دعوات ليبية للعصيان المدني الشامل لإسقاط البرلمان.. وقائد القوات الخاصة يتوعد من يعرقلون بناء الجيش

معارك عنيفة في طرابلس بين ميليشيات مسلحة على خلفية فضيحة «فيديو» أبو سهمين

عناصر من الجيش الليبي أثناء تدريبات غرب العاصمة في صورة تعود إلى يناير الماضي (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الليبي أثناء تدريبات غرب العاصمة في صورة تعود إلى يناير الماضي (أ.ف.ب)
TT

دعوات ليبية للعصيان المدني الشامل لإسقاط البرلمان.. وقائد القوات الخاصة يتوعد من يعرقلون بناء الجيش

عناصر من الجيش الليبي أثناء تدريبات غرب العاصمة في صورة تعود إلى يناير الماضي (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الليبي أثناء تدريبات غرب العاصمة في صورة تعود إلى يناير الماضي (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة واشتباكات متقطعة بين ميليشيات مسلحة في ضاحية تاجوراء بشرق العاصمة الليبية طرابلس، في ما بدا أنه بمثابة تناحر عسكري جديد على خلفية الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد بعد تسريب فيديو لنوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني (البرلمان) وهو يخضع لاستجواب من قائد سابق بإحدى الميليشيات المسلحة قبل نحو شهرين عن سبب وجوده مع فتاتين ليلا بمقر إقامته بضاحية فشلوم بطرابلس.
وقالت مصادر عسكرية ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعات من تاجوراء وغرفة ثوار ليبيا تحاصر معسكرات تابعة لسرية الإسناد الخاصة الأولى وكتيبة 101 بدعوى أن ذلك ضد مجرمين مطلوبين للعدالة.
وقال مسؤول في الميليشيات المناوئة لغرفة عمليات ثوار ليبيا: «الحقيقة أنها انتقام لأبو سهمين»، مشيرا إلى أن ما يحدث هو اشتباكات متقطعة وتبادل لإطلاق نار من بعيد ومحاصرة وإغلاق للطرق.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، عبر الهاتف من العاصمة طرابلس: «يريدون منا التفاوض والخروج من المعسكرات من دون أسلحة وذخائر، وهذا مرفوض طبعا».
وطبقا لما أبلغه مسؤول أمني آخر في طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، فإن الاشتباكات كانت تدور في محيط معسكر ومخازن السلاح في منطقة «خلة فارس» بالقرب من بئر الأسطى ميلاد بضاحية تاجوراء في المدينة.
وقال سكان في العاصمة الليبية لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا منذ مساء أول من أمس أصوات انفجارات عنيفة واشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في الضاحية، لكن لم يصدر أي بيان رسمي من السلطات الليبية.
وقال مسؤول أمني بطرابلس إن الاشتباكات التي كانت مستمرة حتى ظهر أمس أسفرت عن مصرع وإصابة ثمانية أشخاص على الأقل، وسط معلومات غير رسمية عن تضرر لبعض المنازل نتيجة القصف بالأسلحة المتوسطة والثقيلة بمنطقة بئر الأسطى ميلاد بتاجوراء (معسكر النعام) بضواحي طرابلس، في ما يعد أحدث اشتباكات من نوعها تشهدها العاصمة منذ مطلع العام الجاري.
وجرت الاشتباكات بعدما نشرت كتيبة «ثوار طرابلس» التي ينتمي إليها هيثم التاجوري الضابط الحالي بجهاز الشرطة الليبية، فيديو جديدا مساء أول من أمس يثبت عدم صحة التصريحات التي أدلى بها رئيس المؤتمر الوطني قبل يومين لبعض القنوات المحلية. ويتضمن الفيديو الجديد لقطات مصورة يظهر فيها أبو سهمين وهو يتجادل بصوت مرتفع وبطريقة حادة مع بعض الأشخاص داخل منزله.
وقالت الكتيبة إن الفيديو الذي جرى نشره على صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» هو «إثبات لكل ما نفاه رئيس المؤتمر من قصة اختطافه وتصويره بشكل مشين من قبل مجموعة نتحفظ على أسمائهم الآن ليجري ابتزازه والضغط عليه».
وأضافت: «سبب عرضنا هذا الفيديو والذي سبقه هو كشف حقيقة الأمر وإفشال كل من يحاول ابتزاز هرم السلطة لمصالحه الخاصة ولأجنداته».
ولفتت إلى أن أبو سهمين أنكر ذلك لأنه يخشى على منصبه فقط ولا يفكر في المصلحة العامة ولا مصلحة الشعب الليبي، مضيفة: «قد صبرنا على رئيس المؤتمر في المدة الماضية للمصلحة العامة، وتوقعنا أن يقدم استقالته حتى لا يقع في الإحراج وضحية ابتزاز».
وتوعد التاجوري وكتيبة ثوار طرابلس بنشر فيديو آخر في وقت لاحق، قالوا إنه «يتضمن اعتراف أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني باسم من خطفه واقتاده إلى مكان مجهول وصوره بشكل مشين».
ووسط دعوات لعصيان مدني موسع في كل أرجاء ليبيا اعتبارا من يوم الأحد المقبل ولمدة عشرة أيام قابلة للتمديد لمطالبة المؤتمر الوطني بإنهاء فترة ولايته والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة، اتهم العقيد ونيس بوخمادة، آمر القوات الخاصة في مدينة بنغازي بشرق البلاد، بعض أعضاء المؤتمر والحكومة بعرقلة عمل الجيش.
وقال بوخمادة في تصريحات بثتها قناة «ليبيا الأحرار» الفضائية مساء أول من أمس: «جعلتمونا نقبع في ثكناتنا، وأقسم بالله العظيم إننا نستطيع أن نخرج من جديد على كل من عرقلنا وهم ليسوا أقوى من معمر القذافي». وتابع: «بنغازي الآن تدفع الثمن وكل يوم تخسر رجالها من الجيش والشرطة ويخرج علينا أعضاء المؤتمر والمسؤولون على شاشات التلفزيون ينظرون علينا كأننا غنم، نحن من الثوار ولن نسكت بعد اليوم ومثلما خرجنا على القذافي سنخرج عليكم وسنحاربكم وسنقتص منكم واحدا واحدا».
وبعدما عد أن أعضاء المؤتمر الوطني هم من دمروا ليبيا، استطرد قائلا: «اتقوا الله يا أعضاء المؤتمر في ليبيا والشعب الليبي.. حرام عليكم!».
ونجا أمس مقدم طيار بقاعدة بنينا الجوية من أحدث محاولة اغتيال تستهدف رجال الجيش، بعدما أطلق عليه مجهولون النار أمام منزله بمنطقة الصابري في مدينة بنغازي.
ويستعد نشطاء مدنيون لتنظيم أحدث عصيان مدني من نوعه لإسقاط المؤتمر الوطني الذي يعد أعلى هيئة سياسية ودستورية في البلاد، حيث دعا هؤلاء المواطنون إلى التوقف عن العمل في مختلف المصالح الحكومية والرسمية. لكن وزارة التربية والتعليم أعلنت في المقابل أن الدراسة مستمرة في كافة المدارس بليبيا، وأنه لا صحة لأخبار إيقاف الدراسة يوم الأحد المقبل ولا أي يوم آخر.
وهددت الوزارة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني مَن وصفتهم بمروجي مثل هذه الأخبار العارية عن الصحة بتقديمهم للمساءلة القانونية، ودعت الطلاب إلى الالتحاق بمدارسهم والاهتمام بدروسهم وعدم الانجرار وراء هذه الأخبار.
إلى ذلك، قال عضو كبير في حركة المحتجين الليبيين التي تسيطر على موانئ نفط مهمة إنه استقال من قيادة الحركة مع سبعة أعضاء كبار آخرين بسبب خلاف مع إبراهيم الجضران زعيم المحتجين الذين يطالبون بمزيد من الحكم الذاتي لإقليم برقة.
وقال عصام الجهاني لوكالة «رويترز»، إن الجضران لا يتشاور مع المكتب التنفيذي الذي يقود الحركة.
وكان الجضران ومسؤولون في الحكومة الليبية قد أعلنوا أخيرا أنهم قريبون من إبرام اتفاق لإنهاء حصار للموانئ أضر بصادرات النفط وأذكى التوترات في البلاد. لكن الحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني نفت أول من أمس في بيان رسمي ما تردد عن مباحثات مباشرة جرت بين الحكومة وعدد من حرس المنشآت النفطية التي تسيطر على الموانئ النفطية للوصول إلى اتفاق لحل أزمة الموانئ النفطية، كما أكدت الحكومة أنها ليست طرفا في هذه المباحثات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».