البقرة «المقدسة».. لاعب في السياسة الهندية

قد توحد «المنبوذين» والمسلمين ضد حزب مودي الحاكم

البقرة «المقدسة».. لاعب في السياسة الهندية
TT

البقرة «المقدسة».. لاعب في السياسة الهندية

البقرة «المقدسة».. لاعب في السياسة الهندية

تسببت البقرة «المقدسة» في إثارة مشكلات سياسية ضخمة لحزب بهارتيا جاناتا اليميني الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وذلك جراء الفوضى التي أثارها حماة الأبقار بأجزاء مختلفة من الهند، مع إقدامهم على مهاجمة، بل وأحيانا قتل رعاة الأبقار ومن يشتبه في تناولهم لحوم البقر.
السياسات المرتبطة بالأبقار، التي تعد مقدسة عند طائفة الهندوس، عصفت بالهند لسنوات. وأخيرا، تفاقم الوضع مع إقدام بعض الهنود على قتل أو إذلال إخوانهم من الهنود لمجرد الاشتباه في أنهم قتلوا أبقارًا أو تناولوا لحومها.
ووقعت آخر هذه الحوادث عندما تعرض أربعة رجال شباب من طبقة «داليت» المعروفة بطبقة «المنبوذين»، التي تعد طبقة دنيا في الهيكل الاجتماعي بالبلاد، للجلد بالسياط بقسوة من جانب مجموعة من حماة الأبقار داخل ولاية كوجارات التي ينتمي إليها رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
الشباب تعرضوا لتجريدهم من ملابسهم وتقييدهم إلى إحدى السيارات، ثم جرى سحلهم بالطرقات وضربهم على مدار قرابة خمس ساعات. وأثار الحادث موجة غضب وانقسامات سياسية واجتماعية عبر الهند. الملاحظ أنه منذ فوز حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي الشوفيني في الانتخابات عام 2014، اجتاحت البلاد موجة من المشاعر الدينية القوية، وحملت معها قوانين جديدة لحماية الأبقار، ومطالب محمومة بتطبيقها بصرامة.
كثير من الهندوس المتدينين، خصوصًا في الولايات الهندية الشمالية، يعبدون البقرة باعتبارها «أم الجميع» التي توفر التغذية، عبر حليبها، وليس لحومها. وفوز بهارتيا جاناتا في الانتخابات عام 2014، جرى النظر إليه من قبل هؤلاء الهندوس المتدينين باعتباره حدث يعزز المصالح الهندوسية، مثل حماية الأبقار. واللافت أنه سعيًا لإحداث حالة من الاستقطاب في صفوف الناخبين خلال الفترة السابقة لانتخابات أشار كبار قيادات حزب بهارتيا جاناتا مرارًا إلى «الثورة الوردية»، التي زعموا أن حزب المؤتمر سيعمل على تيسيرها حال انتخابه مجددًا.
وكان المقصود من اختيار اللون الوردي في عبارة «الثورة الوردية» الإشارة إلى الذبح الجماعي للأبقار للحصول على لحومها. وبالفعل، شهدت الفترة التي أعقبت فوز بهارتيا جاناتا إحياء جمعيات حماية الأبقار وتناميًا كبيرًا في نشاطاتهم في ظل حكومة مودي. ومن المعتقد أن حزب بهارتيا جاناتا يمثل الأب الروحي لفكرة فرق حماية الأبقار.
وعلى مدار العامين الماضيين، مررت كثير من الولايات الهندية قوانين تحظر ذبح الأبقار، بل وحظرت بعضها حيازة واستهلاك لحوم الأبقار تمامًا.
لعبت البقرة والثور دورًا مهمًا في المشهد السياسي الهندي في الماضي أيضًا. على سبيل المثال، استعان حزب المؤتمر، الذي يمثل المعارضة الآن، بصورة زوج من العجول كشعار انتخابي له في وقت مضى. وفي وقت لاحق، استعانت رئيسة الوزراء السابقة التابعة لحزب المؤتمر، أنديرا غاندي، بصورة بقرة ترضع صغيرها كرمز للحزب.
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من أن التمييز بين الطبقات جرى حظره في أعقاب نيل الهند استقلالها عن بريطانيا عام 1947، فإن هذه الممارسة لا تزال قائمة. وقد حددت الحكومات المتعاقبة حصصًا من الوظائف والمناصب الجامعية بهدف الحد من السلبيات التي تعانيها الطبقات الأدنى، لكن ثبت أن ثمة صعوبة كبرى وراء تغيير التوجهات الاجتماعية. وينظر الكثيرون من أبناء الفئات الهندية «المحظور لمسها» إلى حزب بهارتيا جاناتا، الذي يشن منذ أمد بعيد حملة ضد ذبح الأبقار، باعتباره غير متعاطف مع قضيتهم ومتحيزًا تجاه الهندوس المنتمين إلى الفئات العليا، وهذا ما ينفيه الحزب من جانبه. أيضًا، يقول المسلمون الذين يتناول الكثيرون منهم لحوم الأبقار إن بعض الجماعات الهندوسية تستهدفهم بذريعة حماية الأبقار.
شهدت الأسابيع القليلة الماضية حالة كبيرة من الصخب داخل البرلمان وفي وسائل الإعلام حول أعمال القتل التي ارتكبت باسم «حماية الأبقار». ووجه برلمانيون من المعارضة اتهامات لحكومة مودي وحزبه بهارتيا جاناتا بالفشل في حماية «المنبوذين» والمسلمين.
يذكر أنه من المقرر عقد انتخابات على درجة كبيرة من الأهمية بثلاث ولايات هندية العام المقبل. وفي الوقت الذي لا يعول بهارتيا جاناتا على أي دعم من المسلمين، فإنه يسعى بالفعل لاجتذاب أصوات «المنبوذين»، وتشير التقديرات إلى أن «المنبوذين» والمسلمين يشكلان معًا قرابة 35 ٍٍفي المائة من سكان الهند، مما يجعلهم قوة يُحسب لها ألف حساب.
وعليه، يخالج بهارتيا جاناتا شعور بالتوتر خوفًا من تأثير غضب «المنبوذين» سلبًا على إمكانات نجاح الحزب داخل ولايات البنجاب وأوتار براديش وكوجارات. في أوتار براديش، حيث يشكل المنبوذون 21 في المائة من السكان، يسعى الحزب بدأب للوصول إلى السلطة. وعليه، ليس أمام مودي سوى الاعتماد على قاعدته من ناخبي «المنبوذين»، الذين سبق أن دعموه بدرجة كبيرة أثناء الانتخابات البرلمانية عام 2014. وعليه، فإن أي تراجع في هذا الدعم ووقوف «المنبوذين» والمسلمين صفًا واحدًا سيؤتي بنتائج كارثية على الحزب.
من جانبهم، شعر خصوم حكومة ناريندرا مودي بفرح شديد حيال الرفض الشعبي والتعبئة المضادة التي قامت بها منظمات ممثلة لـ«المنبوذين»، مما أدى إلى تجميد خطة بهارتيا جاناتا الطموحة بحشد أصوات «المنبوذين» خلف الحزب.
وفي ظل هذه الظروف، ما من سبيل أمام رئيس الوزراء سوى محاولة تناول مظالم «المنبوذين». جدير بالذكر أن رئيس الوزراء عادة ما يتحاشى التعليق على التطورات السياسية الداخلية، ويحاول العمل بجد على بناء نموذج للتواصل يبدو في إطاره بمنأى عن التشاحنات السياسية اليومية.
وبالفعل، خرج مودي أخيرًا عن صمته، وحذر المواطنين بضرورة الحذر ممن يحاولون الظهور بمظهر حماة الأبقار بينما يحاولون حقيقة الأمر إشعال فتيل التوترات الاجتماعية. وأعلن أنه «على جميع الولايات اتخاذ إجراءات صارمة ضد أمثال هؤلاء».
وأضاف: «إنهم حفنة من الأشخاص يسعون لتدمير نسيجنا الاجتماعي وخلق الفوضى وضرب وحدة الهند وتأجيج التوترات باسم حماية الأبقار».
والمؤكد أن إثارة سخط «المنبوذين» آخر ما يرغب فيه بهارتيا جاناتا في وقت تبدو الساحة السياسية متخمة بمشكلات أخرى.



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.