الجنيه الإسترليني يقترب من لقب «أسوأ عملة في 2016»

ركود قطاع البناء البريطاني يشابه ركود 2008

الجنيه الإسترليني يقترب من لقب «أسوأ عملة في 2016»
TT

الجنيه الإسترليني يقترب من لقب «أسوأ عملة في 2016»

الجنيه الإسترليني يقترب من لقب «أسوأ عملة في 2016»

يقترب الجنيه الإسترليني للأسبوع الثاني على التوالي من لقب «أسوأ» عملة من حيث الأداء في 2016. من بين أداء مجموعة من 10 عملات رئيسية، بالتزامن مع بدء بنك إنجلترا برنامج التحفيز، ليكسر حاجز 1.30 دولار للمرة الأولى منذ يوليو (تموز) الماضي خلال الأسبوع، مع السياسات النقدية المتساهلة المصممة لحماية الاقتصاد البريطاني من تداعيات قرار إنهاء عضويتها من الاتحاد الأوروبي الذي يُعد قيد التنفيذ في الوقت الراهن.
وفي استطلاع، أجرته «الشرق الأوسط» - في أوساط المحللين والاقتصاديين في عينة قوامها 25 خبيرا من كبار المحللين والمختصين بتحركات العملات في الأسواق - أشاروا إلى أن تداعيات «البريكسيت» لا تزال تنال من العملة البريطانية بعد استفتاء يونيو (حزيران) الماضي.
وتحملت العملة البريطانية وطأة قرار الثالث والعشرين من يونيو، تاركة وراءها أكبر كتلة تجارية ومالية عالمية في تقلص نسبي، أول من شهده كان قطاعا البناء والخدمات، إضافة إلى غرق الثقة في قطاع الأعمال إلى أدنى مستوى له منذ أربع سنوات ونصف السنة.
وانخفض الإسترليني بنحو 3 في المائة إلى ما دون 1.30 دولار بعد إعلان بنك إنجلترا عن حزمة التيسير لتضاف إلى سلسلة خسائره الحادة، وسجل صباح أمس في تمام الحادية عشرة صباحا بتوقيت غرينتش 1.2941 دولار، وانخفض الجنيه أمام الدولار بنحو 12 في المائة حتى الآن، ودفع «البريكسيت» «المركزي البريطاني» ليخطو نحو أول خفض لأسعار الفائدة الأسبوع الماضي، بعد سبع سنوات، مما دفع المسؤولين إلى زيادة برنامج التحفيز بنحو 60 مليار إسترليني (78 مليار دولار) ليبلغ الإجمالي 435 مليار إسترليني، ورغم إخفاق المركزي في اجتذاب البائعين لتغطية الشراء يوم الثلاثاء الماضي، وإصرار المستثمرين على جني الأرباح من السندات التي يملكونها، فإن البنك استكمل برنامجه في اليوم التالي بشكل طبيعي.
وبحلول الساعة الثالثة عصرا ارتفع الجنيه الإسترليني ليعوض من الخسائر الصباحية بنحو 0.13 في المائة ليستقر عند 1.2970 دولار، كما انخفض أمام العملة الموحدة لأوروبا بنحو 0.30 في المائة، ليصل إلى 1.1598 يورو.
هذا، في حين أظهرت بيانات رسمية أن إنتاج قطاع البناء البريطاني سجل هبوطا قويا يقارب التوقعات في يونيو، مع عدم وجود دلائل كافية على أن استفتاء البلاد على الخروج من الاتحاد الأوروبي في ذلك الشهر أثر على شركات البناء وقتها.
وذكر مكتب الإحصاءات الوطنية أن إنتاج قطاع البناء هبط 0.9 في المائة في يونيو، مقارنة مع مايو (أيار) ما يقل بفارق بسيط عن توقعات خبراء اقتصاد في استطلاع أجرته «رويترز» بتراجع نسبته واحد في المائة.
غير أنه من المرجح أن ينظر من يحاولون تقييم مدى تأثر الاقتصاد البريطاني بنتيجة الاستفتاء إلى البيانات، على أنها أمر فات وانقضى ولم يعد له أهمية، لكونها لا تشمل سوى أيام قليلة بعد استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، وقال المكتب في بيانه، أمس، الجمعة: «في الوقت الحالي ثمة قليل جدا من الدلائل التي تشير إلى أن الاستفتاء كان له أثر على الإنتاج». وبالنسبة للربع الثاني بالكامل انخفض إنتاج قطاع البناء، الذي يمثل ستة في المائة من الاقتصاد البريطاني، 0.7 في المائة بما يزيد عن نسبة 0.4 في المائة التي جاءت في البيانات الأولية للنمو الاقتصادي الشهر الماضي، وأظهرت البيانات أيضا أن إنتاج القطاع هبط 2.2 في المائة على أساس سنوي مقارنة مع 2.7 في المائة في توقعات خبراء الاقتصاد في استطلاع «رويترز».
وقال الاتحاد الوطني للإسكان محذرا من التباطؤ الذي شهده قطاع البناء، إنه مشابه لذلك الركود في عام 2008، الذي قد يقضي على أكثر من ثلث نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 142.5 مليار جنيه إسترليني، ويؤدي إلى فقدان ما يقرب من 120 ألف وظيفة.
وتوقع الاتحاد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.1 في المائة في الربعين المقبلين، مما يدفع بريطانيا إلى الركود، وقال ديفيد أور، الرئيس التنفيذي للاتحاد الوطني للإسكان في بيان، إنه يعتقد أن الجمعيات السكنية يمكن أن تساعد في حل الأزمة نسبيا: «نحن نعلم أن وجود بيئة اقتصادية غير مؤكدة سيتسبب في كبح معدلات البناء، لكن ازدهار بلدنا وتوفير سبل العيش لآلاف المواطنين يعتمد على قطاع البناء القوي، ولن نسمح أن يحدث تباطؤ للقطاع».
من ناحية أخرى، ارتفعت قراءة أغسطس (آب) لمؤشر ثقة المستثمرين بنحو 19 في المائة لتصل إلى 80 نقطة، ولكنها ما زالت دون مستوى ما قبل البريكسيت في مايو الماضي الذي بلغ 92 نقطة وأقل من المتوسط المعتاد للمؤشر الذي يبلغ 101 نقطة.
وعلى الرغم من أن التحسن لا يزال متواضعا نسبيا، فإن المستثمرين أصبح لديهم ثقة أكبر في الاقتصاد البريطاني، وقال لوكمان هيلفر المحلل الاقتصادي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن الهبوط الحاد والانتعاش اللاحق في الثقة يبرز مدى تقلب المشاعر في الأشهر القليلة الماضية، والوقت الآن غير مناسب للحكم من خلال نقاط أو بيانات منفردة.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.