«الباب» بعد منبج لتحريرها من «داعش»

تشكيل مجلس محلي لمدينة منبج بعد طرد التنظيم منها

قوات سوريا الديمقراطية شكلت، أمس، المجلس العسكري لمدينة الباب بريف حلب، بهدف تحريرها من «داعش»، على خطى تحرير منبج (رويترز)
قوات سوريا الديمقراطية شكلت، أمس، المجلس العسكري لمدينة الباب بريف حلب، بهدف تحريرها من «داعش»، على خطى تحرير منبج (رويترز)
TT

«الباب» بعد منبج لتحريرها من «داعش»

قوات سوريا الديمقراطية شكلت، أمس، المجلس العسكري لمدينة الباب بريف حلب، بهدف تحريرها من «داعش»، على خطى تحرير منبج (رويترز)
قوات سوريا الديمقراطية شكلت، أمس، المجلس العسكري لمدينة الباب بريف حلب، بهدف تحريرها من «داعش»، على خطى تحرير منبج (رويترز)

أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم تحالفا من المقاتلين الأكراد والعرب وتحظى بدعم الولايات المتحدة الأحد عزمها على طرد مقاتلي تنظيم داعش من مدينة الباب بعد سيطرتها على معقلهم في منبج في شمال سوريا.
وقالت في بيان نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، إنه بعد يومين من طرد آخر عناصر «داعش» من منبج في محافظة حلب «نعلن تشكيل المجلس العسكري لمدينة الباب الهادف لتحرير أهلنا في الباب من مرتزقة (داعش)، على غرار مجلس منبج العسكري الذي حرر منبج». وبدأت الفعاليات الاجتماعية في مدينة منبج في شمال سوريا بالبحث في تشكيل مجلس محلي للمدينة غداة طرد تنظيم «داعش» منها، يستهل أعماله بفتح الطرقات وتأهيل البنى التحتية تمهيدًا للمباشرة باستقبال المدنيين الفارين منها إثر المعارك، بموازاة جهود «قوات سوريا الديمقراطية» المتواصلة لتنظيف الأحياء من الألغام التي خلفها التنظيم قبل انسحابه منها.
وأكد مسؤول الإعلام في حزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي خارج سوريا إبراهيم إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»، أن البحث في تشكيل مجلس محلي لمدينة منبج، «بدأ العمل عليه، حيث بدأ التواصل مع المكونات في المدينة لتشكيل المجلس»، مشددًا على أن المجلس المحلي «سيضم ممثلين عن سائر المكونات الاجتماعية في منبج إثنيًا وطائفيًا، وبالتأكيد سيضم من المكونات العربية والكردية والتركمان والشركس، إضافة إلى ممثلين عن العشائر العربية».
وستتلخص مهمة المجلس المحلي في إدارة الشؤون المدنية في المدينة، لناحية توفير الخدمات وتأمين المتطلبات الأساسية التي تهيئ الظروف لعودة سكان منبج إليها، فضلاً عن تنظيم الفوضى العسكرية فيها، بحيث تتشكل مجموعات مدنية وأخرى من الشرطة على غرار قوات «أسايش» تتولى الضبط القانوني والأمني في المدينة التي تشهد فراغًا في السلطة إثر طرد «داعش» منها.
وقال إبراهيم إن المجلس المحلي «سيكون على شاكلة المجالس المحلية التي تشكلت في تل أبيض وربيعة وعين عيسى، وغيرها من المناطق التي تم تحريرها من أيدي التنظيم المتطرف»، مشددًا على أنه «لن يتم إقصاء أي من المكونات الموجودة في منبج عنها». وقال إن سكان كوباني «الذين يسكنون في منبج منذ وقت طويل، ويرتبطون مع أهاليها بعلاقات أسرية واجتماعية متينة، سيشاركون في مساعدة أهالي منبج على إعادة الحياة إليها».
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي أنها سيطرت بالكامل على المدينة قرب الحدود التركية بعد رحيل آخر عناصر التنظيم الذين كان يستخدمون المدنيين دروعا بشرية.
ونشطت أعمال الإغاثة وإصلاح المرافق الحيوية في المدينة، بعد سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، مدعومة بغارات من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، على كامل المدينة؛ إذ بدأ المدنيون بإصلاح شبكات الكهرباء والماء التي تضررت إثر المعارك، كما بدأوا بفتح الطرقات وإزالة الركام، تمهيدًا لبدء المدنيين من السكان بالعودة إلى المدينة. بالموازاة، واصلت «قوات سوريا الديمقراطية» إزالة الألغام التي خلفها المقاتلون المتشددون قبل رحيلهم عن المدينة.
وواصلت العائلات النازحة العودة إلى مدينة منبج في شمال سوريا أول من أمس، بعد طرد «داعش» منها، استمرارًا لخطة العودة التي بدأت السبت، حيث أفاد مدنيون بوصول مئات السيارات والمركبات التي تقل عائلات وأمتعتهم إلى المدينة. وكانت معظم تلك العائلات لاذت بمخيمات مؤقتة ومناطق ريفية خلال حملة استمرت على مدار شهرين، منذ البدء في العمليات العسكرية ضد التنظيم. وقال شرفان درويش، المتحدث باسم المجلس العسكري في منبج المتحالف مع «قوات سوريا الديمقراطية»، لوكالة «رويترز» إن الآلاف شرعوا في العودة إلى المدينة، وإن المحال بدأت في فتح أبوابها لتعود الحياة إلى طبيعتها.
بالموازاة، أثار الحريق الذي التهم محكمة الدوائر العقارية في منبج، جدلاً، كون الحريق أتى على الوثائق العقارية بعد سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على المدينة. وبينما قال معارضون سوريون إن إحراق الوثائق العقارية «يهدد بطمس الملكيات في منبج إثر سيطرة (قوات سوريا الديمقراطية) التي يعتبر مقاتلو (وحدات حماية الشعب الكردي) أحد أعمدتها»، أكد مسؤولون أكراد أن «داعش» أحرق المحكمة قبل رحيله عن المدينة. وقال مصدر عسكري في «قوات سوريا الديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط»، إن مقاتليه حين وصلوا إلى المنطقة «كانت النار التي أضرمها (داعش) تشتعل في المحكمة، ولم يكن المقاتلون يعرفون ماهية المبنى الذي تشتعل فيه النار»، نافيًا في الوقت نفسه «مسؤولية قواتنا عن هذا الحريق».
وكان حريق شب في مبنى محكمة منبج بريف حلب يوم الجمعة الماضي، أتلف جميع الوثائق وسجلات الملكيات العقارية التي تخص المدينة والقرى التابعة لها، بحسب ما قال ناشطون سوريون.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.