الزراعة والدراجات الهوائية.. خيار الحلبيين للتأقلم مع الحصار

أقدم مدينة في العالم تواجه أكبر أزمة كارثية في التاريخ

أحد سكان حلب يستخدم دراجته الهوائية للتنقل  ({الشرق الأوسط})
أحد سكان حلب يستخدم دراجته الهوائية للتنقل ({الشرق الأوسط})
TT

الزراعة والدراجات الهوائية.. خيار الحلبيين للتأقلم مع الحصار

أحد سكان حلب يستخدم دراجته الهوائية للتنقل  ({الشرق الأوسط})
أحد سكان حلب يستخدم دراجته الهوائية للتنقل ({الشرق الأوسط})

ستة وعشرون يومًا مضت على الحصار الذي فرضته قوات النظام على أحياء أقدم مدينة في العالم، هي مدينة حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، الأمر الذي يفرض على السكان أوضاعا إنسانية صعبة، وتحديات جديدة في التأقلم مع الحياة.
مدينة حلب التي تعتبر أكبر مدينة في سوريا والتي تقع في الشمال الغربي، وتبعد 310 كيلومترات (كم) من دمشق، التي انخفض عدد سكانها من نحو مليون ونصف المليون إلى 400 ألف بعد تهجير أهلها، بسبب ممارسة النظام السوري الذي تدعمه ميليشيات ما يسمى «حزب الله» وإيران، وبدعم من روسيا، إلا أنها ما زالت صامدة أمام العدوان الرباعي.
ولعل أبرز تلك التحديات التي تواجه المدينة، كما بدأت أمس، هو غياب المحروقات الضرورية لتشغيل السيارات ووسائل النقل العام، والضرورية أيضًا لتشغيل المولدات التي تعتبر الوسيلة الأبرز لدى السكان لتأمين الكهرباء، في ظل الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي. شُلت الحياة في المدينة إلى حد كبير، اختفت السيارات من الأحياء المحاصرة، وحلت مكانها الدراجات الهوائية.
يلتقط محمد مرينغي (18 عامًا) أنفاسه، وهو على ظهر دراجته، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «باتت هذه الدراجة وسيلتي الأولى للتنقل وجلب حاجيات المنزل (..)، صحيح أنها حلت كثيرًا من المشكلة، لكنها متعبة».
غير أن التحدي الأكبر، هنا في أحياء حلب المحاصرة، يكمن في تشغيل الأفران والمستشفيات وآليات الدفاع المدني، وفي هذا الخصوص يقول رئيس مجلس مدينة حلب، بريتا حج حسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك احتياطيا من المحروقات والطحين يكفي لفترة جيدة، رافضًا الإفصاح عنها.
ويوضح أن العدد الكبير من السكان المحاصرين، الذي يصل إلى ما يزيد على 320 ألف شخص، بينهم 20 ألف طفل دون السنتين، يفرض صعوبات كبيرة.
وأيًا كانت كمية المحروقات المخزنة فإن استمرار الحصار يعني نفادها في نهاية المطاف، الأمر الذي يهدد بكارثة طبية وإنسانية وبيئية، بسبب توقف المستشفيات والأفران وآليات مجلس المدينة والدفاع المدني.
من جهة أخرى، يواجه السكان صعوبات في تأمين المواد الغذائية، بينما يندر وجود الخضراوات في الأحياء المحاصرة. الحصار كارثي في مدينة حلب أكثر من أي منطقة أخرى، بسبب عدم وجود أراض زراعية تلبي احتياجات السكان داخل الأحياء المحاصرة، وكذلك بالنسبة للإنتاج الحيواني.
السكر وحليب الأطفال والخضراوات بجميع أشكالها اختفت من الأسواق، بينما يلجأ بعض الأهالي للزراعة في منازلهم أو في الأماكن المهجورة للتخفيف من أزمة الحصار.
وقبل وقوع الحصار - الذي كان متوقعًا - كان مجلس مدينة حلب الحرة يحث السكان على الزراعة ويؤمن «البذور» لهم، ويمسك أبو أحمد (35 عامًا)، وهو أحد سكان حي الميسر، بحبة صغيرة من الكوسة، ويبتسم، ويقول «إنها ثروة!».
ويضيف: «بدأت بالزراعة قبل أكثر من شهرين، في منزل مهجور في حارتنا.. أعتقد أن ما زرعته يقيني من الجوع أنا وأفراد أسرتي الأربعة». هذا وتمكنت قوات النظام مدعومة بغطاء جوي روسي وبمساندة ميليشيات مرتبطة بإيران من السيطرة على منطقة الملاح، شمال حلب، في 7 يوليو (تموز)، مما أدى إلى حصار الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة، لكن في 31 يوليو بدأت فصائل المعارضة بشن هجوم «واسع»، بهدف فتح طريق إمداد جديد إلى مدينة حلب.
ما زالت أصوات القنابل تهز أسوار المدينة، وتتطاير الطيور خوفا من أزيز الطائرات وأصوات المدافع والرشاشات، وحتى يستطيع السكان أن يتواصلوا أصبح بعض الأحيان همسا في عتمة الليل أو عتمة الإطارات المحترقة التي أوقف تقدم الطائرات الروسية التي تضرب الأحياء في حلب.
بالنسبة للإنترنت فإنه نافذة التواصل مع العالم، إلا أنه بعض الأحيان يكون شحيحا، مما يتطلب بعض المواقع التي يمكن التقاطها شبكة الاتصالات التي غالبا ما تكون شبكة اتصال تركية أو محلية، إلا أنها تؤدي الغرض.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.