاف مؤكدًا أن «هناك أملا بأن نتمكن بمشاركة روسيا والولايات المتحدة والدول الغربية والإقليمية وكذلك الأمم المتحدة من وضع نهاية لأزمة المدنيين في حلب، والحيلولة دون إملاء المسلحين الذين يسيطرون على أجزاء من المدينة شروطهم».
في تعليقها على الموقف الروسي المتعنت من مقترحات ألمانيا الخاصة بالوضع الإنساني الكارثي في حلب المحاصر، أثناء وزير الخارجية الألماني فرنك فالتير شتاينماير، تخلت الحكومة الألمانية عن اللهجة الدبلوماسية، ووصفت الموقف الروسي بـ«المثير للسخرية».
وكان شتاينماير، عبر عن رأيه في المؤتمر الصحافي، الذي أعقب لقاءه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أمس، بالقول إنه لا يجد المقترحات الروسية حول «ممرات الفرار» الأربعة للمدنيين، وهدنة الساعات الثلاث اليومية في حلب، كافية لإغاثة المدنيين المنكوبين في المدينة. وقال شتاينماير في يكاتيرينبورغ الروسية، أمس إن «الوضع الإنساني في حلب كارثي، لا يمكن ولا ينبغي استمرار الوضع على هذا النحو.. ما زلت أرى أن ثلاث ساعات لوقف إطلاق النار في اليوم ليست كافية». وعبر رئيس الدبلوماسية الألمانية عن قناعته بأن توفير ممرات لفرار المواطنين من المدينة ليس كافيا أيضًا، مؤكدًا على ضرورة توفير ممرات آمنة لإدخال المساعدات، أو إلقائها من الجو في حالة الضرورة.
ويبدو أن الحكومة الروسية أكدت خلال اللقاء خشيتها من استغلال الهدنة في حلب من قبل المعارضة لتسليح نفسها. كما رفض لافرورف الاستجابة إلى المقترحات الألمانية الخاصة بمشكلة أوكرانيا وتصاعد أحداث القرم الأخيرة.
وعوضًا عن قبوله بالمقترحات الإنسانية الألمانية، جدد لافروف مقترح بلده الداعي إلى فتح 4 ممرات فرار للمدنيين، واعتماد وقف إطلاق نار لمدة ثلاث ساعات يوميًا، لإغاثة المدنيين.
ويدرك لافروف، بحسب تعبيره، أن اتفاقيات وقف القتال لفترات وجيزة يوميًا، للسماح بدخول المساعدات ومغادرة المدنيين «غير كافية»، إلا أنه لا يستبعد أن يستغل المقاتلون أي هدنة أطول من ثلاث ساعات كي يعيدوا تنظيم صفوفهم والحصول على أسلحة وهو «ما فعلوه في الماضي»، بحسب قوله.
في العاصمة الألمانية برلين وجه شتيفن زايبرت، المتحدث الرسمي باسم الحكومة الألمانية، نقدا لم يسبق له مثيل لروسيا، وحملها، إلى جانب بشار الأسد، المسؤولية عما قد يحدث من موت وقتل في المدينة المحاصرة. وقال زايبرت إن عذابات الناس لن تتوقف هناك بإعلان وقف إطلاق النار لمدة ثلاث ساعات يوميًا. ووصف الموقف الروسي بأنه يشبه «استجابة» للمقترحات الألمانية، لكنه في الحقيقة موقف «كلبي». لأن كل شخص يعرف أن هذا الوقت لا يكفي لتقدم الإغاثة اللازمة للناس اليائسين فعلاً. الأمر يحتاج إلى هدنة أطول.
وأضاف زايبرت أن بشار وحليفه الروسي لا يسعهما رفض هذا الحد الأدنى من المطالب الإنسانية. وكلاهما يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى عن الحالة في المدينة المليونية السابقة. «إنه قرارهم بالأساس ما إذا كان الموت سيستمر في حلب، وما إذا كان الناس سيتلقون الإغاثة والعون اللازمين».
واستشهد المتحدث الحكومي برسالة استغاثة بعثها 30 طبيبًا، ممن صمدوا حتى الآن في حلب، إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقال إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تلقت التماسًا مماثلاً. «الموت والقتل» في حلب يجب أن يتوقفا، ولا بد أن يصل المدينة ما تحتاجه من تموين بالأغذية والأدوية دون عائق. وهذا يحتاج في الأقل إلى هدنة محددة.
ويبدو أن هذا الموقف الروسي بشأن المساعدات الإنسانية لا يقتصر على الوضع في حلب بل ويشمل سوريا، إذ أشار لافروف - في رده على انتقادات شتاينماير لهدنة الساعات الثلاث - إلى أنه تم إعلان أكثر من هدنة مؤقتة، لمدة 48 و72 ساعة، أسهمت بتخفيف طفيف لمعاناة المدنيين، إلا أن النتيجة الأهم كانت حسب قوله: «تعزيز الإرهابيين صفوفهم بسبعة آلاف مقاتل، فضلا عن كميات كبيرة من الذخيرة والسلاح»، مشددا على أهمية الفصل بين الإرهابيين والمعارضة المعتدلة لضمان إيصال المساعدات الإنسانية لمن يحتاجها.
في سياق متصل تتبلور بصورة أكثر وضوحا الجهود الروسية الرامية إلى تفعيل دور القوى الإقليمية المنخرطة في الشأن السوري، لا سيما بعد التقارب بين موسكو وأنقرة، وكان ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسية.
في غضون ذلك أطلق وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو تصريحات متضاربة عن نتائج المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة حول التعاون العسكري في سوريا ضمن اتفاق بين الجانبين. ويوم أمس نقلت عنه وكالة «ريا نوفستي» قوله إن «روسيا والولايات المتحدة تقفان الآن عند مرحلة نشطة جدًا من المحادثات في جنيف وفي عمان على حد سواء، وخطوة تلو الأخرى نقترب من الصيغة التي تسمح لنا بالعمل معًا والنضال لإحلال السلام على تلك الأرض المعذبة، وكي يتمكن المدنيون من العودة إلى منازلهم، وأنا بحديثي هذا أقصد حلب حصرًا»، حسب وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي توقف عند الدور الروسي في سوريا، وأشار في هذا السياق إلى أن بوتين أقنع واشنطن بإلغاء الضربة نقابل تدمير الترسانة الكيمياوية في سوريا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم