«الائتلاف» السوري يبدأ اجتماعاته لانتخاب هيئة سياسية جديدة

يمتد ثلاثة أيام يعين خلالها وزراء.. ويدرس دعم جبهة الساحل

أحمد الجربا، بدر جاموس، فاروق طيفور
أحمد الجربا، بدر جاموس، فاروق طيفور
TT

«الائتلاف» السوري يبدأ اجتماعاته لانتخاب هيئة سياسية جديدة

أحمد الجربا، بدر جاموس، فاروق طيفور
أحمد الجربا، بدر جاموس، فاروق طيفور

تعقد الهيئة العامة لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» اجتماعها الدوري اليوم في مدينة إسطنبول التركية لانتخاب هيئة سياسية جديدة ووزراء الصحة والتعليم والداخلية في الحكومة المؤقتة، إضافة إلى مناقشة آخر التطورات السياسية والعسكرية، لا سيما معركة جبهة الساحل.
ويعد اجتماع الهيئة العامة الأول بعد فشل مؤتمر «جنيف2»، ومن المقرر أن تخصص بعض الجلسات لتقويم نتائج مشاركة الائتلاف في مفاوضات «جنيف2» وتحليلها، بحسب ما يؤكد عضو الائتلاف الوطني المعارض هشام مروة لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أن «اجتماعات الهيئة العامة تعقد اليوم وقد باتت المعارضة السورية في وضع أفضل بعدما عاد المجلس الوطني إلى الائتلاف وكذلك الأعضاء المنسحبون، ما يعطي رسالة واضحة أن المعارضة استعادت وحدتها من جديد».
وكان قرار مشاركة الائتلاف المعارض في مفاوضات «جنيف2» أدى إلى حالة انقسام داخل صفوف المعارضة ودفع كتلا سياسية بكاملها إلى الانسحاب احتجاجا على المشاركة. لكن هذه الكتل، ومنها «المجلس الوطني» وكتلة «المنسحبون»، ما لبثت أن تراجعت عن انسحابها قبل أسابيع، مبررة ذلك بفشل مؤتمر «جنيف2». وبحسب مروة فإن «اجتماعات اليوم ستفضي إلى انتخاب هيئة سياسية جديدة للائتلاف المعارض»، مشيرا إلى «وجود نقاشات من أجل توسعة الهيئة لتصبح أكثر تمثيلا لكتل الائتلاف وأقطابه، فتصبح 25 مقعدا أو أكثر بدلا من 19». وأوضح مروة أن «باب الترشح لعضوية الهيئة السياسية مفتوح للجميع»، من دون أن يستبعد حصول منافسة بين الكتل عبر قوائم وتحالفات مختلفة.
وتضم الهيئة السياسية الحالية 19 عضوا هم: رئيس الائتلاف أحمد الجربا وبدر جاموس ومحمد فاروق طيفور ونورا الأمير وعبد الحكيم بشار وأكرم العساف وأنس العبده وزكريا الصقال وعبد الباسط سيدا وأحمد رمضان وفايز سارة ولؤي صافي ومنذر ماخوس ومنى مصطفى ومحمد نذير الحكيم وموفق نيربية وميشيل كيلو وهادي البحرة، إضافة إلى كمال اللبواني الذي قدم استقالته احتجاجا على المشاركة في مؤتمر «جنيف2».
ومن المفترض أن يتطلب إقرار توسعة الهيئة السياسية تعديلا في بنود النظام الأساسي للائتلاف الذي ينص على أن لا يزيد عدد أعضاء الهيئة على تسعة عشر عضوا من الأعضاء المرشحين، الحاصلين على أكثر أصوات أعضاء الهيئة العامة في انتخاب سري، ويشترط في أعضائها التفرغ الكامل.
وفي موازاة انتخابات الهيئة السياسية سيجري تعيين وزراء الصحة والتعليم والداخلية في الحكومة السورية المؤقتة بعدما بقيت هذه المواقع شاغرة إثر تشكيل الحكومة المؤقتة في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) برئاسة أحمد طعمة نتيجة خلافات بين الكتل السياسية. وفي هذا السياق، يوضح عضو الائتلاف المعارض هشام مروة في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «تعيين الوزراء الثلاثة سيكون عبر عملية انتخابية تبدأ بتحديد رئيس الحكومة أسماء لشغل هذه المواقع ليصار لاحقا إلى التصويت عليها من قبل الهيئة العامة، والذي يحصل على نصف الأصوات زائدا واحدا يعد من الناجحين».
ورغم عدم وجود أشخاص خلال الفترة الماضية في مواقع الداخلية والصحة والتعليم فإن هذه الوزارات بقيت فاعلة بحسب ما يؤكد مروة، مشيرا إلى «وجود شخصيات إدارية ورسمية في المعارضة كانوا يتابعون شؤون الوزارات الثلاث بتكليف من رئيس الحكومة أحمد طعمة».
وعن الأعضاء السبعة الذين قدموا استقالاتهم في وقت سابق إلى الائتلاف المعارض، رجح مروة أن «يُتخذ قرار يفضي إلى قبول عودتهم إلا إذا أراد البعض منهم الإصرار على موقفه».
وكانت تقارير صحافية أشارت خلال الأسبوع الماضي إلى قبول الائتلاف المعارض استقالة الأعضاء السبعة، ياسر الفرحان ومصطفى شلش ومحمد الشعار وكمال اللبواني وداود السليمان ويحيى الكردي ويامن الجوهري.
وتأتي اجتماعات الهيئة العامة التي ستمتد على ثلاثة أيام وتعقد في فندق «أرتميس مارين» في مدينة إسطنبول، تزامنا مع فتح قوات المعارضة السورية جبهة الساحل في ريف اللاذقية، وفي هذا السياق أكد مروة أن «قرارات حاسمة ستتخذ لتقديم المزيد من الدعم العسكري لكتائب المعارضة في الساحل»، لافتا إلى أن «هذه المعركة سيجري استخدامها من قبل الائتلاف للضغط على النظام وإجباره على القبول بالموافقة على الحل السياسي القاضي بتسليم السلطة وتشكيل حكومة انتقالية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.