الحوثيون يستأثرون بالمجلس الانقلابي على حساب صالح

الحوثيون يستأثرون بالمجلس الانقلابي على حساب صالح
TT

الحوثيون يستأثرون بالمجلس الانقلابي على حساب صالح

الحوثيون يستأثرون بالمجلس الانقلابي على حساب صالح

في تحد جديد للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، أعلن الانقلابيون (الحوثي – صالح)، أمس، في صنعاء وقبيل ساعات قلائل من إعلان المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد تعليق مشاورات السلام في دولة الكويت، تشكيلة مجلسهم السياسي لإدارة البلاد، كما سمي، في وقت بدأ الجيش الوطني اليمني عملية واسعة في منطقة نهم، بشرق العاصمة صنعاء، بالتزامن مع تقدم كبير في محافظة الجوف، بشرقي البلاد.
وضمت التشكيلة 10 أسماء، تمثل حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح المخلوع صالح) وحلفاءه والحوثيين وحلفاءهم، وجاءت التشكيلة على النحو التالي: «صادق أمين حسن أبو رأس، صالح علي محمد الصماد، خالد سعيد محمد الديني، يوسف عبد الله حسين الفيشي، قاسم محمد غالب لبوزة، محمد صالح مبخوت النعيمي، مبارك صالح المشن الزايدي، جابر عبد الله غالب الوهباني، سلطان أحمد عبد الرب مجاهد السامعي، ناصر عبد الله النصيري». وقد اعتبر الانقلابيون أن مجلسهم أنشئ لـ«غرض داخلي» و«ليس موجها ضد أحد»، وفقا لكلمة صادق أمين أبو رأس، الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر، غير أن كلمات ممثلي الحوثيين، في حفل الإشهار الانقلابي، حملت الكثير من التهديدات والتطاولات على الداخل والخارج، وفقا لقراءة المراقبين، الذين أكدوا أن التشكيلة المعلنة، تميل كفتها، بشكل كبير، لصالح الحوثيين على حساب حليفهم المخلوع علي عبد الله صالح. إذ ضمت التشكيلة اسمي شخصين من أبرز قيادات الحوثي التي تتحكم بالأمور منذ الانقلاب، وهما صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي لحركة الحوثيين وزميله يوسف الفيشي، أحد أبرز مؤسسي الحركة، إضافة إلى مبارك المشن، الذراع الطويلة للحوثيين في محافظة مأرب، وسلطان السامعي أحد أبرز المتحوثين في محافظة تعز، رغم أنه، تنظيما، ينتمي للحزب الاشتراكي اليمني.
وما يعزز سيطرة الحوثيين في هذا المجلس أنه ضم، أسماء قيادات غير فاعلة أو مؤثرة في ظل سيطرة الحوثيين على مفاصل الأمور في المناطق التي تحت سيطرتهم، كمحافظ حضرموت السابق، خالد الديني ورئيس فرع المؤتمر الشعبي بمحافظة لحج قاسم لبوزة وغيرهما من الأسماء، إلا أن المراقبين يعتقدون أن قيادات محسوبة بأنها موالية للمخلوع (في المجلس) باتت تعمل، بشكل أو بآخر، لصالح الحوثيين، وبالرغم مما عرف عن المخلوع صالح ولعبه بورقة المناطقية ووضعه شخصيات في مواقع قيادية دون أن يكون لها أي تأثير، فإن لعبة التمثيل المناطقي غابت، تقريبا، في تشكيلة مجلس الانقلابيين، غير أن القائمة عكست اهتمام الحوثيين وحليفهم صالح بتعز وحضرموت ولحج، وهو ما يتضح من خلال تمثيل المناطق الشافعية في التشكيلة التي أريد لها أن تكون زيدية بامتياز.
وذهب بعض المراقبين إلى وصف المجلس المعلن بالهزلي، وقال بليغ المخلافي، الناشط السياسي اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن تشكيلة المجلس هزلية وهي رسالة للمزيد من إفشال الجهود الأممية للتوصل إلى حلول سلمية، خاصة بعد الموقف الروسي في مجلس الأمن والذي عارض إصدار بيان من مجلس الأمن يدين رفض الانقلابيين التوقيع على مشروع الاتفاق الذي تقدمت به الأمم المتحدة، وأضاف المخلافي أن المخلوع صالح، باعتباره مهندسا لتشكيل ما سمي المجلس السياسي، يحاول أن يحسن شروط التفاوض لمصلحته الشخصية وليس لمصلحة اليمن.
وحتى مساء أمس، رصدت «الشرق الأوسط» عددًا من ردود الفعل في الساحة اليمنية، عقب إعلان تشكيلة المجلس، فقد سخر كثير من النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي من التشكيلة، واعتبروا معظم الأسماء عادية، وأن من عينوا فيها من المناطق أو الأحزاب السياسية الأخرى، ليسوا سوى واجهات و«يافطات»، من أجل استخدامهم في توجيه الضربات إلى أهاليهم وخاصة أبناء محافظة تعز.
أما فيما يتعلق بالشخصيات الجنوبية، فيرى المتابعون للشأن اليمني، بأنها غير ذات تأثير ومعظمها إن لم يكن كل تلك الأسماء لا تستطيع العودة إلى محافظاتها في حضرموت ولحج أو غيرها، بسبب أنها مصنفة ضمن القوى الانقلابية التي شنت الحرب على الجنوب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.