إعلام النظام السوري يكذب على جمهوره وينفي كسر حصار حلب

التلفزيون الرسمي يصف اندحار قواته بأنه «قتال تراجعي» و«إعادة تموضع»

سوريون تجمعوا في مدينة حلب أول من أمس احتفالاً بكسر حصار النظام عن مناطقهم التي تسيطر عليها فصائل المعارضة (أ.ف.ب)
سوريون تجمعوا في مدينة حلب أول من أمس احتفالاً بكسر حصار النظام عن مناطقهم التي تسيطر عليها فصائل المعارضة (أ.ف.ب)
TT

إعلام النظام السوري يكذب على جمهوره وينفي كسر حصار حلب

سوريون تجمعوا في مدينة حلب أول من أمس احتفالاً بكسر حصار النظام عن مناطقهم التي تسيطر عليها فصائل المعارضة (أ.ف.ب)
سوريون تجمعوا في مدينة حلب أول من أمس احتفالاً بكسر حصار النظام عن مناطقهم التي تسيطر عليها فصائل المعارضة (أ.ف.ب)

تابع الإعلام الرسمي لنظام الأسد نفيه تمكُّن المعارضة المسلحة من كسر الحصار عن أحياء حلب الشرقية، رغم تأكيد غالبية وسائل الإعلام المحلية المعارضة والدولية أن النظام فقد السيطرة على مواقعه العسكرية، لا سيما كلية المدفعية والكلية الفنية الجوية الاستراتيجية، وأنه وفق الوضع الحالي أصبح محاصرًا في الأحياء الجنوبية والغربية لحلب.
وبينما بدأ المحللون العسكريون في التلفزيون الرسمي والقنوات الخاصة الموالية للنظام بترويج مصطلح «إعادة تموضع» و«القتال التراجعي» في وصفهم لانسحاب قوات الأسد من أهم المواقع العسكرية بعد انهيار خطوط الدفاعات، جاء العنوان الرئيسي في الصفحة الأولى من صحيفة «الثورة» الحكومية، ليكذب كل التأكيدات بكسر الحصار في حلب، وكتبت بخط عريض: «المجموعات الإرهابية تفشل بكسر الطوق عن الأحياء الشرقية.. وقنوات التضليل تشن حربًا نفسية للتغطية على خسائر الإرهابيين.. الجيش يخوض معارك عنيفة بحلب.. وسلاح الجو يعزل ناريًا منطقة العمليات ويدمّر أرتال إمداد الإرهابيين وتعزيزاتهم». إلا أن صحيفة «الوطن» الخاصة المقربة من النظام بدت أكثر خجلاً في نفيها كسر الحصار، وركزت على الخسائر الكبيرة التي تكبدتها المعارضة وجاء عنوان الموضوع الأول على الصفحة الأولى «أكثر من ألف قتيل من الإرهابيين خلال 24 ساعة.. وحصار مسلحي الأحياء الشرقية قائم.. الجيش يحول (ملحمة حلب) إلى مقبرة للغزاة».
وشددت صحيفة «الوطن» المقربة من النظام على أن «أيًا من المسلحين لم يدخل أحياء شرق حلب كما تدعي المعارضة المسلحة»، وذلك نقلاً عن مصادر أهلية من قرية الشيخ سعيد.
وأضافت نقلا عن مصادر قالت إنها معارضة أن «الوجوم والحذر خيما على قياداته في أرياف إدلب بعد إخفاق أكبر هجوم لهم، وأن التعليمات صدرت إلى تنسيقيات المعارضة بعدم نشر أي خبر عن أسماء القتلى المشاركين في معارك يوم السبت». كما نفت «الوطن» أن تكون فصائل المعارضة قد قطعت طريق الراموسة، وقالت أن جيش الأسد «تمكن من صد هجوم للمعارضة والحؤول دون قطع الطريق أو كسر الحصار عن مسلحي حلب بعدما أحرز تقدمًا خلال الأيام السابقة في المحورين الجنوبي والجنوبي الغربي لحلب»، مضيفة بأن جيش الأسد «أعلن أمس على إغلاق طريق الراموسة أنه نتيجة (القنص)، وحوله إلى طريق ترابي بديل»، في «تأكيد على حرص الجيش على أرواح المدنيين»، حسبما جاء في جريدة «الوطن».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أكد أمس أن «مقاتلي جيش الفتح وبقية الفصائل المقاتلة والإسلامية تمكنوا من التقدم والالتقاء بمقاتلي الفصائل داخل مدينة حلب، ضمن المرحلة الجديدة من غزوة (إبراهيم اليوسف) عبر المنطقة الواصلة بين كلية التسليح والسادكوب ودوار الراموسة، وبذلك تكون الفصائل قد تمكنت من الوصول إلى أحياء حلب الشرقية المحاصرة من قبل قوات النظام في مدينة حلب، دون التمكن حتى الآن من تأمين ممر آمن للمدنيين، بسبب القصف الجوي الروسي المكثف، ونتيجة للقصف المكثف من قبل قوات النظام على المنطقة».
إلا أن أطرف وأغرب نفي لوقائع الأحداث في حلب ما كتبه مراسل قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» في حلب، بسام علي العلي، على حسابه في موقع «فيسبوك» بأن الفصائل المعارضة استماتت في معارك حلب لفك الحصار ودخول المناطق المحاصرة قبل أن يصل جيش الأسد، كي تتمكن من إخراج «أجهزة ومعدات وغرف عمليات تديرها مخابرات أجنبية وخليجية وإسرائيلية» خوفًا من وقوعها بيد النظام. وكتب: «أثناء حصار المسلحين في حمص استماتت الجماعات المسلحة وداعموها لفك الحصار ولم يستطيعوا، وكانت المفاجأة أثناء دخول الجيش إلى هذه الأحياء، فعثروا على غرف عمليات إسرائيلية وأجهزت اتصال متطورة لم يستطِع المسلحون إخلاءها. اليوم في حلب تم الحصار أيضًا، الجماعات المسلحة استماتت، وقتل من عناصرها المئات وجرح الآلاف وما السبب؟ السبب ليس حبًا في أهالي حلب ولا رغبة منهم في فك الحصار المفروض على الأحياء الشرقية، بل هو إخراج قادة أجانب من المناطق الشرقية وإخراج أجهزة ومعدات وغرف عمليات تديرها مخابرات أجنبية وخليجية وإسرائيلية، وذلك قبل وقوعها بيد الجيش السوري، لأنهم يعلمون أن المناطق الشرقية لن تصمد كما صمدت حمص».
وأضاف مراسل «المنار»: «معركتنا لم تنتهِ، هم يبحثون عن فتح طريق، ونحن معركتنا أكبر وأهدافنا أعمق»، داعيًا إلى مراقبة المشهد بشكل «دقيق». وفي السياق ذاته، اعترفت «شبكة نبل والزهراء» الشيعية الموالية لإيران وما يسمى بـ«حزب الله» بخسارة المعركة بعد التأكيد على أن «الحرب كرّ وفرّ»، وقالت: «قد يكون تم إخلاء بعض المناطق بخطط عسكرية أو ضغط كبير حدث، ولكن هذا لا يعني أن الدنيا انتهت والمسلحين سيطروا على البلد.. الروح الانهزامية يجب أن لا يكون لها مكان في نفوسنا.. كل ما في الأمر أن هذه المعركة معركة أممية، يجب الصبر».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.