أوباما يطالب نتنياهو بوقف مصادرات الأراضي الفلسطينية جنوب بيت لحم

رسالته «الشديدة» لم تثنِ رئيس الحكومة الإسرائيلية عن تنفيذ مخطط جديد

أوباما يطالب نتنياهو بوقف مصادرات الأراضي الفلسطينية جنوب بيت لحم
TT

أوباما يطالب نتنياهو بوقف مصادرات الأراضي الفلسطينية جنوب بيت لحم

أوباما يطالب نتنياهو بوقف مصادرات الأراضي الفلسطينية جنوب بيت لحم

وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما رسالة احتجاج شديدة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، طالبه فيها بالإيفاء بالتزاماته له، بالامتناع عن مصادرة أراض فلسطينية. وقبل أن يرد نتنياهو على الرسالة، كشف النقاب عن خطة لمصادرة 1700 دونم من أراضي مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، بغرض تنفيذ مشروع استيطاني كبير.
وكان المستوطنون في بؤرة الاستيطان «عمونة»، التي أقاموها سنة 1995 بشكل عشوائي، قد هددوا بتنظيم حملة احتجاج واسعة ضد حكومة نتنياهو، إذا رضخ لقرار محكمة العدل العليا وأخلاهم. فراح ومساعدوه يبحثون عن حل يرضيهم. وتتجه جهوده حاليا، نحو نقل مستوطني بؤرة عمونة إلى منطقة قريبة، هي أيضا أرض فلسطينية خاصة. وحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل، بأن الرئيس أوباما يعارض هذا المخطط بشدة. وقال مسؤول أميركي رفيع، بأن الإدارة الأميركية حولت في الأيام الأخيرة احتجاجا شديد اللهجة إلى الحكومة الإسرائيلية، وأن طاقما أميركيا أجرى سلسلة من المحادثات مع مسؤولين إسرائيليين كبار حول الموضوع. ومع أن إسرائيل أبلغت واشنطن أنه «لا يوجد، حتى الآن، قرار بالنسبة لعمونة، وأن المخطط المطروح للنقاش لا يتحدث عن مصادرة الأراضي»، فقد حذر الأميركيون من «انحراف إسرائيلي عن الالتزام الذي قدمه (...) نتنياهو إلى (...) أوباما، بعدم مصادرة أراضٍ فلسطينية في الضفة، من أجل إنشاء مستوطنات جديدة، أو توسيع مستوطنات قائمة». وأكدوا أن نتنياهو التزم بذلك في العام 2009. خلال محادثات أجراها هو ورجاله مع الإدارة الأميركية، عبر قنوات دبلوماسية وسلسلة من التصريحات العلنية.
ولم تكتف الإدارة الأميركية بنقل الرسالة من خلال محادثات هادئة. وتطرقت إلى الموضوع في نهاية الأسبوع، نائبة الناطق بلسان وزارة الخارجية في واشنطن، إليزابيث طرودو، التي قالت للصحافيين: «إننا نشعر بالقلق الكبير إزاء التقارير التي تفيد بأن الحكومة الإسرائيلية بدأت بإجراءات للسيطرة على أراضٍ فلسطينية خاصة، لكي يتم نقل البؤرة غير القانونية عمونة إليها». ولمحت طرودو، إلى أن الإدارة ترى في مخطط تنظيم عمونة خرقا لالتزامات إسرائيل أمام الولايات المتحدة، فـ«خطوة كهذه، ستشكل مصدر قلق غير مسبوق لا يتفق مع وجهات النظر القانونية السابقة للحكومة الإسرائيلية. هذه الخطوة تتعارض مع السياسة طويلة الأمد للحكومة الإسرائيلية بعدم السيطرة على أراضٍ فلسطينية خاصة من أجل بناء المستوطنات. إذا تم دفع هذه الخطوة، فإن هذا سيعني إقامة مستوطنة جديدة أو توسيعا كبيرا لمستوطنة قائمة في عمق الضفة الغربية».
يشار إلى أن قرار المحكمة العليا إخلاء مستوطنة عمونة، حتى الخامس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يثير عاصفة لدى قيادة المستوطنين والحكومة. ويقوم مجلس المستوطنات وجهات يمينية أخرى، بإدارة حملة شعبية ضد إخلاء البؤرة، تشمل نشر إعلانات كبيرة في الصحف، تتضمن تهديدا بتفكيك الحكومة في حال إخلاء البؤرة. ويضغط الكثير من نواب البيت اليهودي والليكود ووزراء في الحكومة، من أجل تنظيم مكان البؤرة غير القانونية. وقبل شهرين، وعلى خلفية الضغوط السياسية الكبيرة، طلب المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت من لجنة برئاسة مسؤولة كبيرة في النيابة، فحص الحلول الممكنة لتنظيم البؤرة. وأوصت اللجنة بنقل بيوت البؤرة التي تعيش فيها 40 عائلة، إلى أراضٍ مجاورة تعتبرها أملاك غائبين. وفي المقابل، يتم دفع رسوم إيجار لصندوق خاص، ليجري تحويلها، مستقبلا، إلى العائلات الفلسطينية التي تثبت ملكيتها للأرض. وفي الأسبوع الماضي أعلن مندلبليت بأنه لا يوجد ما يمنع فحص نقل بيوت البؤرة إلى الأرض المجاورة، التي تعتبرها السلطات أملاك غائبين: «من خلال الحرص على تطبيق سلطة القانون بشكل عام، وفي الضفة الغربية بشكل خاص». ويوم الخميس الماضي، نشرت الإدارة المدنية إعلانا في صحيفة «القدس» الفلسطينية، مرفقا بخريطة لـ30 قسيمة مجاورة لبؤرة عمونة والتي قد يتم نقل البؤرة إليها. وتبلغ مساحتها أكثر من 200 دونم. وتقع غالبية القسائم حول البؤرة، بينما يبعد بعضها عدة أمتار عن مكان البؤرة الحالية. ويدعو الإعلان الفلسطينيين، الذين يدعون ملكيتهم لهذه القسائم، إلى الاتصال بالإدارة المدنية وعرض إثباتات بهدف الاعتراض على الخريطة.
ومع الانشغال في هذه القضية كشف النقاب أمس، عن قيام إسرائيل بإجراء مسح للأراضي في منطقة قريبة من بؤرة عمونة، على أراضي سلواد الفلسطينية، وذلك تمهيدا للإعلان المحتمل عن هذه الأراضي بأنها أراضي دولة، حسب ما يستدل من وثيقة قدمتها النيابة إلى المحكمة العليا في الأسبوع الماضي. وجاء في الوثيقة أنه «يجري في هذه الأيام مسح للأراضي في المنطقة الواقعة بين أفرات وغبعات عيطام (تلة عيطام)، بشكل سيخلق التواصل لأراضي الدولة».
يشار إلى أن بناء «غبعات عيطام»، الواقعة في الجانب الشرقي من الجدار الفاصل، سيوسع المنطقة العمرانية في تجمع مستوطنات «غوش عتصيون»، حتى المشارف الجنوبية لمدينة بيت لحم، وسيمنع وجود تواصل بين بيت لحم والبلدات الفلسطينية الواقعة إلى الجنوب منها.
ويسعى المستوطنون منذ عشر سنوات، تقريبا، إلى دفع الاستيطان في هذه المنطقة. ومع تولي نتنياهو الحكم في العام 2009. وبعد عدة محاولات لإنشاء بؤر استيطانية على التلة، تم الإعلان عن 1700 دونم في المنطقة كأراضي دولة تمهيدا لبناء 2500 وحدة إسكان. وفي 2011. صادق وزير الدفاع، إيهود باراك، على إقامة مزرعة على أراضي التلة، الأمر الذي أتاح توسيع أفرات في المستقبل. وفي 2013. في أعقاب الضغط الدولي، عرقل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، نشر عطاءات لبناء 24 ألف وحدة إسكان في الضفة الغربية، من بينها 840 وحدة على تلة «عيطام». وبعد نحو سنة، حاول وزير الإسكان اوري اريئيل، في حينه، دفع مخطط لتوسيع أفرات شرقا. وفي أعقاب ذلك التمست حركة «سلام الآن» إلى المحكمة العليا، وطلبت أمر الدولة بالإعلان مسبقا، وعلى الملأ، عن كل نية لدفع البناء على التلة من خلال ضم أراضيها إلى أفرات. وفي ردها على الالتماس صرحت النيابة العامة بأن المجلس المحلي قدم في مطلع 2016 طلبا لترخيص تخطيط الأراضي من أجل دفع البناء في المنطقة، وأنه لم يتم الرد بعد على هذا الطلب.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».