ميليشيات الحوثي وصالح تقصف مستشفيات تعز

الجيش حرر مواقع جديدة في حيفان.. والميليشيات تزرع الألغام بعد كل هزيمة

ميليشيات الحوثي وصالح تقصف مستشفيات تعز
TT

ميليشيات الحوثي وصالح تقصف مستشفيات تعز

ميليشيات الحوثي وصالح تقصف مستشفيات تعز

لم تستثن نيران الحوثي وصالح التي لم تتوقف يوما على تعز، المستشفيات والمرافق الحكومية، والأحياء السكينة في تعز «المدينة» والقرى المجاورة والتابعة للمحافظة.
وقال مسؤولون في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الانقلابية قصفت مستشفى الثورة العام في تعز، الذي لا يزال القصف يطاله ما تسبب في وقف عدد من أقسام المستشفى، وكلك المواقع الأثرية بما فيها قلعة القاهرة التاريخية التي لم تسلم هي الأخرى من القصف الشبه يومي.
وحررت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة تعز، مواقع جديدة كانت خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في منطقة الاكموش في الاحكوم بمديرية حيفان الواقعة جنوب محافظة تعز.
ولم يتبق في المنطقة المذكورة سوى أحد المواقع التي ما زالت الميليشيات تسيطر عليها، لتصبح المنطقة بأكملها محررة.
وكرد انتقامي لها جراء الخسائر المتوالية، شرعت الميليشيات الانقلابية في زرع الألغام بعد كل موقعة تخسرها أمام الجيش المسنود بقوات التحالف العربي، وذلك في الأحياء السكنية والطرقات الرئيسية، كما هرعت الميلشيات إلى تفجر المنازل قبل مغادرتها، إضافة إلى قصف المنطقة التي تم دحرهم منها بشكل عنيف وهستيري بكافة أنواع الأسلحة وفقا لمصادر في المقاومة الشعبية.
يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت فيه جبهات القتال الشرقية والشمالية مواجهات عنيفة تركزت في شعب كريمة وكمب الروس، سقط فيها قتلى وجرحى من الجانبين، إضافة إلى إحراق معدات عسكرية تتبع الميليشيات الانقلابية وتراجعهم من المواجهات.
وقال قيادي في المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش والمقاومة تمكنا من تطهير ثلاثة مواقع كانت خاضعة للميليشيات الانقلابية في منطقة الاكموش في حيفان، بعد مواجهات عنيفة، سقط فيها قتلى وجرحى وتكبدت فيها ميليشيات الانقلاب الخسائر الكبير، ولا تزال المواجهات مستمرة حتى تحرير آخر موقع للميليشيات في المنطقة لتكون بذلك تم تطهيرها بشكل كامل، وأفشلت مساعيهم في التسلل إلى مواقع قريبة من مديريتي المقاطرة والشمايتين والوصول إلى هيجة العبد الطريق الوصلة بين محافظتي لحج وتعز».
وأضاف: «شهدت مناطق شعب كريمة وكمب الروس في الجبهتين الشمالية والشرقية، اشتباكات عنيفة حقق فيها أبطال المقاومة الشعبية والجيش الوطني تقدما وسقط فيها ما لا يقل عن عشرة من الميليشيات الانقلابية قتلى وعدد آخر من الجرحى، كما تتواصل المواجهات العنيفة في وادي الزنوج وعصيفرة بين المقاومة الشعبية والميليشيات الانقلابية».
وأكد أن «قوات المقاومة الشعبية والجيش الوطني يواصلون تصديهم لمحاولات الميليشيات الانقلابية في جبهة الشقب، شرق صبر، استعادة مواقع تم دحرهم منها ويرافقها القصف العنيف بمختلف أنواع الأسلحة، غير أنه تم إجبارهم على الفرار بعد سقوط قتلى وجرحى من الميليشيات».
وقصفت الميليشيات الانقلابية من مواقع تمركزها في جبال الاحكومة في حيفان، على قرى تتبع منطقة الاحكوم والمقاطرة التابعة لمحافظة لحج الحدودية مع محافظة تعز، وكذلك المناطق المجاورة لهيجة العبد التابعة للمقاطرة، وكذلك مدرسة التعاون في قرية الكراب في منطقة المسيجد، ما أسفر عن سقوط قتيل وجرحى من المدنيين، في حين سقط في المواجهات قائد المقاومة في منطقة منطقة الكعاوش رضوان الكعواشي، وأصيب ثلاثة آخرون من المقاومة: صدام حسين الاكحلي، نوفل الحكيمي، وصفي المدحجي، وقابلها مقتل وإصابة ما يقارب الـ20 شخصا من ميليشيات الانقلاب.
إلى ذلك، تتزايد أعداد ضحايا المدنين في محافظة تعز جراء القصف المستمر الهستيري بمختلف أنواع الأسلحة الذي يطال الأحياء السكنية في المدينة وقرى وأرياف المحافظة، وبشكل عنيف في قرى جبال صبر والصلو، لا سيما في المناطق المحررة من قبل قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
ومن ضمن الأحياء المحررة مؤخرا، حي ثعبات في الجبهة الشرقية، التي لا يزال المدنيون ينزحون منها، إما جراء القصف المستمر من الميليشيات الانقلابية التي تم دحرهم منها أو جراء الألغام المزروعة في الأحياء السكنية.
وكان المركز الإنساني للحقوق والتمنية قد أعلن أن ضحايا الألغام في تعز وصل إلى 169 مدنيا، منها 69 حالة قتل و100 حالة إصابة جراء انفجار الألغام التي زرعتها ميليشيات الانقلابيين، والتي تُعد جرائم حرب ضد الإنسانية.
وعلى الجانب الميداني، وفيما تكبدت الميليشيات الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد جراء المواجهات مع قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مختلف جبهات القتال في تعز، تكبدت الميليشيات الانقلابية، أيضا، الخسائر الكبيرة جراء غارات التحالف المكثفة والمستمرة على تعزيزات ومواقع ومخازن أسلحة الميليشيات.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن طيران التحالف شن غاراته على مدرسة الثورة بالاكبوش في حيفان، استخدمتها الميليشيات ثكنة عسكرية لها ومخازن لأسلحتها، وتبة الدبعي، واستهدفت تجمعات وتعزيزات عسكرية للميليشيات ودمرت دورية عسكرية ومضاد طيران.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم