نجاة مفتي مصر السابق من محاولة اغتيال.. قبل أيام من ذكرى فض «رابعة»

حركة «حسم» الإخوانية تعلن مسؤوليتها.. ومسؤول حكومي يحذر من مخاطر سعي الإخوان إلى العودة للمشهد السياسي عبر «خلاياهم النائمة»

ملثمون استهدفوا مفتي مصر السابق د. علي جمعة أثناء دخوله مسجد فاضل في منطقة غرب سوميد أمس (أ.ف.ب)
ملثمون استهدفوا مفتي مصر السابق د. علي جمعة أثناء دخوله مسجد فاضل في منطقة غرب سوميد أمس (أ.ف.ب)
TT

نجاة مفتي مصر السابق من محاولة اغتيال.. قبل أيام من ذكرى فض «رابعة»

ملثمون استهدفوا مفتي مصر السابق د. علي جمعة أثناء دخوله مسجد فاضل في منطقة غرب سوميد أمس (أ.ف.ب)
ملثمون استهدفوا مفتي مصر السابق د. علي جمعة أثناء دخوله مسجد فاضل في منطقة غرب سوميد أمس (أ.ف.ب)

نجا مفتي مصر السابق، الدكتور علي جمعة، أمس، من محاولة اغتيال قام بها ملثمون استهدفوه بأسلحة آلية (غرب القاهرة) أسفرت عن إصابة حارسه الخاص وعامل بالمسجد، بحسب أحد أفراد فريق مكتبه الإعلامي، الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المحاولة استهدفته أثناء دخوله مسجد فاضل في منطقة غرب سوميد في الحي المتميز بمدينة 6 أكتوبر (تشرين الأول)، من قبل 4 أشخاص، اثنين تمركزا أعلى عقار مهجور، واثنين على الأرض لتنفيذ العملية».
بينما أعلنت حركة إخوانية تدعى {حسم} مسؤوليتها عن محاولة الاغتيال.
يأتي هذا في وقت تستعد جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية لإحياء الذكرى الثالثة لفض السلطات الأمنية قبل ثلاثة أعوام اعتصامين لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، منتصف أغسطس (آب) عام 2013. قتل خلالهما المئات. وحذر مسؤول حكومي قبل ساعات من محاولة استهداف مفتي مصر الأسبق، مما أسماه «مؤامرات لـ(الإخوان) وعناصرها وخلاياها الحية والنائمة للعودة للمشهد السياسي في مصر».
وعلي جمعة، هو أحد الخصوم الشرسين للجماعة الإرهابية، وأطلقت جماعة الإخوان في مارس (آذار) عام 2014 شائعة وفاته عبر مواقعها الرسمية، كما أهدرت قيادتها خارج مصر دمه أكثر من مرة. ويقول مراقبون إن «استهداف جمعة في ذكرى فض (رابعة) لأنه في تصور الإخوان أكثر علماء الدين الذين برروا عمليات قتل السلطات المصرية عناصر الإخوان، وأكثر المشايخ الذين يهاجمون عنف الجماعة».
وعقب نحو ساعات من الحادث، ظهر جمعة في التلفزيون الرسمي للبلاد وقال إن «هناك 4 إرهابيين حاولوا اغتياله اختفوا خلف الشجر أو النخل الموجود أمام الحديقة التي توجد في محيط المسجد»، مضيفا: «وصلت إلى سلالم المسجد وجدت الطلقات واحتميت بصور المسجد حتى دخلت الجامع».
قال جمعة: «خطبت الجمعة أمس كرسالة إلى الإرهابيين، بأنني لن أتوانى عن حربهم حتى أموت، ودعوت الله في شبابي في الكعبة أن أموت شهيدا؛ ولكن ليس على يد هؤلاء». مضيفا أن «هذه المحاولات هي نهاية الجماعات الإرهابية التي تريد فسادا في الأرض، ولا تريد أن تستمع إلى النصيحة». وأشار أحد أفراد فريق مكتب جمعة الإعلامي إلى أن «عامل الجراج الخاص بالمسجد أصيب، وأن الشيخ جمعة بدت عليه علامات القوة، وحاول الخروج من المسجد ليؤكد عدم خوفه من مطلقي النيران؛ إلا أن المصلين تجمهروا أمام الأبواب ومنعوا خروجه». مضيفا أن الشيخ جمعة يسكن بجوار المسجد، وغالبا ما يؤدي صلاة الجمعة به، ومنفذو الهجوم كانوا مجموعة من الملثمين المدججين بالأسلحة، إلا أن رجال الأمن المرافقين للشيخ تمكنوا من التعامل مع الأمر، وأدخلوا الشيخ إلى ساحة المسجد، وأنقذوه من محاولة الاغتيال.
وتعد مدينة 6 أكتوبر القريبة لمحافظة الجيزة من القاهرة، وكرا للجماعات الإرهابية وعناصر جماعة الإخوان المسلمين، وشهدت كثيرا من عمليات استهداف رجال الشرطة، وتمكنت وزارة الداخلية من ضبط كثير من القيادات الإخوانية الهاربة المحكوم عليهم في قضايا «قتل وأعمال عنف وإرهاب» كانوا يختبئون فيها.
وأكد مصدر أمني بمديرية أمن الجيزة، أنه «يجري إجراء التحريات لكشف ملابسات الحادث وضبط مرتكبيه». وكشفت تقارير أمنية، أن «هناك توقعات لأجهزة الأمن بترتيب الجماعات الإرهابية والعناصر المتطرفة لكثير من الحوادث الإرهابية خلال الفترة المقبلة، تستهدف رجال الشرطة واغتيال الشخصيات العامة، كرد فعل على مقتل (أبو دعاء) أحد قادة تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي أول من أمس في سيناء.
وكان قادة الإخوان وأنصارهم قد اعتصموا في ميدان رابعة العدوية (شرق القاهرة)، قبل أيام من مظاهرات دعت لها حركة «تمرد» للاحتجاج على حكم مرسي في 30 يونيو (حزيران) 2013، وظل الاعتصام قائما بعد توافق بين قوى سياسية وقادة الجيش بشأن عزل مرسي، ما دفع قادة الجماعة لتوسيع الاعتصام وإقامة آخر غرب العاصمة في ميدان «نهضة مصر»، وفي أعقاب إعلان حكومة حازم الببلاوي رئيس الوزراء حينها غلق باب مساعي التفاهم مع الجماعة، اتخذت السلطات قرار فض الاعتصامين.
حادث استهداف مفتي مصر الأسبق لم يكن الأول، فقد تحدثت وسائل إعلام محلية مصرية عن مخطط لاغتيال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في أعمال القمة العربية التي عقدت في العاصمة الموريتانية نواكشوط، يوليو (تموز) الماضي.
كما نجا وزير الداخلية المصري السابق اللواء محمد إبراهيم في سبتمبر (أيلول) عام 2013 من محاولة اغتيال فاشلة بعبوة ناسفة زرعت على جانب الطريق بالقرب من منزله بمدينة نصر (شرق القاهرة)، أسفرت عن إصابة 19 شخصا.
في حين نجحت عملية اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات في يونيو العام الماضي. وقتل المستشار بركات متأثرا بجراحه جراء تفجير استهدف موكبه شرق القاهرة، وأعلنت السلطات المصرية وقتها أن خلية إخوانية حصلت على دعم وتدريب من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهي التي نفذت الاستهداف.
وأصدر مكتب مفتي مصر السابق، بيانا، أمس، قال فيه إنه «على عادة الخوارج كلاب أهل النار وحبهم العيش في الدماء، حاول شرذمة من الفئات الضالة الاعتداء على الدكتور جمعة، عند باب المسجد وهو في طريقه لأداء صلاة الجمعة؛ ولكن عناية الله عز وجل حفظته من كل مكروه وسوء». وقال المكتب، في بيان له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، «إننا قد تعودنا من كلاب النار مثل هذه الأحداث الصبيانية، والحمد لله أقمنا صلاة الجمعة، لأن منهجنا عمارة المسجد وعمارة الكون وليس خراب الدنيا والآخرة، وعقيدتنا التعمير لا التكفير والتدمير».
واستنكر الأزهر بشدة محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت جمعة، وهو عضو هيئة كبار العلماء بمصر، ووصفه بالإجرامي. وأدانت هيئة كبار العلماء المحاولة، مؤكدة أن هذه المحاولات البائسة لم ولن ترهب العلماء المخلصين، أو تثنيهم عن أداء رسالتهم السامية. في حين وصف الدكتور شوقي علام مفتي مصر، اغتيال مفتي مصر السابق بالعملية الإرهابية الخسيسة، مؤكدا أن عصابة التطرف والإرهاب تريد أن تخرس أصوات الحق التي تصدع وتحارب منهجهم المتطرف بالحجة والبرهان، فهم لا يعرفون لغة إلا لغة الدماء والدمار.
وكان محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، قد أكد في تصريحات قبل ذكرى «رابعة» أن خطر الإخوان ما زال قائما ويزداد. وقال الوزير المصري، في بيان له، أمس، إن الإخوان وأعوانهم يقاتلون من أجل العودة إلى المشهد السياسي عبر تقسيم الأدوار، ما بين عملاء خونة يتطاولون علنا على أوطانهم، ويشهرون بها عبر بعض الفضائيات التي تستضيفها دول راعية للإرهاب، وأخرى مستخدمة لـ«الإخوان» كشوكة في ظهر أوطانهم وسلاح لتفتيت دولهم وتمزيقها. مضيفا أن العملاء يغيرون جلودهم كالحيات ويعملون على اختراق المؤسسات والسيطرة عليها، من خلال خلاياهم النائمة، ومن يستطيعون استقطابهم من المخدوعين والمغرر بهم وأصحاب المطامع والأهواء، داعيا إلى ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر والتنبه لمؤامرات هذه الجماعة الإرهابية وعناصرها وخلاياها الحية والنائمة ومن يرعاها ومن يستخدمها، حتى لا نندم حين لا ينفع الندم.
في السياق ذاته، توالت ردود الأفعال على الحادث، واستنكرت الأحزاب والقوى السياسية الاعتداء، وقال حزب المصريين الأحرار إن تلك العمليات الإرهابية الخسيسة التي تستهدف رجال الدين المعتدلين لن تثنيهم عن أداء رسالتهم في مواجهة تلك الأفكار الظلامية. وعلق جون كاسن، السفير البريطاني بالقاهرة، عبر صفحته على «تويتر»، قائلا: «الحمد لله على سلامة دكتور جمعة صديقي.. ربنا يمنحه طول العمر ويقف معنا من أجل السلام والعدالة وفهم الآخرين وضد من ينشرون الكراهية».



اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة السورية دمشق اجتماعاً رفيع المستوى بين رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الذي زارها على رأس وفد رفيع لبحث الملفات المشتركة، في أول تواصل رسمي بين البلدين، وأول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة في عام 2011. وانتظر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، انتخاب رئيس جديد للبنان قبل تلبية دعوة قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، لزيارة سوريا.

ميقاتي مغادراً بيروت (أ.ف.ب)

وعلى رأس وفد رسمي رفيع، وصل ميقاتي السبت إلى دمشق؛ حيث عقد مع الشرع مشاورات لحلحلة مجموعة من الملفات العالقة، خصوصاً بعد إشكالات واشتباكات حدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين في الأسابيع الماضية، وكذلك بعد قرار الإدارة الجديدة في دمشق مطلع العام فرض قيود غير مسبوقة على اللبنانيين الذين يرغبون في الدخول إلى أراضيها، في إطار المعاملة بالمثل.

ملف النازحين

ووضع لبنان وسوريا خلال اللقاء هواجسهما على الطاولة. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي عقده مع الشرع: «تجمع بلدينا علاقات تاريخية وندية بين الشعبين، وسوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وما دامت سوريا بخير فلبنان بخير».

وأضاف ميقاتي: «واجبنا أن نفعّل العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، ومن الملح معالجة ملف النزوح وعودة النازحين إلى سوريا. هذا الملف يضغط بشكل كبير على لبنان برمته، ولمستُ تفهماً له، وتطرقنا إلى الوضع بين البلدين على الحدود لمنع أي أعمال تسيء إلى أمنيهما، وهذه الزيارة هي فاتحة خير، وما لمسته من السيد الشرع عن علاقة البلدين يجعلني مرتاحاً».

وعبّر ميقاتي عن ارتياحه لوضع سوريا، والعلاقات اللبنانية - السورية، مشدداً على أنه «على سلّم الأولويات الآن ترسيم الحدود مع سوريا، وهذا قد يأخذ بعض الوقت، ويجب ضبط الحدود ضبطاً كاملاً لوقف أي محاولة تهريب، وسنتعاون عبر تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود».

مصافحة بين الشرع وميقاتي على مرأى من أعضاء الوفدين (

التهريب والحدود

من جهته، قال الشرع: «نعطي فرصة لأنفسنا لنبني علاقات جدية قائمة على احترام البلدين وسيادة لبنان وسوريا التي ستقف على مسافة واحدة من الجميع، ونحاول أن نعالج كل المشكلات بالتفاصيل، وتحدثنا عن الودائع السورية في البنوك اللبنانية، والتهريب والحدود، واتفقنا على لجان مختصة تدرس الوضع». ولفت إلى أن «هناك كثيراً من الأمور العالقة، والملفات التي تحتاج إلى وقت لعلاجها، والأولوية الآن للوضع الداخلي وحصر السلاح بيد الدولة، وطمأنة الدول المجاورة، وعلى رأس ذلك موضوع الحدود».

وأضاف الشرع: «كان هناك شبه توافق في لبنان على الرئيس جوزيف عون، ونحن ندعم خيارات التوافق على صعيد الرئاسة وعلى أي صعيد»، مشيراً إلى أنه «ستكون هناك علاقات استراتيجية مع لبنان تُبنى على قواعد سليمة، ونبحث عن حلول هادئة لأي مشكلة».

وشارك في الاجتماع من الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة، العميد حسن شقير. وعن الجانب السوري شارك وزير الخارجية أسعد شيباني، ورئيس الاستخبارات أنس خطاب، ومدير مكتب الشرع علي كده.

عناق بين الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

عون في جو الزيارة

وأشار النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير إلى أن الزيارة تم بثها بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها الحدود اللبنانية - السورية، وتُرك للرئيس ميقاتي تحديد توقيتها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه فضّل حصولها بعد انتخاب رئيس للجمهورية لاستئذانه قبل الذهاب؛ لذلك فإن الرئيس عون في جو هذه الزيارة، ويُدرك تماماً أهميتها للبنان وسوريا على حد سواء.

واستغرب الخير حديث البعض عن أنه لا دولة في سوريا لإتمام هذه الزيارة، لافتاً إلى أن «المجتمعين العربي والدولي سارعا للانفتاح على سوريا الجديدة، واعترفا بالحكم الانتقالي هناك، فكيف، بالأحرى، نحن بصفتنا بلداً جاراً تجمعنا مصالح شتى»، وأضاف: «اليوم سوريا ولبنان عادا معاً إلى كنف الدولة والمؤسسات وإلى موقعيهما الطبيعي في الحضن العربي».