«جيش الإسلام» يكشف عن استراتيجية لضرب قوات الأسد وميليشيا «حزب الله»

الأمم المتحدة تحذر من أن مليوني شخص معرضون للحصار في حلب

«جيش الإسلام» يكشف عن استراتيجية لضرب قوات الأسد وميليشيا «حزب الله»
TT

«جيش الإسلام» يكشف عن استراتيجية لضرب قوات الأسد وميليشيا «حزب الله»

«جيش الإسلام» يكشف عن استراتيجية لضرب قوات الأسد وميليشيا «حزب الله»

حذرت الأمم المتحدة اليوم (الثلاثاء)، من أن أكثر من مليوني شخص معرضون للحصار في مدينة حلب في شمال سوريا، ودعت إلى «هدنة إنسانية» لتوفير ممرات آمنة إلى المدينة التي تتعرض للقصف الكثيف وتشتد الاشتباكات عند أطرافها.
وحذر منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا يعقوب الحلو والمنسق الإقليمي كيفن كينيدي في بيان، أمس، من أن «مليوني مدني يخشون الحصار» في مدينة حلب بمن فيهم نحو 275 ألف شخص محاصرون في الأحياء الشرقية.
وطالبت الأمم المتحدة «في الحد الأدنى بوقف تام لإطلاق النار أو بهدنة إنسانية أسبوعية من 48 ساعة للوصول إلى الملايين من الناس الذين هم بأمسّ الحاجة في كل أرجاء حلب وإعادة تموين مخزونهم من الطعام والأدوية الذي تدنى إلى مستوى الخطر». وأكد البيان أنّ «الأمم المتحدة مستعدة لمساعدة المدنيين في حلب، المدينة التي توحدها المعاناة».
ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان وخبراء عدد المحاصرين في الأحياء الشرقية بـ250 ألف شخص وعدد الذين يقيمون في الأحياء الغربية بمليون و200 ألف نسمة.
وفي 17 يوليو (تموز)، تمكنت قوات النظام من فرض حصار كامل على الأحياء الشرقية، بعدما سيطرت على طريق الكاستيلو آخر منفذ إلى تلك الأحياء.
ومنذ 31 يوليو أطلقت الفصائل المعارضة سلسلة هجمات بهدف فك الحصار، ونجحت في مسعاها هذا في 6 أغسطس (آب)، بل تمكنت أيضًا من قطع طريق الراموسة، آخر طريق إمداد إلى الأحياء الغربية.
وتمكن كل طرف من استخدام الطريقين اللذين باتا يسيطران عليهما لإدخال الماء والمؤن ومستلزمات أخرى إلى الأحياء الواقعة تحت سيطرته، إلا أن المدنيين لا يزالون غير قادرين على استخدام الطريقين لخطورتهما.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 130 مدنيًا، غالبيتهم في الأحياء الغربية، جراء القصف المتبادل بين الطرفين منذ نهاية يوليو. والحق القصف، حسب الأمم المتحدة، أضرارًا بالمستشفيات والعيادات وشبكتي المياه والكهرباء في المدينة.
إلى ذلك، أكدت الأمم المتحدة في بيانها أن «تكتيك الحصار يشكل جريمة حرب عندما يستخدم عمدًا لحرمان السكان من الطعام والمواد الأخرى الأساسية لبقائهم».
وبعد التقدم الذي حققته، أعلنت الفصائل المعارضة، مساء الأحد إطلاق معركة للسيطرة على كامل مدينة حلب، وفي حال نجاحها تكون قد حققت أكبر نصر لها في سوريا منذ خمس سنوات، وفق ما يرى محللون.
إلا أن المعارك العنيفة لا تزال مستمرة عند أطراف المدينة الجنوبية، من دون أن يحقق أي من الطرفين خرقًا جديدًا. واستهدفت قوات النظام المواقع التي سيطرت عليها الفصائل خلال الأيام الماضية وتحديدًا الراموسة والكليات العسكرية.
على الساحة الميدانية، كشف قيادي سوري في «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية بريف دمشق اليوم، عن استراتيجية جديدة اتبعها الثوار، تهدف إلى تكبيد أكبر خسائر بشرية في صفوف قوات النظام والميليشيات الشيعية في الغوطة، عبر شن سلسلة من الكمائن والهجمات، والعودة إلى القواعد.
وأطلقت أمس الاثنين عملية عسكرية جديدة في الغوطة حملت اسم «ذات الرقاع»، التي تهدف إلى «الإغارة» على نقاط قوات النظام على طول الجبهة الممتدة من مطار مرج السلطان العسكري إلى مبنى البحوث الزراعية.
وأكد محمد بيرقدار عضو المكتب السياسي في «جيش الإسلام»، في تصريح لقناة «أورينت نت» بثته اليوم على موقعها الإلكتروني، أن «جيش الإسلام دشن معركته الجديدة، عبر هجمات (انغماسية) منسقة استهدفت مواقع عسكرية قرب (كازية المرج) والنقاط المجاورة لها، الواقعة على الطريق الرئيسي للغوطة الشرقية، إلى جانب تمركزات ميليشيا (حزب الله) اللبنانية، بمحيط مطار (مرج السلطان) العسكري»، مشيرًا إلى أن العملية خلفت نحو 25 قتيلاً في صفوف قوات نظام وميليشيا «حزب الله»، حيث تمت السيطرة على عدة نقاط في العملية، قبل أن ينسحب مقاتلو «جيش الإسلام» إلى قواعدهم في عمق الغوطة، موضحًا أن السبب الذي دفع الثوار إلى إطلاق هذا النوع من العمليات، هو المواقع المحصنة للقوات الحكومية وميليشيا ما يسمى بـ«حزب الله» في المناطق التي احتلتها أخيرا في الغوطة الشرقية، حيث تهدف هذه الاستراتيجية الجديدة إلى إحداث خلل في صفوف قوات النظام، وتكبيدها أكبر عدد من الخسائر البشرية، عبر شن سلسلة من الهجمات المتزامنة تستهدف خطوط العدو الخلفية.
وتوعد عضو المكتب السياسي في «جيش الإسلام» قوات نظام السوري وميليشيا «حزب الله» بالمزيد من هذه العمليات «الانغماسية»، مشددًا على أنّ عملية يوم أمس كانت مجرد «نزهة» في مقابل العمليات التي سينفذها «جيش الإسلام» خلال الفترة المقبلة.
يشار إلى أن الناطق الرسمي باسم جيش الإسلام، إسلام علوش، أكد في وقت سابق أن عملية «ذات الرقاع»، تهدف إلى «الإغارة على نقاط الأسد، على طول الجبهة الممتدة من مطار مرج السلطان العسكري إلى مبنى البحوث الزراعية».
وكانت قوات النظام والعناصر الموالية لها سيطرة قبل أشهر على عدة مناطق ونقاط في منطقة المرج، وذلك بغطاء جوي من الطائرات الروسية.
وتشهد سوريا نزاعا داميا بدأ في مارس (آذار) 2011، بحركة احتجاج سلمية ضد النظام، تطورت لاحقا إلى نزاع متشعب الأطراف، أسفر عن مقتل أكثر من 290 ألف شخص، وتسبب بدمار هائل في البنى التحتية وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».