أبرز المدافعين عن «أوبك» يرحل بهدوء عن عالم النفط

«روبرت مابرو» لا يعرفه الكثيرون

أبرز المدافعين عن «أوبك» يرحل بهدوء عن عالم النفط
TT

أبرز المدافعين عن «أوبك» يرحل بهدوء عن عالم النفط

أبرز المدافعين عن «أوبك» يرحل بهدوء عن عالم النفط

لا يعرف الكثيرون شيئًا عن روبرت مابرو ولا حتى عن اسمه. ولكن للقلة الذين يعرفونه وعاصروه فإنه كان أحد ألطف الشخصيات وأهمها في قطاع النفط، من خارج الشركات الحكومية والدولية، أو حتى من خارج الحكومات.
إذ إن مابرو الذي رحل قبل أسبوع في جزيرة كريت كان رجلاً أكاديميًا، ولكنه كان أحد أبرز الأشخاص الذين دافعوا عن منظمة البلدان المصدرة للبترول («أوبك») في السبعينات والثمانينات، وكان أحد أنشط الأشخاص في التسعينات في التقريب بين المنتجين والمستهلكين.
لقد أمضى مابرو الذي ولد في مصر لأبوين لبنانيين، زهاء 40 سنة وهو يكتب البحوث في علاقات النفط والطاقة وجوانبهما الاقتصادية والسياسية والفنية.
وكان لمابرو تأثير كبير في قطاع النفط من خلال المركز الذي أسسه ورأسه لنحو 30 سنة في جامعة أكسفورد في بريطانيا، والذي يعد الآن أحد أهم مراكز دراسات الطاقة في العالم ومنبرًا لالتقاء المعنيين بالطاقة من وزراء ورؤساء شركات وباحثين وممارسين. وروبرت مابرو أو «روبير» كما يحب أن يناديه أصدقاؤه، وهو اسمه الأصلي عندما كان يعيش في مصر قبل أن ينتقل إلى إنجلترا، بدأ حياته الدراسية في مصر في جامعة القاهرة، وكان مهتمًا حينها بقضايا التنمية في مصر، ولكنه بعد ذهابه إلى أكسفورد تحول مساره الأكاديمي إلى النفط وعالمه، ليبدأ بعد ذلك رحلة طويلة مع «أوبك» استمرت حتى قبيل وفاته.
وكان مابرو يرتبط بعلاقات قوية جدًا بجميع المسؤولين في الخليج، وكان دائمًا ما يدعو رؤساء شركات النفط والمسؤولين الحكوميين لحضور محاضرات أكسفورد السنوية المعروفة باسم «أكسفورد إنرجي سيمنار»، والتي تمتد لأسبوعين كاملين لإعطاء فكرة عن السوق أو أوضاع الاقتصاد العالمي.
وكان وزير الطاقة السعودية خالد الفالح أحد المشاركين بصورة مستمرة في المحاضرات، إضافة إلى شخصيات أخرى مثل نائب وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان، إضافة إلى الدكتور ماجد المنيف محافظ المملكة السابق في «أوبك». وتمكن مابرو من خلال علاقاته من جذب الكثير من الرعاة لمركزه هذا، من بينهم مؤسسة البترول الكويتية، ووزارة البترول السعودية (سابقًا)، إضافة إلى شركات نفطية مثل «شل، وبريتيش، بتروليم، وأكسون موبيل، وشتات أويل النرويجية». كما أسس نادي أكسفورد لسياسات الطاقة الذي يضم مهتمين وممارسين وباحثين في علاقات الطاقة المتداخلة.
ويقول الدكتور أنس الحجي عن مابرو لـ«الشرق الأوسط»: «وفاة مابرو خسارة كبيرة لدول الخليج وللمهتمين في شؤون النفط، خصوصًا أنه عاصر فترة ذهبية يكاد يطويها النسيان، وهي فترة نهاية الستينات والنصف الأول من السبعينات». ويضيف: «كان أكثر الخبراء جدية ومنطقية في التعامل مع قضايا أسواق النفط، وكان خط الدفاع الأول لدول الخليج في الغرب. وقام بتعرية الكثير من الأكاديميين الأميركيين المعادين لـ(أوبك) ودول الخليج، والذين لم يكن لديهم أي خبرة في مجال النفط، ولكن نشروا بحوثًا في هذا المجال». ويرى الحجي أن أهم إنجازات مابرو هو أنه أوضح أن الفكر الغربي في مجال النفط فكر مبني على قواعد خاطئة وغير صحيحة، وهذا ما يفسر- كما يقول الحجي- فشل السياسات الغربية في مجال الطاقة في فترات مختلفة.
ويقول عبد الصمد العوضي، وهو أحد من عاصروا مابرو، أيضًا: «لقد دافع مابرو كثيرًا عن (أوبك) ولكنه انتقدها في الوقت ذاته. والغريب في الأمر أنه إلى جانب وليد خدوري من القلائل الذين لا تغضب منهم عندما ينتقدونك».
وفي مايو (أيار) من العام الماضي أصدر معهد أكسفورد لدراسات الطاقة إصدارًا خاصًا عن مابرو تخليدًا لإسهاماته في القطاع، كما أن الإصدار يناقش جدوى أفكار مابرو في وقت حرج جدًا يمر به السوق مثل الوضع الراهن والذي يشهد تراجعًا في الأسعار.
وفي الإصدار يقول الدكتور بسام فتوح المدير الحالي لمعهد أكسفورد خلفًا لمابرو أن أفكار مابرو مهمة في الوقت الحالي، لأنه كان يقول إن دور «أوبك» مهم جدًا عندما تكون السوق في حالة ضعف شديد أو تكون في حالة تخمة في المعروض.
ومابرو هو من اقترح تغيير شعار «أوبك» إلى كيس للشاي، حيث قال إن «أوبك» مثل «كيس الشاي لا تعمل سوى في الماء الحار».
وفي إصدار مابرو الخاص يروي أدريان لاجو، وهو الرئيس التنفيذي السابق في شركة النفط المكسيكية (بيميكس)، كيف لعب مابرو دورًا كبيرًا في إقناع المكسيك للانضمام إلى فنزويلا والسعودية في عام 1998 من أجل خفض إنتاجهم، ورفع أسعار النفط، والتي وصلت إلى 10 دولارات في ذلك العام.
ويصادق على هذه القصة وفي نفس الإصدار الدكتور إبراهيم المهنا، مستشار وزير البترول السعودي السابق علي النعيمي. ويقول المهنا إن مابرو من خلال علاقته لعب دورًا كبيرًا في التقريب بين المنتجين والمستهلكين في أزمات كثيرة مثل أزمة عام 1998، والأزمة التي أعقبت غزو العراق للكويت في 1990.
ولكن إلى أي حد لعب مابرو دورًا في تنسيق كل هذه الاجتماعات بين المنتجين في تلك الأزمات؟ يقول العوضي: «لا يوجد شك أن مابرو كان من الأشخاص الذين ساهموا في التقريب بين وجهات النظر، ولكن في أزمة عام 1998 كانت المبادرة الحقيقية هي من فنزويلا التي شهدت تغيرًا في نظامها السياسي، وعلى أثره تغيرت علاقته مع المنتجين في (أوبك)».
ويقول العوضي الذي كان ممثلاً وطنيًا للكويت في «أوبك» في تلك الفترة: «لقد كان القرار السياسي بين القادة في السعودية وفنزويلا لفعل شيء لإنقاذ الأسعار قد تم اتخاذه بالفعل، ودور مابرو جاء بعد ذلك وليس قبله».
ويتذكر العوضي كيف أرسلت فنزويلا في 1998 علي رودريغز الذي أصبح وزيرًا للنفط فيما بعد لمعرفة مدى استعداد المنتجين في المنطقة لتخفيض الإنتاج، وجرت اتصالات كثيرة بين الحكومات ساهمت في تقريب وجهات نظر الجميع.
ويقول أحد المصادر في السوق الذين عاصروا تلك الفترة: «لا أحد ينكر دور مابرو، ولكن حل أزمة أسعار النفط في 1998 يحسب للقادة، وبخاصة الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي فتح قنوات اتصال مباشرة مع القادة هو ووزير الخارجية الراحل سعود الفيصل، وقاموا بأكبر عمل دبلوماسي نفطي أسفر عن زيارة الوزير علي النعيمي إلى إيران، وإقناعها بالانضمام إلى اتفاق خفض الإنتاج. لقد كان هذا انتصارًا للدبلوماسية السعودية بلا شك».
وفي السفارة الجزائرية في لاهاي بهولندا عام 1999 اجتمع النعيمي بوزير النفط الإيراني بيجان زنغنه (الذي عاد للمنصب وهو الوزير الحالي لإيران)، ووزير فنزويلا علي رودريغز، والجزائري يوسف يوسفي (الذي عاد للمنصب ثم خرج منه العام الماضي)، ورئيس شركة بيمكس المكسيكية أدريان لاجوس، ووقعوا أهم اتفاق ساهم على انتشال النفط من أحد أسوأ أزماته.
ويبدو أن مساهمة مابرو في حل أزمة عام 1998 لم توازِ الدور الدبلوماسي المبذول خلف الكواليس، ولكنه كما يرى الكثيرون فعل شيئًا لم يفعله غيره، وهو الاهتمام بأوضاع الدول العربية النفطية ودول «أوبك» الأخرى. وهذا الاهتمام من قبل المراقبين الخارجيين هو الذي سيتم فقدانه وقد لا يتكرر بعد رحيل مابرو.



«المركزي الأوروبي» يخفض أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام

لافتة أمام مقر البنك المركزي الأوروبي (د.ب.أ)
لافتة أمام مقر البنك المركزي الأوروبي (د.ب.أ)
TT

«المركزي الأوروبي» يخفض أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام

لافتة أمام مقر البنك المركزي الأوروبي (د.ب.أ)
لافتة أمام مقر البنك المركزي الأوروبي (د.ب.أ)

خفض البنك المركزي الأوروبي، الخميس، أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام، مع إبقاء الباب مفتوحاً لمزيد من التيسير النقدي في المستقبل، مع اقتراب معدلات التضخم من الهدف واستمرار ضعف الاقتصاد.

وخفض «المركزي» للدول العشرين التي تتشارك اليورو معدل الفائدة على الودائع البنكية، والذي يؤثر على ظروف التمويل في المنطقة، إلى 3 في المائة من 3.25 في المائة. وكان المعدل قد وصل إلى مستوى قياسي بلغ 4 فقط في يونيو (حزيران) الماضي، وفق «رويترز».

وأشار البنك إلى إمكانية إجراء تخفيضات إضافية من خلال إزالة الإشارة إلى الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوى «مقيد بشكل كافٍ»، وهو مصطلح اقتصادي يشير إلى مستوى تكاليف الاقتراض الذي يكبح النمو الاقتصادي.

وقال البنك المركزي الأوروبي: «إن ظروف التمويل تتحسن، حيث تعمل تخفيضات أسعار الفائدة الأخيرة التي أجراها مجلس الإدارة على جعل الاقتراض الجديد أقل تكلفة للشركات والأسر تدريجياً. لكنها تظل متشددة لأن السياسة النقدية تظل مقيدة ولا تزال الزيادات السابقة في أسعار الفائدة تنتقل إلى المخزون القائم من الائتمان».

ولا توجد تعريفات عالمية لمستوى الفائدة الذي يعدّ مقيداً، لكن الاقتصاديين يرون عموماً أن المستوى المحايد، الذي لا يعزز النمو ولا يبطئه، يتراوح بين 2 و2.5 في المائة.

وبموجب قرار الخميس، خفض البنك المركزي أيضاً معدل الفائدة الذي يقرض به البنوك لمدة أسبوع إلى 3.15 في المائة ولمدة يوم واحد إلى 3.40 في المائة.

ولم يتم استخدام هذه الآليات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وفَّر البنك المركزي النظام المصرفي باحتياطيات أكثر من حاجته عبر برامج ضخمة لشراء السندات والقروض طويلة الأجل.

لكنها قد تصبح أكثر أهمية في المستقبل مع انتهاء هذه البرامج. وأكد البنك المركزي الأوروبي، الخميس، أنه سيوقف شراء السندات بموجب برنامجه الطارئ لمواجهة جائحة كورونا هذا الشهر.