الملف السوري للمرحلة الثانية من محادثات بوتين ـ إردوغان

الكرملين عرض اتفاقية نشر قوة جويةعلى «الدوما» للمصادقة عليها

الملف السوري للمرحلة الثانية من محادثات بوتين ـ إردوغان
TT

الملف السوري للمرحلة الثانية من محادثات بوتين ـ إردوغان

الملف السوري للمرحلة الثانية من محادثات بوتين ـ إردوغان

بحث الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان الأزمة السورية في الجزء الثاني من محادثاتهما يوم أمس، وذلك بعد ساعات على إعلان الرئاسة الروسية عن عرض بوتين لنص اتفاقية مع النظام السوري حول نشر قوة جوية روسية في سوريا على البرلمان الروسي للمصادقة عليها. هذا في الوقت الذي يبقى فيه الوضع في حلب ومصير المحادثات الأميركية - الروسية في جنيف محط اهتمام في الأوساط السياسية والإعلامية، التي ربطت بين لقاء الرئيسين واحتمال تغير في المشهد الميداني في حلب، بعد إقرار الإعلام الروسي بعجز قوات النظام وحلفائه عن القتال. وبالنسبة لمحادثات العسكريين الروس والأميركيين في جنيف قالت مصادر من جنيف إن اللقاء التركي الروسي سيكون له أثر «مسرع» لعمل الخبراء في جنيف وفيينا على صياغة تفاصيل الاتفاق الأميركي - الروسي حول سوريا، الذي توصل إليه كيري ولافروف خلال محادثاتهما الأخيرة في موسكو.
ويوم أمس لم تتمخض عن الجزء الأول من محادثات الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان أية نتائج في الشأن السوري، وتقرر تأجيل البحث فيه إلى الجزء الثاني من المحادثات الروسية - التركية في إطار موسع. وذكرت وكالة إنترفاكس أن الجزء الأول من محادثات الرئيسين استمر ما يزيد على ساعتين «في إطار ضيق» ومن ثم تم توسيع نطلق المحادثات حيث انضم إلى الرئيسين، بعد مؤتمرها الصحافي المشترك، كل من فاليري غيراسيموف، رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الروسي، وهاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية، فضلاً عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ويوري أوشاكوف معاون الرئيس الروسي، وكذلك ألكسندر لافرينتيف الممثل الخاص للرئيس الروسي في التسوية السورية، ووزير الخارجية التركي. وإذ لم تصدر حتى مساء أمس نتائج المحادثات حول الملف السوري، فقد رأى المراقبون في تأجيل بحث هذا الموضوع إلى الجزء الثاني من المحادثات، ومستوى وطبيعة المشاركة فيها من الجانبين التركي والروسي مؤشرات تعكس رغبة وسعي مشتركين لصياغة تفاهمات محددة حول الوضع في سوريا، لا سيما في حلب التي تمكنت المعارضة السورية من فك الحصار عنها وتتجه ربما للسيطرة على المدينة كلها.
وقبل ساعات على استقباله نظيره التركي في بطرسبورغ، أحال الرئيس الروسي على مجلس الدوما نص اتفاقية نشر قوة جوية روسية في قاعدة حميميم في سوريا، للمصادقة عليها، وذلك بعد عشرة أيام فقط على إقرار الحكومة الروسية لتلك الاتفاقية وإحالتها إلى الكرملين كي يقوم الرئيس الروسي بالموافقة عليها وإحالتها إلى البرلمان لتجتاز المرحلة الأخيرة من تثبيتها وفق الأصول القانونية، أي أن يصادق عليها البرلمان الروسي.
وبينما رأى بعض المراقبين في العجلة الروسية مخاوف لدى الجانب الروسي من تغيرات معينة في سوريا قد تهدد مستقبل تلك الاتفاقية والقاعدة الجوية الروسية هناك، استبعد كيريل كوكتيش، أستاذ العلاقات الدولية في روسيا، أن يكون الأمر على صلة بتحولات ما في سوريا، وأشار في حديثه لـ«لشرق الأوسط»، إلى أن «الأمر مرتبط بصورة رئيسية بالوضع الداخلي الروسي، حيث ستبدأ قريبًا في شهر أغسطس (آب) العطلة البرلمانية، ومن ثم في منتصف سبتمبر (أيلول) ستكون هناك انتخابات برلمان جديد»، موضحًا أن «القيادة الروسية تفضل عدم رمي الاتفاقيات ذات الطابع الاستراتيجي في صندوق الانتظار، وتعمل على إنجاز كل العمليات القانونية المتصلة بها في الوقت المناسب».
في شأن متصل تستمر المحادثات الروسية - الأميركية في جنيف، حول صياغة تفاصيل وخطوات الاتفاق الذي أعلن عن خطوطه العريضة الوزيران لافروف وكيري خلال لقائهما الأخير في شهر يوليو (تموز)، وكان مصدر مواكب لتلك المحادثات قد قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التوقعات هنا تشير إلى احتمال توصل الطرفين خلال وقت قريب جدًا، قد يوما أو يومين إلى تفاهمات حول مجمل القضايا»، موضحًا أن «التطورات في حلب فضلا عن لقاء بوتين - إردوغان يتردد صداها على طاولة المحادثات»، حيث «يُرجح أن تسعى واشنطن إلى الإسراع في وضع النقاط على الحروف في جنيف كي يتسنى الانتقال إلى تطبيق ما اتفق الجانبان عليه، بما في ذلك وقف الأعمال العدائية في حلب، بداية، ومن ثم في عموم سوريا»، حسب المصدر من جنيف الذي أشار إلى أن «الولايات المتحدة ستحرص على إنجاز الاتفاق قبل أن تتخذ روسيا بالتعاون مع تركيا خطوات أخرى، لا سيما وأن الجميع يدركون أن تركيا لها تأثير أكبر من التأثير الأميركي على الوضع في حلب»، لافتًا إلى أن «البعض لمس لدى الجانب الأميركي تخوفًا من أن يتراجع دور الولايات المتحدة في الملف السوري عمومًا بحال تعثرت محادثات جنيف أكثر من ذلك».
وعلى الجانب الروسي يبدو أن موسكو بدأت تفقد الأمل باحتمال التوصل قريبًا إلى التفاهمات المنشودة مع الولايات المتحدة، وقد تلجأ إلى تفعيل العمل عبر القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران، لا سيما على ضوء اللقاء الإيجابي جدًا بين بوتين وإردوغان.
وفي هذا الشأن أشار المحلل السياسي سيرغي ستروكان في مقال له في صحيفة «كوميرسانت» إلى أن «قوات النظام السوري منهكة بعد خمس سنوات من الحرب» محذرًا من عدم قدرتها على القتال، وهو «ما دفعها للاستعانة بمجموعات لبنانية وإيرانية وعراقية في معركة حلب»، إلا أن «هذا لا يعني أن القوات الحكومية ومن يقاتل إلى جانبها يملكون القدرة على التصدي للهجوم الواسع الذي شنته قوات المعارضة»، وفق ما يرى ستروكان، الذي يضيف في مقاله إن «المخرج لروسيا في هذا الوضع يكون عبر تفعيل الدبلوماسية بمشاركة اللاعبين الإقليميين تركيا وإيران». من جانبه يرى أندريه كورتونوف، مدير المجلس الروسي للشؤون الدولية، أن «الوضع في حلب يظهر استحالة تحقيق النصر العسكري، وعليه لا بد من البحث عن صيغة أخرى لحل النزاع السوري»، متوقعًا أن يتم وضع الخطوات الأولى لذلك الحل خلال محادثات بوتين –إردوغان في بطرسبورغ.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.