الحكومة التركية تدرس هيكلة المخابرات وإلحاقها برئاسة الجمهورية

المعارضة ترفضها خارج البرلمان

شرطي تركي يتحقق من إصابة أحد الجنود الأتراك الذين اشتركوا في عملية الانقلاب الفاشلة في تركيا على جسر البسفور في اسطنبول (رويترز)
شرطي تركي يتحقق من إصابة أحد الجنود الأتراك الذين اشتركوا في عملية الانقلاب الفاشلة في تركيا على جسر البسفور في اسطنبول (رويترز)
TT

الحكومة التركية تدرس هيكلة المخابرات وإلحاقها برئاسة الجمهورية

شرطي تركي يتحقق من إصابة أحد الجنود الأتراك الذين اشتركوا في عملية الانقلاب الفاشلة في تركيا على جسر البسفور في اسطنبول (رويترز)
شرطي تركي يتحقق من إصابة أحد الجنود الأتراك الذين اشتركوا في عملية الانقلاب الفاشلة في تركيا على جسر البسفور في اسطنبول (رويترز)

كشفت الحكومة التركية عن أنها تقوم حاليا بدراسة إعادة هيكلة جهاز المخابرات، وأنها تدرس كثيرا من الخيارات لعرض خطة التطوير على الرئيس رجب طيب إردوغان، فيما عبر حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة التركية) عن رفضه لهيكلة مؤسسات الدولة بعيدا عن البرلمان. وقال رئيس الوزراء بن علي يلدريم إن دراسة جديدة في هذا الخصوص قيد الإعداد حاليًا، وهناك كثير من الخيارات يتم دراستها في هذا الشأن، وسيتم إقرار أحد هذه الخيارات عقب عرض الموضوع على الرئيس.
وأضاف يلدريم أنّ الحكومة تدرس أيضًا قضية إلحاق جهاز المخابرات برئاسة الجمهورية. ومن جانبه، قال وزير الداخلية أفكان آلا، في تصريحات قبل اجتماع اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية، مساء الأربعاء، إن الحكومة تعمل حاليًا على هذا الأمر، مضيفا أن «الشكل الجديد لهيكل كل من قوات الدرك والأمن والمخابرات سيتضح عند انتهاء أعمال الحكومة في هذا السياق بشكل كامل». وأكد الوزير على عزم الحكومة على «تشكيل جهاز مخابرات يتفق مع طبيعة تركيا واحتياجاتها، ويكون قادرا على إنتاج وممارسة أعلى مستوى من النشاط الاستخباراتي»، مستطردا: «نعمل في الوقت الراهن على دراسة كيفية إعادة تأسيس هذا الجهاز، بحيث يساهم في تحقيق الأهداف المرجوة».
كان يلدريم قد جدد، في مقابلة تلفزيونية، مساء الثلاثاء، انتقاداته لجهاز المخابرات التركي، قائلا: «لو كنا قد تمكنا من الحصول على المعلومات الاستخباراتية الكافية، والتوصل إليها، لكان من المحتمل ألا نشهد محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 يوليو (تموز)».
وأضاف يلدريم أن إلحاق جهاز المخابرات بالرئاسة خيار مطروح، في إطار التعديلات القائمة. وذكر أنه سأل رئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان عن سبب عدم تزويده والرئيس إردوغان بمعلومات عن محاولة الانقلاب، غير أنه عجز عن تقديم إجابة، ولم يستطع قول أي شيء.
وعقب إعلان السلطات التركية، في وقت سابق، أن جهاز المخابرات تلقى بلاغا عن وجود محاولة الانقلاب في الساعة 16:30 عصر يوم الجمعة، الموافق لمنتصف يوليو الماضي، فاجأ رئيس الوزراء التركي الرأي العام بتصريح قال فيه إن جهاز المخابرات علم بالمحاولة في تمام الساعة 15:00 من يوم الانقلاب الفاشل. وعن موعد تلقيه أول إبلاغ عن محاولة الانقلاب، قال يلدريم: «حسب ما وردني من أخبار من جهاز المخابرات، فإن ضابطا في الجيش برتبة مقدم أراد أن يأتي إلى مقر جهاز المخابرات للإبلاغ عن خبر مهم، ووصل إلى المقر نحو الساعة الثالثة، وأبلغ هذا المقدم المسؤولين بجهاز المخابرات، مشيرا إلى أنه كان في عطلة، وتلقى من رئاسة الأركان أمرا بالتوجه إلى المروحية، وقصف مقر جهاز المخابرات، واختطاف رئيس المخابرات هاكان فيدان».
وقال يلدريم: «لا أعرف تفاصيل ما أخبر به المقدم رئيس الجهاز.. أنا أروي ما سمعته من رئيس الجهاز».
وأضاف يلدريم أنه سأل رئيس المخابرات: لماذا لم تبلغ الرئيس إردوغان ورئيس الوزراء عندما تلقيتم خبر محاولة الانقلاب، مع أن جهاز المخابرات يتبع رئاسة الوزراء؟ لكنه لم يتمكن من الإجابة.
كما أجاب يلدريم عن سؤال متعلق بما إن كان يرغب في مواصلة العمل مع مسؤولين في الدولة عجزوا عن الحصول على إجابة منهم، بقوله: «دعوني أقول شيئا بصدق، بالنسبة لنا هناك أولويات. لقد كنا على شفا كارثة كبيرة، وحاليا هناك كثير من الأشياء التي ينبغي علينا القيام بها في هذا الصدد. وعندما ننتهي منها، سنعود إلى الماضي، ونرى الأخطاء المرتكبة، والجهات المقصرة، وأوجه تقصيرها. وبكل تأكيد، سنجري نقدا ذاتيا لكل هذه الأمور، فمن الخطأ التسبب في ضعف بنيتنا في الوقت الذي تظهر فيه التهديدات التي سنواجهها».
وقال يلدريم إنّ الحكومة التركية تحاول إنهاء الحالة قبل انقضاء المدة المحددة، 3 أشهر، لافتًا في الوقت نفسه إلى إمكانية تمديد هذه الفترة في حال استدعى الأمر ذلك.
وتعليقًا على شائعات حول احتمال وقوع حالات اغتيال للمسؤولين، قال يلدريم: «كل هذه الاحتمالات قائمة، وقد يكون الهدف منها إبعادنا عن الشعب، ومنعنا من تقديم الخدمات للمواطنين، غير أننا أخذنا جميع التدابير الأمنية، وسنتابع وجودنا بين صفوف الشعب».
وأبدى حزب الشعب الجمهوري المعارض قلقه للاستمرار في عملية إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، على النحو الذي تم حتى الآن، وقال رئيس الحزب كمال كيليتشدار أوغلو إن ابتعاد السلطة السياسية الحاكمة عن الهدف الذي أعلنت من أجله حالة الطوارئ، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، لهو أمر مثير للقلق، مضيفا: «قد يستدعي الأمر إعادة هيكلة الدولة من جديد، لكن البرلمان هو المكان الذي يتم فيه هذا الأمر».
وتابع أنه لا يوجد شك في أن قانون حالة الطوارئ تم إصداره بصورة تتناسب مع الدستور، غير أن استخدامه بشكل يتجاوز الهدف من تطبيقه يخلق مخاوف وحالة من القلق، في إشارة منه إلى الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة بعد الانقلاب الفاشل من اعتقالات وإقالات واسعة في مختلف مؤسسات الدولة، فضلا عن إعادة هيكلة الجيش دون الرجوع للبرلمان. وأعلن كيليتشدار أوغلو أنه لن يحضر المظاهرة الختامية لما يسمى بـ«نوبات حراسة الديمقراطية» في إسطنبول، بعد غد (الأحد).
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس (الخميس)، إنه يتمنى أن يحضر كليتشدار أوغلو بنفسه، كما أكد ذلك رئيس الوزراء بن علي يلدريم، قائلا: «كنت أتمنى لو حضر السيد كيليتشدار أوغلو شخصيًا، لأن حضور زعماء أحزاب المعارضة سيكون مظهرًا من مظاهر الوحدة والتكاتف بين الشعب». في حين أعلن رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي أنه سيحضر المظاهرة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».