جامعة «دار الهدى» في الهند.. تعاليم دينية وعلوم حديثة

مؤسسة سباقة تهدف إلى تنشئة جيل من شباب العلماء المسلمين

حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية
حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية
TT

جامعة «دار الهدى» في الهند.. تعاليم دينية وعلوم حديثة

حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية
حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية

تُعد جامعة دار الهدى الإسلامية، التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية، مؤسسة سباقة في التعليم العالي الإسلامي بالهند، إذ توفر الجامعة مناهج دراسية تمزج ما بين الدراسات الدينية والأخرى العلمية، فضلاً عن التركيز على تدريس مختلف اللغات.
ومن منطلق الإيمان بالتطور التدريجي لطراز الجامعة الإسلامية النموذجي، تعد الجامعة قلعة من قلاع تدريس كل التعاليم الإسلامية، كما تعد تراثًا تعليميا بامتياز.
ويقع الحرم الجامعي المترامي الأطراف لهذه الجامعة العريقة على مساحة 13 فدانًا، ويضم ما يزيد على 20 كلية عربية للتعليم الإسلامي العالي تابعة للجامعة، من ولايات كيرالا، وماهاراشترا، وأندرا براديش، والبنغال الغربية، وآسام. وتتبع تلك الكليات الجامعة من حيث المناهج الدراسية والأنشطة التعليمية الأخرى. وبعد إتمام الطلبة لشهاداتهم الجامعية بنجاح، من تلك الكليات التابعة للجامعة، يتوجب عليهم الالتحاق بالحرم الجامعي الرئيسي للجامعة للانخراط في الدراسات العليا لمدة عامين من أجل الحصول على درجة الماجستير.
ورئيس الجامعة الحالي هو الأستاذ الدكتور بن عقاد سيد حيدر علي شهاب، ونائب الرئيس هو الدكتور بهاء الدين محمد الندوي. وفي الوقت الراهن، تضم «دار الهدى» أكثر من ألف طالب، ونحو 60 مدرسًا.
يذكر أن اتحاد علماء السنة بولاية كيرالا، وهي الهيئة التنفيذية التي تدير نحو 8 آلاف مدرسة، أو المدارس الإسلامية والعربية التي تعمل بدوام جزئي في أنحاء كيرالا من أجل إدخال الإصلاحات على نظام التعليم، قد أسس مدرسة تحمل اسم أكاديمية دار الهدى الإسلامية عام 1986. وقدمت رؤيتهم توليفة من التعليم الديني والعلماني والروحي والمادي.
ولاحقًا، خلال عام 2009، أصبحت الأكاديمية جامعة متكاملة الأركان، بعد الخطابات المطولة بين العلماء الحالمين وقادة المجتمع الداعمين. وتهدف الجامعة إلى تنشئة جيل من شباب العلماء المسلمين المسلح بأدوات المعرفة الحديثة.

انتقاء عالي الجودة

وقد وضع نموذج التعليم الذي أرسته جامعة دار الهدى حدًا للصورة النمطية السائدة بأن التعليم الديني يعد خيارا للطلاب الفقراء، أو من هم أقل ذكاء، وللأطفال الأقل كفاءة الذين لا يصلحون لشيء، إذ إن الجامعة تضع معيارا لانتقاء الطلاب الأذكياء المتفوقين الموهوبين فقط، بصرف النظر عن خلفياتهم، بعد اجتيازهم للاختبارات الشفهية والنظرية.
ولدى المؤسسة نظام مميز من التعليم، يعتمد على قبول الطلاب بعد 5 سنوات من التعليم الابتدائي، ومن ثم يمضوا 12 عاما من التعليم بالمؤسسة (5 أعوام من التعليم الثانوي، و2 لما بعد الثانوي، ثم 3 للحصول على الشهادة الجامعية، و2 من أجل درجة الماجستير). وبعد 12 عاما من الدراسة، يتخرج الطالب حاملاً لدرجة الماجستير في الدراسات الإسلامية والتعليم العلماني المعاصر، وعلى درجة إلمام جيدة باللغات المالايامالاية والعربية والإنجليزية والأردية. ومعظم الطلاب في جامعة دار الهدي ينتمون إلى عائلات ثرية، وقد حضروا للدراسة فيها بمحض اختيارهم، وبدافع رغبتهم في أن يصيروا علماء دينيين، وليس لأسباب اقتصادية.
وبدوره، قال الحاج محمد شافي، سكرتير الجامعة: «نظرًا لأننا نقوم بتدريس المواد الإسلامية والعلوم الحديثة، يرسل الآباء من العائلات التي تنتمي للطبقة المتوسطة أطفالهم إلى هنا». وأردف أن من أسباب نجاح التجارب التعليمية في كيرالا ما وصفه بـ«الصلة الوثيقة بين فئة العلماء وفئة العاملين بالعمارة – النخب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمسلمين المحليين، وهو الأمر الذي يسمح بمشاركة شعبية واسعة النطاق في مؤسساتنا التعليمية، ولمصداقية أوسع بطبيعة الحال».
ومن جانبه، قال محمد صديق، وهو طالب من شمال الهند، عبر الهاتف: «الأمر هنا مختلف عن المدرسة التي تلقيت فيها تعليمي في بلدتي. فهنا، نحن نتعلم جميع المواد التي تُدرس في المدارس العادية، ولكن العلماء هنا يتسمون بتفتح العقل، ولا يترددون في التعلم أو الاستفادة من العلوم الجيدة الأخرى، أو الانفتاح على المجتمعات الأخرى، وهم لا يحسرون اهتمامهم بين الجدران الأربعة للمدرسة، بل إنهم يشاركون في كل الأنشطة الاجتماعية. وبعكس العلماء الموجودين في شمال الهند، يتحدث العلماء هنا الإنجليزية، ويشجعون على تعلمها. وهم يريدوننا أن نتعلم كل شيء عن العالم، كي نتمكن من خدمة وتوجيه مجتمعنا بشكل أفضل».
ويتحدث الطلاب اللغة الإنجليزية بطلاقة، وبعضهم يريد امتهان الصحافة، في حين يتطلع الآخرون إلى التدريس بالجامعة، غير أن البعض الآخر يود أن ينشئ مؤسسات على غرار «دار الهدى»، ويشترك جميعهم في خدمة الدين والمجتمع، وإن تعددت الطرق في ذلك.
وكثير من المؤتمرات والندوات الدولية التي استضافتها الجامعة كانت تصب في هدف مساعدة الطلاب على الحصول على التعليم الأكاديمي الدولي، بمساعدة الطلبة في التعرف على التعليم الأكاديمي الدولي، فضلا عن توطيد علاقات وثيقة بالشخصيات العالمية. ولا يشكل هذا خطرا على الهوية الدينية والالتزام الديني للطلاب.
وقد شغل كثير من الطلاب الذين تخرجوا من الجامعة مناصب شتى، تشمل: إمامة المساجد، والتدريس في المدارس الحكومية والمدارس الدينية والكليات العربية، إضافة إلى الذين ذهبوا للعمل في الخليج بالشركات ومختلف المؤسسات الدينية والحكومية الأخرى. وقليل منهم يعمل بالصحافة لصالح «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، و«الجزيرة».
وحصل أحد خريجي الجامعة، ويدعى «زين العبد»، أيضًا على دبلومة في الاتصال الجماهيري من المعهد الهندي للاتصال الجماهيري بدلهي، وبدأ العمل بوصفه صحافيا في «بي بي سي» عام 2012.
أما بالنسبة للكليات الموجودة داخل الجامعة، فتشتمل الجامعة حاليًا على 5 كليات: كلية الشريعة وأصول الدين، وكلية الألسن، وكلية الدعوة والثقافة الإسلامية، وكلية التربية والتعاليم الإسلامية.
أهداف الجامعة

ومن جانبه، تحدث د. بهاء الدين محمد ندوي، نائب رئيس الجامعة، بحماسة عن تفرد المؤسسة التي يرأسها، قائلاً: «نود إعداد علماء يتمتعون بالفهم الجيد للمجتمع الإسلامي والمجتمع الحديث على حد سواء، لكي يتمكنوا من خدمة المجتمع بشكل أفضل، وأكثر كفاءة. والعلماء بحاجة إلى الإلمام بالعلوم الحديثة، إضافة إلى التعاليم الإسلامية. وبعد ذلك، عليهم أن يتولوا إرشاد المجتمع، ليس فقط فيما يتعلق بالأمور العقائدية، بل أيضًا في شتى الأمور الشخصية المختلفة، وشؤون الحياة العامة. ونحن هنا نجمع ما بين تدريس المواد الدينية والعلوم الحديثة على حد سواء».
وشرح بهاء الدين ندوي، الذي يعمل مدرسًا أول في جامعة دار الهدى، بنية البرامج التدريسية التي توفرها المؤسسة من البداية قبل التعليم الجامعي، موضحًا أن المؤسسة تبدأ في قبول الطلاب الذين نجحوا في الصف الخامس للمدارس النظامية، والذين تلقوا تعليما إسلاميا حتى نفس المرحلة بالمدارس جزئية الدوام.
ويدرس الطلاب لمدة 5 سنوات في المرحلة الابتدائية، ثم 4 سنوات في المرحلة الثانوية، التي يدرسون فيها التخصصات الإسلامية، إضافة إلى المواد الأخرى التي تُدرس في المدارس النظامية، بما فيها مادة الإنجليزية الإجبارية. وهذا يعطيهم الأولوية الخاصة في أثناء التقديم على دراسة اختبارات القبول في المدارس الثانوية العامة الحكومية. وبعد هذه المرحلة، بإمكانهم الاختيار ما بين الانخراط في الدراسة في الجامعات النظامية، أو الاستمرار في جامعة «دار الهدى» لأربع سنوات لدراسة الدراسات الإسلامية المعادلة لشهادة البكالوريوس، ثم الدراسة لعامين آخرين للحصول على درجة الماجستير. وبالنسبة للطلاب في مرحلة ما قبل التخرج بجامعة دار الهدى، يتعين عليهم أيضًا أن يسجلوا بالتزامن مع دراستهم بـ«دار الهدى» للدراسة في جامعة كاليكوت، أو في أي جامعة مفتوحة أخرى، بصفتهم مرشحين خاصين، موضحًا أنهم «غالبا ما يختارون الدراسة في أقسام اللغة الإنجليزية أو العربية أو العلوم الاجتماعية».
جدير بالذكر أن الطلاب المنخرطين في الدراسة بجامعة دار الهدى ملزمون بالإقامة داخل الحرم الجامعي إقامة إجبارية خلال جميع الفصول الدراسية. ويجري تقديم جميع مصاريف الدراسة والإقامة والطعام، وغيرها من النفقات بالمجان، للاستفادة من التعليم العالي الإسلامي، بصرف النظر عن الخلفيات المادية للطلاب. كما توفر الجامعة حرمًا جامعيًا منفصلاً وآمنًا للطالبات الإناث، ويقع هذا الحرم الجامعي للطالبات بالقرب من مركز الحرم الجامعي الرئيسي، ويطلق عليه اسم كلية «فاطمة الزهراء» للمسلمات.

تشجيع الفتيات على الدراسة

تعد كلية فاطمة الزهراء للمسلمات معهدًا إسلاميًا فريدًا من نوعه حصريًا للفتيات فقط، وقد جرى تأسيسها عام 1992 من أجل الارتقاء بالتعليم الإسلامي الموجه والتعليم المعاصر في آن واحد للفتيات المسلمات، لتخريج أجيال من العالمات. ويوفر المعهد، المتاخم للحرم الجامعي الرئيسي، تعليمًا ذا جودة عالية للمسلمات، من أجل التعزيز منهن كأمثلة متجذرة في الثقافة والأخلاقيات والآداب الإسلامية. وتستغرق الدراسة فيه مدة 6 أعوام، تتألف من برنامج إجباري يتضمن شهادة ثانوية عامة، تتبعها دراسة لمدة سنة أو اثنتين من خلال نظام التعليم المفتوح، يعقبها برنامج تخصص اختياري مدته 3 سنوات. ويدرس للطالبات تشكيلة متنوعة من مواد التعاليم الإسلامية والعلوم الإنسانية الحديثة، مثل القرآن والحديث والفقه والتفسير والتصوف، والعلوم والتكنولوجيا والرياضيات والعلوم الاجتماعية والحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها من المواد. فضلاً عن التركيز على تسليح الطالبات بلغات أربع، وهي: الإنجليزية، والعربية، والهندية، والمالايامية.
وبالإضافة إلى المواد الأكاديمية، توفر المؤسسة تدريبًا عمليًا في التصميم والخياطة والتطريز. وبعد إتمام سنوات الدراسة الست بنجاح، تمنح جامعة «دار الهدى» الإسلامية كل فتاة لقب «الزهراية» الشرفي.
وعلى الرغم من أن الجامعة تركز على تعليم الطلاب المسلمين من الهند، فقد التحق بالجامعة بعض الطلاب القلائل من النيبال ونيوزيلندا. وفي المسقبل القريب، تخطط الجامعة إلى فتح أبوابها أمام الطلاب من كل أنحاء العالم.
وعادة ما يستأنف كثير من الطلاب دراستهم، إما في الجامعات الهندية أو في الجامعات المنتشرة عبر أنحاء العالم. وكثير منهم أكملوا دراساتهم العليا بعد الجامعية في الجامعات النظامية، في فروع عدة لم تقتصر على الدراسات الإسلامية أو العربية فحسب، بل تختطها إلى دراسات الأدب الإنجليزي والصحافة وعلوم الاجتماع وعلوم الأنثروبولوجيا وعلوم الاقتصاد. وكثير منهم ينخرط الآن بالفعل في الدراسة في جامعات مثل جامعة جواهر لال نهرو، والمعهد الهندي للاتصال الجماهيري، والجامعة المالية الإسلامية، وجامعة همدرد، وجامعة حيدر آباد، ومعهد تاتا للعلوم الاجتماعية، والجامعة المركزية في كجرات، وجامعة اللغات الإنجليزية واللغات الأجنبية، ومعهد التكنولوجيا، في الهند. علاوة على ذلك، استأنف كثير من خريجي الجامعة دراستهم ما فوق الجامعية بالخارج، في المؤسسات الكبرى مثل جامعة كاليفورنيا في بيركيلي، وجامعة الإسلامية الدولية في ماليزا، وجامعة الأزهر بمصر، وجامعة لايدن في هولندا.

المكانة الدولية
وقعت جامعة «دار الهدى» الإسلامية كثيرًا من مذكرات التفاهم مع كثير من الجامعات الهندية والدولية، وهي تلقى تقديرًا يعادل مكانة كبار الجامعات، مثل جامعة الأزهر بالقاهرة، والجامعة الإسلامية الدولية في كوالالمبور، وجامعة طرابلس، وجامعة أم درمان الإسلامية في السودان، وجامعة العظيم الأزهري في الخرطوم، وجامعة المصطفى الدولية في إيران، وجامعة يلدرم بايزيد في تركيا، وجامعة الفتح في إسطنبول بتركيا، وجامعة الكويت، وجامعة الزيتونة في تونس. علاوة على أن الجامعة عضو في اتحاد جامعات العالم الإسلامي بالمغرب، ورابطة الجامعات الإسلامية بالقاهرة.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.