تناغم تركي ـ روسي لإعادة العلاقات.. وأعين أنقرة على مشروع الغاز

بوتين وإردوغان افتتحا صفحة جديدة ويسعيان إلى مستويات قبل الأزمة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى استقباله نظيره التركي رجب طيب إردوغان في سانت بطرسبرغ أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى استقباله نظيره التركي رجب طيب إردوغان في سانت بطرسبرغ أمس (أ.ف.ب)
TT

تناغم تركي ـ روسي لإعادة العلاقات.. وأعين أنقرة على مشروع الغاز

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى استقباله نظيره التركي رجب طيب إردوغان في سانت بطرسبرغ أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى استقباله نظيره التركي رجب طيب إردوغان في سانت بطرسبرغ أمس (أ.ف.ب)

كانت المحادثات التي أجراها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان في بطرسبرغ، أمس، غير عادية وفق بعض المعايير، فهي لم تقتصر على تبادل وجهات النظر ووضع معالم التعاون المستقبلي، بل أدت إلى تناغم في العلاقات بين البلدين لإعادتها الى طبيعتها فيما كانت أعين أنقرة خلال المحادثات على مشروع صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا, وشملت توقيع اتفاقيات روسية - تركية وإطلاق العمل على مشاريع كانت مجمدة بين البلدين منذ العام الماضي، ويتطلب الاتفاق عليها جولات مطولة من المحادثات بين المؤسسات المعنية في البلدين، إلا أن كثيرا تم إنجازه خلال يوم طويل من المحادثات فيما يبدو وكأنه سعي من الجانبين لتعويض ما فاتهما من تقدم كان يمكنهما تحقيقه في العلاقات الثنائية لولا حادثة الطائرة تلك. وكانت موسكو حريصة على إظهار اهتمامها بالزيارة الأولى للرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى روسيا، حيث عرضت المحطات الرئيس بوتين وهو ينتظر بضع دقائق إلى أن دخل ضيفه التركي، وجلسا ليتبادلا عبارات الترحيب والتمنيات، قبل أن تنطلق محادثاتهما بعيدا عن الكاميرات. عقب محادثات استمرت على مدار ساعتين أطل الرئيسان في مؤتمر صحافي مشترك استهله الرئيس الروسي مؤكدًا أن محادثاته مع إردوغان «كانت تفصيلية»، والحديث «كان بناءً حول مجمل جوانب العلاقات الثنائية، وكذلك القضايا الدولية الراهنة»، حسب بوتين الذي استطرد موضحًا أن الأولوية حاليا هي «للعودة إلى مستوى ما قبل الأزمة من التعاون بين البلدين»، واعتبر هذا الأمر «مهمة ملحة»، لذلك، يضيف بوتين: «قررنا إعداد برنامج متوسط الأمد، حول تطوير التعاون في المجالات التجاري – الاقتصادي، والعملي - التقني، والثقافي لسنوات 2016 - 2019»، مشددا على أن روسيا تريد عودة العلاقات بين البلدين بشكل كامل إلى سابق عهدها. من جانبه، شكر الرئيس التركي نظيره الروسي ولم تفته الإشارة إلى الاتصال الذي تلقاه من بوتين بعد محاولة الانقلاب، وكذلك إلى أن روسيا كانت محطته الخارجية الأولى بعد تلك المحاولة، ليؤكد بذلك اهتمامه بتطبيع العلاقات مع البلدين.
أما النتائج العملية، فقد أكد الرئيسان الروسي والتركي أن البلدين اتخذا قرارا سياسيا بمواصلة العمل على بناء محطة أكويو للطاقة في تركيا وكذلك الأمر بالنسبة لمشروع «السيل التركي» لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا. أما بالنسبة لموضوع استئناف الرحلات الجوية التجارية بين روسيا وتركيا فقد أشار بوتين إلى أنه بحث مع نظيره التركي هذا الأمر، وسيتم اتخاذ القرارات المناسبة خلال وقت قريب جدًا، لافتًا إلى أن الأمر على صلة بالضمانات الأمنية وقد قدم الجانب التركي تلك الضمانات. وحول التعاون في القضايا الإقليمية أكد بوتين أن «روسيا وتركيا متفقتان على أن الحرب على الإرهاب يجب أن تكون عنصرًا رئيسيا في العمل بين البلدين». الرئيس التركي من جانبه عاد وأكد النقاط التي ذكرها بوتين، وأعلن عن استعداد بلاده لضمان صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر شبكة أنابيب «السيل التركي»، ومنح تشييد محطة الطاقة في أكويو صفة «مشروع استثمارات استراتيجية»، لافتًا إلى أنه اتفق مع الرئيس الروسي حول هذا الأمر، فضلا عن ذلك، فإن تركيا تنوي تطوير التعاون مع روسيا في مجال الصناعات الدفاعية (العسكرية)، حسب إردوغان.
وتجدر الإشارة إلى أن المحادثات التركية - الروسية في بطرسبرغ أمس استمرت طيلة النهار منذ لحظة وصول إردوغان إلى روسيا، وفي حين جرى الجزء الأول منها في «إطار ضيق» بمشاركة الرئيسين ووزاء خارجية البلدين سيرغي لافروف ومولود جاويش أوغلو ومعاون الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، فقد انضم إليهم في الجزء الثاني كل من رئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف، ومبعوث الرئيس الروسي الخاص بالتسوية في سوريا ألكسندر لافرينتييف، ورئيس شركة «غازبروم» ألكسي ميلر، ووزراء الطاقة ألكسندر نوفاك، والنقل ماكسيم سوكولوف، والتنمية الاقتصادية ألكسي أوليوكايف، والسفير الروسي في تركيا أندريه كارلوف. في حين انضم من الجانب التركي كل من نائب رئيس الوزراء محمد شمشيك، ورئيس هيئة الاستخبارات الوطنية حقان فيدان، ووكيل وزارة الدفاع التركية لشؤون الإنتاج الحربي إسماعيل دمير، والناطق باسم الرئيس إبراهيم قالين، ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم مهدي أكير، والسفير التركي في روسيا أوميت يارديم، ووزراء التنمية الاقتصادية نهاد زيبكجي، ووزير الطاقة وبيرات البيراك، والزراعة فاروق شيليك، والثقافة والسياحة نابي أفجي، والنقل أحمد أرسلان.
وقامت الوفود بتقاسم المهام حيث ركز العسكريون من الجانبين بمشاركة وزراء الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي إلى الأزمة السورية على بحث الخطوات الثنائية الممكن اتخاذها لتسوية تلك الأزمة، في حين ركزت محادثات المجموعة الاقتصادية ووزراء الطاقة على البحث في تفاصيل إلغاء العقوبات الروسية على تركيا، وتفعيل العمل بمختلف المشاريع الثنائية واستئناف السياحة وإلغاء التأشيرات التي عادت روسيا وفرضتها على المواطنين الأتراك لدخول الأراضي الروسية وغيره من جوانب تتعلق بالتطبيع بين البلدين. وكان واضحا أن الجانبين حاولا تجاوز المسائل المعقدة، مثل مسألة دفع تركيا تعويضات عن المقاتلة الروسية، إذ أكد أليكسي أوليوكايف، وزير التنمية الاقتصادية الروسي، عدم بحث هذه المسألة خلال المحادثات. وكان لافتًا أن نتائج محادثات بوتين - إردوغان أخذت تظهر بسرعة غير متوقعة، إذ أكد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك تشكيل فريق عمل روسي - تركي لتنفيذ مشروع غاز «السيل التركي»، وأن «شركة غاز بروم بدأت المفاوضات مع الجانب التركي حول تنفيذ ذلك المشروع». وكذلك أكد نوفاك أن روسيا وتركيا توصلتا إلى القرارات الضرورية لتنفيذ مشروع محطة أكويو للطاقة الكهروذرية في تركيا. وكانت هناك اتفاقيات أخرى تم التوصل إليها بين الجانبين الروسي والتركي وكل ذلك خلال يوم واحد من المحادثات



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».