«حزب الله» يستذكر «زمن انتصاره» على إسرائيل في ظل تخبطه في المستنقع السوري

نصر الله يناشد «داعش» و«النصرة» وقف القتال: تم استغلالكم من قبل أميركا وحان وقت حصاد بعضكم وحصاد الباقين آتٍ

انصار حزب الله لدى احتفالهم في مدينة بنت جبل جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
انصار حزب الله لدى احتفالهم في مدينة بنت جبل جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يستذكر «زمن انتصاره» على إسرائيل في ظل تخبطه في المستنقع السوري

انصار حزب الله لدى احتفالهم في مدينة بنت جبل جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
انصار حزب الله لدى احتفالهم في مدينة بنت جبل جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

احتفل مناصرو ما يسمى «حزب الله» يوم أمس السبت بالذكرى العاشرة لما يسمونه «انتصار تموز»، بإشارة إلى انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان في عام 2006. ورغم كل مظاهر الفرح والاحتفال التي حاولت قيادة الحزب التركيز عليها من خلال المهرجان الذي أقامته في منطقة بنت جبيل في الجنوب اللبناني، فإن الغصة والاستياء كانا المسيطرين على جمهور الحزب باعتبار أن الآلاف من أبنائه يقاتلون في سوريا في ظروف صعبة ومن دون تحديد أي سقف زمني لعودتهم إلى ديارهم.
وتجمهر الآلاف في ساحة كبيرة في المنطقة الجنوبية الحدودية مع إسرائيل، حيث حملوا أعلام الحزب ورددوا الهتافات المؤيدة له. وأدّى أحد المنشدين الذي وقف على منصة بخلفية شعار «زمن الانتصارات»، أغاني حماسية جديدة وأُطلقت مئات البالونات في السماء. وفي إطلالة له على شاشة عملاقة، استفاض أمين عام الحزب حسن نصر الله بالحديث عما قال إنها «إنجازات ونتائج حرب تموز»، مشددا على أن أهمها «سقوط العقيدة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تعتمد الحسم العسكري السريع والقتال في أرض العدو».
ولفت نصر الله في كلمته التي تجاهل فيها بشكل كامل التطورات السورية الأخيرة في مدينة حلب، إلى أنه «بعد فشل الشرق الأوسط الجديد، وصمود المقاومة في لبنان وفلسطين، وصمود سوريا وإيران، وهزيمة أميركا في العراق أن إسرائيل لم تعد أداة مواجهة، والجيش الأميركي لم يستطع تغيير المعادلة في أفغانستان والعراق وكانت الحرب بالوكالة، وهذا ما تتقنه الولايات المتحدة، وكانت قد استخدمتها سابقا في أفغانستان، وعادت إلى أصحابها القدماء من أجل إعادة تجميع التكفيريين والإطاحة بأنظمة هي في محور أميركا وإسرائيل وتم خلق المجموعات التكفيرية»، معتبرا أن «الأميركيين هم من صنعوا ومولوا من الخزائن العربية هذه الجماعات وقاتلوا بها، ولكن هذه الورقة بدأ الحديث عن أنها انتهت، ولكن هذه الورقة ناخب في الانتخابات الأميركية وأوباما مصر على معركة الرقة والموصل من أجل هذا الأمر». وأضاف: «اليوم جاء وقت القطاف بعد أن جاءوا بهم، وأنا قلت هذا قبل 5 سنوات عندما توجهت بالحديث إلى مقاتلي (القاعدة) و(داعش) عن أن أميركا تريد القضاء عليهم بعد أن صنعتهم ومولتهم ودربتهم، واليوم أقول لكل هذه الجماعات التي لا تزال تقاتل في المنطقة أنتم تم استغلالكم خلال 5 سنوات لتدمير محور المقاومة وشعوب المنطقة وآمال هذه المنطقة ليقوم على أنقاضها أنظمة خاضعة لأميركا وإسرائيل، وإذا كان لا يزال لديكم شيء من الإسلام أوقفوا هذا القتال القائم لمصلحة أميركا وإسرائيل»، داعيا كل هؤلاء الذين يحملون السلاح إلى وقف القتال، متوجها لهم بالقول: «تم استغلالكم من قبل أميركا وحان وقت حصاد بعضكم وحصاد الباقين آت، وبحال لم يتوقف القتال نحن ليس لدينا خيارات»، مؤكدا أن لا خيار أمامنا إلا أن نبقى في الساحات في حلب وفي كل مكان يقتضيه الواجب أن نكون.
ورد محمد سرميني مدير مركز «جسور للدراسات» إصرار الحزب على أحياء المناسبة بمظاهر احتفالية كبيرة لـ«الخسارات التي يتكبدها في سوريا وفي حلب بالتحديد، والتي لم يشهد لها مثيل منذ إنشائه». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الاحتفال الذي نظمه الحزب يوم أمس «محاولة للتغطية على هذه الخسائر التي لا يدرك حجمها إلا أهالي القتلى وجمهوره». وتحدث سرميني عن مقتل ما يزيد على 1500 من عناصر الحزب منذ انخراطه في الحرب السورية، لافتا إلى أنه أكبر عدد من القتلى الذي يسقط في صفوفه منذ تأسيسه». ولفت إلى أن قدراته العسكرية، وبخلاف ما يحاول الترويج له، باتت أضعف، وأضاف: «نحن نراقب مكالماتهم ونرى حالة من الضعف الشديدة كما نرصد حالات هروب».
وأكّد سرميني أن خروج الحزب من سوريا سيتم بأوامر إيرانية وبشكل تدريجي.
بالمقابل، اعتبرت مصادر مقربة من الحزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن مشاركته بالحرب السورية منذ عام 2012 زادت من خبراته العسكرية نتيجة توسع ميادين القتال وتعدد الأطراف والمجموعات التي يواجهها في مختلف المناطق السورية، مشددة على أن العناصر الذين في المواجهة مع إسرائيل لا يزالون على الجبهة الجنوبية ولم يتحركوا قيد أنملة. وأضافت المصادر: «الحزب اليوم أقوى مما كان في العام قبل نحو 4 سنوات، كما أن قدراته العسكرية والسلاح الذي يمتلكه أصبح أكثر تطورا».
وقالت صحيفة «التايمز البريطانية» قبل يومين إن «حزب الله» اللبناني أصبح أول «منظمة إرهابية» تشن غارة جوية باستخدام الطائرات المسيرة التجارية بعدما قامت بتعديلها لإسقاط القنابل على مواقع الثوار السوريين. وأشارت الصحيفة إلى أن قناة تلفزيونية تابعة لـ«حزب الله» (الإعلام الحربي المركزي) بثت فيديوهات تظهر ما قالت: إنها كانت ثلاث هجمات في الريف الجنوبي لحلب. وقد صورت الهجمات بكاميرا مركبة بالطائرة المسيرة وهي تحلق فوق هدفها. وأظهر أحد المشاهد قنبلتين صغيرتين، يُرجح أنهما من الذخائر العنقودية إم زد دي 2. وهما تنفجران قرب ما يبدو موقعا عسكريا.
وتُعد الدفعة الأخيرة من الخسائر التي مني بها ما يسمى «حزب الله» في حلب، هي الضربة الأقسى التي يتعرض لها منذ معارك القصير في صيف عام 2013، حيث استهل الحزب انخراطه في الحرب السورية بهجمات واسعة على منطقة القصير بريف حمص الجنوبي والغربي، بمحاذاة الحدود اللبنانية، وتعرض فيها لخسائر بشرية كبيرة.
ونُقل بوقت سابق عن ضابط كبير في هيئة الأركان الإسرائيلية، أن أجهزة الاستخبارات في إسرائيل «تملك تقارير تشير إلى أن الحزب يواجه ضائقة استراتيجية صعبة. وأن ما بين 6000 و8000 مقاتل من مجموع 25 ألف مجند في التنظيم، يوجدون اليوم في سوريا، ومئات المقاتلين في العراق، وأخيرًا أرسل الحزب مستشارين إلى اليمن». وتحدث الضابط الإسرائيلي عن «نقل (حزب الله) في الآونة الأخيرة قوات مقاتلة من جنوب لبنان إلى سوريا مع معداتهم الشخصية». وقال إن «تدخل مقاتلي (حزب الله) في الحرب الأهلية في سوريا، جعل نصر الله في موقف حرج لا يحسد عليه داخل لبنان، إذ إنه منذ بدأت الحرب في سوريا قتل 700 مقاتل من الحزب».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.